انوار الفقاهه - کتاب النکاح

اشارة

نام کتاب: أنوار الفقاهة- کتاب النکاح موضوع: فقه استدلالی نویسنده: نجفی، کاشف الغطاء، حسن بن جعفر بن خضر تاریخ وفات مؤلف: 1262 ه ق زبان: عربی قطع: وزیری تعداد جلد: 1 ناشر: مؤسسه کاشف الغطاء تاریخ نشر: 1422 ه ق نوبت چاپ: اول مکان چاپ: نجف اشرف- عراق

ص: 1

[المدخل]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِیمِ

و به نستعین

کتاب النکاح

و فیه فصول:

الفصل الأول: فی عقد النکاح الدائم

[و فیه أمور]

[أولها اعتبار الصیغة فی النکاح]

لما کان الأصل المأخوذ من الکتاب و السنة و الإجماع هو عصمة الفروج و عدم جواز التصرف بها من دون سبب شرعی یدل علیه قاطع أو ینتهی إلی قاطع و قد ورد الأمر بالاحتیاط فیها و أن أمرها شدید و أنها علیها مدار الأنساب و المواریث وجب الاقتصار فیها علی المحلل المقطوع بتحلیله و لا یجوز التمسک فیها باصل الاباحة و البراءة و لا بما شک فی حصول السببیة فیه لمشابهتها العبادات الممنوع فیها من التمسک بالأصول العقلیة و حینئذٍ فلا یکفی فی تحلیها مجرد الرضا الباطن کالأموال لأن أمر الفروج أعظم من أمر الأموال و أدنی من أمر النفوس و لا یکفی فیها ما دل علیه من الأفعال کالإشارة و الکتابة و المعاطاة ما عدا ما کانت إشارته کلفظه کالاخرس و ما شابهه ممن لا یتمکن من الکلام مع ان احوط غیر الاخرس التوکیل لغیره مع تمکنه منه و الظاهر ان الاجماع محصل علی عدم جواز استحلال الفرج بمجرد الفعل للمتمکن من القول معاطاة کان الفعل أَم غیره مضافا إلی المشهور المنجبر بالاحتیاط و بفتوی الأصحاب إنما یحلل الکلام و یحرم الکلام و لا یکفی اللفظ الغیر العربی للمتمکن منه إذا کان عربیا و ربما یدعی علیه الإجماع و أما الاکتفاء به للعجمی فهو وجه و لکن الاحتیاط علی خلافه و من لم یتمکن من العربی جاز له الاکتفاء بغیره إذا لم یمکنه التوکیل لمکان الضرورة و رفع العسر و الحرج و هل یقدم العجمی علی غیره أو تتساوی جمیع الألسن أو یعمل کل علی لسانه وجوه أحوطها الأخیر و مع إمکان التوکل أیضاً یقوی القول بالاکتفاء و فی الاکتفاء بإشارة الأخرس مع تمکنه من التوکل دلالة علیه إلا أن الأحوط التوکیل و لو دار الأمر بین العربی الملحون بنیته و بین العجمی قدم العجمی و لو کان ملحوناً بإعرابه فوجهان و لا یبعد

ص: 2

لزوم تقدیم العربی و لا یکفی فی العقد کل لفظ عربی بل لا بد من الاقتصار علی المقطوع به فی السببیة لما ذکرناه و من أجاز کل لفظ دال علی المقصود استناداً لعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، و لإطلاق أدلة النکاح و لخلو الأخبار من ذکر صیغة خاصة فقد خالف إطباق الجمهور من الفقهاء و تعدی عن تلک القواعد و الضوابط و الاحتیاط و استناده للعموم و الإطلاق مردود بضعف العموم عن التمسک به فی مثل هذا المقام لشبهه بالمجمل أو لانصرافه إلی المعهود المتعارف و بضعف الإطلاق أیضاً لانصرافه إلی عقد النکاح المعهود شرعا و المقطوع به عرفا و کذا استناده لخلو الأخبار عن ذکر الصیغ فإنه مردود أیضاً بأن الصیغ لما کانت معلومة من زمن الصدور معهودة بینهم استغنی بذلک عن بیانها و تعلیمها و ما ورد فی الأخبار الآتیة مما ظاهره الاکتفاء بفعل الأمر و المستقبل لیس وارداً فی مساق تعلیم الصیغ بل فی بیان شرائط آخر لیترتب علیها وقوع الصیغة المعهودة و علی ما ذکرناه فلا یصح العقد بالمجاز قریبة و بعیدة مشهورة و غیره فلا یصح فی عقد النکاح ما أخذ من لفظ الهبة أو العاریة أو التملیک أو الصدقة أو البیع سواء تعلقت بعین الامرأة أو بمنافعها أو ببضعها و لا یصح بالکنایة قریبة أو بعیدة کل ذلک للاحتیاط و لشبهه بالعبادة و یصح بالحقیقة المتحدة و المشترک اللفظی أو المعنوی مع قیام القرینة علی الفرد الموارد فتح فیصح فیما أخذ من مادة التزویج أو النکاح علی النحو المعهود لکونهما حقیقة فی الدائم دون المنقطع أو مشترک بینهما معنی أو لفظا و أظهرهما افرادهما الدائم أو یکون ذکر الأجل قرینة علی إرادته و مبنی ذلک علی أن الدائم و المنقطع فردان متغایران یشترک بینهما لفظ النکاح أو أن المنقطع فرد من النکاح المطلق مقید بالأجل فما لم یتقیّد به عاد مطلقاً و المطلق هو الدائم بحکم الشهرة و نظیره البیع المطلق و السلم المقید بالأجل فعلی الأول یحتاج الدائم إلی قرینة و لو بترک الأجل و یحتاج إلی القصد إلیه بخلاف الثانی فیکفی فیه عدم ذکر الأجل و عدم القصد إلیه و وقوع النکاح بالصیغة المأخوذة من تلک المادتین إجماعی إلا أن وجه الاشتقاق من التزویج ظاهر فی زوجتک لاشتمالها علی إنشاء التزویج الذی هو العلقة المطلوبة بین الشخصین و وجه فی النکاح بعید لأنه أن أرید العقد کان المعنی عقدت نفسی علیک

ص: 3

بهذا العقد و هو تکلّف و أن أرید الوطء کان معناه أوطأتک نفسی و هو بعید و إن أرید معنی التزویج و السلطنة علی البضع کان المعنی المصدری مخالفا للمعنی الاشتقاقی و هو قلیل و هل یصح العقد الدائم بما اشتق من لفظ المتعة علی النحو المعهود قیل نعم لاشتراک المتعة بین الدائم و المنقطع معنی أو لفظا فإنّ ذکر الاجل انصرف إلی المنقطع و إلا فإلی الدائم و لدلالته علی المقصود و یکفی فی العقد ما دل علی ذلک و لانصرافه إلی الدائم مع نسیان الأجل کما سیجی ء فی المتعة إن شاء الله تعالی و لو لم یکن کافیا لما انصرف إلیه سیما و أنه ینصرف مع قصد المتعة و نسیان الأجل لفظا فمع عدم قصدها و عدم قصد الأجل بطریق أولی و قیل لا و استظهر بعضهم نقل الإجماع علیه من السید (رحمه الله) للأصل و الاحتیاط و لشبهه بالعبادة و لعدم کفایة المجاز لمنع کون لفظ المتعة مشترکا لفظا أو معنی لتبادر الانقطاع من مادتها دون الدوام و لمنع الاکتفاء بکل ما دل و لمنع الانصراف إلی الدائم مع نسیان الأجل و لو قلنا به فللدلیل فالأقوی المنع حتی أن بعض من جوز انعقاد النکاح بکل لفظ منع انعقاده بلفظ المتعة لما یظهر من الأخبار من اختصاص صیغتها بالعقد المنقطع دون الدائم و لا یکفی فی العقد ما یصطلح علیه المتعاقدان من الألفاظ و لا یکفی العربی الملحون فی بینته للقادر علی الموافق للعربیة و هل یجب علی غیر القادر التوکیل الأحوط ذلک کما أن الأحوط للتمتام و الفأفأ و الألثغ و الألتغ ذلک و یکفی فی القبول مجرّدة عن التعلق و معروفة به بما یساوی الإیجاب مادة و بما یخالفه فیصح قبلت النکاح فی إیجاب زوجتک و لا یصح التخالف فی المخالف معنی کما یقول زوجتک فیقول قبلت التمتیع بقصد المتعة و یصح القبول بلفظ رضیت و تزوجت و نکحت.

ثانیها: یشترط فی عقد النکاح لما ذکرناه من الأصل و الاحتیاط التوالی

من الإیجاب و القبول عرفا سواء کانا معا فی مجلس واحد أو فی مجلسین إذ لا مدخلیة للمجلس فی صحة العقد فلو طال الفصل بسکوت بطل و لو کان الفصل بذکر شرائط و لواحق للعقد لم یضر کما تشعر به الأخبار و إلا إذا کان الفصل طویلا جدا فالاحتیاط یقضی بترکه و یشترط فیه توالی حروف الإیجاب و القبول فلو فککها بطل

ص: 4

و یشترط إسماع کل منهما الآخر بل و قصد اسماعه و فی الاکتفاء بمجرد العلم بوقوع الإیجاب من الموجب أو القبول من القابل وجه و الأحوط خلافه و یشترط القصد إلی اللفظ و مدلوله فی الجملة و إن لم یعرف تفصیل المعنی و القصد إلی تأثیره فلو صدر غالط أو هازل أو ملجأ أو ساه أو نائم أو غافل أو مجنون فسد العقد و یشترط استمرار ذلک من الموجب و القابل من مبدأ الإیجاب إلی انتهاء القبول فلو أوجب عاقلًا فجن لم یؤثر القبول و لو قبل بعد جنونه أو نومته أو غفلته حالة الإیجاب لم یؤثر للأصل و الاحتیاط و لو جن أو أغمی علیه بعد الإیجاب فسد إیجابه و إن انتبه سریعاً فقبل القابل لم یؤثر أیضاً قبوله لأن الإیجاب بمنزلة العقد الجائز ینفسخ بِطُروِّ الإغماء و الجنون علیه و الظاهر أن ذلک إجماعی و احتمال الصحة بعید و یجری فی البلوغ ما یجری فیما تقدم من الشرائط و یشترط کون اللفظ فی الإیجاب أو القبول من متکلم واحد و یشترط قصد الإنشاء فلو قصد الأخبار لم یصح لا فی ایجاب و لا قبول و یشترط الترتیب لو کان القبول بلفظ قبلت و لو کان بلفظ تزوجت أو نکحت فالأقوی جواز تقدیم القبول و فی جواز التقدیم برضیت وجه و الأحوط خلافه مع احتمال صیرورة القبول المتقدم فی تزوجت و نکحت إیجاباً لعدم تخصیص الموجب بالزوجة و هل یشترط حلیة الصوت فلو صدر العقد غناء أو فی مزمار بطل أو لا یشترط لشمول الأدلة له و للنهی غیر مفسد للعبادة وجهان و الأحوط الأخیر و یشترط وقوع الإیجاب و القبول بلفظ الماضی فلا یصح وقوعهما بلفظ الماضی فلا یصح وقوعهما بلفظ الأمر و الاستقبال و إن قصد بهما الإنشاء الخاص کما لا یصح بالجملة الاسمیة و لا بالاستفهام للاصل و لان المعهود فی انشاء العقود هو الماضی دون غیره حتی ان الصیغ الماضویة سمیت منقولات شرعیة دون غیرها کما أن المعهود من الإیقاعات هو الجمل الاسمیة و للاحتیاط و الاستصحاب و أجاز بعضهم وقوع القبول بلفظ الأمر لخبر الساعدی أن رجلًا سأل النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عن تزویج امرأة فقال زوجنیها إلی أن قال زوجتک و فیه ضعف و إن صح سنده دلالة لاحتمال وقوع القبول منه بعد إیجابه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) بلفظ آخر

ص: 5

و احتمال وقوع القبول من النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عنه لولایته علی أمیر المؤمنین (علیه السلام) و احتمال الاکتفاء بإیجابه لاختصاصه بذلک دون سائر الأولیاء و مع ذلک فهو مشتمل علی جواز تقدیم القبول علی الإیجاب و علی جواز الفصل بینهما و کلاهما محل کلام و لما ورد فی المتعة فیقول لها زوّجینی نفسک متعة الحدیث و لا فرق بین الدائم و المنقطع و للخبر نقول یا فلان زوج فلاناً فلانة فیقول نعم قد فعلت و فیهما مع ضعفهما سنداً و اشتمالهما علی ما لا نقول به لیسا صریحین فی بیان الصیغة المقصود منها التزویج و إنما یستفاد لبیان الاهتداء و بیان الاهتداء إلیها للتراضی بین الزوجین قبل وقوع العقد و أجاز بعضهم وقوع القبول بلفظ المستقبل لما ورد فی المتعة تقول لها أتزوجک متعة علی کتاب الله إلی أن قال فإذا قالت نعم قد فقد رضیت فهی امرأتک و انت اولی الناس بها و إذا جاز فی المتعة جاز فی الدوام و لاشتماله علی أن الایام إذا لم تذکر فی هذا القول ینقلب العقد دائماً فلولا جواز ذلک فی الدائم لما انقلب إلیه و لما ورد فی خبر آخر أیضاً یقول اتزوجک متعة الحدیث و فی ثالث تقول یا أمة الله اتزوجک کذا و کذا یوماً بکذا و کذا درهماً و فی رابع اتزوجک متعة کذا و کذا یوماً بکذا و کذا درهماً و الکل ضعیف سنداً و دلالة لاختصاص الجمیع بالمتعة و دعوی إلغاء الفارق أو انعقاد الإجماع علی عدم الفرق ممنوع و لاشتمال بعضها علی جواز وقوع الإیجاب بلفظ نعم و بعضها علی عدم ذکر القبول و بعضها علی جواز الفصل الطویل و کله مخالف للقواعد فلا بد من حمله علی بیان کیفیة الاهتداء للتراخی و سهولة وقوع الصیغة المعهودة بعده و قد یستدل بهذه الاخبار علی وقوع الإیجاب بلفظ المستقبل لو جوزنا کون الواقع من الزوج ایجابا و لکنا لا نعمل بها لضعفها و اجاز بعضهم صحة وقوع الایجاب بلفظ نعم إذا قصد بها الانشاء و وقعت بعد سؤال مشتمل علی الصیغة کما یقول زوجت بنتک من فلان فیقول نعم قاصداً به الإنشاء لا الأخبار و جواب استفهام فیقول الزوج قبلت مستند إلی أن نعم بمنزلة تکریر الصیغة المتقدمة فهو کالصریح فینعقد به و فیه مع مخالفة القواعد و فتوی المشهور إن نعم صریح فی الجواب لا فی الإنشاء و استعمال فیه مجاز و لا یکفی المجاز فی العقد اللازم فضلًا عن النکاح المأمور

ص: 6

فیه بالورع و الاحتیاط و قیام نعم مقام لفظ زوجتک لا یقضی بإجراء جمیع أحکامها علیه و الاستناد إلی الخبر الاول القاضی بالاکتفاء فی الإیجاب بنعم ضعیف لضعفه عن اثبات ما خالف الضوابط و أفتی به المشهور.

ثالثها: یشترط فی عقد النکاح تعین الصیغة المؤثرة

فلو ردد بین صیغتین و قصد التأثیر بأحدهما بطل و لو قصد بالجمیع صحت الأولی دون الثانیة و لو قصد بالمجموع فالأقوی الصحة و الأحوط ترکه و یشترط فی الموجب أن لا یعدل عن الإیجاب و فی القابل أن لا یرد الإیجاب قبل قبوله فلو رده بطل و استأنف الموجب و یشترط فیه تعین انه دوام او متعة فلو ردد بینهما بطل و یشترط فی العقد التنجیز فلو علقه علی شرط او صفة متوقعین بطل و لو کان الوصف واقعاً و کان العاقد عالماً به صح ح لبعده عن التعلیق و یشترط فیه الحلول فلو أخر أثره إلی وقت مستقبل کزوجتک نفسی غداً بطل و یقوی اشتراط اتصال تاء المتکلم بالصیغة فلا یکن زوّج أنا نفسه لک علی الأظهر و کذا لو قال الوکیل زوج فلان فلانه لک لم یصح للاحتیاط و کذا لو قال القابل قبل أنا او قبل فلان للاحتیاط و أما الکاف المتصلة فلا یشترط ذکرها بل یکفی ذکر أی مفعول بدلها بل لو ذکرتها الزوجة فی مقام مخاطبة الوکیل عن الزوج ربما أدی إلی الفساد بل تقول زوجت نفسی موکلک لأن التزویج لموکله و لیس له و لا تقول زوجت نفسی منک او لک بل من موکلک أو لموکلک و الفروع بین النکاح و غیره من العقود فی صحة اسناد النقل فیها إلی الوکیل دون النکاح أن النکاح وارد علی البضع فلا یقبل النقل اصلا فلا یخاطب الوکیل به بخلاف غیره فإنه وارد علی المال و إن الغرض فی النکاح هو الأشخاص فیعتبر فیها بیانها و إسناد الفعل إلی المقصود منها بخلاف غیره فإنه متعلق بالأموال و لذا لو أنکر الموکل الوکالة فی عقد المعاوضة صح البیع للوکیل دون النکاح فإنه یقع باطلًا من أصله و إن النکاح یتعلق بمن له العقد دون المواجه بخلاف غیره فإنه یتعلق به و إن الزوجین فی عقد النکاح الرکنین فلا بد من ذکرهما بخلاف غیره فإن الغرض فیه المعاوضة فالمقصود منه الثمن و المثمن و فی الجمیع نظر لأن السلطنة الحقیقیة فی النکاح کالنقل الحقیقی فی غیره لا یکونان للوکیل أصلًا و لا یکونان آنا حکمیا

ص: 7

فینتقلان عنه إلی الموکل بل إنما یکونان للموکل ابتداء و أما الصورتین فهما للوکیل ظاهرا فی کل منهما و یصرفه الوکیل لموکله فکان الناقل فیهما نقل إلی القابل فإن قبل عنه أنصرف إلیه و إن قیل عن غیره انصرف إلی غیره و العمدة فی الباب اتباع الاحتیاط و فتوی الأصحاب و کون العمدة فی النکاح تعین الأشخاص فی التسلط علی البضع دون الأموال و المعارضة و نظیر النکاح نظیر الهبة و الوقف فإنهما لا یتسلطان علی الوکیل بل یتعلقان بالموکل و إن قبل الوکیل عنهما ثمّ أن الظاهر أن الوکیل له أن یقبل مجرداً عن ذکر الموکل لذکر الموکل فی الإیجاب و ابتناء القبول علیه و الأحوط أن یقرنه ببیان کونه عن الموکل خوفاً من احتمال شبهة عدم التخصیص بموکله و یشترط توجه الخطأ بسفر کل من القبول و الإیجاب لفاهم فلو أوجب لنائم فجلس و قبل لم یصح و لو أوجب و نام فقبل القابل له و هو نائم فسد أیضاً و یشترط أن لا یرد الموجب إیجابه فلو عدل عنه افتقر إلی إیجاب آخر و کذا یشترط أن لا یرد القابل إیجاب الموجب فلو رده بطل الإیجاب و افتقر إلی إیجاب جدید و فیه کلام و بحث و یشترط قبول من توجه إلیه الخطاب علی الأظهر فلو أوجب مخاطباً الوکیل فقبل الأصیل لم یجزی و یشترط أن لا یتخلل بین الإیجاب و القبول ما یفسد به العقد الجائز من جنون أو إغماء و نحو ذلک و یشترط استمرار البلوغ و العقل من مُبتدءِ الإیجاب إلی منتهی القبول من کل منهما و لو صدر الإیجاب من صبی أو صبیة أو مجنون أو سکران أو صدر من کامل مع أحدهم بطل و فی الروایة أن السکری لو زوجت نفسها فأفاقت و رضیت مضی علیها العقد الاول و هی شاذة مطروحة أو مؤولة بسکر لا یسلب الاختیار و القصد أو مؤولة علی ادعائها ذلک بعد صدور العقد فان دعواها لا تسمع لأصالة الصحة و لو وقع نکاح شک فی وقوعه قبل البلوغ أو بعده فإن علم حکم بتاخر المجهول عنه و إلا احتمل القول بالصحة لأصالتها و احتمل البطلان لأن أصالة الصحة لا تثبت شرطاً مشکوکاً فی حصوله و إنما تثبت ارتفاع المانع عن العقد بعد العلم بوقوعه مستجمعاً للشرائط کالشک فی عروض الجنون أو الإکراه أو الغلط أو النسیان أو نحوها.

ص: 8

رابعها: عقد النکاح یقبل الشروط

لعموم المؤمنین عند شروطهم إلا شرط الخیار فإنه لا یجری فیه إما لمنافاته للزومه فهو مخالف للکتاب و السنة و جوازه فی غیره للدلیل أو للإجماع علی عدم صحة اشتراط فیه أو لکون النکاح لیس من المعاوضات المحضة فلا یصح اشتراط الخیار فیه وجه بعده عنها عدم لزوم تسمیة العوض فیه فی الصحة و انعقاده مع العوض الفاسد و مع الجهل بالمعقود علیه و کونه مشتملًا علی شوب العبادة و یلزم من تسویغ اشتراط الخیار فیه إلی الفسخ بعد ابتذال الامرأة و هو ضرر عظیم و لذا وجب نصف الصداق بالطلاق قبل الدخول و یصح اشتراط الخیار مدة معلومة فی الصداق لجواز إخلاء العقد منه اصلًا فلیجز اشتراط الخیار فیه بطریق اولی و لا یجوز یجری فی النکاح خیار فوات الشرط و لا الرؤیة و لا العیب فی غیر المنصوص و لا الغنی و لا التأخیر و لا الوصف و لا المجلس لشبهه بالعبادة و بعده عن المعاوضة و اتفاق الاصحاب ظاهراً علیه و لو اشتمل النکاح علی شرط فاسد کاشتراط الخیار فالاوجه فساد العقد به لارتباطه به فی غیر ما اتفق علی صحته و من ادعی زوجیة امرأة فصدقته و لم تکن تحت زوج آخر کانت امرأته و کذا من ادعت زوجیة شخص فصدقها و من لم تصدق أو من لم یصدق توجه علیه الیمین فإن حلف برأ من الدعوی و ان نکل و قضینا علیه بالنکول صار زوجاً أو زوجة و کذا إن رد الیمین علی المدعی فحلف فإن لم یحلف المدعی لم یحکم علی من لم یصدق بشی ء و إن سکت المنکر الزم إما بالجواب أو برد الیمین فإن أجاب بأنی لا اعلم لم یقبل منه حتی یحلف علی النفی أو یرد الیمین و الثانی اوجه و احتمال تحلیفه علی نفی العلم بعید و إذا برأ المنکر بیمینه لم یبرأ المدعی من الحق لاعترافه بالزوجیة فیجب علیه أداء حقوقها ما عدا النفقة لعدم التمکین و کذا المضاجعة لاسقاط حقها منها و إن أقام المدعی بنیة لزم اتباعها.

خامسها: یشترط تعیین الزوج للزوجة و کذا العکس

و کذا من بحکمهما بالاسم المختص او المشترک مع قرینة التعین او الوصف المختص دون المشترک او الاشارة المختصة دون المشترکة فلو تزوج امرأة کلیة من عدة نساء او واحدة مبهمة بطل و یشترط تعین أنها أنثی فلو تزوج شبحا لم یدر انه انسان ام لا ذکرا أم لا بطل و ان

ص: 9

استبان انه انثی و کذا لو تزوج حملا لا ندری انه ذکر أو خنثی أو أنثی و لو تعارض الاسم و الإشارة أو الاسم و الوصف أو الاسم و الإشارة و الوصف أو الإشارة و الوصف فإن کان المقصود کلًا منهما أصالة و لم یسلم أحدهما فالظاهر بطلان العقد و إن قصد أحدهما أصالة و کان الآخر من قبیل الخطأ فی الزعم و الغلط فی النیة انصرف إلی ما هو المقصود أصالة و لو اختلف العاقد و المعقود فی القصد بحسب الإشارة و الاسم و الإشارة و الوصف أو الاسم و الوصف و کان قصد کل منهما لأحدهما أصالة بطل العقد و إن کان قصد أحدهما کقصد الآخر أصالة و لکنه غلط فی القصد و أخطأ فی کون الاسم لهذا المسمی بعد أن قصد المسمی الذی قصده الآخر أصالة فالوجه الصحة و یجوز تعین أحد الزوجین بما یعینه الآخر و یقصده فیقول أحدهما زوجتک أحد بناتی أو موکلاتی معیناً واحدة فیقول الآخر قبلت ما عنیت صح و لو توافقا علی التعین حین العقد و صحته و اختلفا فیما قصداه وعیناه کان کل منهما مدع فإن أقام أحدهما بینة قضی له بها و إن أقاما معاً رجحت أحد البنتین علی الأخری فإن لم یکن مرجح فالأخری فالقرعة فإن لم تکن بینة حلف کل منهما یمیناً علی نفی ما یدعیه الآخر و بطل النکاح من أصله و احتمل الافتقار لیمینین یمین لنفی ما یدعیه علی الآخر و یمین لاثبات ما یدعیه و لو وقع الشک منهما من دون تداع فالقرعة و لو أوکل أحدهما المعقود علیه علی نیة الولی أو الوکیل فأخبراه بما نویا لزم اتباعهما و لو عین الولی واحدة و عین الزوج أخری بطل العقد و لو أطلق الولی عقداً أو الوکیل کذلک و لم یسم امرأة معینة و کأن المعقود علیه محتمل لأکثر من واحدة فقبل الزوج و اختلفا بعد ذلک فی المعقود علیها فقال الولی أردت فلانه و قال الزوج أردت فلانة بطل العقد إلا أن یتفقا علی أنهما اتفقا علی واحدة و یختلفا فی تعینها فیکون الحکم فیها بالتداعی و ذهب کثیر من أصحابنا أنهما لو اختلفا کذلک کان القول قول الولی إن کان الزوج قد رآهن کلهن لأن الظاهر أنه مع الرؤیة أنه قد أوکل التعین إلیه فالقول قوله و علی الزوج تصدیقه بالبیان فإن مات قبل البیان أقرع علی ما عینه لانها لکل أمر مشکل و إن لم یکن الزوج قد رآهن کلهن رأی بعضهن أم لم یرَ أصلًا سواء ادّعی العقد علی من رآها أو علی

ص: 10

غیرهما و سواء کان المدعی هو أو الأب بطل العقد لأن الظاهر مع عدم الردیة للکل عدم التفویض فی التعین إلیه فیلزم الاختلاف فی القصد فیبطل العقد و للصحیح الدال علی ذلک الوارد فی أب عنده ثلاث أبکار فزوج واحدة رجلًا و لم یسمها و عند الدخول بها اختلف مع الزوج فقال الزوج تزوجت الصغری و قد بلغه أن الأب عین الکبری فقال الإمام (علیه السلام) إن کان الزوج رآهن کلهن و لم یسم واحدة فالقول فی ذلک قول الأب و إن کان الزوج لم یرَهن کلهن و لم یسمی واحدة عنده عقدة النکاح فالنکاح باطل و الظاهر أنه لیس للاب مدخلیة و لا لکونها ثلاث و لا لکونها أبکار و لا للتسمیة و عدمهما بل المدار علی ظهور وکول التعین للعاقد و عدمه فلا إشکال فی الحبر من حیثیة دلالته علی کفایة الرؤیة فی الصحة و الرجوع إلی قول الأب و إن خالف ما نواه الزوج و عدمها و إن توافقا مع أن الرؤیة لا مدخل لها فی صحة العقد و التعین و لا عدمها فی عدمها و لا من حیثیة أن التفویض إلی الأب أن کفی فی الصحة فلا مدخلیة للرؤیة و إن لم یکف بطل علی التقدیرین و ذلک لما ذکرنا من ابتناء الرؤیة علی ظهور توکیل التغیر إلیه و عدمها علی عدمه فإن وقع شک فإنما یقع فی ثبوت ذلک الظهور و عدمه و لا یبعد ثبوته کما بنی علیه جمع من الفقهاء و هم أعرف بموارده علی أن الزوج لو رأی بعضاً دون بعض فالظاهر تعلق نیته بمن تعلقت بها الرؤیة فلو ادعی الولی غیرها کان خلاف الظاهر.

سادسها: لو ادعی زوجیة امرأة و ادعت أختها زوجته و کذا أمها أو بنتها

فإن لم تکن لاحدهما بینة و قد صدقته من ادعی علیها کان بالنسبة إلی الثانیة منکراً إن لم یدخل بها فعلیه الیمین فإذا حلف لها مضت و لیس لها شی ء و إذا ردّ علیها الیمین فحلفت ثبت أنها زوجته و بانت عنه الأولی إن قلنا أن الیمین المردودة بمنزلة البینة و إن قلنا بمنزلة الإقرار فوجهان أوجههما قبولها و إن نکل هو عن الیمین ردت علیها و إن نکلت هی عن الیمین المردودة لم یکن لها شی ء و سقطت دعواها و إن دخل بها فهل یتوجه علیه الیمین لما ذکرنا أو یتوجه علیها لموافقة قولها للظاهر وجهان مبنیان علی تقدیم الظاهر و الاصل فی باب الدعاوی و لو لم تصدقه التی ادّعی زوجیتها کان

ص: 11

حکمها حکم من ادعی زوجیة امرأة فکذبته فإنه یتوجه علیها الیمین إلا إذا دخل بها فیجی ء الوجهان من تقدیم الظاهر أو الأصل و لو ردّت علیه الیمین فحلف أنها زوجته بعد رد الیمین علی الأخری فحلفت أنها زوجته کان الترجیح لیمینها و مع تقدم یمینه إشکال و الأقرب ضم یمین نفی العلم بما ادعاه إلی الیمین المردودة للإثبات الصادر منها و إن أقام أحدهما خاصة بینة قضی له بها سواء کان الرجل أم الامرأة مع احتمال عدم الاکتفاء ببینته عن یمینه لمن ادعت علیه لانها بینة داخل سیما مع تصادقهما و دخوله بمن ادّعی زوجیتها و یتأکد ذلک أیضاً فیما لو دخل بمن ادعت زوجیته من حیث أن فعله مکذب لدعواه و لاحتمال صدق البینة مع تقدم العقد علیها فیحلف لها علی نفی العلم و إن أقام کل منهما بینة نفی الخبر فی رجل ادعی علی امرأة أنه تزوجها بولی و شهود و أنکرت الامرأة ذلک و أقامت أخت هذه الامرأة علی هذا الرجل البینة أنه تزوجها بولی و شهود و لم یوقت وقتاً أن النیة بینة الزوج و لا یقبل بینة الامرأة لأن الزوج قد استحق بضع هذه الامرأة و ترید اختها فساد النکاح فلا تصدق و لا یقبل منها إلا بوقت قبل وقتها و مقتضاه أن بینتهما أن کانتا مطلقتین أو کانت إحداهما مطلقة و الأخری مؤقتة فالترجیح لبینة إلا مع الدخول بها فلا تسمع بینته لتکذیبه إیاها فیحکم لبینتها و إن کانتا مؤرختین فإن تساوی التاریخان أو تقدم تاریخ بینة کان الترجیح لبینة أن لم یکن دخل بها و إن دخل بها قدمت بینتها و إن تقدم تاریخ بینتها کان الترجیح لها من غیر إشکال لثبوت سبق نکاحها فی وقت لا تعارضها الأخری فیه و هذه الروایة قد عمل بها الأصحاب و نقل الإجماع علی مضمونها فالأخذ بها متجه و إن خالفت القواعد فی تقدیم بینته مع الإطلاق و عدم الدخول و ذلک لأنه منکر لمن ادعت زوجیة فالترجیح لبینتها مطلقاً إلا مع سبق تاریخ بینته و قد یوجه النص علی موجب القواعد إن تقدیم بینة إنما کان مع إنکار الأولی الزوجیة فمعه هو مدع صرف فتسمع بینته علیها و لیست البینة لنفی ما ادعته الاخری و لکن لما لم یمکن الجمع بین الدعویین للتنافی رجحت بینته لأنه أمر صادر عنه و لا یعلم إلا من قبله فلعله قد عقد علی الأولی قبل العقد علی الثانیة و هی لا تعلم و لو لم تکن الامرأة منکرة لم تسمع بینة و لم یتصور

ص: 12

تعارض البینتین و علی کل حال فهما دعویان متعارضان یفتقر کل منهما إلی الترجیح لا ان الامرأة مدعیة فقط کی لا یکون الترجیح لبینتها بل قد یقال أن الأولی و لو صدقته علی الزوجیة کان الترجیح لبینة الزوج لانهما یکونان ح بمنزلة تداعی الزوجتین و بینة الزوج بمنزلة بینة الزوجة المصدقة فترجح بینتها لتصدیق الزوج لها و لانها تحت یده و هی مقرة له و ترید الاخری رفع یده عنها و هل یفتقر فی قطع الدعوی إلی الیمین مضمومة إلی البینتین لأن بینة الرجل لإثبات ما ادعاه علی الأولی و بینه و بین اختها دعوی ثانیة هو منکر لها فیلزمه الیمین لنفی دعواها و لا یخل ذلک إقامتها البینة علی دعواها لاحتمال سبق العقد علی الأولی و لأن بینة الامرأة علی الزوجیة لا ینافی احتمال تقدم العقد علی الأولی فتحلف علی نفی العلم و لتعارض البینتین فی أنفسهما بالنظر إلی الامرأتین و إن کانت الثانیة مدعیة خاصة و غایة تأثیر الدخول دفع ترجیح بینة التعارض إلی أن تحلف أو لا یفتقر لخلو النص عن ذکر الیمین فی مقام البیان و لو کان بیان و قد یجاب بأن الروایة مسوقة لبیان مقام ترجیح أحد البینتین علی الاخری لا لبیان ما تنقطع به الدعوی.

سابعها: لو عقد علی امرأة دخل بها أم لا فادعی آخر زوجیتها

کان له الدعوی مع زوجها فإن أقام بینة علی زوجیتها مؤرخة بتاریخ سابق أو مطلقة فی وجه قوی صارت زوجته و للزوج إحلافه مع بینة الإطلاق علی نفی العلم بعدم تقدم زوجیته علی زوجیته المشهود بها فی وجه قوی و إن لم یقم بینة کان له إحلاف الزوج علی نفی العلم بأنها زوجته فإن حلف سقطت دعواه و إن نکل أو رد الیمین علیه ابتداءً فحلف حکم علیه بانتفاء الزوجیة بالنسبة إلیه خاصة و یبقی بینه و بین الزوجة دعوی أخری فإن حلفت علی نفی الزوجیة سقطت دعواه عنها و إن نکلت أو ردت الیمین علیه فحلف کانت زوجته و إن ادعی زوجیته امرأة قد عقد علیها آخر فإن أقام بینه مطلقاً أو مؤرخة بتاریخ سابق علی عقده صارت زوجته و هل علیه الیمین مع بینته الإطلاق بعدم العلم یتقدم عقدها و إن لم یقم بینة فهل أو لا یمین علیه علی الأظهر العدم لإطلاق الروایات کما یکفی فی الشهادة علی الزوجة الإطلاق فی الشهادة و لا یحتاج

ص: 13

إلی التقید بکونها إلی الآن و لا إلی تأریخ السبق لإطلاق الروایات بسماع بینة المدعی للزوجیة من دون تقید و فی بعضها أن المدعی لو کان ثقة تجنبها العاقد و هو محمول علی الاحتیاط و ربما قیل أن فی عدم ذکر الیمین فی الأخبار دلیل علی عدم صحة سماع الدعوی و لا یخلو من ضعف و إن لم یقم بینة فهل تسع دعواه و یتوجه علیها الیمین لأن الیمین علی من انکر و فائدة الیمین هاهنا هو احتمال إقرارها أو رد الیمین علیه فیحلف فتکون زوجته حینئذٍ عند طلاقها من الزوج الأول أو موته عنها و ثبوت مهر المثل له علیها لحیلولتها بینة و بین البضع فی العقد الثانی کما لو باع شیئاً علی أنه له ثمّ اقر به لزید فإنه یعزم للمقر له عوضه مثلًا أو قیمة أو لا تسمع دعواه و لا یتوجه علیها الیمین لأن الیمین إنما یتوجه علی المنکر إذا کان بحیث لو اعترف لزمه الحق و إقرار الزوجة هاهنا لا یلزمه به شی ء لأن إقرارها فی حق الغیر فهو غیر مسموع و کذا لا یجدی رد الیمین منها علیه لأنه إما بمنزلة إقرار المنکر و هو غیر مسموع و إن کان بمنزلة البینة فهو بمنزلتها بالنسبة إلی المتداعین لا مطلقاً و لأن الامرأة مع الإقرار لا یتعلق به ضمان للأصل و لأن الزوج مالک للانتفاع لا للمنفعة و لأن البضع لیس مالا للزوج و لا لأن منافع الحر لا تضمن بالفوات لأنها تدخل تحت الید و یدل علی ذلک سقوط المهر للزانیة لها و لزوجها و ثبوت المهر لها فی وطئ الشبهة دون زوجها و قد یؤید السماع و توجه الیمین علیها أن الیمین حق له فله حملها علیه و إن لم تکن له فائدة سوی ذلک علی أنه قد تکون فائدة الإقرار تأثیره بعد انقطاع زوجیة الأول عنها و ان لنا أن نقول بضمان البضع لأنه حق متمول شرعا فمن اللغة فعلیة ضمانه بعوضه و هو المهر المسمی أو المثل و لذا حکموا بوجوب مهر المثل بمن أرضعت من ینفسخ بإرضاعه نکاحها و وجوب من أسلمت إلی زوجها الکافر المهر للحیلولة بینها و بینه بالاسلام ثمّ أن من ادعی زوجیة امرأة خلیة فأنکرته فهل لغیر المدعی نکاحها قبل انتهاء الدعوی یحتمل ذلک للأصل و یحتمل العدم لتعلق حقه بها فلا یجوز الإقدام علیها قبل انتهاء الدعوی و قد یبنی الحکم علی ما تقدم فإن قلنا بسماع الدعوی علی المعقود علیها جاز لها التزویج لعدم بطلان حقه مع احتمال العدم له تعلق غرضه بالبضع و إن قلنا بعدم

ص: 14

السماع لم یجز لاستلزامه سقوط الدعوی منه بالکلیة و هو ضرر عظیم و ان ادعی زوجیتها و هی مشغولة بزوج فطلقها الزوج أو مات عنها و لم تستقر دعواها فهل لغیره أن یتزوجها یحتمل ذلک مطلقاً و یحتمل عدمه مطلقاً و یحتمل التفصیل بین الحکم بسماع دعوی المدعی فیجوز لها التزویج و تبقی الدعوی بحالها و یکون عقدها علی الثانی مسقط لتسلط المدعی علی البضع و بین الحکم بعدمه فلا یجوز أن یتزوجها أحد قبل انتهاء دعواه لتوجه حقه علیها فلا یجوز لها أن تتزوج قبل الخروج من حقه و علی کل حال فالمدعی لو ماطل و لم ینجز دعواه کان لها التزویج لمکان الضرر و الضرار بالتعطیل و التأخیر مع احتمال أن المدعی لو ماطل فی دعواه و ترتبت علی المماطلة ضرر قام مقامه الحاکم فی تحلیف المنکر فیبرأ من حقه حینئذٍ و قد احتمله بعضهم و الحق لها أن تتزوج مطلقاً کما فی سائر الدعاوی قبل تمامها فإنه یجوز التصرف فیما ادعی به قبل انتهاء الدعوی بجمیع أنحاء التصرفات.

ثامنها: لو أذن المولی للعبد فی شراء زوجته

دواماً أو متعة فإن اذن له أن یشتریها المولی فاشتراها له لم یبطل نکاحه و کذا أن أطلق لانصراف الإذن إلی شرائها للمولی فاشتراها له لم یبطل نکاحه و کذا إن أطلق لانصراف الإذن إلی شرائها للمولی و إن أذن له أن یشتریها لنفس العبد فان قلنا إلا قلنا أن العبد یملک و قد اشتراها لنفسه بطل النکاح لما تقرر من عدم جواز اجتماع سبب من الأسباب المبیحة للنکاح من العقد أو الملک کما قال سبحانه و تعالی: (إِلّٰا عَلیٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُهُمْ) سورة المعارج آیة (30)، سورة المؤمنون آیة (6)، و التفصیل قاطع و قد فهم الفقهاء منها أنها من القضایا المانعة للجمع و فی الأخبار ما یدل علی أن من تزوج جاریة ثمّ اشتری حصة منها أنها حرمت علیه و فی جملة من الأخبار أن النکاح ثلاث فرج موروث و فرج غیر موروث و ملک یمین أو أربعة بإضافة التحلیل و هو داخل فی ملک الیمین و فی جملة من الأخبار أیضاً أن بیع الأمة طلاقها فإذا اشتراها العبد لنفسه فقد طلقت منه و من مجموع ما ذکرنا یستفاد زوال النکاح بطرو الملک و إن أمکن المناقشة.

ص: 15

فی الأول بعدم الدلالة الصریحة علی منع الجمع، و فی الثانی أن الممنوع هو ترکب التحلیل من أمرین مختلفین لا نوردهما علی محل واحد، و فی الثالث أنه لا یدل علی منع الجمع.

و فی الرابع أنه محمول علی المبالغة کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و إن قلنا أن العبد لا یملک فاشتراها له ففی الانتقال إلی المولی قهراً لآن بطلان الخاص و هو کون الشراء للعبد لا یستلزم بطلان العام و هو الإذن فی الشراء فإذا صدر الشراء لمأذون فیه انصرف إلی المحل القابل و هو المولی و لا أثر للنیة لو وقعت مخالفة أو البطلان لأن ما قصده بالإذن لم یقع و ما وقع لم یقصد و لأن الإذن مقیدة و مع انتفاء القید ینتفی

المطلق إذ لا معنی لوجود الجنس من دون فصله و هذا الأخیر أقوی ثمّ علی تقدیر شرائها للمولی ففی جواز وطئها له من دون إذن من سیده بعد الشراء وجهان و لو اشتراها لنفسه و قلنا أنه یملک فالأقوی حرمة وطئها علیه لأنه محجور علیه بالتصرف و الإذن السابقة فی الوطء من المولی قد تغیرت بتغیر الموضوع و هو انتقالها من مالک إلی آخر فی الأول و انتقال سبب التحلیل من سبب إلی آخر فی الثانی و یحتمل الفرق بین الأول فالجواز استصحابا للاذن السابقة مع الشک فی تغیر الموضوع و بین الثانی فالمنع للقطع بتغیر الموضوع باختلاف السبب و هو حسن.

عقد النکاح و فیه أمور:

[أولها: أصالة عدم ولایة شخص علی غیره]

لا شک أن الأصل عدم ولایة شخص علی غیره و عدم سلطنته علیه و الأصل عدم قیام عمل واحد مقام عمل آخر إلا ما علم إرادة إیقاعه فی الموجود علی أی نحو اتفق من دون ملاحظة مباشر بعینه (أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَیْعَ)، و الصلح جائز و البیعان بالخیار (وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ) سورة النور آیة (32)، أو دل الدلیل الشرعی علی جواز النیابة فیه أو الوکالة علیه کالبیع و النکاح و الطلاق و نحو ذلک و قد خرج من الأصلین

ص: 16

ثبوت الولایة علی جملة من الاصناف و إمضاء عقد النکاح علیهم و کذا جملة من العقود و الإیقاعات لقیام الدلیل علیها من سنة أو إجماع و شبهها کما یفهم من الفتاوی و الأخبار أما نسب أو سبب و السبب إما اختیاری کالوصیة أو قهری کالحکم أو اختیاری مرة و قهری أخری کالملک أما النسب فیثبت بالأبوة النسبیة الشرعیة دون الرضاعیة و دون الزنا لقطع العلاقة عنه شرعاً و بالجدودة کذلک إذا کانت من طرف الاب للاب دون الام فی جمیع الطبقات خلافاً لمن نفاها کالحسن و هو محجوج بالفتاوی و النصوص و ما ورد فی جملة منها من الولایة فی الأب دونه محمول علی الغالب أو علی أن الجد أب أو علی المبالغة و فی التذکرة أن جد أم الأب لا ولایة له مع جد اب الاب و مع انفراده نظر و وجه النظر إطلاق ما دل علی ولایة الجد من قبل الأب و لکنه ضعیف لأصالة عدم الولایة و لشمول إطلاق قولهم لا ولایة للجد من قبل الأم له و لا ولایة لغیر من ذکر أخا کان أو ولداً لو أماً أو جد الام أو عماً أو خالًا خلافاً للعامة فی جملة منهم و خلافاً لابن الجنید فی الأم و الجد لها و ما ورد مما ظاهره ذلک کقول (صلّی الله علیه و آله و سلّم) إذا کانت الجاریة بین أبویها فلیس لها مع أبویها أمر و کما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أنه أمر نعیم بن النجاح بان یستأمر أم ابنته فی أمرها ضعیف أو ما دل علی إرادة خصوص الأب فی الأول و الندب فی الثانی کضعف ما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أن الذی بیده عقدة النکاح هو الأب و الأخ و الرجل یوصی إلیه و الذی یجوز أمره فی مال الامرأة فیبتاع لها و یشتری و ما ورد أیضاً أن الأخ الأکبر بمنزلة الأب و قد تحمل هذه علی الندب و لا یشترط فی ولایة الجد وجود الأب و لا عدم وجوده أو عدم اتصافه بالولایة خلافاً لمن اشترط فیها وجود الأب لقوله (علیه السلام) أن الجد إذا زوج ابنة ابنه و کان أبوها حیّاً و کان الجد مرضیاً جاز و هو ضعیف سنداً و دلالة بالمفهوم الوصفی أن کانت الواو للحال و الشرطی إن کانت للعطف و ربما حمل التقید فیها علی التنبیه علی الفرد الخفی فلا یعارض عموم ما دل علی ولایته و استصحابها مطلقاً و ما دل علی تقدیم عقد الجد علی الأب عند التنازع کما نقل علیه الإجماع فهو

ص: 17

أقوی و فوت الأضعف لا یؤثر فی الأقوی و لصحیح ابن سنان إن الذی بیده عقدة النکاح هو ولی أمرها و لا خلاف فی أن الجد ولی أمرها فی المال و فی کثیر من الأحوال

ثانیها إذا عقد الأب أو الجد علی أحد الصغیرین من صبی أو صبیة فلا خیار له بعد البلوغ

علی الأظهر الأشهر فی الأول و علی المجمع علیه فی الثانی و الأخبار المتکاثرة دالة علیه قوله فی الصحیح عن الجاریة الصغیرة یزوجها أبوها أ لها أمر إذا بلغت قال لا و فی آخر لیس لها مع أبیها أمر و فی ثالث أ یجوز لها التزویج أو الأمر إلیها قال یجوز علیها تزویج أبیها إلی غیر ذلک و لثبت بعض الأصحاب الخیار للصبی و ظاهرهم صحة العقد و لکن له فسخه بعد بلوغه و یظهر من بعضهم أنه کالفضولی فإن شاء رضی به و تکون الإجازة ناقلة أو کاشفة و إن شاء ردّه فیکون فسخاً من اصله و الأوجه الأوّل علی القول بثبوت الخیار و الأقوی عدم ثبوت الخیار بمعنییه للاستصحاب و لأصالة لزوم العقد الصادر من أهله فی محله و للصحیح عن الغلام له عشر سنین فیزوجه أبوه فی صغره أ یجوز طلاقه و هو ابن عشر سنین قال أما التزویج فیصح و الآخر فی الصبی یتزوج الصبیة یتوارثان قال إذا کان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم و فی ثالث إذا کان أبواهما اللذان زوجاهما حیین فنعم و أشار بقوله حیین إلی أن التزویج وقع منهما دون غیرهما و قد یقال أن هذه الأخبار لا تنفی الخیار بالمعنی لجواز اجتماعه مع صحة العقد و ترتب آثاره علیه فالعمدة ما ذکرناه أولًا و أما ما استند إلیه المثبتون للخیار للصبی من الأخبار کالصحیح عن الصبی یتزوج الصبیة قال أن کان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز و لکن لهما الخیار للصبی من الأخبار کالصحیح عن الصبی یتزوج الصبیة قال إن کان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم جائز و لکن لهما الخیار إذا أدرکا و الآخر عن غلام و جاریة زوجهما ولیان و هما غیر مدرکین فقال النکاح جائز و أیهما أدرک کان له الخیار و فی ثالث أن الغلام إذا زوجه أبوه و لم یدرک کان له الخیار إذا أدرک و بلغ خمس عشرة سنة فهی ضعیفة عن مقاومة ما قدمناه لضعف الأخیر سنداً و ضعف ما قبله دلالة لاحتمال إرادة الولی العرفی منه دون الشرعی احتمالًا ظاهرا بقرینة ضم الصبیّة إلیه، و قوله فی آخر قلت: فإن کان أبوها هو الذی زوجها قبل أن تدرک قال

ص: 18

یجوز علیها تزویج الأب و یجوز علی الغلام و المراد بالجواز اللزوم کما تشعر به أخبار أخر فی مقامات أخر و کذا الأول لاحتمال إرادة الخیار منهما بإیقاع سبب الفراق بطلان من الزوج أو بطلب من الزوجة له و هو و إن کان بعیداً عن الظاهر إلا أنه بقرینة ضم الصبیة إلیه بقرینة قوله فنعم جائز یلزم الحمل علیه جمعا بین الأدلة.

ثالثها: الذی یظهر من عموم الأدلة و خصوصها و الإجماعات المنقولة أن للبکر البالغة الرشیدة الاستقلال فی التصرف

بما لها و الاستقلال فی النکاح مع عدم وجود الأب و الجد أو مع وجودهما و عدم قابلیتهما للولایة و للثیب بالوطء فی القبل من الإنسان الذکر الاستقلال أیضاً بالمال و النکاح إنما الکلام فی استقلال البکر الغیر موطوءة قبلًا و إن وطئت دبراً بقیت بکارتها أو ذهب بنزوة أو إصبع فی النکاح و کان الأب أو الجد موجوداً مع قابلیتهما للولایة و کانا غیر مضادین لها بمنعها عن التزویج بالکف ء فللأصحاب فی جواز استقلالها مطلقاً فی دوام أو متعة أو استقلال الولی بنکاحها مطلقاً أو اشتراکهما علی الاجتماع مطلقاً أو استقلالها فی الدائم و استقلال الولی فی المنقطع أو العکس و اشتراکها مع أبیها خاصة دون غیره من الأولیاء أقوال ستة و قد یضاف إلی الأقوال احتمال جواز انفراد کل منهما مطلقاً أو فی خصوص الدائم و جواز انفرادها مع حضور الولی دون غیبة و احتمال الفرق بین المخدرات و من لیس لهن عادة بالکلام فی مثل ذلک المقام فلا یجوز لها الاستقلال و بین البارزات فیجوز لهن الاستقلال و احتمال الفرق بین التزویج الأول فلا یجوز لها الاستقلال و بین الثانی فیجوز لها و احتمال الفرق بین أن یمنعها الولی عن کف ء معین تهواه فیجوز لها الاستقلال به و بین أن لا یمنعها فلا یجوز و احتمال أن الاستقلال لها منهی عنه لمجرد احترام الولی من غیر أن یکون فاسداً و احتمال إمضاء عقد الولی علیها إلا أن لها فسخه إلی غیر ذلک من الاحتمالات الممکن استخراجها من الأدلة و الأخبار استند القائلون باستقلالها إلی الأصل المتقدم و إلی عموم أو إطلاق ما دل علی جواز نکاحهن من غیر تقید من کتاب و سنة کقوله تعالی: (حَتّٰی تَنْکِحَ زَوْجاً غَیْرَهُ) سورة البقرة آیة (230)، و المطلقة ثلاثاً تحرم من دون ذلک سواء کان مدخولًا بها أم لا و سواء

ص: 19

کان الدخول قبلًا أو دبراً و قوله تعالی: (فَلٰا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ یَنْکِحْنَ أَزْوٰاجَهُنَّ) سورة البقرة آیة 232، و قوله تعالی: (فَلٰا جُنٰاحَ عَلَیْکُمْ فِی مٰا فَعَلْنَ فِی أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) سورة البقرة آیة 240، و ورودها فی سیاق المعتدة کتقید الأخیرة بالمعروف غیر ظاهر لجواز الاعتداد من الواطئ فی الدبر و جواز کون المعروف هو التزویج بالکف ء و ما فی السنة کثیر و إلی الإجماع المنقول علی لسان المرتضی (رحمه الله) و إلی أن البلوغ و الرشد مناط التصرف فتخصیص بعض التصرفات دون بعض تحکم و من المعلوم زوال ولایة المال فتزول ولایة النکاح لتنقیح المناط بینهما و دعوی أن أمر النکاح أخفی و أدق لتوقفه علی معرفة الرجال و صفاتهم و مزایاهم و قلّ ما تطلّع النساء علی ذلک لقلة مباشرتهن و ضعف عقولهن و عدم سدادهن بخلاف المال ممنوعة لکثرة ما یخفی أحوال المال و تظهر أحوال الرجال و قد اکتفی الشارع فی الرجال بمجرد الکفاءة و لم یکتف بالمال إلا بالرشد و قد تطلع النساء علی جملة من الأحوال ممّا لا یکره اطلاق الولیّ علیها و إلی أصالة صحّة العقد الصّادر من البکر و إلی عموم الوفاء بالعقود بناءً علی أن الشک فی حصول شرائط العقد لا ینافی التمسک بالأصل کالشّک فی حصول المانع و المبطل للعقد و إلی الأخبار المتکثرة المعتضدة بالقواعد و الشهرة المنقولة بل المحصّلة و الأصول و القواعد کقوله (علیه السلام) لا بأس بتزویج البکر إذا رضیت بغیر إذن ولیّها و قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی البکر التی زوّجها أبوها و هی کارهة: (أجیزی ما صنع أبوک)، فقالت لا رغبة لی فیما صنع أبی قال: (فاذهبی فانکحیِ من شئتِ) و ضعفها منجبر بما تقدم و قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) الأیم أحق بنفسها من ولیها و الأیم من لا زوج لها بکراً أو ثیباً و لا ینافیه قوله بعد ذلک و البکر تستأذن فی نفسها و إذنها صماتها لبناء المضارع للمجهول و الإعادة لبیان الحکم المترتب علیه و هو کون إذنها صماتها فیکون بقرینة ذلک أظهر من قرائیة مبنی للمعلوم و قوله فی الصحیح شیئاً من البکر و غیرها و لا تنکح إلا بأمرها و حمله علی ارادة الجمع دون الاستقلال ضعیف لضعف القول به و کذا حمله علی الندب أو علی ما لا اب لها و قوله فی آخر إذا کانت الامرأة مالکة أمرها تبیع و تشتری و تعتق

ص: 20

و تشهد و تعطی من مالها ما شاءت فإن أمرها جائز و تتزوج إن شاءت بغیر إذن ولیها و قوله فی آخر إذا کانت مالکة لأمرها تزوجت من شاءت و قوله فی آخر تتزوج الامرأة من شاءت إذا کانت مالکة أمرها و لا شک أن المفهوم من هذه الروایات بقرینة ضم بعضها إلی بعض بقرینة قوله فی بیان ملک امرها تبیع و تشتری إلی آخره ان المالکة لامرها هی ما ارتفع عنها الحجر بالمال و شبهة دون النکاح لأن الکلام مسوق لبیان تجویزه فما یقال أن الاستدلال به عین المتنازع فیه للشک فی کون البالغة الرشیدة من الأبکار مالکة لأمرها فی النکاح ضعیف لأن النکاح غیر داخل عموماً و لا خصوصاً لاستلزام دخوله الدور أو الإجمال أو التهافت و قوله (علیه السلام) فی حسنة الفضلاء الامرأة التی ملکت نفسها غیر السفیهة و لا المولّی علیها أن تزویجها بغیر ولی جائز و هی ظاهرة فی جواز الاستقلال سواء جعلنا ملک النفس کنایة عن کونها حرّة لیغایر قوله (علیه السلام) فی الأخبار الأخر المالکة لامرها أو یراد بملک النفس ملک الأمر و سواء جعلنا خبر الامرأة هو غیر السفیهة و ما بعده و جعلنا جملة أن تزویجها جملة مقطوعة لبیان الحکم الآخر أو جعلنا حملة أن تزویجها هو نفس الخبر و یکون غیر و ما بعده صفة مؤسّسة إن أردنا بملک نفسها کنایة عن کونها حرّة أو موضحة إن أردنا به ملک الأمر و لا یضعف الروایة حینئذٍ کون أن البکر مالکة لنفسها أو کونها غیر مولّی علیها أو کون الامرأة مفرد محلّی باللّام فلا یفید العموم أو کون عطف المولّی علیها علی غیر السفیهة من باب عطف العام علی الخاص و هو ممّا یرهن متن الخبر أو کون قطع الجملة الاخیرة عمّا قبلها ممّا یبعده عن الفصاحة و البلاغة لأنّ کون البکر مالکة لنفسها و کونها غیر مولّی علیها فی الجملة أمر ثابت و ذلک کافٍ فی ترتیب حکم النکاح و لو أرید به ملک الأمر و عدم الولایة فی النکاح خصوصاً أو فیما یعمه لزوم التهافت أو الدور أو الإجمال کما تقدّم و لأنّ المفرد المحلّی باللّام یفید العموم للحکم سیّما عند وقوعه فی مقام بیان الأحکام الکلیة و سیّما لو فهمنا منه إرادة الطبیعة دون الفرد و لأنّ عطف العام علی الخاص لا بأس به و سیّما لو کان لنکتته و نکتته هنا بیان الفرق بین السفیهة و المولّی علیها فی الولایة من حیث أنّ السفیهة غیر المولّی علیها فی غیر المال و إن

ص: 21

اشترکا فی ثبوت الولایة علیهما فی النکاح و لأنّ حمل الروایة علی قطع الجملة لا داعی إلیه و إن ذکر احتمالا و الأوجه کونه خبراً عن المبتدأ فلا خلل بفصاحته و لا بلاغته و استند القائلون باستقلال إلی قوله (علیه السلام): (لا نکاح إلّا بولیّ)، و الباء للملابسة کما هو الظاهر و فیه أنه ضعیف السند و لا یدلّ علی استقلال الولیّ أیضاً فیلزم حمله علی نفی الکمال دون نفی الذات الذی هو المعنی الحقیقی أو نفی الصّحة الذی هو أقرب المجازات جمعاً بینه و بین ما تقدّم و إلی قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم)" أیما امرأة نکحت نفسها بغیر إذن ولیّها فنکاحها باطل و فیه أنه ضعیف السند فلا بد من حمله علی الصغیرة أو علی المبالغة فی عدم الاعتداد بعقدها جمعاً و إلی قوله (علیه السلام) لا تتزوج ذوات الآباء من الأبکار إلا بإذن أبیها و فیه أنه مخصوص بالاب و غیر دالٍّ علی البطلان لعدم استلزام النهی له و عدم القول بالفصل ممنوع و غیر دال علی استقلال الولی فلیحمل علی الکراهة أو علی إرادة الصغیرة حملًا لمعنی من علی التبعیض و یکون التقید بالإبکار محمول علی الغالب من بکارتهن و إلی قوله (علیه السلام): (لا تستأمر الجاریة إذا کانت بکراً بین أبویها لیس لها مع الاب أمر)، و فیه أنّه دال علی خصوص الاب و شموله للجدّ ممنوع فهو أخص من المدّعی فلیحمل علی الندب جمعاً و إلی قوله (علیه السلام) لا تتزوج ذوات الآباء من الأبکار إلا بإذن آبائهن و الکلام علیه کما تقدم و إلی قوله (علیه السلام) فی الجاریة یزوّجها أبوها بغیر رضا منها قال لیس لها مع أبیها أمر إذا أنکحها جاز نکاحه و ان و کانت کارهة و فیه أنّه لا یعارض ما تقدّم مع أنّه مخصوص بالأب فلیحمل علی الصغیرة أو علی شدّة تأکد استحباب إجازتها لفعل الأب جمعاً و إلی قوله (علیه السلام) لا ینقض النکاح إلّا الأب و لو لم یکن له استقلالًا لنقضه غیره و فیه أنّه مخصوص بالأب فلیحمل علی استحباب متابعته جمعاً و إلی قوله (علیه السلام) إذا کانت الجاریة بین أبویها فلیس لها مع أبویها أمر و قوله (علیه السلام) عن البکر إذا بلغت

ص: 22

مبلغ النساء أ لها مع أبیها أمر قال لیس لها مع أبیها أمر ما لم تتثیّب و قوله (علیه السلام) لا تستأمر الجاریة التی بین أبویها إذا أراد أبوها أن یزوّجها هو أنظر لها و أمّا الثیّب فإنّها تستأذن و إن کانت بین أبویها و فیها مع ضعف السند أنّها مخصوصة بالأب و شاملة للّام إن أرید بالأبوین الأب و الأم فلتحمل علی الندب أو علی کراهة استقلالها و أن لا تجعل مع أمر أبیها أمر بل تفوّض الأمر إلی رأیه و استندوا إلی الاستصحاب و فیه أنه معارض بأصل الصحّة و عموم الأدلّة و مع ذلک فمقدوح فیه بتبدّل الموضوع و إلی الحکم القاضیة بالرجوع إلی الولیّ لکمال عقله و زیادة معرفته و وفور اطلاعه دون النساء غالباً و فیه إنّها لا تصلح لإثبات الحکم الشرعی لأنّها مستنبطة و إنّها تقضی بکون الثیّب کذلک أیضاً و أنها تقضی بولایة جمیع الأقارب أیضاً علی أنّ زیادة معرفة الرجال علی النساء فی محلّ المنع و لو دار الأمر بین طرح الأخبار الدالة علی استقلالها أو طرح الأخبار الدالة علی استقلال الولیّ لحکمنا بطرح الأخبار الأخیرة لضعفها عن مقاومة الأخبار الأولیة و یمکن الجمع بین الأخبار بحملها علی جواز تولی العقد لکلّ واحد من البکر و من ولیّها إلّا أنه یندب لها استئذانه و یندب له استئذانها و یمکن حمل الأخبار الأخیرة علی التّقیة لأنّه مذهب کثیر من علماء العامة و إن کان أبو حنیفة علی خلافه و استند الموجبون للجمع بین رضاهما إلی الجمع بین الأدلّة من الطرفین و فیه أنّ منها ما هو نصّ فی استقلاله و نفی مدخلیّتها و منها ما هو نصّ فی استقلالها فلا یمکن الجمع بذلک نعم هو أحوط و الاحتیاط لا یکون دلیلًا مستقلًّا و إلی ما ورد فی استشارة عبد الرحمن للکاظم (علیه السلام) فی تزویج ابنته لابن أخیه فقال افعل و یکون ذلک برضاها فإن لها فی نفسها نصیباً، و استشارة خالد بن داود موسی بن جعفر (علیه السلام) فی تزویج ابنته علیّ بن جعفر فقال افعل و یکون ذلک برضاها فإنّ لها فی نفسها حظاً فیفهم من أمره بالفعل و اشتراطه برضاها أنّهما مشترکان فی الولایة و کذا من قوله (علیه السلام) نصیباً و حظاً فانهما ظاهران فی أن الولایة بینهما شطران و فیه مع ضعف السند أنّه لا یدل علی اشتراک فلعلّ لها الاستقلال و لکنّه یتولی کما یتولی الوکیل أو

ص: 23

الفضولی و یکون نفوذه موقوفا علی رضاها و دلالة الحظ و النصیب علی الاشتراک انما هو بالمفهوم الضعیف فلا یصلح سنداً للحکم بالاشتراک و استند القاصرون للولایة علی الأب دون الجدّ إلی أن المذکور فی الأخبار لفظ الأب دون غیره و شموله لغیره مجاز لا یصار إلیه و فیه انّه لمخالف للمشهور و لما أطلق فیه لفظ الولیّ فلیحمل علی ورود ذلک مورد الغالب و استند المفصّلون بین الدائم فالاستقلال للولیّ دون المنقطع فالاستقلال لها إلّا أن الدائم لکثرة حقوقه و أحکامه من نفقة و مضاجعة مفتقر إلی نظر الولیّ دون المتعة و فیه أنّها حکمة مع أنّها لا تنافی الاشتراک فی الولایة لا تصلح للاستدلال لعدم کونها من العلل القطعیّة و إلی روایة القماط عنه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) حین سئل عن المتعة بالبکر بین أبویها قال لا بأس و فیه مع ضعف السند عدم الدلالة علی الجواز فی المتعة من دون إذن و علی عدمه فی الدائم من دونه و إلی روایة الحلبی قال سألته عن المتعة بالبکر بلا اذن ابویها قال لا باس و فیه مع ضعفه بالقطع و بمعارضة بروایة أی مریم فی العذراء التی لها اب لا تتزوج متعة إلا بإذن أبیها أنّه غیر دالّ علی حکم الدائم و استند العاکسون إلی أن المتعة بغیر ولیّ إضرار بالأولیاء و غضاضة علیهم و مهانة لهم و الإضرار منفی و فی الخبر عن المتمتع بالبکر قال یکره للعیب علی أهلها و فیه أنّه لا ینفی الاشتراک حکمه لا علة قطعیة فلا تصلح لإثبات حکم شرعیّ و إلی أن النکاح إنّما ینصرف إلی الدائم فتحمل الروایات الدالة علی استقلالها به علی الدائم و فیه منع الانصراف لأنّه متواطئ بین أفراده و لا مزیّة لأحدهما علی الآخر و لو سلّم فالأدلّة فیه أیضاً متعارضة فلا وجه للاعتماد علی أحدهما دون الآخر.

رابعها: لو عضلها الولیّ عن التزویج بالکفاة مطلقاً کما یفعله بعض المتکبرین سقطت ولایته الولیّ

علی القول بها لمکان الضرر المنفیّ کتابا و سنّة و للإجماع المنقول و لو عضلها عن کف ء معین و کانت مریدة له و لم یرده الولیّ لو أراد غیره ففی سقوط ولایته علی ذلک القول أو عدمها وجهان و مقتضی إطلاق نصوصهم و فتاویهم عدم سقوط الولایة و استوجه بعض المتأخرین سقوطها لأنّه أقرب لعنّتها و هو لا یخلو من أشکال و علیه فتتحقق الولایة مع عدم علم الولی بمنعها عمن یرید أو مع العلم

ص: 24

بإرادتها له أو مع عدم إرادتها التزویج الظاهر أو إرادتها التزویج بغیر کف ء و أمّا هی فإن علمت الإذن من الولیّ جاز نکاحها و فی إلحاق الإذن الفحوائیة بالصریحة وجه و إن علمت المنع عمّن ترید سقطت عنها الولایة و إن لم تعلم توقّف صحّة عقدها علی الإذن و کذا لو أرادت وقتاً واردا وقتاً آخر لا یضر بها انتظاره أو مکاناً کذلک و مع سقوط ولایة الأب و الجد عنها یعود الأمر إلیها و لا تنتقل الولایة إلی الحاکم و هو إجماعیّ عندنا علی الظاهر خلافاً للعامة و لا ولایة لهما علی الثیب البالغة أو الذکر البالغ و کأنّه إجماعیّ عندنا و علیه أخبارنا المشهورة خلافاً للعامة و لابن أبی عقیل منّا فاثبت ولایتهما علی الثیب استناد الأخبار عامیة لا تعارض أخبار المشهور نعم فی روایة ضعیفة علی الظاهر فی رجل تزوج ببکر أو ثیب لا یعلم أبوها إلی قوله قال لا یکون إذاً و هی مع ضعفها محتملة للرجوع إلی البکر أو إلی المجموع لاشتماله علیها أو الکراهة و الأب و الجد یلیان المجنون المتّصل جنونه بصغره استصحاباً للولایة و استناد البقاء تعلّق الرّقة و الشفقة و تعلقا بعموم الأخبار الدّالة علی ولایتهما و الدالة علی أنّ من بیده عقدة النکاح هو ولی أمرها و لا شکّ فی أن ولایة المال فی هذا و أمثاله إلیهما و أما من لم یتصل جنونه ففی بقاء الولایة لهما لمکان الشفقة و لعموم ولایتهما خرج ما خرج و یبقی الباقی و لقوله (علیه السلام) أنت و مالک لابیک أو رجوعها إلی الحاکم لارتفاع ولایتهما بالبلوغ و العقل فعودها مفتقر إلی الدلیل و لمنع العموم القاضی بشمول ولایتهما للمتجدد جنونه فی مال أو نکاح فیکون ولیّهما السلطان لانّ السلطان ولیّ من لا ولیّ له وجهان و الأول قویّ و اجتماعهما أحوط و یجب فی ولایة الحاکم مراعاة المصلحة و الغبطة اقتصاراً علی مورد الیقین بخلاف ولایة الأب و الجد فیکفی فیها عدم المفسدة و للمولی الولایة علی العبد ذکر أو أنثی مع المصلحة و عدمها بل و مع المفسدة ما لم تبلغ إلی الضرر و الإضرار فی وجه فله أن یزوجه کرهاً و له أن یقبل عنه رضی أولًا و له أن یوجب عنه رضی أم لا و بالجملة فهو لا یقدر علی شی ء فلا یتمکّن من الاستبداد فی التزویج و لو استقلّ توقف علی الإجازة و یلزمه کلّما یفعل المولی به لانّ الناس مسلطون علی أموالهم خرج الطّلاق بالدلیل و یبقی الباقی و لو تجرّد بعضه امتنع

ص: 25

تزویجه و خالف العامّة فی ثبوت ولایة المولی علی الکبیر لأن له رفع النکاح فی کلّ أن بالطلاق فلا معنی لإجباره علیه و ضعفه ظاهر و إذا تزوّج العبد من دون سیّده کان للمولی الخیار بین أن یجیز ما فعله و بین أن یفرق بینهما و فیه إشعار بثبوت الولایة للمولی و قد یحصل من مجموع آیتی: (وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ وَ الصّٰالِحِینَ مِنْ عِبٰادِکُمْ وَ إِمٰائِکُمْ) سورة النور آیة 32، و قوله تعالی: (لٰا یَقْدِرُونَ عَلیٰ شَیْ ءٍ) سورة البقرة آیة 264، بثبوت الولایة للمولی مطلقاً ذکراً أو أنثی علی العبد صغیراً أو کبیراً و کما أن المولی له العقد علی العبد فکذلک لولیّه العقد علیه لشمول ولایة الولی لمثل ذلک.

خامسها: لا ولایة للحاکم علی الطفل مطلقاً

ذکراً أو أنثی للأصل و کأنه اتفاقی و علل بأن ولایة الحاکم لمکان الضرورة و لا ضرورة للصغیر فی النکاح و قد یمنع ذلک لامکان تحقق الضرورة و الحاجة و لانقطاع الأصل بقوله السلطان ولی من لا ولی له و لأنه منصوب للمصالح العامة و هذا منها و له الولایة علی المجنون و السفیه البالغین اللذین لا أب لهما و لا جدّ و لا ولایة له علی المجنون المتصل جنونه بصغره للأصل و لأن ولایة المال لآبائهما فتتبعه ولایة النکاح مع احتمال کونها له لأن المتیقن فی ولایة الأبوین فی النصوص و الفتاوی هو حالة الصغر و یحتمل أنّ لکل منهما الولایة منفرداً أخذاً بالدلیلین و یحتمل اشتراکهما فی الولایة و هو أحوط و أما المتجدد جنونه فالأظهر أن الولایة فیه للحاکم لانقطاع ولایة الأبوین فعودها مفتقر إلی دلیل و یحتمل اشتراکه مع الأبوین و هو الأحوط و یحتمل جواز انفراد کلّ منهما بالولایة و یحتمل کونها للأبوین فقط العموم الولایة الثابتة لهما و لمکان الشفقة و الرقة و أمّا السفه المتجدّد فالأقوی و الأظهر أن الولایة فیه للحاکم و أمّا المستمر ففی اختصاص الحاکم بها أو اشتراکه مع الأبوین أو جواز انفراد کل منهما وجوه أقواها الأول و أحوطها الوسط و یظهر من بعض أصحابنا المناقشة فی عموم ولایة الحاکم الشرعی ما عدا الإمام (علیه السلام) الذی هو أولی بالمؤمنین من أنفسهم لعدم الدلیل علیها سوی روایة السلطان و هی مع ضعف سندها لا تنصرف إلا للإمام (علیه السلام) و سوی ما دلّ علی جواز

ص: 26

الترافع إلیه کمقبولة عمر بن حنظلة و نحوها و هی لا تدل علی الولایة فی غیر القضاء و الافتاء و هو ضعیف لأن تسلیم منصب القضاء و الإفتاء ممّا یؤذن ببقیة المناصب بطریق أولی و ما ورد فی نصب الأئمة (علیهم السلام) بعض أصحابهم قیماً علی أموال الأیتام دلیل علی جواز الولایة فی غیرها لأنّ ولیّ المال یتولیّ غیره و فی قضاء ضرورة النظام و فتاوی الأصحاب بعموم الولایة کفایة فی ذلک علی أن مقبولة عمر عامة للترافع و غیره لقوله (علیه السلام): (فاجعلوه حاکماً) مطلقاً و روایة السلطان قد تشمله لأنّه بعد أن یکون حاکماً فیندرج فی السلطان فی وجه و لو فقد الحاکم ففی قیام عدول المسلمین حسبته مقامة وجهان و لا یبعد جواز قیامهم عند الاضطرار و أمّا الوصیّ علی الأطفال ففی ثبوت ولایة النکاح له مطلقاً أو عدمها مطلقاً أو ثبوتها له مع النص المومی علیها و عدمها مع عدمه أو ثبوتها له علی من بلغ فاسد العقل إذا کان به ضرورة إلی النکاح مع نص الموصی أو مع عدمه و عدمها مع عدمه أقوال أظهرها ثبوت ولایته مطلقاً أمّا مع النص أو مع العموم أو الإطلاق الشاملین عرفاً لدخول الولایة فی النکاح فیهما و ذلک لعموم (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مٰا سَمِعَهُ) سورة البقرة آیة 181، و لظهور أدلّة الوصایة و الوصیّة فی جواز نقل کلّما کان للموصی فعله حال حیاته و کان مما یقبل النیابة و النقل إلی الوصی و صحة تصرفه الوصی فیه ما لم یقم الدلیل علی خلافه و للأخبار المتکثرة و منها الصحیح فی قول الله عز و جل: (إِلّٰا أَنْ یَعْفُونَ أَوْ یَعْفُوَا الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکٰاحِ) سورة البقرة آیة 273، قال هو الأب أو الأخ أو الرجل یوصی إلیه و الذی یجوز أمره فی مال الامرأة فیبتاع لها و یتجر فإذا عفی فقد جاز و فی آخر مثله و فی ثالث قریب إلیه و فی رابع کذلک ذکر الأخ غیر مناف لإرادة الندب منه و استعمال اللفظ فی الأعم من الندب و غیره جائز نعم ورد فی صحیح ابن بزیع فی رجل مات و ترک أخوین و بنتاً و البنت صغیرة فعمد أحد الاخوین الوصی فزوج الابنة من ابنه ثمّ مات أبو الابن المزوج فلما مات قال الآخر أخی لم یزوج الجاریة من ابنه فزوج الجاریة من ابنه فقیل للجاریة أی الزوجین الأول أو الآخر قالت الآخر ثمّ أن الاخ الثانی مات و للأخ الأول ابن أکبر

ص: 27

من الابن المزوج فقال للجاریة اختاری أیهما أحب إلیک الزوج الأول أو الزوج الثانی الآخر فقال الروایة فیها أنها للزوج الاخیر و ذلک أنها قد کانت أدرکت حین زوجها و لیس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراکها فإن ظاهرة أن عقد الوصی فضولی غیر نافذ و إن لها نقضه إلا أن الروایات الأولیة أکثر و أصرح و حملها علی الندب بقصرها علی الکبیرة و إن کان ممکناً بقرینة ضم الاخ إلا أنه بعید فیحمل الاخ فیها علی ما کان وصیاً أو وکیلًا للولی و ظاهر المتأخرین الاقتصار فی الولایة علی من بلغت فاسدة العقل أو بلغ کذلک لمکان الضرورة و لشمول تلک الاخبار أما و هو أحوط و احوط منه اجتماع الوصی و الحاکم و قد یضعف أصل اصل القول بذلک بان ولایته قد انتقلت إلیه من الموصی فلا وجه للفرق بینهما و القول باختصاص الولایة للوصی بما إذا نص الموصی علیها فی النکاح قوی و لکنه أن وقع الشک فی الشمول و عدمه و أما مع عدمه کالعموم أو الإطلاق القاضیین عرفاً بثبوت الولایة علی الایتام بما یصلحهم من أمورهم و ترتیبهم و التصرف بأموالهم فلا شک فی دخول أمر النکاح ضمناً فیهما فهو إما السفیه فالأظهر ثبوت ولایة الأبوین علیه مع اتصاله بالصغر ذکراً کان أو أنثی لقوله (علیه السلام) غیر السفیهة و غیر المولی علیها و لو لا الروایة لأمکن المناقشة فی السفیهة لأنها لم تفوّت مالًا و أمّا مع تجدّده فالولایة للحاکم و الأحوط اجتماع الأبوین مع الحاکم فیهما و یصحّ لولیّه مطلقاً مباشرة العقد له و هل یصح إجباره علیه وجه و الأوجه عدمه و یصحّ الإذن له فی المباشرة فیتولی العقد بنفسه لأن عبارته غیر مسلوبة و علی أی تقدیر فیشترط احتیاجه للتزویج لمکان الخدمة أو الشهوة و لو بادر السفیه بالتزویج من غیر حاجة کان العقد فاسداً و مقتضی ما ذکرناه أن الإجازة لا تصححه لعدم صحة اجازة الولی و الحال ذلک إلا أن توجد مصلحة أخری و لو کانت به حاجة إلی التزویج کان عقده فضولیاً مفتقر إلی الإجازة من الولیّ إن أمکن الرجوع إلی الولیّ و یلزم الولی الإجازة مع احتمال عدم التوقف علی الإجازة لعدم الفائدة و قیل أنه یأثم و إن صح عقده و هو حسن فإن لم یمکن کان نافذاً بشرط موافقته للمصلحة من کونه بمهر المثل فما دون فإن زاد بطل الزائد و صحّ العقد لعدم توقف صحة العقد علی شرط المهر و قد یمنع من

ص: 28

الحکم بتوقف عقده مع الموافقة للمصلحة علی الإجازة لعدم الدلیل علی ذلک بل قد یمنع توقف صحّة عقده مطلقاً علیها لأن التزویج أمر مرغوب فیه فی العاجل و الأجل و لا دلیل علی ثبوت الولایة علیه فی ذلک و ما دل علی الحجر علی السفیه مخصوص بدفع المال إلیه علی وجه یتصرف فیه مستقلًا برأیه و مستبداً بنظره أما لو کان الدافع هو الولیّ فی وجه یعود للسفیه نفع دنیوی أو أخروی فلا بأس به و لکنّه مخالف لظاهر الأصحاب و لما یؤذن به المنع من تسلیطه علی المال حیث أنه معلّل بالخوف علیه من إتلافه و بتبذیره فلو جاز له النکاح لأمکن صرف جمیع ما یملکه بالتزویج فتفوت فائدة الحجر علیه و لحسنة الفضلاء و فیها غیر السفیهة و لا المولی علیها و لا فارق بین الذکر و الانثی فعلی ما ذکرناه فإن بادر الحاکم فی العقد علیه مع الضرورة جاز لأنه ولیه فی المال فلیکن ولیه فی النکاح و لیس له جبره علیه و قیل لیس العقد مستقلًا أصلًا و إن بادر هو و وافق المصلحة ففی صحته من دون توقف علی الإجازة وجهان و لا یبعد الصحة و لکن الاحوط اجتماعهما معاً و لو فقد الحاکم جاز له الاستقلال و فی قیام عدول المسلمین مقام الحاکم هنا وجه یقضی به الاحتیاط و لکنه خلاف ظاهر الأصحاب و علی الاصح فلو بادر السفیه فعقد مع عدم الضرورة فسد عقده علی ما ذکرناه و لزمه مهر المثل مع جهل الامرأة دون علمها فلا یلزمه شی ء و لو أذن الحاکم للسفیه بالتزویج مع الضرورة ففی لزوم تعین الزوجة له کی لا یتعدی إلی شریفة یستغرق مهر مثلها جمیع ماله و لزوم تعین المهر کی لا یتعدی إلی ما فوقه أو عدم لزوم ذلک لتقید الإذن بالمصلحة و هی کافیة عن تعینهما فمع عدمها یکون العقد فاسداً و لانّ الزامه بمهر المثل مع التعدی حاصل علی کلا تقدیری التعین و عدمه فلا فائدة للتعین وجهان و لا یبعد الأول لاحتمال إیقاعه مع عدم التعین بغیر ما وافق المصلحة لجهله و قلة تأمله و قصور نظره فیکون مغروراً أو کالمغرور من قبله و لو غیر الولی مهراً فزاد علیه احتمل بطلان المسمی من أصله و احتمل بطلان الزائد إذا زاد علی مهر المثل و لو لم یزد فکله للمرأة مع الجهل و احتمل فساد العقد من أصله.

ص: 29

سادسها: للبالغة الرشیدة أن تعقد لنفسها

کما رجحناه و لها أن تعقد لغیرها و لو قلنا أن الولایة للأب او الجد لأنها غیر مسلوبة العبارة و لها أن توکل فی العقد علی نفسها لغیره او لنفسه خصوصاً او عموماً کأنکحنی ممن شئت و للوکیل حینئذٍ أن یعقد لها علی نفسه بنفسه و له أن یوکل عنها إن أذنت له بالتوکیل و أن یوکل آخر عنه و لا یمنع فی الأول کونه موجباً قابلًا لأن المغایرة الاعتباریة کافیة فی صحة العقد لعموم الأدلة نعم روی الشیخ فی الموثق فی امرأة تکون فی أهل بیت یکره أن یعلم بها أهل بیتها أ یحل لها أن توکل رجلًا یرید أن یتزوجها تقول له قد وکلتک فاشهد علی تزویجی فقال لا قلت له جعلت فداک و إن کانت أیّما قال و إن کانت أیّما ظاهرها المنع من توکیل الامرأة رجلًا علی أن یزوجها من نفسه مطلقاً سواء کان قد تولی العقد بنفسه علی جهة کونه موجباً قابلًا أولا و هو ضعیف السند مخالف للقواعد و المشهور بین الأصحاب فلیحمل علی الکراهة او علی رجوع النفی من قولها وکلتک فاشهد علی تزویجی فإن مجرد الاشهاد غیر کاف و اشهاد نفسه غیر معتبر و لو اخذنا بها علی ظاهرها اتجه المنع مطلقا سواء کان هو الموجب القابل أم لا و لو أطلقت الزوجة التوکیل ففی دخول الوکیل فی الإطلاق و عدمه وجهان و الظاهر من العرف عدم الدخول و انصراف إطلاق الوکالة لعین الوکیل و احتمل بعضهم کون العام کالمطلق فی عدم الشمول و الانصراف لغیر الوکیل و کلاهما ضعیف لقضاء العرف بالفرق بین دلالة المطلق و العام فی قوة الدلالة علی الشمول و عدمها.

سابعها: لو زوج الولیّ الإجباریّ أو غیره کالوصیّ أو الحاکم أو کلّ مولّی علیها لجنون أو سفه دواماً أو متعة بدون مهر المثل

أو الصغیر بما فوق مهر المثل فهل لهما الاعتراض فی اصل العقد بأن یکون لهما الخیار فی فسخه أو فی فسخ المسمی من المهر دون أصل العقد أو لیس لهما أصلًا أو للصغیرة دون الصغیر کما عنون به فقهاؤنا المسألة أو للصغیرة دون باقی المولّی علیها لجنون أو سفه وجوه و فیما عنون به الفقهاء أقوال فقیل بأن لها الاعتراض فی المسمی فقط لأنه عوض عن بضعها فالنقص فیه ضرر یتخیر بالخیار و علیه فیکون للزوج الخیار فی فسخ اصل العقد لأقدامه علی المسمی و لم

ص: 30

یسلم له إلا أن یکون عالماً بالحال و قیل أن لها الاعتراض فی أصل العقد و هو لا یتم إلا بعد ثبوت الاعتراض فی المسمی و وجهه حینئذٍ أن الواقع هو العقد المشخص بالمسمی فإذا بطل المسمی بطل العقد الذی تضمنه و بالجملة فالمهر بمنزلة الثمن فی عقد البیع فکما یحصل الخیار سببه فی أصل العقد لتشخیصه به فکذا هنا و قیل بانه لا اعتراض لها أصلًا للزوم إمضاء تصرف الولی و أصالة عدم الخیار و لأنّ النکاح لیس من المعاوضات الصرفة لأن المقصود منه النسل و الإحصان فلا یثبت فیه بفوات المال خیار و لأن للولی العفو عن بعض المهر بعد ثبوته فیما لو طلقها الزوج قبل الدخول فله تنقیص المهر ابتداءً و الاخیر هو الأقوی أخذاً بظاهر الأخبار المتکثرة الدالة علی أن الامرأة لا أمر لها مع الولی و إنّ الأمر له فإن ظاهرها قاض بترک التفصیل فیها بین المهر و غیره کما أن الظاهر أن لا فرق فی ذلک بین وقوع العقد موافقاً للمصلحة أو غیر موافق و کان صادراً من الولی الإجباری بل و لو کان فیه مفسدة ظاهراً کما إذا زوجها من عبد بدون مهر المثل و مثله ما لو زوجها من غیر کف ء فی مقام یمکن صحة العقد فیه کالفقیر المعسر مع احتمال ثبوت الخیار هنا لحدیث لا ضرار و احتمال فساد العقد من أصله و علی ما اخترناه فینتفی الاعتراض من الصبی أیضاً إذا زوجه الولیّ بما فوق مهر المثل و من الصبیة إذا زوجها الحاکم مع المصلحة و من المجنون و السفیه إذا زوجاهما الأولیاء و الظاهر أن حکم المجنونة و السفیهة حکم الصغیرة و قد یتجه الفرق بین العربی الإجباری و غیره لو قلنا بجواز الاعتراض لها فی العقد أو المسمی و قلنا بجواز العفو من الولی الإجباری دون غیره بأن من جاز منه العفو لم یجز علیه الاعتراض و من لم یجز منه العفو یجوز علیه الاعتراض و یبقی الکلام فی تحقیق من یجوز له العفو و عدمه فإن قلنا بجواز العفو من الولی مطلقاً لم یکن لها الاعتراض مطلقاً و إن قلنا باختصاصه بالولی الإجباری اختص عدم الاعتراض به.

ثامنها: عقد الفضولی الواقع من جامع شرائط صحة العقد سوی إذن المالک صحیح فی النکاح

بمعنی أنه لا یحکم ببطلانه بل یبقی موقوفاً فإن تعقبته الإجازة أثر أثره و إلا وقع بطلان و لا یتفاوت الحال بین صدوره من قریب أو بعید و بین کونه من حُرٍّ أو

ص: 31

عبد علی غیره أو علی نفسه و بین تعلقه بمن کان قابلًا للإجازة حین صدور العقد کالکبیر أو کان غیر قابل کالصغیر و بین أن یکون الفضول من جانب الزوجة أو من جانب الزوج أو من جانبهما معاً و بین أن یکون المجیز هو الولی أو المجیز هو الصغیر بعد بلوغه و إن کان الولی موجوداً حین صدور العقد الفضولی و لا فرق بین صدوره مع القطع برضاء الأصیل أو مع القطع بعدم رضاه أو مع الشک فیه مع احتمال الصحة ابتداءً فی الأول و البطلان ابتداءً فی الثانی و لو ردّ الأصیل بعد وقوع العقد بطل العقد قطعاً و لو أجاز فالظاهر أن الإجازة کاشفة لا ناقلة فعلی ذلک فیشترط کون الأصیل مما یصح علیه العقد حین صدوره فلو عقد علی محرم فضولًا فأجاز بعد الإحلال لم تؤثر الإجازة شیئاً و کذا لو عقد مسلمة علی کافر فضولًا فأجاز بعد الإسلام و علی النقل یصح فی المقامین نعم یفسد ما لو عقد مسلماً علی مسلم فضولًا فارتد المسلم فأجاز بعد الارتداد أو عقد کافر علی کافرة فأسلمت فأجازت بعد الإسلام و نحو ذلک و لو عقدت البالغة الرشیدة ذات الولی نفسها فضولًا علی القول بثبوت الولایة علیها فمات الولی کان کمن باع شیئاً فملکه فیحتمل البطلان و یحتمل الصحّة مع الإجازة و یحتمل الصحة بدونها و قد یجی ء ذلک فیما إذا زوج العبد نفسه و قد تحرر بعد ذلک و یدل علی صحة العقد الفضولی مطلقاً عمومات أدلّة صحّة العقود جنساً و نوعاً لصدق الفضولی أنه ببیع و نکاح و عقد فیشمله ما دلّ علی صحتها لعدم اشتراط مباشرة الأصیل له نعم یشترط رضاء الأصیل بالعقد فی الجملة إجماعاً و کتاباً و سنة و لا فرق بین رضاه سابقاً و بینه لاحقاً لأن المقصود حصوله فإذا حصل أثّر العقد أثره قضاء لحق عموم الأدلة و یدل علی صحته فی النکاح الإجماع المنقول علی لسان المرتضی و ابن إدریس فی ما عدا المملوکین المعتضد بفتوی المشهور و بالعمومات و الأخبار المتکثرة کقول النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی البکر التی أنکحها أبوها فاتته تستعدی أجیزی ما صنع أبوک و خبر محمد بن مسلم فیمن زوجته أمه و هو غائب قال النکاح جائز إن شاء قبل و ان شاء ترک و ما جاء فی صحة عقد المملوک بدون إذن سیده إنه إن شاء سیده أجاز و إن شاء فرق بینهما معللًا بأنه لم یعص الله و إنما عصی سیده فإذا أجازه فهو له جائز و فی آخر أیضاً

ص: 32

فی مملوک تزوج من دون إذن مولاه قال ذلک إلی مولاه إن شاء فرق بینهما و إن شاء أجاز نکاحه و فیه فقلت لأبی جعفر (علیه السلام) فإنه فی اصل النکاح کان عاصیاً فقال أبو جعفر (علیه السلام) إنما أتی شیئاً حلالًا و لیس بعاص لله و إنما عصی سیده و لم یعص الله إن ذلک لیس کإتیانه ما حرم الله تعالی من نکاح فی عدة أو أشباهه و فی الخبرین دلالة علی صحة الفضولی حق لو کان صدوره منهیاً عنه نهیاً عارضیاً لا علی سبیل الأصالة لأن النهی إذا کان لأمر خارج لا یقضی بفساد المنهی عنه فإذا لم یقض بالفساد صار مشمولًا لدلیل الصحة بعد حصول الشرط و هو رضاء الأصیل و الأخبار بهذا المضمون کثیرة و خبر الحذاء عن أبی جعفر فی غلام و جاریة زوجاهما ولیّان لهما و هما غیر مدرکین فقال النکاح جائز و أیهما أدرک کان له الخیار و یراد بالولی هاهنا العرفی دون الشرعی بقرینة ثبوت الخیار لهما و بقرینة قوله فی آخرها فإن کان أبوها هو الذی زوجها قبل أن تدرک قال یجوز علیها تزویج الأب و یجوز علی الغلام و المهر علی الأب للجاریة و ذهب بعض أصحابنا إلی بطلان الفضولی فی جمیع العقود استناداً للأصل و عدم الدلیل الدال علی الصحة و لتوقف العقد علی الرضا و الإجازة و الشرط لا یتأخر عن المشروط فلا بد من تقدمهما فلو تأخرا فسد العقد کما یقع فی الفضولی و للأخبار الناطقة بفساد النکاح خصوصاً من غیر ولیّ و الناطقة بفساده من دون إذن المولی و الناطقة بأن من تزوج الأمة من دون إذن أهلها فهو زنی و الکل ضعیف لانقطاع الأصل بما قدمناه من دلیل الصحة و لمنع لزوم تقدم الشرط وضعاً علی المشروط و إنما اللازم تقدمه ذاتاً لا زماناً و الشرط هنا هو حصول الرضا بأحد الأزمنة و هو متقدم ذاتاً و تأخر بحسب الوجود الزمانی غیر ضائر نعم یکون حصوله فی الزمن المتأخر کاشفاً عن صحة العقد فی الزمن المتقدم لصدوره جامعاً للشرائط التی منها وقوع الرضا فی الزمن المتأخر و هذا أوجه معانی الکشف فی الإجازة و لظهور و ورود الأخبار فی العقد الصادر من دون إذن مطلقاً لا سابقاً و لا لاحقاً أو تحمل علی المبالغة فی البطلان أو علی مجاز المشارفة علیه لأغلبیة عدم الإجازة فی تلک الموارد أو علی أنه بطلان من حیثیة نفسه من دون نظر لتعقبه الإجازة أو غیر ذلک من المحامل جمعاً بین الأدلة کما

ص: 33

یمکن حمل قوله لا نکاح إلا بولی علی نفی الکمال لا علی الصحة جمعاً و من أصحابنا من منع الفضولی فی غیر النکاح و أجازه فیه للأخبار الواردة فیه و هو اوجه من سابقه و لا بد فی الإجازة للعقد الفضولی من قول أو فعل دالین علی الرضا و لا یکفی القطع به بل الأحوط فی غیر الأخرس و شبهه من القول الدال علی ذلک نعم ورد فی جملة من الأخبار و أفتی به مشهور الأصحاب أن البکر یکفی فی إجازتها بعد صدور العقد علیها فضولًا و فی إذنها فی العقد ابتداءً سکوتها و صمتها إذا عرض علیها العقد ابتداءً أو انتهاء و عللوا ذلک بشدة حیاها لعدم ممارسة الرجال لها و فی الأخبار ما یدل علی أن سکوتها إقرارها و إن إذنها صماتها و إن سکوتها إذنها و هو مخالف للقواعد فلا بد من تقیده بما إذا لم یعلم عدم رضاها أو تقوم قرینة علی عدمه حالیة أو مقالیة فلو علم ذلک لم یکف السکوت و هذا العقد هو ظاهر الاصحاب و قد ینزل ذلک علی الغالب من حصول الظن بالرضا عند السکوت لأنها لو لم ترض لصرحت بالمنع و لکن ظاهر الأصحاب عدم التنزیل علی ذلک و إن الحکم تعبدی و لکنه مقصور علی حالة الشک فی الرضا و عدمه و من ذلک یظهر أن تنزیل الأخبار الکشف عن العرف العام من کون السکوت فی هذا المقام دال علی الرضا بمنزلة الکلام بعید عن الإفهام لأنه أعم و العام لا یدل علی الخاص و یمکن الفرق بین سکوتها حالة العلم منها بأن سکوتها عند الشارع بمنزلة الرضا فینزل منزلته و بین حالة عدم العلم فلا ینزل و علی کل حال فالأحوط التصریح منها بالإذن و لا یلحق بالبکر غیرها ممن شأنه الحیاء لأن الحیا حکمه و لیس بعلة یدور مدارها الحکم وجود أو عدما فحکمها حکم المشقة فی السفر و المراد بالبکر هی من لم توطأ للرجال الذکور قبلًا و فی الموطوءة دبراً وجهان و ذهب جمع من أصحابنا أنها هی التی لم تفتض قبلًا أصلًا فلو افتضت بإصبع أو حرقوص أو إصبع أو طفرة أو خلقة أو نفس عادت ثیباً و فیه منع لعدم مساعدة العرف له و لقضاء الحکمة الظاهرة فی الحکم بإدارة المعنی الأول و إن لم تکن تلک الحکمة علة حقیقیة و بالجملة فالبکر فی العرف العام هی التی تطأها الرجال و لو وطئت و هی صغیرة غیر مدرکة فالطاهر إلحاقها بالثیب و لکن علی إشکال و الظاهر أن ما عدا

ص: 34

السکوت من ضحک أو بکاء أو فرح یدور مدار ما یفهم منه فی مقامات الأحوال و قرائن الأحوال لعدم النص.

تاسعها: تسقط ولایة الکافر علی المسلم

سواء کان الکافر أصلیاً أو مرتداً و سواء کان المسلم مخالفاً أو مؤمناً و سواء کان المولّی علیه حراً أو عبداً لعموم قوله تعالی: (وَ لَنْ یَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْکٰافِرِینَ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ سَبِیلًا) و قوله تعالی: (وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنٰاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِیٰاءُ بَعْضٍ) و قوله (علیه السلام): (الإسلام یعلو و لا یعلی)، و المناقشة بأن السبیل هو الدلیل و البرهان کما هو الوارد فی الخبر لا الولایة و شبهها مدفوعة بأن نزول الآیة فی مورد خاص أو إرادة معنی خاص منها لا ینافی الأخذ بظاهرها من العموم و الظاهر من العموم و الظاهر أن المنتحل للإسلام کالغلاة و الخوارج فی حکم المسلمین فلا یتولاهم الکافر الأصلی و ذلک کمسلم ناصبی جن بعد إسلامه و کان أبوه کافراً أصلیاً و أما المرتد الذی لم یتشبث بالإسلام فلا باس بولایة الکافر الأصلی علیه و متی سقطت ولایة الکافر علی المسلم عاد المسلم کمن لا ولی له فإذا لم یکن له مسلم قابل للولایة من أب أو جد تولاه الحاکم و أما ولایة الکافر علی الکافر فلا بأس بها للعمومات الدالة علی ولایة الأب و الجد و لقوله تعالی: (وَ الَّذِینَ کَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِیٰاءُ بَعْضٍ) و قوله تعالی: (فَانْکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)، و لو کان للکافر ولیّان مسلم و کافر کأب مسلم وجد کافر قیل الولایة للمسلم فقط أو للکافر فقط أو لهما معاً و یتصور فیما لو کفر المسلم بعد بلوغه فجن وجوه أوجهها الاشتراک فی الولایة و فی القول باختصاص المسلم بها قوة و یظهر من بعض أصحابنا عدم ثبوت الولایة للکافر علی الکافر و یظهر من آخرین عکس ذلک و إن لا ولایة لمسلم علی کافر و إنما ولیه الکافر لأن الکفار بعضهم أولیاء بعض و کلاهما ضعیف مخالف لعموم الأدلة نعم قد یقدم عقد المسلم عند المشاحة لأن الإسلام یعلو و لو زال الکفر بالتوبة عادت الولایة فی مقام تقبل توبة المرتد.

عاشرها: تسقط ولایة المجنون و الصغیر

کالحاکم الصغیر الممیز لو قبلنا منه الفتوی و السفیه و المغمی علیه و تعود الولایة بزوال المانع للأصل فی عودها بالنسبة إلی الوصی

ص: 35

وجهان و لا یبعد الحکم بعودها لأن الوصایة غیر الوکالة و حین زوال الولایة عن الأقرب یتولی الولی الأبعد کالحاکم و شبهه سواء طال زمن الزوال أو قصر و الأظهر أن الزوال لو قصرت مدته و کان مرجواً لزم انتظاره ما لم تشتد الحاجة إلی البدار و تسقط الولایة من المملوک لأنه لا یقدر علی شی ء فإذا لم یقدر علی إنکاح نفسه فعلی إنکاح غیره بطریق أولی و لا یتفاوت الحال بین کون المولی علیه ولده أو مملوکه لو قلنا بأن العبد یملک و لو أذن له المولی فی الولایة علی ولده ففی ثبوتها بإذنه و عدمه وجهان و الأظهر عدم ثبوت الولایة بالإذن لأن الاذن لا تؤثر إثبات صفة الولایة و إنما ترفع الحجر عنه من التصرف و حینئذٍ فلو کان ولد المملوک حراً لم یجز للمولی أن یأذن له فی العقد علیه و إنما یتولاه الحاکم نعم لو کان ولده مملوکاً للمولی جاز له ذلک لأنه فی معنی التوکیل کما یجوز لغیر المولی أن یوکله فی إیقاع عقداً و إیقاع بإذن المولی و لو و کلّه بدون إذنه ففی صحته وجهان و لا یسقط الولایة إحرام الولی و إن منعه عن إیقاع العقد علی المولی علیه أصالة و وکالة علی الاظهر نعم لو وکل و هو محل محلًا قبل إحرامه علی إیقاع عقد التزویج للمولی علیه فأوقعه الوکیل بعد إحرام الموکل کان القول بالصحة متجه و لا تمنع الإحرام من إذن السفیه و لا من الرجعة و لا من الطلاق و لا من شراء الإماء و لو للتسری و لو طال إحرام المحرم بحیث یتضرر المولی علیه بتأخیر العقد فلا یبعد جواز انتقال الولایة للحاکم لمکان الضرر لعدم إمکان استئذان المحرم لکونه بمعنی الوکالة و لا تسقط ولایة النکاح بالفسق و إن قلنا بسقوطها فی ولایة المال بالنسبة إلی الولی الإجباری للفرق بین ولایة المال من حیث أنها استئمان فیحتمل سقوطها عند خوف الخیانة بخلاف ولایة النکاح فإنها تتّبع النظر و الرأی و السداد و کذا لا تسقط بالغیبة و إن طالت إلا إذا أدی الطول إلی الضرر بالمولی علیه عادةً و لو کان المولی علیه مملوکاً لم تزل عن الولی الولایة مطلقاً إلا مع اضطرار تباح المحذورات فیتولی العقد علیه حینئذٍ الحاکم و إلا فعدول المسلمین.

حادی عشرها: لو کان للمولی علیه أباً و جداً لأب فقد تقدم أن کلًا منهما ولی بانفراده

و مقتضی القواعد أن الولیین إذا عقدا علی أمر واحد کما إذا زوجا شخصا

ص: 36

واحداً فإن سبق أحدهما صح السابق و کان الثانی لغواً و إن وقعا دفعة کما إذا أوجبا دفعة فقبل الزوج عقدهما معاً أو وکل الزوج شخصاً فقبل من أحدهما و قبل هو من الآخر دفعة واحدة صح العقدان معاً و کانا مؤثرین دفعة واحدة و لیس العلل الشرعیة کالعلل العقلیة حیث لا یمکن اجتماع علتین علی معلول بل إنما هی معرفات و قد یحتمل أن المؤثر هنا واحد منهما لا بعینه أو أن المؤثر هو المجموع و إن اختلفا فی العقد و اقترنا کما إذا عقد کل منهما علی شخص غیر ما عقد علیه فمقتضی القواعد بطلان کل من العقدین سواء کانا وکیلین أو ولیّین للزوم الترجیح من غیر مرجح واقعاً و ظاهراً مع الحکم بصحة أحدهما بعینه و للزوم المحال مع الحکم بصحتهما أو صحة أحدهما لا بعینه لأن صحة المبهم مع الاختلاف أمر غیر معقول و الرجوع إلی القرعة غیر ممکن لترتبه علی صحة واحد منهما بعینه واقعاً و اشتباهه ظاهراً إلا أنه خرج من ذلک عقد الأب و الجد إذا اقترنا فإنه یصح عقد الجد و یبطل عقد الأب للنص و الفتوی و فی الصحیح إذا زوج الأب و الجد کان التزویج للأول فإن کانا فی حال واحدة فالجد أولی و کان ذلک یکون کاشفاً عن ترجیح عقد الجد علی الأب لقوة ولایته حیث أنه ولیه و تلزم علی الأب طاعته و یحرم علیه عقوقه و الابن و ماله لأبیه سیما لو جعلت ما موصولة و لا یبعد تسریة الحکم لکل جد بعد أو قرب إذا اقترن عقده مع الأب لإطلاق النص و الفتوی و یحتمل اختصاص الحکم باب الأب أخذاً بالتعلیل المتقدم و أما غیره من الأجداد فیتجه البطلان و تقدیم الأب لقرب علاقته و لأنه ولی من دون واسطة و یشکل الحال فی اقتران عقد الجد مع أبیه أو جده لخروجه عن النص و لجریان العلة المتقدمة فی أبیه فیحتمل تقدیم الأعلی هنا مطلقاً و یحتمل تقدیمه فیما إذا کان أباً للجد دون ما إذا کان جداً و یحتمل البطلان و یحتمل تقدیم عقد الادنی مطلقاً لقوة العلاقة و الاقوی البطلان و إن اختلفا فی العقد و سبق أحدهما صح عقد السابق و بطل اللاحق سواء علم کلٌّ منهما بعقد الآخر أم لا و سواء نهی کل منهما الآخر أم لا و سواء تشاحا أم لا کلّ ذلک جریاً علی القواعد و للأخبار الخاصة نعم ینبغی عند التشاح أن یقدم الأب عقد الجد فی ما أراد و کذا ینبغی للمولی علیه أن یجیز عقد الجد دون الأب

ص: 37

و ذلک لأولویة الجد علی ابنه لولایته علیه و للأخبار الخاصة و هل ذلک علی سبیل الوجوب أو الندب وجهان و الظاهر من الأخبار الأول لاشتمالها علی أنه أولی و إنه أحق و من الأصحاب الثانی و هو الاظهر و لو شک فی السبق و الاقتران احتمل الرجوع للقرعة و أحتمل الحکم بالاقتران فیقدم عقد الجد و لو علم السبق و شک فی السابق احتمل الرجوع للقرعة و احتمل الفرق بین جهل التاریخ فالقرعة و بین العلم بتاریخ أحدهما فیقدم المعلوم و یؤخر عنه المجهول فیبطل.

ثانی عشرها: یجوز للولی الإجباری تزویج المولّی علیه بمجرد حصول الکفاءة

سواء کانت له مصلحة بالتزویج أم لا بل لو اشتمل علی مفسدة لأنه هو و ماله لأبیه ما لم یکن مضاراً عادیاً ففی صحة عقده وجهان و حینئذٍ فلو زوجها بدنیّ أو عبدٍ لزم التزویج فی حقها و لا خیار لها للأصل و کذا لو زوجها غیر الإجباری مع المصلحة و الغبطة بحیث وقع التزویج الأول صحیحاً فإنها لیس لها الخیار بعد ذلک و هل الغبطة المعتبرة تدور مدار الواقع أو مدار نظر الولیّ وجهان و لا یبعد الاخیر إذا لم یکن الولی مقصراً فی نظره و الأول إذا کان مقصراً و لو زوج الولیّ المولّی علیه بذی العیب مع المصلحة إذا لم یکن إجباریاً أو بدونها إذا کان إجباریاً فإن کان جاهلًا بالعیب کان له الفسخ مع احتمال العدم لأصالة عدم جواز تولی الفسخ لأنه منوط بنظر الزوج أو الزوجة و شهوتهما و الحق لهما فلعلهما یرضیان بالعیب و للمولی علیه الفسخ أیضاً إذا کان جاهلًا أو بحکم الجاهل کالصغیر و المجنون کما أن للکبیر ذلک مع جهله لمکان الضرر و الضرار فینجبر بالخیار و احتمال بطلان العقد من الولی علی ذات العیب مطلقاً ضعیف کاحتمال لزومه من دون خیار أیضاً نعم قد یحتمل التفصیل بین علم الولی بالعیب فیحکم بفساد العقد و بین جهله فیحکم بالصحة و ثبوت الخیار للمولّی علیه أوله و للولی و الأقوی ما قدّمنا و لو زوج الطفل ولیّه بمملوکة ففی صحته احتمال أقواهما العدم لاشتراط خوف العنت فی تزویج المملوکة المفقودة هاهنا.

ثالث عشرها: لا یجوز نکاح الامة من دون إذن مالکها

لقبیح التصرف بمال الغیر من دون إذنه و لقوله تعالی: (فَانْکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)، و فی الروایة عن التمتع بالامة بإذن

ص: 38

أهلها قال نعم إن الله تعالی یقول (فَانْکِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)، و بمعناه روایات أخر و فی أخری لا تمتع الامة إلا بإذن أهلها و فی أخری عن الرجل یتزوج الامة من غیر علم أهلها قال هو زنا و لا یتفاوت الحال فی ذلک بین الدائم و المنقطع لعموم الأدلة و لا بین کون الأمة المولی علیها أو لغیرها لعموم الأدلة و ذهب الشیخ (رحمه الله) إلی جواز التمتع بأمة الامرأة من دون إذنها لصحیحة سیف بن عمیرة عن ابی عبد الله (علیه السلام) عن الرجل یتمتع بأمة الامرأة من دون إذنها قال لا بأس به و بمعناها روایات أخر و فی بعضها یتزوج و هو ضعیف لاضطراب سند الروایة و إن کانت صحیحة و قلة العامل بها و مخالفتها المشهور فتوی و عملًا و بعدها عن القواعد و الاصول و الاحتیاط فلا بد من طرحها أو حمل یتزوج و یتمتع علی إرادة الانتفاع بها عند شرائها من دون استبراء لاختصاص الاستبراء بالشراء من الرجل و یمکن حملها علی الاکتفاء بالإذن الفحوائیة هنا فی جواز عقد المتعة علی الأمة لأن إماء النساء غالباً مما یؤذن لهن بالتمتع للانتفاع بأجورهن و هو أقل مخالفة مما قدمناه.

رابع عشرها: قد تقدم أن أن تزویج الولی للصغیر موجب للزوجیة

و هی موجبة للتوارث بینهما و لا یتفاوت الحال بین ثبوت الخیار لهما بعد أن یدرکا أو لأحدهما و بین عدمه لأن الفسخ بالخیار فسخ من حینه لا من اصله و یظهر من بعضهم أن التوارث تابع للزوم العقد فإن قلنا بثبوت الخیار لهما کان التوارث موثوقا علی الإجازة و الیمین کما سیأتی إن شاء الله تعالی و إن قلنا بثبوته للصبی فإن مات قبل الإجازة بطل النکاح و إلا کان میراثه تابعاً و یمینه بعد البلوغ و هو مبنی علی أن عقد الولی کعقد الفضولی تتوقف صحته علی الإجازة أو علی أن التوارث یدور مدار لزوم العقد و کلاهما بطلان لأن ذلک یؤدی إلی مساواة عقد الولی للفضولی علی القول بثبوت الخیار للطفل بعد بلوغه و ظاهر الأصحاب علی خلافه إذ ظاهرهم أن ثبوت الخیار و عدمه مسألة مغایرة المسألة الفضولی و علی کل حال فالظاهر أن التوارث یدور مدار صحّة الزوجیة و عدمها و ما یتراءی من الشیخ فی النهایة من دوران المیراث مدار الخیار فمع ثبوته فینتفی المیراث فهو مخصوص بعقد الأجنبی دون الولی

ص: 39

الإجباری أو غیره و علی کل تقدیر فالأقوی لزوم العقد بالنسبة إلی الصبی و الصبیة و ما ورد مما دل علی ثبوت الخیار لهما و للصبی مطرح او مؤول و تقدم أیضاً أن تزویج غیر الولی للصغیر یقع فضولًا سواء کان للعقد مجیزاً فی الحال أم لا فإن بلغ فأجاز صح العقد و لو عقد غیر الولی علی صغیرین فبلغا و أجازا صح عقدهما و إن لم یجیز أو لم یجز أحدهما فسد العقد و إن مات کلاهما أو أحدهما قبل الإجازة فسد العقد أیضاً و ان بلغ احدهما فأجاز فمات ثمّ بلغ الآخر فإن مات قبل الإجازة أو لم یجز بطل العقد و إن أجاز أحلف إنه لم یجز طمعاً فی المیراث أو المهر أو کلاهما و ورث و یدل علی ذلک الصحیح عن غلام و جاریة زوجهما ولیان لهما و هما غیر مدرکین فقال النکاح جائز و أیهما ادرک کان له الخیار فإن ماتا قبل أن یدرکا فلا میراث بینهما و لا مهر إلا أن یکونا قد أدرکا و رضیا قلت فإن أدرک أحدهما قبل الآخر قال یجوز ذلک علیه إن هو رضی قلت فإن کان الرجل الذی أدرک قبل الجاریة و رضی بالنکاح ثمّ مات قبل أن تدرک الجاریة أ ترثه قال نعم یعزل میراثها منه حتی تدرک فتحلف بالله ما دعاها إلی میراث إلا رضاها بالتزویج ثمّ یدفع إلیها المیراث و نصف المهر قلت فإن ماتت الجاریة و لم تکن أدرکت أ یرثها الزوج المدرک قال لا لأن لها الخیار إذا أدرکت قلت فإن کان أبوها هو الذی زوجها قبل أن تدرک قال یجوز علیها تزویج الأب و یجوز علی الغلام و المهر علی الأب للجاریة و لا یطعن فی الاستدلال بها باشتمالها علی الولی فی صدورها و یراد بها الشرعیّ و مقتضاه صحة الزوجیة ثبوتها ابتداءً و ترتب التوارث علیها و باشتمالها علی نصف المهر بالموت مع أن الأظهر ثبوت الکل و إنما جاء التنصیف فی الإطلاق للدلیل و باشتمالها علی التعلیل لعدم التوارث بأن لها الخیار إذا أدرکت و المفروض أن ثبوت الخیار لا ینافی التوارث و باشتمالها علی خصوص توریث الامرأة بعد تحلیفها و المطلوب توریث کل منهما بعد یمینه لانا نجیب عن ذلک بان الولی یراد به فی صدرها الولی العرفی بقرینة العجز المنجبر بفتوی الفقهاء و بأن اشتمال الخبر علی شی ء لا نقول به لا ینافی الاستدلال بها علی غیره علی أن الاقتصار علی النصف لعله لکون النصف الآخر کان مدفوعاً قبل ذلک کما هو الغالب و بأن التعلیل

ص: 40

بالخیار یراد به الإجازة لا الخیار الواقع بعد ثبوت العقد و صحته و علی کل حال فالروایة موافقة لأصول المذهب علی القول بأن الإجازة کاشفة فتنکشف حینئذٍ عن الزوجیة حال الحیاة إلا أنها تخالف القواعد فی الحکم بتوقف المیراث علی یمینها النافی للتهمة عنها من أن إجازتها إنما کان رغبة فی التزویج لا رغبة فی المیراث و کان بمقتضی القواعد لزوم المیراث بمجرد الإجازة و لکن لما نطقت به الروایة و کان المیراث مظنة للتهمة فکانت الإجازة کأنها غیر مقصودة للمجیز و إنما المقصود جلب المال فجعل الیمین مکملًا لها کان الحکم به متوجهاً و کان الیمین شرطاً فی تحقق المیراث کما یفهم من النص و کلام الأصحاب لا أنه مجرد إیجاب شرعی لا یتوقف علیه الحکم و بأن اختصاص الروایة بالمرأة غیر ضائر لأن الرجل محمول علیها فی الإرث للاشتراک فی تمام علة الزوجیة و کونه علی خلاف الأصل مدفوع بأن المعلوم من الإرث إنما هو لمکان الزوجیة و لا یعقل الفرق بینهما فالنص دال علی أن فوات محل النکاح هاهنا غیر ضائر و أیضاً إذا ثبتت الزوجیة لها فأولی أن تثبت له للزوم المهر علیه و کذا الیمین لمکان التهمة کان موجباً لاشتراکهما فیه و لا فرق فی تحقق التهمة بین کون نصف المهر الذی یلزمه بالاجازة أقل مما یرثه أو أکثر أو مساویاً لتحقق التهمة بالرغبة فی أعیان الترکة فإن مات المجیز بعد الإجازة و قبل الیمین احتمل ثبوت المیراث له لمکان الزوجیة و احتمل عدمه لتوقف تمام الزوجیة علیه لأن تمام الزوجیة الکائن بالإجازة إنما هو حیث لا تهمة فیها و احتمل الفرق بین الامرأة فلا میراث للنص و بین الرجل فیرث لمکان القاعدة و لو جن أو أغمی علیه قبل الإجازة عزل نصیبه من العین إن أمکن و إلا فمن المثل و القیمة إلی أن یضیق مع احتمال جواز دفع المال إلی الوارث الآخر سیما مع الضرر علی الوارث أو المال لأن استحقاقه الآن غیر معلوم و الاصل عدمه نعم یضمن للمجنون ماله عند الإفاقة إذا حلف بعد الإجازة و احتمال الفرق بین ما یرجی برئه قبول حصول الضرر و بین ما لا یرجی برئه و لو أجاز و نکل عن الیمین فلا میراث و فی لزوم المهر للزوج أخذاً بإقراره و إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و لأن الیمین لمکان التهمة و لا تهمة هاهنا و لأن النص خاص بالمرأة دون الرجل و عدمه لمنع کون الإجازة

ص: 41

إقراراً بالزوجیة و لمنع حصول الزوجیة بالإجازة فقط مع التهمة لأنها جزء السبب وجهان و الأول أظهر و علیه ففی میراثه من نفس المهر لأنه تابع للزوجیة و لأن الإجازة إن کانت حقاً فالنصف له و إن کانت باطلة فالکل له و لأن إقراره بالزوجیة بعد موت الآخر بمنزلة إقراره بما زاد عما یرثه و أما ما یرثه فالإجازة مثبتة له فلا یؤاخذ به و عدمه لتوقف المیراث علی الیمین و لأن غایة ما یثبته الاقرار هی الزوجیة من طرفه و هی لا تستلزم الإرث و الاول هو الأقوی و الأظهر انسحاب الحکم للمجنونین و فی انسحابه للکبیرین البالغین الرشیدین إذا زوجهما الفضولیان وجهان من أن الإجازة سبب فی الزوجیة لا نفتقر إلی شی ء آخر و النص خاص بالصغیر و من الاشتراک فی الفضولیة و منع کون الإجازة مع التهمة سبباً تامّاً فی الزوجیة من دون یمین و قیل بالبطلان لأن الإرث بالإجازة مع الیمین بعد موت الآخر خلاف الأصل لفوات محل النکاح لأنه بمنزلة القبول فیقتصر فیه علی محل الیقین و هو ضعیف لمنع کون الإجازة کالقبول و منع فوات المحل بعد البناء علی أن الإجازة کاشفة و الأوجه صحة الإجازة و ثبوت المیراث من دون یمین و لو انتفت التهمة بالمیراث عیناً أو قیمة لقرائن حالیة أو مقالیة سقط الیمین لعدم کونه تعبدی کما یظهر من النص و الفتوی و یثبت الإرث لمکان الإجازة الواقعة فی محلها و احتمال عدم الإرث لخروج الإرث عن القاعدة فیقتصر فیه علی مورد النص و هو وقوع الیمین بعده مع التهمة بعید جداً و لو زوج أحد الصغیرین الولی و الآخر الفضولی فمات من عقد له الولی قبل بلوغ الآخر أو بعد بلوغه قبل إجازته فبلغ الآخر و أجاز ففی توریثه بمجرد الإجازة أو توقفه علی الیمین أو البطلان وجوه تقدم مدرکها أقواها الصحة و التوریث من دون افتقار للیمین و کذا لو کانا بالغبن فزوج أحدهما الفضولی و الآخر باشر العقد بنفسه أو کان صغیر و بالغ فتولی عقد الصغیر الولی و عقد البالغ الفضولی و الأظهر فی الجمیع صحة الإجازة و ثبوت التوارث لا البطلان کما تخیله جماعة و کل من عقد مباشرة مع فضولی لزم من طرفه فلا یجوز له تزویج أختها و لا الخامسة و لا أمها و لا بنتها و إن کانت امرأة لم یحل لها نکاح غیره کل ذلک لتلبسه بعقد یحرم معه العقد علی من ذکر ذکر فإذا فسخ جاز

ص: 42

الجمیع إلا علی وجه و هو أن الفسخ من حینه لا من أصله فتحرم أم المعقود علیها و هو بعید و هل یجب علی من عقد علیه فضولًا الإجازة فوراً وجهان و الظاهر أنه لو أدی التأخیر إلی الضرر جبره الحاکم علی أحد الأمرین إما الإجازة و إما الفسخ و لو طلق من عقد علی امرأة فضولًا ففی صحة الطلاق قبل العلم بالتزویج لجهالة الزوجیة من دون الإجازة و یشک فی صحة وقوع الطلاق علی غیر التزویج المعلوم و لانه إنما یترتب علی عقد لازم و الفضولی غیر لازم لتوقفه علی الإجازة فعلی ذلک فالطلاق لا یبیح المصاهرة لعدم تاثیره شیئاً و یحتمل أنه مؤثر للفسخ فیکون من قبیل الفسخ قبل اللزوم لا من قبیل الطلاق الواقع بعد النکاح التام فعلی ذلک یفید جواز المصاهرة مطلقاً سواء تعقبته الإجازة أم لا و یحتمل بقاءه موقوفاً فان تعقبته الإجازة جازت المصاهرة فی ما عدا اللام و إلا جازت مطلقاً بناءً علی أن عدم الإجازة فسخ من اصله کما هو الحق و لو طلق الفضولی کان طلاقه إجازة و طلاق کما یشیر إلیه الخبر الوارد فی مولی أمر عبده بطلاق زوجته التی قد تزوجها من دون إذنه حیث أن الإمام (علیه السلام) حکم علیه ببقاء الزوجیة و حینئذٍ فتحرم الأم علی الفضولی بالمصاهرة مطلقاً و لو أقدم الأصیل فتزوج بالخامسة أو الأخت فعل حراما فلو رد الفضولی ففی صحة عقده وجهان و ظاهر الأصحاب بطلان العقد قبل أن یتبین الرد.

خامس عشرها: إذا أذن المولی لعبده فی التزویج فإن قال له فلا مهر علی و لا نفقة لم یلتزم

فإن تزوج و الحال هذه کان المهر و النفقة علی العبد إما بأن یکون مشغول الذمة بهما حین العقد و لکن التأدیة متأخرة إلی ما بعد العتق لو فرض وقوعه فلو مات قبل العتق لم یلزمه شی ء و أمّا بأن تشتغل ذمته بعد العتق فقبله لا شغل و إنما الخطاب بینهما یکون تعلیقاً فعلی الأول یصح ضمانه و وفاءه تبرعاً أو من سهم الغارمین و علی الثانی لا یصح لعدم تحقق کونه دیناً و علی کل حال فللمرأة الخیار مع الجهل و إن قال له و علی المهر و النفقة التزم لا لأنه ضمان ما لم یجب بل لأنه من قبیل الإذن و التوکیل فی الافتراض لنفسه فیلتزم به إذ لا مال للعبد و لا یقدر علی شی ء و إن أذن له فی التزویج مطلقاً احتمل أنه کذلک لأن الإذن فی الشی ء إذن فی لوازمه و المهر و النفقة من

ص: 43

لوازمه و لأن الإذن فی التزویج بمنزلة تولیة بنفسه و مع تولیه یلتزم به کما یؤذن به الخبر الآتی إن شاء الله تعالی و لأن ما یلزمه العبد فیما أذن لازم للمولی کما إذا أذن له فی الإحرام و نحوه و لأن العبد لا یقدر علی شی ء فإذنه بالشی ء من دون الإذن بلوازمه یؤدی إلی اللغو و حینئذٍ فیلتزم به المولی من غیر فرق بین أمواله من کسب العبد أو رقبة أو غیرهما و یحتمل التزام المولی بهما من کسب العبد للأصل و لأنه المتیقن و لأن العبد المکتسب لا یزید علی الحر المکتسب حیث أن لا یکلف وراء الکسب شی ء فإن لم یکن مکتسبا احتمل سقوطه عن المولی للأصل و عن العبد لأنه لا یقدر علی شی ء و یکون الخیار للمرأة مع الجهل و احتمل تعلقهما برقبته لأن الوطء کالجنایة فی إیجاب المهر و النفقة و یحتمل أنه إذا کان ماذوناً فی التجارة إن یتعلقا بما فی یده منها لأن إذنه فی النکاح حینئذٍ بمنزلة الإذن یدفعهما مما فی یده و الأظهر تعلقهما بکسبه لأن الإذن فی النکاح لا یستلزم تعلق لازمة بالذمة و إنما یستلزم الإذن فی لازمه و هو الکسب للمهر و النفقة فإن لم یکن کسوباً تعلقاً بذمته حین العقد و یجب علیه الأداء بعد العتق أو إنه لا یتعلق بذمته شی ء إلا بعد العتق و للمرأة الخیار فإن رضیت کانت بمنزلة زوجة لا مهر لها و لا تستحق نفقة علی زوجها و لیس ذلک بعزیز و یحتمل تعلق المهر برقبته و النفقة بکسبه لما یشعر به الخبر عن أبی الحسن (علیه السلام) فی رجل زوج مملوکاً له من امرأة حرة علی مائة درهم ثمّ إنه باعه قبل أن یدخل علیها فقال یعطیها سیده من ثمنه نصف ما فرض لها إنما هو بمنزلة دین لو کان استئذانه بإذن سیده ثمّ إن المولی إن أطلق له الإذن فی الزوجة و المهر اقتضی الإطلاق تزویج من شاء بأی مهر إلا أنه لا یتجاوز مهر المثل لانصراف الإطلاق إلیه و لو عمم جاز له أی مهر کان مع احتمال جعله کالمطلق أو اختصاصه بما لا یضر بحال المولی و قد شکل أیضاً العمل بإطلاق الزوجة من حیث تفاوت الأزواج فی مهر المثل شرفاً و ضعة فربما یتزوج شریفة تستغرق جمیع مال المولی فالأولی البیان أو اقتصار العبد علی القدر المعتاد بالنسبة إلی حاله و إلی حال العبد و لو تجاوز العبد مهر المثل صح العقد و ثبت مهر المثل فی ذمة المولی أو کسب العبد و ثبت الباقی فی ذمة العبد یتبع به بعد العتق و لیس مهر المثل هاهنا مقید للإذن فی التزویج کی

ص: 44

یکون العقد فضولیاً کما نقوله فی البیع لأن المهر لیس من مقدمات عقد التزویج لصحته مع عدمه و فساده و لأن الزائد لا یلتزم به المولی کی یفهم التقید به نعم لو نهاه عن غیره لکان فضولیاً لمکان النهی و یحتمل هنا وقوف العقد علی إجازة المولی و یحتمل وقوف المهر فقط علی إجازته و علی تقدیر ثبوته فی ذمة العبد یحتمل أن للزوجة الخیار فی فسخ العقد لإقدامها علی مهر حال یمکن اداءه من المولی فإذا تبین کونه مؤجلًا فی ذمة العبد و قد لا یحصل بل و الغالب عدم حصوله کان لها الخیار جبراً لها و قد یمنع ثبوت الخیار من حیث ان الضرر جاء من قبلها لتقصیرها بجهالة حکم العبد و إن أطلق له الإذن فی المهر دون الزوجة انصرف إلی مهر المثل لأی زوجة ما لم یؤد مهر المثل إلی الضرر به مع احتمال دخول ذلک فی الإذن لإقدامه علی الضرر سیما لو وقع بلفظ العموم و یلزمه الزوجة المعینة و إلا کان فضولیاً و إن أطلق له الزوجة و عین المهر التزم بالمهر المعین و کان له أخذ أی زوجة شاء بذلک المهر و فی جواز دفعه لمن کان مهر أمثالها أدون منه وجهان و لا یبعد الجواز فإن زاد علی المعین کان الزائد فی ذمة العبد إما حالًا یؤدیه بعد العتق أو یکون فی ذمته بعد العتق و یحتمل وقوف عقد النکاح أو وقوف المهر علی إجازة المولی و علی تقدیر کونه فی ذمته احتمل ثبوت الخیار للزوجة لإقدامها علی الحلول و کونه فی ذمة المولی و قد فات فیثبت لها الخیار جبراً لها و حکم المبعض من جانب الرقیة کحکم العبد فی تزویج و میراث و حدّ وعدة و من جانب الحریة کحکم الحر و قد یغلب جانب الحریة من باب الاحتیاط فی العبادات و القضاء و صلاة الجمعة و کل ما اقتضی شغل الذمة الحکم بحریته و قد یغلب جانب الرقیة فی بعض أحکام یقضی بها اصل البراءة و فی غیرهما یأخذ کل حکمه و من ذلک عقد النکاح فلا یجوز له الاستقلال به و لا جبره علیه لحصول الشرکة بینهما و أمة المولی علیه بید ولیه فله إنکاحها مع الغبطة و لا خیار للمولی علیه بعد زوال الولایة للأصل.

سادس عشرها: یندب للمرأة أن تستأذن أباها

مطلقاً بکراً أو ثیباً و أن توکل أخاها و لو کان فیهم الأکبر استحب أن توکله و ترجع أمرها إلیه و إن کانا متساویین اختارت أیهما شاءت و الجمع بینهما أولی و لو وکلت الأخوین أو الأخوة فی التزویج

ص: 45

فزوجاها فالظاهر أنهما کغیرهما من الوکلاء فإن زوجاها دفعة بطل عقدهما معاً لاستحالة الجمع و استحالة التعین للزوم التزویج من دون مرجح و استحالة وقوع المبهم کی یفتقر إلی استخراجه بالقرعة و هل یکونان فضولیان یصح إجازة عقد أحدهما فیه وجهان و الأحوط البطلان رأسا و قیل هنا بصحة وقوع عقد أکبر الأخوین مع الاتفاق إلا أن یدخل بها الآخر و هو منسوب للشیخ (رحمه الله) فی کتابی (الأخبار) و أطلق بعضهم الصحة و لم یستثن و أطلق القاضی الحکم بعقد الأکبر و استثنی الدخول الآخر و استثنی من الدخول سبق عقد الأکبر فالظاهر إرادة الاقتران فی الأول و مستندهم فی ذلک خبر ولید بیاع الأسفاط عن أبی عبد الله (علیه السلام) أنه سئل عن جاریة لها أخوان زوجها الاکبر بالکوفة و زوجها الاصغر بأرض أخری قال: (الأول بها أولی إلا أن یکون الأخیر قد دخل بها فهی امرأته و نکاحه جائز)، و هی مع ضعف سندها و مخالفتها القواعد و فتاوی المشهور غیر دالة علی کونهما وکیلین بل فی الفضولیین أظهر و غیر دالتین علی الاقتران بل هی فی عدمه اظهر لبعد العلم بالاقتران علی تلک الحال و إن سبق أحدهما کان للسابق و تبین بطلان عقد اللاحق فإن دخل بها اللاحق فرق بینهما فإن کانا عالمین کان حملها زنا و لا عدة علیها و لا مهر و إن کانا جاهلین لزمها أن تعتد للشبهة و لا تعود إلی الأول إلا بعد انقضاء العدة و لحقها الولد و إن کانت هی العالمة دونه کانت زانیة و لا مهر لها و لحق الولد بأبیه و علیها العدة منه و إن کان هو العالم کان زانیاً و علیه المهر و علیها العدة و لحق الولد بأمه و المهر اللازم مع الجهل هو مهر المثل دون المسمی لظهور فساد العقد فلا یلزم ما سمی به و قیل هو المسمی لوقوع الرضا علیه و لخبر محمد بن قیس عن الباقر (علیه السلام) أن أمیر المؤمنین (علیه السلام) قضی فی امرأة أنکحها أخوها رجلًا ثمّ أنکحتها أمها رجلًا بعد ذلک فدخل بها فحبلت فاحتکما فیها فأقام الأول الشهود فألحقها بالأول و جعل لها الصداقین جمیعاً و منع زوجها الذی حقت له أن یدخل فیها حتی تضع حملها ثمّ ألحق الولد بأبیه و هو ضعیف لعدم التصریح فی الخبر بارادة الصداقین المسمیین و لاحتمال أن المسمی کان بقدر مهر المثل

ص: 46

فالعدول عن القواعد بمثل هذا الخبر غیر صالح و یظهر من بعضهم أن فی کون العقد للسابق مع دخول الثانی خلافاً و إنه روی أصحابنا أن العقد له و إن الأول أحوط و کأنه أشار إلی الخبر المتقدم حیث قال فیه الأول بها أولی إلا أن یکون الأخیر قد دخل بها فهی امرأته و هو ضعیف مخالف للقواعد و حمل الأول فیه علی إرادة الأکبر أولی و بالجملة فالظاهر أن الأقوال فی المقام أربعة تقدیم عقد الأکبر مع الاقتران إلا أن یدخل الأصغر و تقدیمه مطلقاً و لو مع سبق الأصغر إلا مع دخول الأصغر بشرط عدم سبق عقد الأکبر علیه و تقدیم عقد الداخل بها مطلقاً مع السبق أو الاقتران و الرجوع إلی القواعد و هو الأوجه و إن لم توکل الاخوة فعقداها فضولیین تخیرت فی إجازة من شاءت منهما قولًا أو فعلًا و إن استحب لها الإجازة عقد الأکبر و من دخلت به من المعقود علیهما فهی زوجته و بطل عقد الآخر هذا کله فی الظاهر و أما فی الواقع فإن جعلنا الدخول إجازة قهراً و إن لم ینو به بذلک أو نوی عدمه فکذلک و إلا توقف کون الدخول إجازة علی مقارنته لنیة الإجازة و لا فرق فی ذلک بین اتفاق العقدین أو اختلافهما فی الزمان کما یشعر به الخبر المتقدم لبعد الاتفاق فیه مع اختلاف البلد بل الظاهر من الأول فیه هو السابق فی العقد.

سابع عشرها: لو زوجت الأم ولدها کان عقدها فضولًا

کبیراً کان او صغیراً فإن حصلت الإجازة صح و إلا بطل و قیل أن المهر علی الأم مع عدم الإجازة من الولد الکبیر للخبر عن رجل زوجته أمه و هو غائب قال النکاح جائز إن شاء المتزوج قبل و إن شاء ترک فإن ترک المتزوج تزویجه فالمهر لازم لامه و الخبر ضعیف مخالف لأصول المذهب فطرحه أولی و حمله بعضهم علی ادعاء الوکالة و لم تثبت فإنها تضمن المهر لأنها قد فوتت البضع علی الزوجة و غرّتها بدعوی الوکالة و فیه نظر لأن البضع لا یضمن بالتفویت و لا یرجع المغرور هنا علی من غره فلا معنی للرجوع علی الأم و قد یحمل علی ما إذا ضمنت الأم المهر بعد دعوی الوکالة و لم یثبت عدمها و لکنه بعید و لو زوج الأجنبی امرأة فقال الزوج زوجک من دون إذنک فقالت بل أذنت کان القول قولها مع الیمین لأنها تدعی الصحة و قول من یدعیها مقدم و لانها توافق الظاهر

ص: 47

مع الدخول و سیما مع تصدیق العاقد لها و لأن الإذن من فعلها و لا یعلم إلا من قبلها و لا فرق فی ذلک بین القول ببطلان الفضولی و عدمه إلا أنه علی القول بالصحة یتوجه النزاع فیما إذا صدر منها بعد العقد قبل النزاع ما یدل علی کراهة الزوجیة و وقوع العقد و إلا فادعاؤها الإذن إجازة و إن ادعی الزوج إذنها ابتداء او إجازتها بعد ذلک فأنکرت فإن کان قبل الدخول فالقول قولها للأصل و لا یعارض استصحاب الموضوع أصالة الصحة و لا یثبت أصالته الصحة وقوع الشرط و إن أثبت عدم طرو المانع و لأن الحکم بالصحة أعم من وقوعه فضولًا و معه لا تثبت الإذن ابتداءً وقوعها أخیر موقوف علی تصدیق المجیز و قد نفاه و إن کان بعد الدخول فالقول قوله تقدیماً للظاهر علی الأصل و لأنه بمنزلة ذی الید سیما لو کانت الدعوی بصورة الزوجیة و عدمها و لا شک أن الدخول و التمکین دلیلان علی وقوع العقد کما تقضی بذلک السیرة.

ثامن عشرها: إذا نسی الوکیلان أو الولیان أو الأصیلان السابق من العقد أو جهلاه لزمهما إیقاف الأمر

فإن أمکن تبیانه فی زمان لا یفضی إلی التعطیل و الضرر فی الزوجة أنتظر ذلک الزمان و إلا أقرع و استخرج الزوج بالقرعة و الأحوط فی الفروج أن یأمر من خرجت القرعة له بتحدید النکاح و من لم تخرج له بالطلاق و ربما کان ذلک علی سبیل الوجوب و الالزام من الحاکم لمکان لزوم الاحتیاط فی الفروج و یحتمل إجبار الحاکم لهما معاً علی الإطلاق و یقوم جبر الحاکم مقام الاختیار لأنه جبر بحق لقوله تعالی: (فَإِمْسٰاکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسٰانٍ) و یحتمل قیام فسخ الحاکم مقام إجبارهما و یحتمل قیامه مقامه عند عدم إمکان إجبارهما و ربما أحتمل الرجوع إلی اختیارها إذا حصل فسخ أو طلاق من أحدهما و لا یفتقر إلی تجدید نکاح لتصادقهما علی الزوجیة و لیس إلا مانعیة احتمال کونها زوجة لآخر و قد انتفی بالفسخ و هو ضعیف و هل تلزمهما النفقة لأنها محبوسة علیهما ممکنة لهما لو لا المانع الشرعی أو لا تلزمهما للأصل و لعدم علم کل واحد منهما بالزوجیة و النفقة تابعة لها سیما لو دخل الشک بالاقتران مع الشک فی السبق فإن أصل الزوجیة یکون مشکوکاً به فینتفی بالأصل علی الأول

ص: 48

فهل یجب علیهما النفقة توزیعاً لاستواء کل منهما بالشبهة أو یجب کفایة لدوران الأمر بینهما و علیهما فلو ظهرت زوجة أحدهما معیناً فهل یعود علیه الآخر بما غرمه أم لا وجوه ضعیفة مبنیة علی أصل ضعیف و الأول هو الأقوی و لو امتنعا من الطلاق احتمل جواز حبسهما علیه لأنه حق علیهما فللحاکم الحبس حتی یؤدیاه و احتمل جواز تولی الحاکم الفسخ بنفسه و احتمل أنهما فی مرتبة واحدة و احتمل جواز فسخ المرأة بنفسها حملًا علی فسخها بالعیب لجامع دفع الضرر و الضرار و عند حصول الفسخ ففی لزوم نصف المهر لأنه کالطلاق قبل الدخول و للأصل بعد ثبوته أو عدمه للأصل و لشبهة بفسخ العیب و للزوم تغریم غیر المستحق لو أخذ من کل منهما أو أحدهما بعینه وجهان و الأخیر أجود و علی الأول فالأوجه استخراجه بالقرعة لو لم یستخرج أصل الزوجیة بها و قد یقال فی أصل الحکم إن الشک فی السبق و اللحوق إن دخل معهما الشک فی الاقتران حکم بالبطلان لأصالة عدم الزوجیة و لأصالة تأخر کل منهما عن الآخر فیحکم باقترانهما و هو ضعیف لأن الاقتران خلاف الأصل أیضاً و خلاف الظاهر لندرته و یحتمل الرجوع هنا و فی الشک فی السابق مع القطع بعدم الاقتران إلی معلوم التأریخ فیحکم بوقوعه و یحکم بتأخر المجهول عنه و بفساده و لو ادعی کل منهما السبق و علمها به و لا بینة فإن أنکرت العلم حلفت علی نفیه و سقطت دعواهما عنها و الظاهر أن علیها لکل واحد منهما یمین غیر الآخر و لیس لها أن تحلف لهما یمیناً واحدة إلا مع رضاهما و یبقی التداعی بینهما فإما أن یحلفا أو ینکلا معاً أو یختلفا فلکل حکم و لو أنکرت السبق و ادعت الاقتران احتمل أن القول قولها لرجوعه لإنکار الزوجیة فتحلف و یثبت الاقتران و یحکم بفساد العقد و یحتمل تقدیم قولهما لادعائهما الصحة و مدعیه مقدم و لموافقتهما الظاهر لنذور وقوع الاقتران و إن نکلت عن الیمین لو توجهت علیها عند نفی السبق ردت علیهما فإن حلف کل منهما علی سبقه علی الآخر أو نکلا بطل النکاحان معاً و یحتمل رجوعه إلی الشک فی السبق و الاقتران و هو الأظهر و إن حلف أحدهما و نکل الآخر حکم للحالف بصحة نکاحه بعد أن یحلف علی عدم الاقتران و عدم سبق الآخر و إن اعترفت لهما معاً بالسبق احتمل الحکم بفساد العقد

ص: 49

و احتمل الزامها بجواب مسموع لأنها أجابت بما لا یمکن و احتمل رجوعه إلی الشک فی السبق و الاقتران و لو اعترفت لأحدهما ثبت نکاحه لتصادقهما علی الزوجیة فلم یلتفت إلی دعوی الآخر و لأنه بمنزلة عین فی ید ثالث تداعیا علیها فاعترف ذو الید لأحدهما و الأظهر أن الخصم هو الزوج الآخر و لا یسمع إقرارها فی حقه فیبقی التداعی بین الرجلین و الفرق بین هذا و بین من ادعی زوجیة امرأة قد تصادقت معه علی الزوجیة أن الدعوی هناک قد سبقت الإقرار هنا قد سبقها الإقرار و هل علیها أن تحلف للآخر للزوم غرمها لمهر المثل للثانی لو اعترفت له بعد اعترافها للأول لتفویتها البضع علیه فلو نکلت و حلف غرمها المهر أیضاً أو لا یجب لعدم الفائدة لأن المهر لا یضمن بالتفویت وجهان و فی الأول قوة و مثل ذلک ما لو ادعی زوجیتها اثنان فاعترفت لأحدهما ثمّ اعترفت للآخر و ما قیل من أن النکاح لما ثبت باعترافها لم تسمع دعوی الثانی بوجه و کان إقرارها إقرار فی حق الغیر مدفوع بأن سماع دعوی الثانی لیس لإثبات الزوجیة بل لا ثبات مهر المثل فی ذمتها و هی دعوی تغایر الدعوی الأولی الدعوی الأولی فتکون مسموعة و علی تقدیر حلفها فلها أن تحلف علی البت و لها أن تحلف علی نفی العلم فإن نکلت عنهما حلف الآخر فإن قلنا أن الیمین مع النکول بمنزلة البینة انتزع الامرأة من الأول و إن جعلنا بمنزلة الاقرار ثبت نکاح الأول لأنه لم یعارض الإقرار إلا إقرار آخر یتعقبه فینافیه و هو غیر مسموع و کان علیها المهر فقط مع احتمال أن الیمین لو جعلنا بمنزلة البینة فلا یفید لزوم انتزاعها من لثانی لأنه کالبینة فی إثبات المهر له لا لإثبات الزوجیة فإنها حق الغیر فلا ینتقل إلیه بنکولها و لا ینفع تبعیة المهر للزوجیة و هذا أقوی

القول فی أسباب التحریم

اشارة

و جعل النسب من أسباب التحریم توسعاً لأنه لیس من الطوارئ بل من الأمور الأصلیة و التحریم أما مؤبداً أم لا و المؤبد إما نسب أو سبب و السبب إما رضاع أو غیره فهنا أمور.

[أحدها: من یحرم بالنسب مؤبداً]

أحدها: یحرم بالنسب مؤبداً بإجماع المسلمین.

الأم: و إن علت و هی من انتهی إلیها نسبک بالولادة بغیر واسطة أو بواسطة الأب أو الأم أو أم الأب أو أب الأم فما فوق.

ص: 50

و البنت: و هی من ینتهی إلیک نسبها بغیر واسطة أو بواسطة الابن أو البنت فما تزل و الأخت لأب أو لأم أولهما و من انتهی نسبه إلیها بغیر واسطة أو بوسائط لذکر أو أنثی و إن نزلوا أو نزلن.

و بنات الأخ: لأب أو لأم لهما و من انتهی إلیه بغیر واسطة أو بوسائط لذکور أو أنثی و إن نزلوا أو نزلن.

و العمة: لأب أو لأم أو لهما و إن علت کعمة الأب أو الأم أو الجد أو الجدة و لا تدخل فی ذلک عمة العمة لأنها قد تحل.

و الخالة: لأب أو لأم أو لهما و إن علت کخالة الأب أو الأم و الجد و الجدة و لا تدخل خالة الخالة لأنها قد تحل و لا یحرم أولاد الأعمام و الأخوال و قد یعبر عن الجمیع بأنه یحرم کل قریب سوی أولاد الأعمام و الأخوال و قد یعبر عنه بأنه یحرم علی الرجل أصوله و فروعه و فروع أول أصوله و یراد بأول أصول الآباء حیث یکون الابتداء بهم إلی ما فوق فتدخل الأخوات و بناتهن و إن سلفن و أول فرع من کل أصل فتدخل فیه العمات و الخالات و الأخوات و لو أرید خروج الأخوات لقیل من کل أصل بعد الأصل الأول و قد یدل علی جمیع ذلک الکتاب بناء علی استعمال اللفظ فی عموم المجاز بقرینة استدلال الفقهاء و المفسرین و کون الکتاب موضوعاً لبیان القوانین الشرعیة و ربما یدعی أن ذلک مجاز مشهود و یحرم علی الامرأة کما یحرم علی الرجل و الضابط أنه یحرم علیها کل من لو کانت رجلًا و کان امرأة لحرمت علیه کالأب و الولد و إن تباعدا و الأخ و أولاده و إن نزلوا و أولاد الأخت و إن نزلوا و العم و الخال.

و لا یثبت النسب إلا بالعقد الصحیح و الشبهة الملحقة به إجماعاً و لا یثبت للزانی نسب یقضی بحق من رحمیة أو عقوق أو صلة أو قطعیة أو سیادة أو شرف و الظاهر أنه إجماعی فیحرم نظر الأب لبنته و الاخ لاخته من الزنا لعموم تحریم النظر مع الشک فی شمول دلیل التحلیل و کذا الابن لأمه و لا ینعتق علی ابن الزنا أصوله و فروعه لو

ملکهم و تقبل شهادته علی أبیه لو قلنا بقبول شهادته مطلقاً و یقاد أبوه أبیه لو أجرینا علیه أحکام الإیمان و لا تحرم حلیلته علی أبیه و لا حلیلة أبیه علیه و لا یرث لأبیه و لا

ص: 51

یرثه أبوه و لا یحرم الجمع بین الاختین منه و لا بین البنت و أمها و یحبس أبوه فی دینه و هکذا نعم ظاهر فتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب تحریم ولد الزنا علی أمه و الأب الزانی علی بنته و عللوه بصدق الولد عرفاً لأنه من الولادة و صدق الأم کذلک و الاصل عدم النقل و بالاحتیاط فی الفروج و مقتضی التعلیل سریانه للجمیع فینبغی إجراء أحکام العقد الصحیح علیه إلا ما خرج بإجماع أو دلیل آخر کالمیراث و شبهه و سیما لو تعلق الأمر بالفروج أو الدماء للزوم الاحتیاط فیهن فینبغی إجراء أحکام ما یقتضیه الاحتیاط من الحکم بثبوت أحکام النسب مرة و بنفیه أخری و لو ولدت المطلقة لأقل من ستة أشهر من حین الطلاق کان الولد للأول و لو ولدت لأکثر من ذلک من حین وطء الثانی کان الولد له لأصالة تاخر الحادث سواء کان الثانی زوجا أو واطئا وطئ الشبهة و سواء مضی للاول من وطئه اکثر من اقصی مدة الحمل ام لا ولد ولدت لاقل من ستة اشهر من وطء الثانی لاکثر من اقصی مدة الحمل من وطء الأول انتفی عنهما و لو کان لستة اشهر من وطء الثانی و لأکثر من اقصی مدة الحمل من وطء الأول فصاعدا من وطء الثانی و لاقل من اقصی مدة الحمل أو أقصاها من وطء الأول کان الولد للثانی لأصالة التأخر و لأن الولد للفراش و للأخبار و قیل بالرجوع إلی القرعة لإمکانه منهما و إشکال الأمر و هی لکل أمر مشکل ربما ظهر نقل الإجماع علیه و هو غیر بعید فیما إذا کان کل منهما فراش بالفعل بحیث لم ینتف فراش الأول بطلاق و شبهه و هو غیر مفروض المسألة و اللبن تابع للولد فمن لحق به فالولد له و لو انتفی الولد باللعان انتفی اللبن بانتفائه عن الملاعن و لو أقر به بعد ذلک عاد اللبن لبنه و ان لم یرث الملاعن الولد و هل تجری علیه بعد الإقرار أحکام الولد من عتق و شهادة وقود- القود بتحریک القصاص و فی الحدث للذکور شهادة النساء فی القود القصاص- وجهان و لا یبعد إجراؤها فیکون منعه من الإرث عقوبة له.

ثانیها: مما یحرم بالنسب الرضاع و فیه أمور.

أحدها: مما یحرم بالرضاع ما یحرم بالنسب بالإجماع

بل بضرورة المسلمین و فی الصحیح یحرم من الرضاع ما یحرم من القرابة و فی آخر ما یحرم من النسب و فی آخر لا

ص: 52

یصلح للمرأة أن ینکحها عمها و لا خالها من الرضاعة و فی آخر امرأة أرضعت غلاماً مملوکاً لها من لبنها حتی فطمته هل لها أن تبیعه قال لا هو ابنها من الرضاعة حرم علیها بیعه و أکل ثمنه و فی آخر امرأة أرضعت ابن جاریتها قال نعتقه و فی آخر لا یملک أمه من الرضاعة و لا أخته و لا عمته و لا خالته فإنهن إذا ملکن عتقن و قال کل ما یحرم من النسب فإنه یحرم من الرضاع و فی آخر أرضعت أمی جاریة بلبنی قال هی أختک من الرضاعة و فی آخر رجل فجر بامرأة أ یتزوج أمها من الرضاعة أو ابنتها قال لا و فی آخر فی تعداد المحرمات و لا أمتک و هی عمتک من الرضاعة و لا أمتک و هی خالتک من الرضاعة و فی آخر أمتک و هی عمتک من الرضاعة و أمتک و هی خالتک من الرضاعة و فی آخر مثله و فی آخر أ یحل لی أن أتزوج الجاریة التی أرضعتها امرأة أخی قال لا إنه یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب إلی غیر ذلک من الأخبار المتکاثرة بل المتواترة معنی و سیأتی إن شاء الله تعالی جملة منها فی المباحث الآتیة و ظاهر جملة منها أن کل ما صدق علیه اسم من الاسماء من جهة الرضاع و کان یصدق علیه من الاسماء المحرمة فی النسب فهو حرام فلو فرضنا أن الرضاع لا یؤثر صدق الاسم کالعمة و الخالة لم یکونا داخلین تخت قوله من یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و إن ورد بهما نص آخر بالخصوص و لا یمکن أن یکون قوله (علیه السلام) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب مثبتاً لصدق تلک العنوانات النسبیة علی الأفراد الرضاعیة لبعد ذلک عن معنی الروایة نعم لو ثبت صحة حدیث أن للرضاع لحمة کلحمة النسب کان مثبتاً للاسم عرفاً علی وجه الکشف أو شرعاً فیمکن إثبات أن مرضعة الأب أو الأم جدة و إن من رضعت مع الأب أو الأم عمة أو خالة و نحو ذلک من ذلک الحدیث و علی کل حال فالظاهر من تلک الأخبار عموم التحریم فی الرضاع لکل حرام ثبت فی النسب من تزویج أو ملک لقرابة أو قبول شهادة علی الأب أو قود بالابن أو غیر ذلک و یدل علی ذلک مضافاً إلی ظاهر العموم أو الإطلاق ما ورد فی الأخبار المتقدمة من الاستدلال به علی انعتاق القریب و ورد أکثرها فی النکاح لا یقضی باختصاص الحکم به لأن خصوصیة المورد لا تخصص الوارد إلا أن ظاهر الأصحاب عدم الأخذ بعموم تلک

ص: 53

الأخبار و ظاهرهم الاقتصار علی النکاح و شبهه مما هو من الأفراد الظاهرة فی التشبیه أو المتیقن منها فاللازم اتباعهم فی ذلک و عدم التخطی عما هنالک و الظاهر أیضاً منها تعلیق الحکم علی مسمی الرضاع عرفاً و لغة لعدم ثبوت الحقیقة الشرعیة له و لعدم إجماله فی العرف و حینئذٍ فما وقع الشک فی تأثیره یحکم به مع صدق اسمه و ما شک فی شرطیة شی ء له بنفی بالأصل إلا أن یدعی أن ذلک العموم أو الإطلاق باعتبار کثرة تخصیصه أو تقیده و کثرة شرائطه و موانعه و إعراض الأصحاب عن الاستناد إلی عمومه غالباً مما یوهن عمومه أو إطلاقه فیعود مجملًا أو کالمجمل و لکنه محل نظر و تأمل.

ثانیها: ظاهر الفتاوی و النصوص الدالة علی تنزیل الرضاع منزلة النسب أن المراد بالأم الرضاعیة لیس خصوص المرضعة

کما صرحت به الآیة بل المراد منها هی کل امرأة أرضعتک أو ولدت مرضعتک أو ولدت من ولدها أو أرضعتها أو أرضعت من ولدها أو ولدت من أرضعها و لو بوسائط و کذا کل امرأة ولدت أباک من الرضاعة أو أرضعته أو أرضعت من ولده أو ولدت من أرضعه و لو بوسائط و بالجملة فهی کل أنثی أرضعتک أو رجع نسبها أو نسب الفحل إلیها أو أرضعت من یرجع نسبک إلیه و المراد بالبنت الرضاعیة هی کل بنت رضعت بلبنک أو بنی من ولدته و إن سفل أو أرضعتها امرأة ولدتها و إن سفلت و کذلک بناتها من النسب و الرضاع و المراد بالاخت فیه کل امرأة أرضعتها أمک أو رضعت بلبن أبیک أو ولدتها مرضعتک أو الفحل أو رضعت بلبنهما و المراد بالعمة و الخالة فیه هن أخوات الفحل و المرضعة أو أخوات من ولدهما فی نسب أو رضاع و کل امرأة أرضعتها واحدة من جداتک أو رضعت بلبن واحدة من أجدادک لنسب کانت الجدودة أو رضاع و بنات الأخ و بنات الاخت فیه هی بنات أولاد المرضعة أو الفحل نسباً و رضاعاً و کذا کل أنثی أرضعتها أختک أو بناتها أو بنات أولادها من النسب أو الرضاع و بنات کلّ ذکر أرضعته أمّک أو رضع بلبن أخیک و بنات أولاده من النسب أو الرضاع.

ثالثها: یشترط فی الرضاع المحرم أمور

اشارة

منها ما یقوم ماهیته و منها ما یکون من الشرائط الخارجیة فالکلام فی مواضع.

ص: 54

أحدها: یشترط فی الرضاع المحرم کون المرضعة امراة

فلا عبرة برضاع البهیمة لو ارتضع منها اثنان و لا بالرجل و إن درّ کما قد ینقل و لا الخنثی للأصل و یشترط کونها حیة لانصراف الإطلاق إلیها و لعدم صدق أنها أرضعته عرفاً و للإجماع المنقول علی ذلک فلو رضعته حیة ثمّ کمل العدد بعد الموت لم یعتد به و لو کانت التکملة یسیرة و لو جرعه و الأحوط التجنب و الظاهر وقوع الاتفاق علی عدم اشتراط القصد فی الرضاع فلو ارتضع الصبی من مجنونة أو نائمة أو غافلة أو ناسیة أو مکرهة حصل الرضاع المحرم و إن کان الظاهر من لفظ أرضعنکم أو أرضعته هو الرضاع مع العمد و لکن ما ورد بلفظ أرضع لا یقید إطلاقات الرضاع الباقیة و یشترط کون اللبن عن وطء فلو درّ لنفسه لم ینشر حرمة للأصل و لعدم انصراف المطلقات إلیه و للإجماع المنقول و الشهرة المحصلة من غیر عثور علی مخالف و للنص قال سألته عن امرأة در لبنها من غیر ولادة فارضعت ذکراناً و إناثاً أ یحرم من ذلک مما یحرم من الرضاع فقال لی لا و فی آخر عن امرأة در لبنها من غیر ولادة فأرضعت جاریة و غلاماً من ذلک اللبن هل یحرم بذلک اللبن ما یحرم من الرضاع قال لا و فی سند آخر مثله و یشترط کون الوطء محللًا بالاصل کما إذا کان عن عقد أو ملک یمین أو تحلیل و إن حرم بالعارض لحیض أو إحرام أو یمین فلو کان عن زنا لم ینشر حرمة للأصل و لعدم انصراف الإطلاق إلیه و لعدم الاعتداد به شرعاً فیکون بمنزلة العدم و للاتفاق الممکن و خلاف ابن الجنید ضعیف و نسبه القول به إلی الشیخ و العلامة لم یثبت و للخبر عن لبن الفحل فقال هو ما أرضعت امرأتک من لبنک و لبن ولدک ولد امرأة أخری فهو حرام و فی آخر عن قول رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب فقال کل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخری من جاریة أو غلام و أما لو کان من شبهة ففی حصول النشر به وجهان من أجراء وطء الشبهة مجری الصحیح فی احکام الولادة و العدة و النسب و نحوها و لشمول العمومات و الإطلاقات له و لحصول النسب به و الرضاع تابع للنسب و لفتوی المشهور نقلًا و تحصیلًا و من الأصل و ظاهر قوله فی الروایة الأولی ما أرضعت امرأتک و فی الأخری من لبن فحلها فإن الظاهر من الامرأة

ص: 55

و الفحل هما الزوجان بالعقد الصحیح و أول الوجهین هو الأقوی و لو کانت الشبهة فی أحد الطرفین دون الآخر کان لبن کل منهما تابع له مع احتمال تغلیب جانب الشبهة و فی اشتراط الولادة فی حصول النشر لظاهر الخبر المتقدم فیمن درّ لبنها من غیر ولادة و للإجماع المنقول و الظاهر أنه هو المشهور أو عدمه للعمومات و لاحتمال أن یراد بالولادة الاستعداد لها بعلاقة الأول و هو مجاز مشهور وجهان أقواهما الأول و لا یشترط کون النسب مملوکاً للمرضعة أو المرتضع فلو أرضعت المملوکة غلاماً من دون إذن المالک حصل النشر به و کذا لو أرضعت المستاجرة غیر المستأجر له أو أرضعت الزوجة من غیر إذن الزوج کل ذلک لإطلاق الأدلة أو عمومها و لو طلق الزوج امرأته و هی حامل منه أو بعد أن ولدت علی القولین فأرضعت غلاماً أو جاریة حصل النشر و لا یمنع الطلاق منه سواء کانت فی العدة أو خرجت منها طال الزمان أو قصر انقطع اللبن فما دام لم ینقطع نعم لو انقطع انقطاعاً یعلم أو یظن عادة من الأمارات أنه لم تبق له مادة یستند إلیها أصلًا فعاد کان الثانی داراً لا حکم له کما لو در ابتداءً و لو تزوجت المطلقة بعد انقضاء العدة بغیره أو وطئت وطی شبهة فإن لم تحمل من الثانی و لم تلد کان اللبن للأول للاستصحاب و کذا لو حملت منه و لم ینقطع الأول فإن زاد أم لا إذ لا اعتبار بالزیادة و إن حملت منه انقطع الأول فعاد فی زمن حمل الثانی بحیث یظهر أنه منه کما إذا حدث بعد مضی أربعین یوماً من حملها الثانی بعد أن انقطع انقطاعاً بیناً من الأول ففی کونه من الأول استصحابا لمادته أو للثانی لمکان الظهور و لان الاستصحاب المذکور یکون مثبتا للمتجدد انه منه و فی حجیة الاستصحاب المثبت کلام وجهان و الأخیر أقوی أما لو لم ینقطع انقطاعاً بیناً و لم یمضی من حمل الثانی أربعین یوماً فکونه من الأول أقوی و قد یقال انهما مشترکان فیه و علی الاشتراک فلا یکون مثبتاً لنشر الحرمة لأن الاظهر اشتراط اتحاد الفحل فی اللبن مع احتمال حصول النشر به لأن المراد باشتراط اتحاد لبن الفحل هو کون المرتضعین لا یرتضعان إلا من لبن فحل واحد لا ما ذکرناه من عدم الاشتراک فی اللبن أما لو رضعت من الثانی کان اللبن للثانی لمکان الظهور المحکم علی الأصل لو حکمناه و للإجماع نقلًا بل تحصیلًا

ص: 56

و یترتب علی کونه للأول أو الثانی ثمرات اللبن من الزنا و غیره من نشر الحرمة بالنسبة إلیهما.

ثانیها: یشترط فی اللبن وصول عینه مع بقاء اسمه عرفاً من الثدی

دون غیره و لو خرج من محال البدن و لا یتفاوت بین کون المص بآلة أو بدونها و فی اشتراط کون الثدی فی المحل المعتاد وجه واصلًا إلی معدة الصبی الحی بعد وصوله إلی فمه سواء وصل بسرعة أو بطء و أن یکون علی نحو المص لا الخریر کل ذلک للأصل و للإجماع المنقول علی جملة منها و لفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و لانصراف الإطلاقات إلی النحو المعهود فی الرضاع و هو ذکرناه فلو امتزج اللبن بغیره بحیث خرج عن اسمه عرفاً کما إذا وضع بفم الصبی شیئاً یقضی بذلک أو وُجر اللبن بفم الصبی و جوراً بإناء أو وضع فی فمه من الثدی وضعاً بضعف او بقوة أو وصل إلی جوفه بحقنة أو بسعوط أو تقطیر أو تعتب أو جبن له فأکله أو امتزج بما یخرجه عن اسمه و لو بریقه أو دخل إلی غیر المعدة أو وصل إلی معدة المیت أو شرب من غیر ثدی أو ثدی فی غیر المحل المعتاد فی وجه فلا اعتبار به و ما ورد من أن و جور الصبی اللبن بمنزلة الرضاع و أفتی به أبو علی شاذ متروک و لا یشترط طهارة اللبن فی النشر فیجوز استرضاع الکافرة و یثبت برضاعها نشر الحرمة و جواز استرضاع الکافرة مبنی علی عدم وجوب منع الولی للصبی عن أکل النجس أو علی خصوص ما ورد عن أبی عبد الله (علیه السلام) هل یصلح للرجل أن ترضع له الیهودیة و النصرانیة و المشرکة قال لا بأس و امنعوهن من شرب الخمر نعم فی بعض الأخبار المنع عن استرضاع المجوسیة و یمکن حمله علی الکراهة لقوة الروایة المجوزة لنکاح الکافرة مطلقاً المؤیدة بفتوی الأصحاب و الاصل و لکن الاحوط الاجتناب عنها و فی جملة من الأخبار منعها عن شرب الخمر و هو واجب أن اشترط علیها ذلک و مع عدم الاشتراط فیمکن وجوبه للأمر بالمعروف و یمکن عدمه لجواز إقرارهم علی دینهم فیکون الأمر به للندب فلو لم تمتنع أو لم یمنع الولی ففی جواز الإرضاع منها وجهان من أنه شرط فی جواز الاسترضاع و من أنه لأمر خارج و لا یبعد أنه شرط لجواز الاسترضاع لأن شرب المسکر یؤثر فی الحلیب و یلزم

ص: 57

الولی منع الطفل عن المسکر و فی بعض الأخبار منعها عن أکل لحم الخنزیر و کل ما لا یحل فی دیننا و الظاهر أنه محمول علی الندب للولی إلزامها به مع الشرط و لا یشترط موالاة الابتلاع للمص إلا إذا بقی فی فمه مدة کثیرة فإنه لا یخلو من إشکال.

ثالثها: یشترط فی نشر الرضاع للحرمة الکمیة
اشارة

باتفاق الإمامیة فلا یکفی المسمی و یعتبر فی المشهور التقدیر بأمور ثلاثة الأثر و هو إنبات اللحم و شد العظم و الزمان و العدد و هل الأصل الأول و الأخیران کاشفان عنه کما یلوح من الأخبار أوکل منهما أصل برأسه کما هو الظاهر من الفقهاء و بناءً منهم علی إلغاء بمفهوم الحصر و جعل کل منهما علامة مشتبهة و إلا فالروایات بالنسبة إلی الثلاثة متعارضة أو الأصل الأخیر و إنما یعتبر الأولان عند عدم الانضباط أو أن الأصل و إنما یعتبر الأخیران لاستعدادهما لذلک و إن لم یؤثرا ذلک بالفعل وجوه و علی کل تقدیر

فهنا أمور ثلاثة
أحدها: الأثر

فلا خلاف فی اعتباره نقلًا بل تحصیلًا و یدلّ علیه قوله (علیه السلام) فی الصحیح قلت ما یحرم من الرضاع قال ما أنبت اللحم و شد العظم قلت فیحرم رضعات قال لا لأنها لا تنبت اللحم و لا تشد العظم و فی آخر لا یحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم و الدم و فی آخر ما الذی یحرم من الرضاع قال ما أنبت اللحم و الدم و یراد بالدم هو الغریزی الذی ینسب إلیه الإنبات کما هو الظاهر لا المستحیل من الغذاء فی الکبد قبل انتشاره للأعضاء و فی آخر عن الرضاع ما أدنی ما یحرم منه قال ما أنبت اللحم و الدم و فی آخر لا یحرم من الرضاع إلا ما شد العظم و أنبت اللحم إلی غیر ذلک من الأخبار و ظاهرها توقف الرضاع المحرم علیهما معاً و ما دل علی خصوص الاعتبار بنبات اللحم محمول علی ما دل علی لزوم الجمع جمعاً الأدلة بین إما من باب حمل المطلق علی المقید أو من باب تعارض مفهوم الحصرین و ما دل علی الجمع أقوی فلا یکفی أحدها کما نسب إلی الشهید (رحمه الله) القول به هذا إن قلنا بجواز انفکاک أحدهما عن الآخر و إن قلنا بعدمه کما هو الظاهر کفی ظهور أحدهما عن ظهور الآخر لمکان التلازم بینهما حینئذٍ و قد یقال بکفایة اشتداد العظم عن نبات اللحم لترتبه علیه و لزومه بخلاف العکس و قد یقال بعکس ذلک لمکان الأخبار المتقدة الدالة علی الاکتفاء بنبات

ص: 58

اللحم ثمّ أن هذا الأمر إن ظهر للحس أو قطع به عادة و إن لم یظهر للحس فلا کلام و إلا رجع إلی أهل الخبرة و یکفی فیه شهادة العدلین قطعاً و فی کفایة العدل الواحد وجهان من أنه خبر أو شهادة و علی الثانی فالأظهر فیها لزوم التعدد للاستقراء القاضی بلزوم التعدد فی الشهادة و فی الاکتفاء بشهادة غیر العدل من أهل الخبرة لرجوعه إلی الظن بالموضوعات کأخبار الطبیب للصائم بالمرض و الصحة وجه و إن بعد عن الاحتیاط و فی جملة من الأخبار الاکتفاء بإنبات اللحم فقط و الجمع بینها و بین الأخبار الأخر اعتبارهما معاً أو الاکتفاء به لمکان التلازم و قد یجمع بینهما أن اشتداد العظم غیر کاف بل لا بد من مصاحبة إنبات اللحم و إن إنبات اللحم کاف وحده و لکنه بعید بین أخبار الأثر و العلائم الأخر تعارض من جهة مفهوم الحصر و الترجیح لجانب أجناب الأثر لو أعرضها عن ظاهر ما علیه الفقهاء من الأخذ بکل منها و لو اتبعناهم کان الأخذ بکل من العلائم و إلغاء المفهوم أمر لازم.

ثانیها: الزمان

هو رضاع یوم و لیلة کاملة ملفقة أو غیر ملفقة لأن الظاهر عدم خصوصیة الابتداء و الانتهاء فی المقدار أو لشمولهما فی العرف للملفق علی نحو الحقیقة أو المجاز المشهود و یشترط فیه أن یشرب الصبی متی أراد إلی أن یروی و یصدر و یدل علی اعتبار رضاع الیوم و اللیلة خبر زیاد بن سوقة المنجبر بفتوی الأصحاب هل للرضاع حدّ یؤخذ به قال لا یحرم من الرضاع أقل من یوم و لیلة أو خمس عشرة رضعة متوالیات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم یفصل بینهما رضعة امرأة غیرها و یشترط فیه عدم مشارکة الغذاء له فی ذلک الزمان لأنه الظاهر من رضاع الیوم و اللیلة و لقربه من اشتداد العظم و نبات اللحم و لأن ظاهره الاستیعاب خرج ما خرج و بقی الباقی و یشترط عدم رضاع امرأة أخری له فیه قل الغذاء أو کثر و قل الرضاع أو کثر إلا إذا کان شیئاً لا یعتد به کحبة أو مصة واحدة و نحوهما و یشترط أن لا یکون الولد له مانع من الرضاع المعتاد لسقم أو تغیر هواء أو فصل أو مکان أو شرب مرقداً أو نحو ذلک کل ذلک لعدم إمکان حمل رضاع یوم و لیلة علی الاستیعاب کما هو المعنی اللغوی فیحمل علی المعنی العرفی و هو أن یرضع الصبی علی المعتاد و یشترط توالی

ص: 59

الزمان و تواصله فلا یکفی تلفیقه من أیام متعددة مع احتمال أنه إن لم یفصل بغذاء أو لبن آخر جاز و لا یشترط فی التقدیر بالزمان حصول العلم بالاثر أو الجهل بحصوله بل یکفی حتی مع العلم بعدمه لانا و إن جعلنا الأصل فی نشر الحرمة بالرضاع هو الاثر فلا نجعله علّة فی الحکم بحیث یدور مداره وجوداً و عدماً بل إما أن نجعله حکمه کالمشقة فی السفر فقد لا تحصل و یجب القصر أو نجعل الاستعداد للإنبات و التهیؤ و المنشأیة له هی القاضیة بنشر الحرمة و لا شک أن رضاع یوم و لیلة ما من شأنه الإنبات و الاشتداد إلا أن یمنع منهما مانع کمرض و نحوه و کذا لا یشترط فیه العلم بحصول العدد و الجهل به بل یکفی حتی مع العلم بعدمه أخذاً بإطلاق الدلیل فدعوی لزوم الرجوع إلی العدد مع الانضباط وجوداً و عدماً و یسقط اعتبار الزمان ضعیفة جداً و یختلف رضاع الیوم و اللیلة بالنسبة إلی الزمان و المکان و الفصل و الولد و دسومة اللبن و غلظة و الصحة و المرض و المرجع إلی الرضاع المعتاد فی العرف إذا لم یکن مانعاً و أما ما رواه الصدوق مرسلًا أنه لا یحرم من الرضاع إلا رضاع خمسة عشر یوماً بلیالیهن فهو شاذ و لم نعثر علی روایته و أما روایة عبید بن زرارة و صحیحة الحلبی أنه لا یحرم من الرضاع إلا ما کان حولین کاملین فهما محمولان علی إرادة أن حصول الرضاع المحرم هو ما کان فی مدة الحولین لا ازید لأن الرضاع شرطه أن یستمر إلی الحولین و مع ذلک فظاهرهما شاذ متروک عند الأصحاب کشذوذ خبر العلا بن رزین لا یحرم من الرضاع إلا ما ارتضعا من ثدی واحد سنة فإنه لمخالفة ظاهره للإجماع بقسمیه وجوب طرحه و ربما حمل علی إرادة سنة بالتشدید و هو بعید.

ثالثها: العدد و هو أصل برأسه

و إن ظهر من بعض الأخبار إنه لمکان حصول الإنبات به و إن الأقل منه لا یفید لعدم حصول الإنبات به و لکن ظاهر جملة اخری و ظاهر فتاوی الأصحاب علی خلاف ذلک فلیحمل ما دل علی دوران الحکم مدار الإنبات و الاشتداد علی إرادة بیان أن العدد الکامل من شأنه فی الغالب مما یحصل ذلک الأثر و ما دونه من شأنه و فی الغالب عدم حصوله معه و إلا فلو حصل الأثر فی الادنی لزوم اتباعه قطعاً و لو لم یحصل فی الأکثر لم یکن مانعاً ثمّ أن للأصحاب فی

ص: 60

التقدیر بالعدد أقوال أشهرهما قولان التقدیر بالعشر و نسب لمشهور المتقدمین و القول بالخمسة عشر و نسب لمشهور المتأخرین و اضطرب کلام بن ادریس فبنی أولًا علی العشر و أغاب علی القول الآخر و شنع علیه ثمّ اختار الخمسة عشر و جعله الحق الحقیق بالاتباع و جعلوا ذلک من هفواته بالتشنیع علیه مثل الشیخ و یستدل للقائلین بالعشر بعمومات الرضاع القاطعة لأصل الإباحة خرج ما دون العشر فیبقی الباقی و بان العام لو شک فی أنه خص بالکثیر أو القلیل لزم العمل بالقلیل و بان العام لو خصص بمجمل کما یحتمله التخصیص هاهنا اقتصر علی القدر المقطوع به فی التخصیص دون المشکوک به و المقطوع به هو ما دون العشر و بالاحتیاط المامور به فی مثل هذه المقامات و بالشهرة و قد نقل العرف أن عمل الأکثر علیه و الأخذ بقول الأکثر أرجح و بقوله (علیه السلام) ما اجتمع الحلال و الحرام إلا غلب الحرام الحلال و بروایة الفضیل لا یحرم من الرضاع إلا المجبور قلت و ما المجبور قال أم تربی أو ظئر یستأجر أو أمة تشتری ثمّ ترضع عشر رضعات یروی الصبی و ینام و المجبور بالجیم و الباء من الجبر فی الإرضاع لمحبتها أو رقیتها أو اجرتها و المخبور بالخاء و الباء بمعنی المعلوم أو المجتور بالجیم و التاء بمعنی المجاورة و الصحبة او المخثور بالخاء و الثاء بمعنی المعیم أو المحتون بالحاء و التاء من الحبرة أی الرضعة أو المحبور بالحاء و الباء بمعنی الحسن الجید أو ما شاکله و فی الجمیع مناسبة و النسخ فی أکثرها مختلفة و بروایة حماد بن عثمان لا یحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم و الدم و نحوها عن أبی الحسن (علیه السلام) و نحوها عن عبد الله بن سنان عن الصادق علیه السلام و یضم إلیها الصحیح عن عبید بن زرارة فقلت و ما الذی ینبت اللحم و الدم فقال کان یقال عشر رضعات و بمفهوم الموثق عن الغلام یرضع الرضعة و الاثنتین فقال لا یحرم فعددت علیه حتی أکملت عشر رضعات قال إذا کانت متفرقة فلا و مفهومة إذا لم تکن متفرقة یحرم و قد یتوجه علی.

الأول: أن المطلق هنا کالجمل أما لکثرة تطرق التخصیص إلیه حتی کان الخارج أکثر من الداخل فیوهن التمسک بإطلاقه أو لأنه من قبیل المطلق المقید بالمجمل لأنه قد

ص: 61

علم أن مسماه غیر کاف قطعاً و المطلق المقید بالمجمل یسری إجماله إلیه فیقتصر علی المقطوع بإرادته منه و یتمسک فی الباقی بأصل الإباحة و فی هذا نظر ظاهر و علی.

الثانی: أن الاحتیاط مندوب إلیه و لیس بلازم و لو سلم فهو متعارض کما یقضی الاحتیاط بتحریم العشر ابتداءً فقد یقضی بعدمه بعد حصوله و علی.

الثالث: بمنع الشهرة المحصلة و نقلها متعارض فی المقامین و إن ارید بالشهرة ما هو أشهر و إن کان کل منهما مشهوراً ففی حجیة ذلک بل الترجیح به إشکال بل منع و علی.

الرابع: أنه وارد فی الحلال و الحرام المحققین إذا اجتمعا أو اشتبها و لیس بهذا منه و علی.

الخامس: أن الروایة ضعیفة السند بمحمد بن سنان و قد ضعفه الشیخ و النجاشی و ابن الغضائری و روی الکشی فیعه ما یشمل علی القدح و توثیق المفید (رحمه الله) له لا یعارض ذلک لأن الجارح مقدم و ضعیفة المتن باختلاف نسخ المجبور و باشتمالها علی الحصر الذی لا نقوله لأن حکم المرضعة المتبرعة کذلک بالإجماع و بذکر النوم بعد أن یروی و ظاهره الشرطیة و هو لا نقول به و باختلاف صیغتها فی روایة الصدوق حیث لم یذکر فیها المملوک و لم یذکر فیها التفصیل بعد ذکر المجبورة بل ذکر الخادم و لم یذکر فیها ثمّ یرضع مثل ما ذکره الشیخ و هو یدل علی اضطرابها و علی.

السادس: بمعارضته بصحیحة علی بن رباب الدالة علی أن العشر لا تنبت اللحم و لا تشد العظم و هی أقوی لصحة سندها و موافقتها الاعتبار القاضی بان العشر غالباً لا تؤثر شیئاً مع أن الأصل و العمدة فی الرضاع هو حصول الاثر و علی.

السابع: بمعارضته بمنطوق موثق عبید بن زرارة أن عشر رضعات لا یحرمن شیئاً و موثقة أبی بکیر أن عشر رضعات لا تحرم و روایة زیاد بن سوقة الآتیة إن شاء الله تعالی و غیرها و المنطوق أقوی من المفهوم علی أن هذه أکثر عدداً و أصح سنداً و أوفق بالاعتبار و أبعد عن مذهب العامة و الرشد فی خلافهم و قد رووا عن عائشة أنها قالت کان فی القرآن عشر رضعات محرمات و إنها قالت عشر رضعات معلومات یحرمن ثمّ

ص: 62

نسخ بخمس معلومات و یدل علی التقیة قوله یقال عشر رضعات فنسبة للقیل و قوله فی آخر الروایة دع ذا و قال ما یحرم من النسب فهو یحرم من الرضاع فلا شک أن الترجیح للأخبار الدالة علی نفی التحریم بالعشر لکثرة المرجحات فیها عدا إطلاق الکتاب و السنة و قد بینا ضعفه و وهنه فلا یعارض التراجیح الآخر و متی رجحنا القول به لزم القول بالنشر بالخمس عشرة لاتفاق الأصحاب عد الشاذ النادر علی عدم تحریم ما دون العشر و اتفاقهم علی عدم الفصل بین العشر و بین ما فوقها إلی الخمس عشرة فمن حرم بالعشر حرم بما فوق و من لم یحرم بها لم یحرم بما فوقها إلی الخمس عشرة و بهذا یستدل للقائلین باختصاص التحریم بالخمس عشرة و یضاف إلیه روایة زیاد بن سوقة فی الموثق المنجبر بفتوی المشهور بین المتأخرین نقلًا بل تحصیلًا قال قلت هل للرضاع حد تؤخذ به فقال لا یحرم الرضاع أقل من رضاع یوم و لیلة أو خمس عشرة رضعة متوالیات من امرأة واحدة من لبن فحل واحد لم یفصل بینها رضعة امرأة غیرها و لو أن امرأة أرضعت غلاماً أو جاریة عشر رضعات من لبن فحل واحد و أرضعتها امرأة أخری من لبن فحل آخر لم یحرم نکاحها قیل و الصواب هنا جعل الواو مکان أو تثنیة الضمیرین و هو حسن و هذه الروایة و إن کانت موثقة إلا أن عمل الأصحاب بمضمونها و تلقیهم لها بالقبول و بعدها عن فتوی العامة لاشتمالها أحد روایات العشر علی نسبتها إلی القیل المؤذن بأنه قول العامة و النهی مرة أخری عن السؤال عنها بقوله دع ذا و الاضراب عن بیان حکمها إلی غیره و نسبه القول بها مرة ثالثة إلی أبیه مرة بعد أخری و الاضراب عن بیان مذهبه المؤذنین بأن القول بها للعامة دون القول بالخمس عشرة مما یؤیدها و یشیدها و یرجح الاستناد إلیها و لا یعارضها روایة عمر بن یزید الدالة أن الخمس عشرة رضعة لا تحرم لضعفها عن مقاومتها فلتحمل علی المتفرقة أو الغیر تامة أو تطرح أو تحمل علی الإنکار و أما ما ذهب إلیه ابن الجنید من الاکتفاء بالرضعة الواحدة التامة و بالوجود دون الرضاع فهو ضعیف مخالف للمشهور بل المجمع علیه و مستنده فی الاکتفاء بالرضعة الواحدة إطلاق أدلة الرضاع و قوله فی الصحیح عما یحرم من الرضاع فکتب قلیلة و کثیرة حرام و فی آخر الرضعة الواحدة کالمایة لا یحل له أبداً

ص: 63

و الکل ضعیف لتقید الإطلاق بما مر و لعدم دلالة الصحیح علی ما ذهب بل علی الاکتفاء بالمسمی و هو قول العامة فیحمل علی التقیة و لحکمة فیه بأنه حرام و المقصود أنه حرام لا أنه حرام و لضعف الروایة الثانیة لظهور أنها من روایات العامة و فی الاکتفاء فی الوجود قوله (علیه السلام) وجود الصبی اللبن بمنزلة الرضاع و هو ضعیف و قیاس الوجود علی الرضاع فی حصول التأثیر به الذی هو العمدة فی التحریم من الدخول إلی الجوف و الانبات و الاشتداد و برده بطلان القیاس و منع ان الجامع هو ذلک فقط فلعلة الإنبات و الاشتداد علی نحو خاص و کیفیة خاصة.

رابعها: یشترط فی الرضعات العددیة و الیومیة کمالیتها

فلا یجزی الرضعة الناقصة و لا تحتسب من العدد لانصراف الرضعة التامة إلیها و انصراف رضاع یوم و لیلة حیث فات الاستیعاب إلیها أیضاً و لا یجزی تلفیق نواقص لتعود تامة علی الاظهر من النص و الفتوی و المرجع فی ذلک إلی العرف لأنه المحکم فیما علق فیه الحکم علی اسم لم یرد من الشی ء تحدیده و بیانه و قیل حده أن یروی الصبی و یصدر من قبل نفسه سواء نام أم لا و کان ذلک موافق للعرف فجعلهما قولین کما یلوح من عبارة الشیخ بعید و فی الأخبار ما یدل علی ذلک أیضاً ففی مرسل ابن أبی عمیر الرضاع الذی ینبت اللحم و الدم هو الذی یرتضع حتی یتضلع و یمتلی و ینتهی نفسه و فی آخر إذا رضع حتی تمتلی بطنه فإن ذلک ینبت اللحم و الدم و فی ثالث ثمّ ترضع عشر رضعات یروی الصبی و ینام و هو کنایة عن الامساک و قد یقال أن دائرة العرف أوسع من ذلک و إن کانت أضیق من اللغة و هذا التحدید أضیق منهما فالمرجع حینئذ إلی التجدید الشرعی هو حسن فعلی ذلک فلو ألتفت الطفل إلی ملاعب فی الاثناء أو تنفس أو أغفی خفیفاً أو قطعت علیه المرضعة أو حصل عارض من سعال و نحوه فإن عاد و روی و صدر احتسب المجموع رضعة و إلا لم تحتسب و لو بالتلفیق علی الاظهر و یشترط کونها من الثدی فلا یکفی الوجور و قد تقدم و یشترط فی العددیة و الیومیة التوالی و لکن فی الیومیة بمعنی عدم تخلل رضاع امرأة أخری و عدم تخلل أکل او شرب و عدم کونه من ثدیین لامرأتین دفعة واحدة و فی العددیة بمعنی عدم تخلل رضاع امرأة أخری و لا یضر

ص: 64

تخلل المأکول و المشروب و یدل علی التوالی فی الیومیة انصراف إطلاق رضاع یوم و لیله إلیه لأن الأصل فی إضافة الفعل الاستیعاب فی جمیع الزمان خرجنا عن ذلک فیما لا یمکن استیعابه لأن الولد لا یتصل رضاعه غالباً فبقی الباقی و هو عدم التخلل و یدل علی التوالی بهذا المعنی فی العددیة الإجماع المنقول المعتضد بفتوی المشهور و انصراف العدد إلی التوالی أیضاً و قوله فی موثق زیاد بن سوقة خمس عشرة رضعة متوالیات لم یفصل بینها رضعة امرأة غیرها نعم یجی ء کلام آخر و هو أن الرضعة المخلة فی الموالاة هل یشترط کونها کاملة لانصراف لفظ الرضعة فی الخبر إلیها کانصرافه إلی الکاملة فی عدد الرضعات المعتبرة فی التحریم أو یکفی مسماه لانصراف التوالی إلی عدم تخلل شی ء أصلًا فیکون قرینة علی إرادة المسمی دون الرضعة الکاملة وجهان و قولان أقربهما الثانی فعلی هذا فلا یتفاوت الحال بین أن ترضعه امرأة رضعات کاملة و قبل استیفاء العدد ترضعه أخری رضعة کاملة ثمّ تکمل الأولی العدد و بین أن ترضعه الاخری رضعة ناقصة ثمّ تکمل الأولی العدد و بین أن ترضعه الأولی رضعات أو رضعة ناقصة فتکمل تلک الرضعات أو الرضعة الواحدة امرأة أخری و بین أن یرتضع من ثدیین فی وقت واحد ففی الجمیع لا یحصل المحرم و قد یفسر التوالی بأن تستقل امرأة واحدة بإکمال العدد فلا عبرة باجتماع عدة نسوة علی إکمالها أن اتخذ الفحل و هو إجماعی عندنا و یدل علیه الخبر المتقدم المنجبر بفتوی الأصحاب و خالف فی ذلک العامة و نشر الحرمة بین المرتضع و بین الفحل إذا کان متحداً و لم ینشر الحرمة بینه و بین المرضعات فعلی ذلک فلو أرضعن زوجات ثلاثة لرجل زوجة صغیرة من لبنه حرمت علیه دونهن و لا یحرم علیها ابن إحداهن من غیره و هو مخالف لإجماعنا و فی اشتراط اتحاد المرضعة فی الاثر وجهان و الاحتیاط قاض بانه لو حصل الأثر من الإنبات أو الاشتداد من مجموع المرضعتین کما إذا ارتضع من ثدیهما دفعه أو علی التعاقب ثبت بسببه التحریم کما إذا حصل ذلک من مجموع لبن فحلین قد اشترکا فی اللبن لو قلنا بتحقق ذلک.

ص: 65

خامسها: یشترط فی الرضاع المحرم بأی تقدیر اعتبر أن یکون فی الحولین

بمعنی أن یرتضع الصبی تمام العدد و هو غیر متجاوز لها فلو أرتضع کلًا أو بعضاً خارجاً عیناً لم یعتد به نعم لا یشترط حصول الاثر فی الحولین علی الظاهر فلو حصل الرضاع فی ضمنها و حصل الاثر بعدها نشر الحرمة و المراد بالحولین أربعة و عشرون شهراً هلالیاً إن لم یحصل انکسار فی الشهر فإن حصل کانت عبارة عن ثلاثة و عشرین شهراً هلالیاً و شهراً عددیاً ملفقاً و احتمل کونه شهراً هلالیاً ملفقاً و هو بعید و احتمل انکسار الجمیع و احتسابها هلالیة و هو کذلک بعید و لو شک فی أن الرضاع هل هو فی الحولین بعد مضیهما أم لا فإن علم التاریخ تاخر المجهول عن المعلوم علی الاظهر و إلا فالأصل عدم نشر الحرمة بعد تعارض الأصول و یعتبر ابتداء الحولین من حین انفصال الولد تماماً أو انفصال أغلبه إلی الخارج و المشهور علی عدم الفرق بین انفطامه فی اثناء الحولین و بین عدمه فلو رضع فی أثناء الحولین بعد أن انفطم کان حکمه کحکم ما لم ینفطم خلافاً لما نقل عن ابن أبی عقیل و کذا لا فرق بین انفطامه و عدمه فیما بعد الحولین فی أنه لا ینشر حرمة خلافاً لما نقل عن ابن الجنید من أنه لو رضع بعد الحولین و لم یتوسط بین الرضاعین فطام نشر التحریم و یدل علی أصل الحکم بعد فتوی المشهور تحصیلًا بل الإجماع نقلًا و تحصیلًا قوله تعالی: (یُرْضِعْنَ أَوْلٰادَهُنَّ حَوْلَیْنِ کٰامِلَیْنِ) و قوله تعالی: (وَ فِصٰالُهُ فِی عٰامَیْنِ) لدلالتهما علی اعتبار الرضاع فیهما و عدم اعتباره فیما بعدهما و إن جاز شهراً أو شهرین بعدهما و الخبر المشهور عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و الأئمة (علیه السلام) لإرضاع بعد فطام و هو منصرف إلی الفطام الغالب و هو ما یکون بعد إکمال السنتین أو یراد به قبل استحقاق الفطام أو مدته الاغلبیة بقرینة قوله فی روایة حماد بن عثمان قلت و ما الفطام قال الحولین الذی قال الله تعالی و بقرینة فهم الأصحاب من الفطام إرادة الحولین و منصرف إلی نفی آثاره المترتبة علیه بعد عدم إمکان نفی الحقیقة و لو لا فهم الأصحاب و الخبر المتقدم لامکن المناقشة فی دلالة الفطام علی إرادة الحولین فقط دون نفس الفطام و دون الشهرین اللذین یجوز الرضاع فیهما

ص: 66

و أمکن المناقشة فی المراد من النفی بعد الجزم بعدم إرادة نفس الحقیقة هل هو الحل أو هو المترتب علیه الأثر من صیرورته کالنسب و یستدل لابن عقیل بمفهوم هذه الأخبار النافیة للرضاع بعد الفطام من دون تقید بکونها قبل السنتین أو بعدها و بصحیح الفضل بن عبد الملک الرضاع قبل الحولین و قبل أن یفطم کما یستدل لابن الجنید بذلک المفهوم أیضاً و بخبر داود بن الحصین الرضاع بعد الحولین قبل أن یفطم و یحرم کلا القولین ضعیف مخالف للمشهور نقلًا و تحصیلًا و للإجماع نقلًا بل کاد أن یکون تحصیلًا فلا بد من حمل قوله فی الصحیح و قبل أن یفطم علی التأکید و یحمل الثانی علی إرادة أنه یحرم بالتخفیف و یکون قوله قبل أن یفطم لبیان التحریض علی الفطام و الترغیب إلیه و مع ذلک فالخبر ضعیف لا یعول علیه و هل یختص هذا الشرط بالمرتضع الاجنبی أم یسری لولد المرضعة بمعنی أن لا یمضی من ولادته حولان لم ینشر لبنه حرمة إلی من ارتضع به قولان و المشهور الاختصاص لعمومات أدلة التحریم خرج ما خرج و بقی الباقی و للأصل و لأنه هو المتبادر من إطلاق الأدلة المخصصة لأن المنساق من قوله لا رضاع بعد فطام هو فطام المرتضع لا فطام من ارتضع بلبنه و یؤید ذلک تفسیر الکلینی و الصدوق للخبر بذلک من دون تشکیک و ارتیاب و هما من قدماء الأصحاب العارفین بمواقع الإخبار و قیل بعدم استناد لإطلاق لإرضاع بعد فطام الشامل للمرتضع و ولد المرضعة و یؤیده ما ورد من أن فضال سأل ابن بکیر فی المسجد فقال ما تقولون فی امرأة أرضعت غلاماً سنتین ثمّ ارضعت صبیة لها أقل من سنتین حتی تمت السنتان أ یفسد ذلک بینهما فقال لا یفسد ذلک بینهما لأنه رضاع بعد فطام و إنما قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) لا رضاع بعد فطام أی أنه إذا تم للغلام سنتان أو الجاریة فقد خرج من حد اللبن و لا یفسد بینه و بین من یشرب من لبنه و هو ضعیف لضعف مستنده لأن الاطلاق منصرف فی العرف إلی ما ذکرناه و فهم ابن بکیر لا یعارض فهم الشیخین لأنه فطحی علی أنه ما روی عنه لا یخلو من إجمال بل فیها ما یمکن الاستدلال به علی القول الأول.

ص: 67

سادسها: یشترط فی الرضاع المحرم کون اللبن لفحل واحد

لخبر زیاد بن سوقة المعوّل علیه بین أصحابنا و لفتوی المشهور و للإجماع المنقول و یراد بهذا الشرط أحد معان ثلاث إما بأن لا یشترک الفحلان فی اللبن بأن ینسب الیهما دفعه واحدة یتسبب عنهما کما لو فرض کون اللبن للأول ثمّ حملت من الثانی فزاد اللبن زیادة بحیث حصل القطع بکونها من الثانی فانه لا ینشر حرمة و لو أکملت منه نصاباً أو نصابین و إما بأن لا یشترک الفحلان فی نصاب واحد کما لو ارضعت یوماً بلبن فحل ثمّ أرضعت اللیلة بلبن فحل آخر کما إذا ولدت أول اللیل من الفحل الثانی أو أرضعت عدداً من الرضعات من الفحل ثمّ أکملتها من الفحل الثانی و یتصور کل منهما فیما إذا کان الوطء شبهة فکان ما قبل الوضع من اللبن للأول و ما بعده للثانی و هذا لا ینشر حرمة أیضاً بین الولد و الفحل و لا بین الولد و المرضعة و أما بأن لا یرتضع أجنبیان من لبن فحلین بحیث یرتضع کل واحد بلبن غیر لبن الآخر فإنه لا یحرم أحدهما علی الآخر و ان أکمل کل واحد منهما النصاب من امراة واحدة و لو ارتضع هذان الاجنبیان من لبن فحل واحد بحیث أکمل کل واحد منهما النصاب من حرم أحدهما علی الآخر سواء ارتضعا من امرأة واحدة لذلک الفحل أو من امرأتین له کل واحد من امرأة له غیر الامرأة الأخری و سواء کان رضاعهما دفعة أو علی التعاقب و سواء کانا مع ولد أم ولدین و هذا معنی قولهم اللبن للفحل و یدل علی هذا الاخیر خصوصاً ما روی فی الصحیح عن الرجل یرضع من امرأة و هو غلام أ یحل له أن یتزوج أختها لأمها من الرضاعة فقال إن کانت الامرأتان رضعتا من لبن امرأة واحدة من لبن حیث دلت علی أن التی رضعت مع أمه من الرضاعة بلبن فحل آخر لیست خالته و یجوز له تزویجها و فی (الموثق) عن غلام رضع مع امرأة أ یحل له أن یتزوج أختها لابیها من الرضاع فقال لا قد رضعتا جمیعاً من لبن فحل واحد فقلت هل یتزوج أختها لأمها من الرضاعة فقال لا بأس بذلک إن أختها التی لم ترضعه کان فحلها غیر الفحل الذی أرضعت الغلام فاختلف الفحلان فلا بأس و فی الصحیح فی تفسیر قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب کل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة

ص: 68

أخری من جاریة أو غلام)، فذلک الرضاع الذی قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم): (و کل امرأة أرضعت من لبن فحلین کانا لها واحداً بعد واحد من جاریة أو غلام)، فإن ذلک لیس الرضاع الذی قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و ظاهر هذه الروایة الأخیرة اختصاصها بارتضاع الصبی من لبن فحلین حیث نفی عن هذا الرضاع نشر الحرمة مطلقاً سواء کان بین المرتضعین أو المرتضع و الفحل أو هو و الام و أقرباؤها و لا یکون ذلک الا بحملها علی تلک الصورة الخاصة و حینئذ فواحد بعد واحد مفعولان لکانا لا لأرضعت لاستلزامه ما لا نقول به و نقل عن الطبرسی (رحمه الله) و تبعه بعض المتأخرین إلی حصول التحریم بین المرتضعین من لبن امرأة واحدة و إن ارتضع کل واحد منهما بلبن فحل غیر لبن الفحل الآخر عملًا بعموم أدلة تحریم الرضاع کقوله تعالی: (وَ أَخَوٰاتُکُمْ مِنَ الرَّضٰاعَةِ) و قوله (علیه السلام) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و إخوة الأم محرمة فی الرضاع فلتحرم من النسب و ما روی عن الرضا (علیه السلام) قال ما تقول أصحابک فی الرضاع قلت کانوا یقولون اللبن للفحل حتی جاءتهم الروایة عنک أنه یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب فرجعوا إلی قولک فقال لی و ذلک أن أمیر المؤمنین سالنی عنها البارحة فقال اشرح لی اللبن للفحل و أنا أکره الکلام فقال کما أنت حتی اسألک عنها ما قلت فی رجل کانت له أمهات أولاد فارضعت واحدة منهن بلبنها غلاماً غریباً أ لیس کل شی ء و من ولد ذلک الرجل من أمهات الأولاد الشتی محرم علی ذلک الغلام قلت بلی فقال أبو الحسن (علیه السلام) فما بال الرضاع یحرم من قبل الفحل و لا یحرم من قبل الأمهات و إنما حرم الله الرضاع من قبل الأمهات و إن لبن الفحل أیضاً یحرم و هو ضعیف لتخصیص العمومات بالاخبار و الإجماع المنقول المعتضدة بفتوی المشهور و لأن العمومات و المطلقات هاهنا بمنزلة المجملات فلا یصح الاستناد إلیها بنفسها و أما الروایة فمحمولة علی التقیة لنسبة عدم اشتراط اتحاد الفحل بهذا المعنی إلیهم بل ربما ظهر من الروایة ذلک و حینئذٍ فما صنعه بعض المتأخرین من حمل

ص: 69

تلک الأخبار علی التقیة دون هذا الخبر ضعیف هذا کله فی المرتضعین الاجنبیین و أما أولاد المرضعة من النسب فالرضاع ینشر الحرمة بینهم و بین المرتضع من لبن أمهم و إن کان لبن الفحل مختلفاً لصیرورتهم کالاخوة من الأم و لعموم أدلة الرضاع خرج منها المرتضعان الأجنبیان و بقی الباقی و لموثقة جمیل بن الدراج عنه (علیه السلام) قال إذا رضع الرجل من لبن امرأة حرم علیه کل شی ء من ولدها و إن کان الولد من غیر الرجل الذی کان أرضعته بلبنه و إذا أرضع من لبن الرجل حرم علیه کل شی ء من ولده و إن کان من غیر الامرأة التی أرضعته و کذا أمها من النسب و أخواتها منه و جداتها و عماتها و خالالتها و کذا أمهاتها من الرضاع و عماتها و خالاتها منه و کذا أخوة الفحل نسباً و رضاعاً و کذا أمهاته و عماته و خالاته نسباً و رضاعاً و خالف العلامة فی القواعد فنفی نشر الحرمة بین المرتضع و بین من انتسبت إلیه المرضعة بالرضاع من الأمهات و العمات و الخالات أو انتسب إلیه الأب من العمات و الأمهات و الخالات علی جهة الرضاع لعدم اتحاد لبن الفحل و کذا الرجال بالنسبة إلی الانثی و ذلک لأن الجامع بین المرتضع و بین من ارضعت من أرضعته أو بین من أرضع بلبنه من أرضعه بلبنه هو اللبن الحاصل من کل منهما و المفروض أن اللبن الحاصل منهما مختلف لأن کل واحد منهما ناشئ عن فحل غیر الذی نشأ الآخر منه و تبعه علی ذلک المحقق الشیخ علی (رحمه الله) و أیده بأن عمومات أدلة الرضاع و إن اقتضت أن أم المرضعة من الرضاع جدة و عمتها و خالتها عمة و خاله و هکذا لا بالنسبة إلی الفحل إلا أن ما ورد من اشتراط اتحاد لبن الفحل خاص و الخاص مقدم علی العام کما أن المرتضعین من الأجنبیة کل منهما ولدها و بموجب ذلک تتحقق الإخوة بینهما فینبغی تحریم کل منهما علی الآخر و لکن اشتراط اتحاد الفحل قضی بعدم انتشار الحرمة بینهما لو کان أحدهما ذکراً و الآخر أنثی و ما ذکراه ضعیف جداً مخالف لظواهر فتاوی الأصحاب و عمومات الأدلة و ما ذکره المحقق من الشرط المذکور و إن کان خاصاً کما ادّعی إلا أنه لم یثبت عمومه لتلک الأفراد و عدم إمکان تخلفها عن ذلک الشرط غالباً بل هو وارد فیما یمکن الاتحاد الفحل فیه لعدم اتحاده غالباً و هم الإخوة من الرضاع دون غیرهم کما هو المذکور فی الروایات

ص: 70

و کلمات الأصحاب و کان السر فیه أن الأصل فی تحریم الرضاع هو التحریم فی النسب و فی النسب قد تکون أُخت أخت الغلام أو أخت أخیه غیر محرمة علیه إذا کانت النسبة مختلفة من جهة الأم و من جهة الأب فاعتبر اتحاد الفحل فی الرضاع کی لا تختلف النسبة إذ الفحل فی الرضاع بمنزلة الأب فی النسب و هذا بخلاف الجدودة و الأمومة فإنه لا یصح فیهما ذلک لأنهما سبب فی التحریم علی الإطلاق.

الثالث: من مباحث الرضاع قد عرفت أن المرتضع عند استکمال الشروط المتقدمة یعتبر بحکم الولد النسبی للفحل و المرضعة

فی انتشار الحرمة منه إلیهما و منهما إلیه إلی أصولهما و فروعهما و من فی طبقتهما سواء فی ذلک النسب او الرضاع خلافاً للعم (رحمه الله) و منهما إلی فروعه نسباً و رضاعاً و لا تتعدی الحرمة منهما إلی أصوله او من فی طبقته للأصل و لعدم الدلیل علی ذلک کما یجی ء إن شاء الله تعالی فحکم من کان من أصوله او فی طبقته مع المرضعة و الفحل و أصولهما و فروعهما و من فی طبقتهما حکم الأجانب سوی ما یستثنی کما یجی ء إنشاء الله تعالی و الأصل فی هذا المقام أن المفهوم من قوله (علیه السلام) للرضاع لحمه کلحمة النسب أن الرضاع مؤثر فی المرتضع و فیمن ارتضع عنده لحمه کلحمة النسب لأن المرتضع هو المباشر للرضاع و الحکم من قبیل الوصف المشعر بالعلّیة فیختص حکم النشر به و بالجملة فالرضاع یدخل المرتضع من قوم فی قوم آخرین فیکون منهم لا أنه یدخل قبیلة فی قبیلة و کذا قوله و کذا قوله (علیه السلام) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب فإنه یفهم منه أن أثر الرضاع المحرم إنما هو بالنسبة إلی المرتضع و من ارتضع عنده و لیس لأهله و قبیلته دخل فی ذلک و کذا الأخبار الخاصة فإن أکثرها واردة فی خصوص المرتضع مع من ارتضع عندهم حلًا و تحریماً فیفهم منها ان المناط فی الحل و التحریم هو ذلک و ایضا فان قوله علیه السلام)) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب أمّا أن یراد به عموم ما للأفعال و الأحوال و الأوصاف المحرمة فی النسب أو یراد به خصوص الموضوعات النسبیة المحرمة ثمّ أما أن یراد بالتحریم تعلقه بخصوص النکاح أو عمومه لکل فعل و وصف و علی کل حال فلیس

ص: 71

فی الخبر دلالة علی إثبات وصف عنوانی من اوصاف النسب یکون لاحقاً للرضاع من حیثیة أنه رضاع و حینئذٍ فالمعلوم تحریمه من الانساب إذا تحقق صدقه فی الرضاع من تلک الاوصاف العنوانیة المذکورة فی النسب نحکم بتحریمه و ما شککنا فی کونه محرماً فی النسب أما لعدم وجود وصفه العنوانی فیه کأم ولد الولد و جدة الولد أو أم الأخ و إن أنحل بالاخوة إلیه أو انحصر فی الوجود الخارجی فیه أو فیه و فی غیره من المحرمات لم یکن محرماً فی الرضاع و کذا ما شککنا فی إثبات الرضاع لوصفه العنوانی الذی لو ثبت لحرم بالنسب کما إذا شککنا أن الرضاع مثبت لأبوة الفحل لاخوة المرتضع أو لأبوة أبی المرتضع لأولاد صاحب اللبن أو لاخوة اخوة المرتضع لأولاد صاحب اللبن عرفاً أو لغة أو شرعاً فإنه لا یحکم بثبوت تاثیر الرضاع فیه حرمة و لا غیرها من الاحکام بعدم القطع ثبوت الوصف العنوانی فیه و الأصل عدمه و کون أولاد أبی المرتضع إخوة له و هو قد صار أخاً لأولاد صاحب اللبن و أخ الأخ أخ ممنوع و لو سلّم ذلک فلا نسلم أن من عنوانات المحرمات النسبیة الأختیة للأخ کی یسری مثلها إلی الرضاع و بالجملة فالمحرم فی النسب الأم و الأخت و البنت و العمة و الخالة و بنات الأخ أو الأخت فما ثبت صیرورته فی الرضاع کذلک عرفاً أو شرعاً حرم أیضاً و ما لم یثبت کذلک لم یحرم و إن عاد بالتحلیل و قاعدة منع الخلو إلیه أو إلیه و إلی ما یحرم و کذا القول فی تحریم الرضاع بالمصاهرة فإن المصاهرة الناشئة عن الرضاع إن کانت بمنزلة المصاهرة الناشئة و عن النسب التابعة له أثرت تحریماً و ذلک کما إذا أثبت الرضاع نسباً یتفرع علیه حرمة حرمة المصاهرة لان حرمة المصاهرة متفرعة علی ثبوت النسب فاذا اثبت الرضاع البینة تفرعت علیها حرمة أمها و إذا أثبت الولدیة أو الوالدیة تفرعت علیه حرمة نساء کل منهما علی الآخر و إن لم تکن المنزلة بل کانت ناشئة عن الرضاع بالتحلیل أو بمنع الخلو لم تؤثر تحریماً و ذلک کما إذا أثبت الرضاع أما للأخ أو جدة للولد أو أما لولد الولد فإن هذه لا تحرم لعدم تفرعها علی النسب أو ما هو بمنزلته لأن المحرم زوجه الأب أو الولد أو أم الزوجة أو بنتها کما هو مذکور فی الکتاب العزیز و لیس أم الأخ أو ولد الولد منها و إن اقتضی التحلیل أو منع الخلو الرجوع إلیها و لو خلق الله خلقاً

ص: 72

صیرهم إخوة لنا لم یلزم علینا تجنب أمهاتهم لمکان کونهم إخوة و بالجملة فالمحرم علینا من الرضاع ما أثبته من کون الانثی بنتاً أو ما أثبته من کون الذکر ولداً فتحرم الأولی و تحرم زوجة الثانی و لو لم یثبت ذلک کما إذا أثبت کون المرضعة أم ولد الولد لم یحرم شیئاً سبب ذلک لعدم صدق کونها بنتاً عرفاً و عدم صدق کونها زوجة ولد لأن الزوجیة و المصاهرة إنما تنشأ عن النکاح و المفروض عدمه و غایته أن الرضاع أحدث ما یلائم المصاهرة و یشابهها من حیث أن أم ولد الولد تلائم و تشابه زوجة الولد و الملائمة و المشابهة لا تقضی بالتحریم لا یقال أن الرضاع کما جعل الاجنبی ولدک بعد أن لم یکن فأجری علیه أحکام الولدیة کذلک یجعل الاجنبیة زوجة ابنک و إن لم تکن مقصودة علیها أو کانت زوجة آخر بمعنی أجراء أحکام الزوجیة علیها لأنا نقول ذلک إنما حکمنا به بعد قوله یحرم من الرضا ما یحرم من النسب فما ینزل منزلة ما یحرم بالنسب یحرم بالرضاع و لم یقل یحرم من الرضاع ما یحرم بالمصاهرة کی نحکم بأن ما ینزل منزلتهما یکون محرماً و حینئذٍ فأم الولد مما تلائم الزوجیة لا عینها مصداقاً أو مفهوماً و إن کان الموجود الخارجی غالباً یقضی بالاتحاد.

الرابع: إذا رعیت الضابط المذکور عرفت أن جملة من النساء لا تحرم بالرضاع

و إن أمکن رجوعها بالتحلیل إلی ما یحرم.

منها: أم الأخت و الأخت من الرضاع فإنها لا تحرم و إن کانت فی النسب لا تخلو عن کونها أمّاً أو زوجة أب و ذلک لعدم کونها من العنوانات المحرمة فی النسب و لا فی المصاهرة نعم تلائم ما یحرم بهما علی أن المصاهرة فیها غیر متفرعة علی النسب و إنما هی مشابهة لها و منشؤها نفس الرضاع.

و منها: أم ولد الولد فی الرضاع غیر محرمة و إن کانت فی النسب لا تخلو عن کونها بنتاً أو زوجة ولد لعدم کونها من العنوانات المحرمة نسباً أو مصاهرة أولا و بالذات و إن عادت عند التحلیل إلیهما.

و منها: جدة الولد رضاعاً غیر محرمة و إن کانت فی النسب لا تخلو عن کونها أماً أو أم زوجة لأنها لیست من العنوانات المحرمة نسباً و لا مصاهرة و إن انحل إلیهما بسبب

ص: 73

الرضاع و من ذلک ما لو أرضعت الزوجة ولد ولدها فإنها لا تحرم علی زوجها من جهة صیرورتها جدة ولده برضاعها إیاه سواء کان ولد الولد من زوجها أو من غیره.

و منها: أخت الولد فی الرضاع غیر محرمة و لو کانت فی النسب لا تخلو عن کونها بنتاً أو ربیبة لأنها لیست من العنوانات المحرمة فی النسب أو فی المصاهرة و لأن الربیبة بنت الزوجة لا ما عاد التحلیل الناشئ من منع الخلو إلیها فهی ملائمة و مشابهة للربیبة لا هی نفسها نعم یخرج عن هذا القانون خصوص أبی المرتضع مع أولاد صاحب اللبن فإنه لا یجوز له أن ینکح فی أولاد صاحب اللبن لا لکونهم إخوة ولده لعدم کونها مانعاً کما قدمنا و لا لصیرورته أباً لهم لمنع ذلک عرفاً و شرعاً و لعدم تسلیم صیرورة أب الأخ لعدم التلازم بینهما بل للأخبار الخاصة الدالة علی أن أبا المرتضع لا ینکح فی أولاد صاحب اللبن الشاملة لأولاده من تلک المرضعة أو من غیرها و الشاملة لأولاده النسبیون أو الرضاعیون و الدالة أیضاً علی أنه لا ینکح فی أولاد المرضعة نسباً أما رضاعاً فلا لعدم اتحاد الفحل هنا فی الرضاع و من الأخبار الصحیح أو کالصحیح کتبت إلی ابی محمد (علیه السلام) عن امراة أرضعت ولداً لرجل هل یحل لذلک الرجل أن یتزوج ابنة هذه المرضعة أم لا فوقع (علیه السلام) لا یحل له و فی آخر إلی ابی الحسن (علیه السلام) امراة أرضعت بعض ولدی أ یجوز لی أن أتزوج بعض ولدها فکتب لا یجوز ذلک لأن ولدها صار بمنزلة ولدک و فی ثالث عن ابی جعفر الثانی (علیه السلام) أن امراة أرضعت لی بنتاً فهل یحل لی أن أتزوج ابنة زوجها إلی أن قال لو کن عشر متفرقات ما حل لک منهن شی ء و کن فی موضع بناتک و هی صریحة فی تحریم أولاد الفحل مطلقاً أو علی ما ذکرناه فلو أرضعت جدة الولد من أمه الولد بلبن أبی الأم حرم نکاحها و انفسخ و کذا لو أرضعت الولد زوجة جده و کانت زوجة الأب بنت عمه حرمت أیضاً لأنها من اولاد صاحب اللبن.

و منها: أخوات المرتضع ولادة و رضاعاً الذین لم یرضعن بلبن هذا الفحل لا یحرمن علی أولاد الفحل ولادة و رضاعاً و لا علی أولاد المرضعة ولادة و بنات الفحل

ص: 74

لا یحرمن علی إخوة المرتضع کذلک للأصل و لعدم الدلیل و صیرورة المرتضع أخاً لأولاد الفحل لا تقتضی صیرورة أخوته إخوة لهم و صیرورتهم من جهة رضاعه إخوة له لا تقتضی صیرورتهم إخوة لإخوته و لیس أخ الأخ من العنوانات المحرمة فی النسب کی یسری تحریمها إلی الرضاع علی أن الإنسان فی النسب لا یحرم علیه أخت أخیه التی لا من أمه و لا من أبیه و غایة ما یستدل علی التحریم ما مر من الأخبار الدالة علی أن أولاد الفحل بمنزلة ولد صاحب اللبن فإذا کانوا من ولد صاروا إخوة بعضاً لبعض و العلة هنا منصوصة و هی حجة فی موضع الالتباس و یجاب عنه بأن تعدی حکم منصوص العلة مشروط بوجودها فی المعدی إلیه و هنا لیس کذلک لأن العلة کونهم بمنزلة ولده فتسری لکل من کان بمنزلة ولده و لا تثبت الاخوة لأنها غیر منصوصة إلا بأن یقال کلما ما کان من ولده کان أخاً لولده و یحرم التناکح بین الاخوة و فیه أن الظاهر أن عموم المنزلة إنما یراد به بالنسبة إلی الأحکام الجاریة علی الأب فقط و أما إثبات الاخوة بین الأولاد هو أمر آخر و أیضاً فالحکم بان کل ما کان من ولد الرجل فهو أخ لأولاده محل منع و ما یقال أن النص لما دل علی تحریم الأولاد علی أب المرتضع معللًا ذلک بأنهم بمنزلة أولاده لزم أن تکون الأولاد کالاخوة و إنه لما دلت عمومات الأخبار علی بنوة المرتضع للفحل لزم منها الاخوة من الجانبین للتلازم بین البنوة لصاحب اللبن و بین الاخوة لأولاده و یمتنع انفکاک المتلازمین ممنوع أما الأول فلما تقدم و أما الثانی فلمنع بین البنوة لصاحب اللبن التلازم بمنع الدلالة الالتزامیة لأن من شروطها اللزوم الذهنی بالمعنی الأخص و هو هنا منتف أو بمنع التلازم أصلًا فإن ثبوت بنوة شخص لآخر إنما تقتضی بثبوت الاخوة لأولاده لا ثبوت الاخوة لاخوة أولاده و الأحوط التجنب عن التناکح بین أولاد أبی المرتضع ولادة و رضاعاً و أولاد الفحل کذلک ولادة و رضاعاً و کذا اولاد المرضعة ولادة و فی الأخبار ما یشیر إلی الکراهة ففی (الموثق) فی رجل تزوج أخت أخیه من الرضاعة فقال: (ما أحب أن أتزوج أخت أخی من الرضاعة) و فی آخر عن الرجل یتزوج أخت أخیه قال: (ما أحب له ذلک).

ص: 75

و منها: أخوات المرتضع لا تحرم علی صاحب اللبن للأصل و لعدم الدلیل علی ذلک و غایة ما یمکن أن یقال أن أولاد الفحل لما کانوا بمنزلة أولاد أبی المرتضع کان أولاد أبی المرتضع أخوة لأولاده فکان بمنزلة أبیهم و هو ضعیف لمنع تعدی العلة لأن صیرورة أولاد الفحل بمنزلة أولاد صاحب اللبن لا یقضی بالعکس و توسیط الاخوة فی تحقیق سبب الاقتضاء لا یساعده العرف و لا الشرع علی أنه من الممکن أن یقال أن صیرورة ولد الفحل بمنزلة ولد أب المرتضع لمکان کون أبیه أباً نسبیاً و الأب النسبی أقوی علاقة من الأب الرضاعی فیمکن أن یجر اخوته من الرضاع إلی ابیه فیکون أباً لهم و هذا بخلاف الفحل فإن ابوته رضاعیة فیضعف عن جر أولاد أبی المرتضع إلیه کی یکون أباً لهم لأن أخوته لهم رضاعیة و بالجملة فالقول بالتحریم رکوناً إلی العلة المتقدمة فی تحریم أولاد الفحل علی ابی المرتضع ضعیف لمنع سریان التعلیل إلی الفحل بالنسبة إلی أولاد أبی المرتضع لا مفهوماً و لا منطوقاً إلا بتوسط مقدمة ممنوعة عرفاً و شرعاً و إن کان الاحوط التجنب تفصیاً عن شبهة الخلاف.

و منها: حدة المرتضع النسبیة لا تحرم علی صاحب اللبن للأصل و غایة ما یمکن أن یقال أنها تصیر جدة ولده و جدة الولد أما أم أو أم زوجة و فیه أن انحلالها فی الوجود الخارجی إلی هذین الفردین غیر قاض بتحریمهما بعد الحکم بأنها لم تکن عنواناً من العنوانات المحرمة فی النسب او المصاهرة و غایة ما یمکن أن یقال أن مفهوم ما دل علی أن أولاد الفحل بمنزلة ولد أبی المرتضع لانهم أخوة ولده و أخت الولد إمّا بنت او ربیبة دال علی أن جدة الابن بمنزلة أمه او أم زوجته قضاء لحق التنزیل و هو ضعیف لمنع الأصل و المقیس علیه و لو صح مثل هذا التنزیل للزم منه تحریم نساء لیس لها فی الأخبار و الفتاوی عین و لا أثر و الاعتذار بأنه لیس من القیاس بل هو من قبیل التنبیه نجری من کلی علی حکم کلی آخر لا وجه له لمنع حصول التنبیه من ذلک فهو إما قیاس أو أسوأ منه و علی کل حال فلا بأس بنکاح الفحل بأم أم المرتضع ولادة أو رضاعاً و لا بأس بنکاح أبی المرتضع بأم أم المرضعة ولادة أو رضاعاً.

ص: 76

و منها: ما نقل عن العلامة من تحریم الزوجة علی زوجها إذا أرضعت أخاها لصیرورة الزوجة أخت ولده و کذا لو أرضعت ابن أختها لصیرورتها خالة ولده و کذا لو أرضعت ولد أخت الزوج لصیرورتها أم ولد أخته فهی بمنزلة الأخت و کذا لو أرضعت بنت ولدها أو ولد بنتها لأنها تصیر جدة ولده و کذا لو أرضعت أم الزوج ولده لصیرورتها أم أخیه و أم الأخ محرمة و هذه علی الأصل الذی حررناه لا وجه لتحریمها سیما و أن بعضها لا تقبل التنزیل إلا علی وجه ضعیف لا یعتد به.

الخامس: ذهب بعض أصحابنا إلی عموم تنزیل الرضاع منزلة النسب

بناء منهم علی شمول قوله (علیه السلام) للرضاع لحمة کلحمة النسب و یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و قوله (علیه السلام) فی تعلیل عدم نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن بمنزلة ولده لکل ما ینزل فی الرضاع منزلة ما یحرم من الانساب سواء کانت من الافراد المعدودة فی الکتاب المجید او لم تکن کما إذا کانت ملائمة لها او تنحل إلیها او تلازمها فی الوجود الخارجی فینزل الرضاع نسباً فیجر کل من المرتضع و أقاربه و من انتسب إلیه نسباً او رضاعاً إلی الفحل و المرضعة و أقاربهما و من انتسب إلیهما نسباً او رضاعاً و هو معنی کونه له لحمة کلحمة النسب و یحرم به ما یحرم من النسب و هو الذی یقتضیه التعلیل لأن صیرورة أولاد المرضعة أولاد لصاحب اللبن یقتضی أن أولاده أخوة لأولاده و إن صاحب اللبن أیضاً أب لأولاد أبی المرتضع و إن إخوة کل منهما و أخواتهما أعمام لأولاد کل منهما و أخوال کل واحد منهما أخوال لأولاد الآخر و هکذا فتجری أحکام النسب بینهما و أحکام المصاهرة و غیرهما و فی هذا المذهب ضعیف ظاهر لمخالفته فتاوی الأصحاب و عملهم و سیرة الإمامیة خلفاً عن سلف و ما استند إلیه من خبر اللحمة لم نجده فی أخبارنا المعتبرة و لو سلم فهم منصرف لما کان بین المرتضع و بین المرتضع عنده و کذا قوله یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب إنما ینصرف إلی المرتضع و من المرتضع عنده و یختص بالمحرمات النسبیة المعدودة فما تحقق مثلها فی الرضاع حرمت و إلا فلا و لا عبرة بما یلائم النسب أو ینحل إلیه أو یساویه بحسب الصدق فی الوجود الخارجی لعدم دخوله تحت العموم و عدم دلیل یدل علیه

ص: 77

بالخصوص و کفی خلو الأخبار عن بیان ذلک و عدم تعرض أصحاب الأئمة لما هنالک بعدم کونها منشأ للتحریم و سبب النشر الحرمة و أما ما ذکره من التعلیل فهو علیل لأن غایة ما تقضی به العلة لا إنما هو سریانها لمن وجدت فیه قطعاً، کان بها أولی و لا تقضی بثبوت حکمها لما شابهها مما یصح أن یکون علة علی أخری إلا مع ثبوت التلازم بینهما شرعاً أو عرفاً و التلازم هنا ممنوع لأن ولدیة أولاد الفحل لأبی المرتضع لیس لازماً بیناً لاخویة أولاده لهم و لا لعمومیة اخوته لهم نعم انما تلازم أبویته لهم و لا نسلم أن کل اب لقوم تکون اخوته اعمامه و اولاده اخوتهم لعدم کونها قضیة شرعیة أو عرفیة قطعیة و إن اتفق عدم وجود خلافه فی الوجود الخارجی غالباً و حینئذٍ فیکون ذلک قیاساً أو أضعف من القیاس لأنه من باب الانتقال من لازم إلی لازم لم تتحقق بینهما ملازمة و لا یرتکبه أحد فأخت أبی المرتضع لا تکون عمة و زوجته لا تکون أماً و أمه لا تکون جدة و هکذا کالربیبة فإنها لا تحرم علی أخی الزوج و لا ولده و إن کانت بمنزلة البنت و بالجملة فالمحرم النسبی إن حصل فی الرضاع حرم کالام مثلًا و إلا لم یحرم کأم الأخ و إن عادت بحسب الوجود الخارجی إلیها و إلی زوجة الأب و ذلک لعدم دلیل دال علی تحریم أم الأخ و عدم کونها عنواناً من العنوانات المحرمة فی الکتاب و السنة و الأصل عدم التحریم.

السادس: یحرم من المصاهرة فی الرضاع ما یحرم فی النسب

للإجماع بقسمیه و لعموم قوله (علیه السلام) یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و من جملة ما یحرم من النسب المصاهرة و لخصوص بعض الأخبار الآتیة إن شاء الله تعالی فیما إذا أرضعت زوجیته الصغیرة و المراد بالمصاهرة المحرمة فی الرضاع هی المصاهرة المترتبة علی ما أثبته الرضاع من النسب سواء کان رضاعاً عن رضاع أو نسباً عن رضاع أو رضاع عن نسب إلا فیما یختلف الفحل فیه بالنسبة إلی المتراضعین و أما المصاهرة الناشئة عن نفس الرضاع المنزلة منزلة المصاهرة کتنزیل المرضعة منزلة الزوجة لصیرورتها أم ولده و أختها منزلة أخت الزوجة و أمها منزلة أم الزوجة و هکذا فهذه لا اعتبار بها و لا دلیل علی تحریمها سوی ما یتخیل من عموم المنزلة الناشئ من قوله (علیه السلام) یحرم من الرضاع

ص: 78

ما یحرم من النسب و فیه ما عرفت أنه قد خص النسب دون المصاهرة فیکون معناها ما یحرم من النسب من المصاهرة و المصاهرة النسبیة هی ما یترتب علی النسب من الافراد المحرمة المعدودة و المصاهرة الناشئة عن الرضاع لیست من المصاهرات النسبیة و غیر داخلة فی عنوانها و إنما تلائمها ملائمة أو تنحل إلیها بالاخوة و بالجملة فالمحرم من المصاهرة هی بنت الزوجة المنکوحة المدخول بامها و أم الزوجة مطلقاً لا أخت الولد الناشئ من الرضاع و لا أمّ أم الولد الناشئ منه فإنها لیست من المصاهرة فی شی ء.

السابع: الرضاع کما یمنع النکاح لو سبق علیه یبطله لو لحقه

للإجماع بقسمیه و للاخبار الخاصة الآتیة إن شاء الله تعالی و لدخول الزوجة تحت العنوانات المحرمة فیتبدل الموضوع فینقطع الاستصحاب فلو ارضعت زوجته الصغیرة أمه أو زوجة أبیه من لبن أبیه أو جدته من أبیه أو جدته من أمه أو زوجة أخیه من لبن أخیه أو أخته انفسخ نکاحها لصیرورتها أخته أو عمته أو خالته أو بنت أخیه أو بنت أخته و کذا لو رضعت أم الزوجة ولدها بلبن أبیها حرمت الزوجة علی زوجها و کذا لو أرضعت زوجته الصغیرة بلبن الفحل إلی غیر ذلک و یجری الحکم فی الرضاع کما یجری فی النسب کما إذا أرضعت أمه من الرضاع زوجته الصغیرة بلبن فحل واحد و کذا جدته منه و کذا اخته منه و کذا امرأة أخیه منه بلبن أخیه منه و هکذا و یجری علی القول بعموم التنزیل ما یجری علی ما ذکر کما إذا أرضعت زوجته الصغیرة أم ربی ولده المرتضع و نحو ذلک و هل یحرم هذا النحو من الرضاع مطلقاً أو لا یحرم مطلقاً أو یحرم فیما إذا استلزم ضرراً علی الغیر دون ما لا یستلزم أو یحرم مع عدم إذن الزوج و لا یحرم لو کان بإذنه وجوه أقواها الثالثة لقوله (علیه السلام): (لا ضرر و لا ضرار)، و علی أی تقدیر فلو حصل الرضاع المحرم فلا یخلو من أن یکون بفعل الصغیرة من دون شعور المرضعة بها أو یکون بفعل الکبیرة ثمّ أنه إما علی وجه الاختیار أو علی وجه الإکراه و الاضطرار أو یکون بفعلهما معاً بمعنی أن الصغیرة تتولی الإرضاع بنفسها مع شعور الکبیرة و القدرة علی منعها فلا تمنعها عن ذلک فإن کان بفعل الصغیرة و کان قبل الدخول أو کان بعده و قلنا أن الدخول بالصغیرة لا أثر له فی استقرار المهر فالأقوی

ص: 79

حینئذٍ عدم ثبوت شی ء فی ذمة الزوج سواء کان المهر مسمی أو کانت مفوضة للأصل و لعدم استیفاء البضع فهو کتلف المبیع قبل قبضه و لمجی ء الرضاع من قبلها فهو کالفسخ من قبلها لا تستحق معه شیئاً کما إذا ارتدت و یحتمل ثبوت المهر لها أجمع لملکه لها و الأصل بقاؤه و لان فسخها لعدم قصدها کلا فسخ و یحتمل ثبوت نصفه إلحاقاً له بالطلاق و یقوی احتمال السقوط فی المفوضة و یضعف احتمال ثبوت مهر المثل أو نصفه لان التفویض بمنزلة الهبة و لا بأس بخلو العقد عن المهر إذا لم یتعقبه دخول و ثبوت المتعة فی الطلاق إنما قضی بها الدلیل و لذا لم یثبت للمفوضة مع الموت شی ء من مهر أو متعة و إن کان بفعل الکبیرة أو بفعل غیر المرضعة اختیاراً منها أو اضطراراً لزم لها المهر علی الزوج لعدم استناد الفسخ إلیها فإن کان المهر مسمی لزمه النصف إلحاقاً له بالطلاق و یقوی لزوم الکل لوجوبه بالعقد و الاستصحاب یقضی ببقائه و تنصیفه بالطلاق للدلیل و لان الفسخ لم یجئ من قبلها و إن کانت مفوضة احتمل ثبوت المتعة لها إلحاقاً بالطلاق و احتمل سقوط المهر أصلًا للأصل و لعدم ثبوته فهو کالهبة المجانیة قبل استیفاء شی ء من البضع و احتمل ثبوت مهر المثل أجمع و احتمل ثبوت نصفه و الأظهر سقوط المهر و المتعة و لو کان بفعل الکبیرة و الصغیرة معا أو بفعل ثالث علی وجه الإلجاء أو الإکراه فالأظهر ثبوت المهر لها مع التسمیة کلًا أو بعضاً و عدمه مع التفویض و علی کل تقدیر فلو غرم الزوج المهر فی مقام تثبت علیه غرامته فإن کان الرضاع بفعل الصغیرة فلا غرامة و إن کان بفعل الکبیرة فإن کانت ملجئة أو مکرهة فلا رجوع علیها قطعاً و هل یرجع علی المکره أولا یرجع علی أحد وجهان الأقوی الأول و إن کانت بامر الشرع لاضطرار المرتضع إلی الرضاع ففی ثبوت الغرامة علیها وجهان ینشئان مما دل علی ضمان البضع بالتفویت کما سیجی ء إنشاء الله تعالی و من انها محسنة و ما علی المحسنین من سبیل و إنها أرضعت به بإذن الشرع و إذن الشرع بالإتلاف رافع للضمان کما یفهم من استقراء الموارد و إن لم یکن بین الإذن الأول الشرعیة و لضمان منافاة و إن لم تکن ملجئة و لم ترضعه بأمر الشرع ففی رجوع الزوج علیها وجهان ینشئان من ضمان البضع بالتفویت و عدمه فإن قلنا بضمانه کالأموال لمقابلته

ص: 80

بالمال فی النکاح و الخلع و لعدم احتسابه علی المریض لو نکح بمهر المثل لعدم تفویته شیئاً من دون عوض و کذا المریضة المختلعة بمهر المثل و لضمانه للمسلمة المهاجرة مع کفر زوجها و بالشهادة بالطلاق ثمّ الرجوع عنها ضمنت المرضعة للزوج ما غرمه و هل تغرم مطلقاً أو مع قصد الإفساد قیل بالأول لأنه مع الضمان و یکون کإتلاف الأموال و لا یتفاوت الحال فیه بین قصد الإفساد و عدمه و قیل بالثانی لأنها مع عدم قصد الإفساد غیر متعدیة کمن حفر فی ملکه بئراً فتردی فیها مترد و لأنها محسنة إلی الرضیعة و ما علی المحسنین من سبیل و هو ضعیف لمنع حصول الإحسان الموجب لعدم الضمان و للفرق بین الحافر للبئر فی ملکه و بین المرضعة لعدم مباشرة الأول للإتلاف دون الثانیة فالأقوی الضمان و لکن ظاهر الفقهاء أن الضمان للمهر و مقتضی ما ذکرنا أن الضمان للبضع و قسمه مهر المثل و إن قلنا بعدم ضمانه لأن منفعة البضع لا تضمن بالتفویت للأصل و لعدم شمول دلیل الضمان له لعدم دخوله تحت الید و لعدم شمول دلیل من أتلف مالًا له لعدم کونه مالًا فیکون کما لو قتلت الزوجة نفسها أو قتلها قاتل أو منعت الزوج عن الوطء أو زنت أو أباحت بضعها لغیره و نحو ذلک فانه لا غرامة علیه لانه لم یفوت علی الزوج مالا و ثبوت المهر سببه العقد لا الرضاع علی انا لو قلنا بثبوت الغرامة فانما یغرم قیمة البضع لا المسمی فی المهر و ان کان بفعل الکبیرة و الصغیرة کما إذا رضعت فلم تمنعها و لم تعنها فالاظهر ثبوت المهر لها لعدم انفرادها بسبب الفسخ و تلزم الکبیرة بغرامة النصف لمکان الاشتراک فی التفویت مع احتمال غرامة الکل لان تمکین الکبیرة بمنزلة المباشرة لعدم تمیز الصغیرة و یحتمل عدم غرامتها شی ء لانها بمنزلة من اتلف ماله فلم تمنعه من اتلافه و لو اشترکا فی الرضاع اشتراکا حقیقیا بحیث استند الفعل إلی کل منهما حقیقة فالاوجه ثبوت غرامة النصف علی الکبیرة و لو کانت المرضعة زوجة کبیرة و لم تشعر برضاع الصغیرة فان کان الرضاع بفعل الصغیرة ضمنت مهر الکبیرة فی مالها و إن لم یقع من الصغیرة قصد لان الضمان لا یتبع القصد مع احتمال عدم الضمان لعدم الشعور أو لعدم ضمان البضع و مع الضمان فهل یرجع علی الصغیرة بنصف المهر لانه کالطلاق أو یکلّه للاصل وجهان تقدم مثلهما و لو

ص: 81

ارضعت الکبیرة الصغیرة عشر رضعات مع القصد أو ازید ثمّ رضعت الصغیرة منها خمساً من دون شعور احتمل ترتب التحریم علی الجزء الاخیر من العلة فیکون کما لو کانت غیر مشعرة بالجمیع و احتمل التقسیط فیسقط ثلث مهر الرضیعة بسبب فعلها أو ثلث نصف المهر لوجود الفرقة قبل الدخول و سقط ثلثا مهر الکبیرة بفعلها فإن کانت غیر مدخول بها سقط الباقی لانه ثلث و ان کان مدخولا بها ثبت لها الثلث و یغرم الزوج للصغیرة سدس مهرها و یرجع به علی الکبیرة و یحتمل سقوط سدس مهر الصغیرة بفعلها و النصف بالفرقة فیثبت لها الثلث فتغرم الکبیرة ثلثه و سقوط ثلث مهر الکبیرة بفعلها و النصف بالفرقة فیثبت لها السدس و تغرم الصغیرة سدسه ان کان قبل الدخول و أما بعد الدخول فیثبت لها الکل و الغرامة علی الصغیرة علی الاظهر.

الثامن: بینا أن المصاهرة تحرم بالرضاع کما تحرم بالنسب

و المراد بها المصاهرة الناشئة عن النسب سبب الرضاع لا المصاهرة الناشئة من نفس الرضاع تنزیلًا له منزلة المصاهرة فتحرم زوجة ولد الرضاع و زوجة الاب الرضاعی و أم الزوجة من الرضاع و اختها من الرضاع و بنتها من الرضاع إذا کانت مدخولًا بها و هکذا و بینا أیضا أن الرضاع کما یحرم سابقاً یحرم لاحقاً سواء فی ذلک النسب او المصاهرة و حینئذ فلو أرضعت زوجة الکبیر زوجها الصغیر بعد طلاقها و نکاحها الصغیر او الذی کانت زوجته سابقاً فانفسخ نکاحها منه بلبن الکبیر حرم الکبیر مؤبداً لانها زوجة ولده الصغیر مؤبداً لأنها زوجة أبیه و ابنها أیضا و لو کان له زوجتان صغیرة و کبیرة فأرضعت الصغیرة بلبنه حرمتا أبداً لصیرورة الکبیرة أم زوجته و الصغیرة بنته و إن أرضعتها من غیر لبنه فإن دخل بالکبیرة حرمتا أبداً لان الکبیرة أم زوجته و الصغیرة ربیبته قد دخل بأمها و إن لم یدخل لم تحرم الصغیرة و أن انفسخ نکاحهما لمکان الجمع و کان له تجدید العقد علی الصغیرة ثمّ أن الکبیرة إن دخل بها استقر مهرها علی الزوج و إن لم یدخل بها سقط مهرها لحصول الفسخ إذا کان الإرضاع من جانبها فإن کانت مکرهة من الصغیرة أو من غیرها لم یسقط و علی المکره غرامة المهر و أما الصغیرة فتستحق المهر کملًا إذا لم تتولَّ الإرضاع بنفسها و إلا لم تستحق شیئاً و قد یحتمل لزوم غرامة المهر

ص: 82

للزوج من الکبیرة إذا حصل الفسخ من قبلها بعد الدخول لما ذکروا من لزوم المهر علیها للزوج المطلق لها إذا ادعی الرجوع بها فی العدة فأنکرت و ادعت الرجوع بعدها فحلفت علی ذلک فتزوجت غیره ثمّ اکذبت نفسها فأقرت للاول فإنها یلزمها دفع المهر للأول و إن لم یمض إقرارها علی الثانی و هو ضعیف لإمکان الفرق بینهما باعتبار أن إقرارها مثبتاً للزوجیة الدائمیة و قد حالت بینه و بینهما بالیمین فدفع المهر لمکان الحیلولة بخلاف الرضاع فإنه فاسخ للزوجیة من أصله و قد یضعف الفرق بأن الحیلولة متحققة علی کل حال إلا أنه قد یتوقع زواله فی الإقرار کما إذا طلقها الزوج فإنها تعود إلیه بخلاف الرضاع فإنه مستمر دائمی فهو أولی بالغرامة لان الحیلولة فیه أقوی و لو أرضعت الزوجة الکبیرة لشخص زوجتین صغیرتین فإن کان بلبنه حرم الجمیع لصیرورة الکبیرة أم زوجته و الصغیرتین بنتیه من دون تفاوت بین کون رضاعهما دفعة أو تدریجاً و إن کان بلبن غیره فإن دخل بالکبیرة حرم الجمیع أیضاً لصیرورة الابنتین ربیبتیه من أم مدخول بها من دون تفاوت أیضاً بین کون الرضاع دفعة أو متعاقباً و احتمال أن رضاع الصغیرة الثانیة قد وقع بعد زوال الزوجیة من الکبیرة فلا تکون بنت زوجته لاشتراط بقاء المبدأ فی صدق المشتق ضعیف لمنع الاشتراط أولًا و منع ترتب المنع علی صدق الزوجیة بالفعل بل الظاهر من الفقهاء هاهنا أن بنت الزوجة مطلقاً سواء تقدمت زوجیتها أو تأخرت أو قارنت کالموطوءة شبهة و هی زوجة تحرم مع الدخول بأمها و الرضاع کالنسب و إن لم یدخل بالکبیرة فإن أرضعتها دفعة انفسخ عقد الجمیع قطعاً لعدم إمکان الترجیح من دون مرجح و عدم إمکان الجمع فلیس إلا أن ینفسخ عقد الجمیع لانهما یکونان بمنزلة العقد الابتدائی علی الام و البنت و تحرم الکبیرة مؤبداً و له تجدید العقد علی من یشاء من الصغیرتین فإن أرضعتهما متعاقباً انفسخ نکاح الکبیرة و الاولی بعد مفارقة الثانیة لمکان لزوم الجمع بین الاختین و لو کان لرجل زوجتان و زوجة رضیعة فأرضعتها الزوجة الاولی حرمت الکبیرة مطلقاً و حرمت الکبیرة مطلقاً و حرمت الصغیرة إن کان الرضاع بلبنه أو کانت مدخولًا بها و هل تحرم الکبیرة الثانیة کما هو المشهور و الموافق للاحتیاط لصیرورتها أم زوجته و إن

ص: 83

انفسخ عقدها أما لعدم اشتراط بقاء المبدأ فی الاشتقاق أو لعدم التفاوت فی تحریم أم الزوجة بین سبق الأمومة علی الزوجیة و بین لحوقها لان الرضاع کالنسب و لو أمکن فرض ذلک فی النسب لثبت التحریم أو لا تحرم للاصل و لخروج الصغیرة بإرضاع الاولی عن الزوجیة إلی البنتیة و أم البنت غیر محرمة و لروایة علی بن مهزیار عن أبی جعفر ع حیث خطا ابن شبرمة فی قوله بتحریم الجاریة و امرأتاه و بنته کما فی أخری و فیه نظر لان خروج الصغیرة إلی البنتیة غیر مجد بعد أن کانت زوجة و الروایة ضعیفة السند بصالح بن حماد و مع ذلک فلا تخلو من إرسال لان المراد بأبی جعفر (علیه السلام) إن کان هو الباقر (علیه السلام) کما هو المعروف فی إطلاق أبی جعفر و لمقابلة قول بن شبرمة له فابن مهزیار لم یدرکه و إن کان الجواد علیه السلام فمع عدم انصراف الکنیة إلیه أن الروایة قد تضمنت قیل له و هو أن لم یکن ظاهراً فی عدم السماع غیر ظاهر فی السماع الرافع للإرسال و لا فرق فی الحکم المتقدم بین کون الکبیرتین زوجتین بالفعل أو کانا مطلقتین لبقاء معنی الزوجیة بعد الفراق نعم لو طلق الکبیرتین قبل أن یدخل بهما ثمّ أرضعتا الصغیرة بلبن غیره لم تحرم الصغیرة لصیرورتها بنت من لم یدخل بأمها فلو طلق زوجته فارضعت زوجته الصغیرة بلبنه أو بلبن غیره بعد الدخول بها حرمتا جمیعاً لانها بنت زوجه مدخول بها و لا یجدی کونها مطلقة و وافقنا علی ذلک المحقق و إن خالف فی الاولی و کأنه للروایة و لو کانت له أمةً یطأها فأرضعت زوجته الرضیعة بلبنه أو بلبن غیره حرمتا لصیرورة الامة أم زوجته و الصغیرة بنته أو ربیبته المدخول بأمها و إن کانت الامة غیر مدخول بها حرمت هی دون الصغیرة و یلزم الزوج بمهر الصغیرة عند انفساخ عقدها و لا یرجع به علی أمته لان المولی لا یملک فی ذمة عبده شیئاً قیل ما لم تکن مکاتبة مطلقة أو مشروطة استحق الرجوع علیها لصیرورتها بحیث یثبت علیها مالًا و لانقطاع سلطنته عنها و فیه نظر لمنع جواز تعلق الغرامة بذمتها مطلقاً و إن جاز لمولاها أن یأخذ من مال الکتابة ما ضمنته و یرجع به علی أمة غیره و لکن بعد زوال الرقیة عنها لعدم امتناع اشتغال ذمة عبد شخص لآخر و احتمال ضمانها فی

ص: 84

کسبها بعید و لو کان لاثنین زوجتان صغیرة و کبیرة فطلق کل منهما زوجته فتزوج بالاخری ثمّ ارضعت الکبیرة الصغیرة حرمت الکبیرة علیهما و حرمت الصغیرة علی من دخل بالکبیرة و وجهه ظاهره مما تقدم و لو زوج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة ثمّ ارضعت جدتهما احدهما انفسخ نکاحهما لان الجدة إن کانت للاب و کان المرتضع الذکر فإنه یصیر عماً لزوجته لانه صار اخا ابیها لامه من الرضاع و إن کان المرتضع الانثی فإنها تصیر عمة لزوجها لانها أخت أبیه لامه و إن کانت للام کما إذا کانا ولدی عم فإن کان المرتضع الذکر فإنه یصیر خالًا لزوجته لانه صار أخا أمها من الام من الرضاع و إن کان المرتضع الانثی فإنها تصیر خالة لزوجها لانها أخت امه من الرضاع و لو کان له زوجتان کبیرة و صغیرة فأرضعت أم زوجته الکبیرة زوجته الصغیرة انفسخ نکاحهما معاً بصیرورتهما أختا لزوجته الکبیرة و یحرم الجمع بین الأختین و لو أرضعت بین الاختین و لو أرضعت الصغیرة جدة الزوجة الکبیرة أو اختها فإشکال ینشأ من أن رضاع جدة الکبیرة یصیر الصغیرة عمة لزوجته الکبیرة إن کانت جدة لابیها أو خالة إن کانت جدة لأمها أو یصیر الکبیرة خالة للصغیرة إن کانت المرضعة أختها فیقضی بانفساخ عقدهما لمکان الجمع بین العمة و بنت الاخ أو الخالة و بنت الاخت و هو منهی عنه و من المنع من انفساخ النکاح بمجرد هذه النسبة لانه لو أذنت العمة أو الخالة أو تقدم عقد بنتی الاخ أو الاخت و رضیت العمة أو الخالة جاز الجمع و لم یقم دلیل علی منع الجمع هاهنا فیستصحب الحکم السابق و الاوجه أن یقال أن الرضاع قد سبب الجمع بین العمة أو الخالة و بین بنت الاخ أو الاخت فی زمن واحد بعد أن لم یکن کذلک و الجمع بینهما کذلک مبطل لأثر العقد من دون رضا العمة أو الخالة کما لو عقد علیهما دفعة و حینئذٍ فیبقی عقدهما موقوفاً فی الاستدامة کالابتداء فإن رضیت إحداهما کما لو أرضعت الصغیرة اخت الکبیرة فصارت الکبیرة خالتها أو أرضعت امرأة أخی الکبیرة تلک الصغرة فصارت الکبیرة عمتها مضی عقدهما و لا فسخ و إن لم ترض کان لهما فسخ عقد الصغیرة أو فسخ عقدها و إن کانت أحدهما هی الصغیرة بحیث لا یعتبر رضاها انفسخ عقدهما لعدم إمکان تحقق الرضا و عدم جواز الجمع أو

ص: 85

یبقی عقدهما موقوفاً إلی بلوغهما و ذلک کما لو ارضعت الصغیرة جدة الکبیرة لابیها أو أمها بحیث صارت الصغیرة عمة أو خالة و لو قلنا بأن العقد علی العمة أو الخالة و علی بنت الاخ أو الاخت دفعة یقع باطلًا اتجه هاهنا البطلان من حین الرضاع کالجمع بین الاختین فی الرضاع فیما إذا أرضعت الکبیرة زوجتیه الصغار لعدم إمکان الترجیح و عدم جواز الجمع.

التاسع: إذا ادعی أحد الزوجین الرضاع المحرم

فإن کان المدعی هو الزوج فإما أن یمکن وقوع دعواه عادة أو لا یمکن فإن لم یمکن من جهة سنه أو سن المرضعة أو سن من ارتضع معه أو من جهة مکان أو غیر ذلک لم تقبل دعواه قط و لا یؤخذ بإقراره و إن أمکن سمعت دعواه و قبل إقراره کما لو ادعی ذلک قبل التزویج فإن کذب نفسه بعد الإقرار لم یسمع تکذیبه لعموم إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز فإن ادعی أمراً محتملًا فی الإقرار عادة کما یقول اجزتنی امی بالرضاع و بعد ذلک تبین عدم إکمال النصاب أو نحو ذلک ففی سماع دعواه وجهان و ظاهر الأصحاب عدم جواز السماع و مضی الإقرار علیه و لو قیل بجواز سماعها لکان أوجه لانه امر لا یعلم إلا من قبله و للزوم العسر و الحرج لولاه و الفرق بین تکذیبه لاقراره الأول بعد التزویج فیسمع و بین ما کان قبله فلا یسمع و لا یجوز له الدخول بها قوی ثمّ اذا لم یکذب نفسه و مضی علی إقراره بالرضاع فإن کان قبل الدخول و صدقته زوجته علی تلک الدعوی فلا مهر و لا متعة لانتفاء النکاح و إن کذبته فإن أقام بینة حکم له بها و إن لم یکن له بینة حکم علیه بالحرمة مؤاخذة له بإقراره و لا یقبل قوله بالنسبة إلی الزوجة بل لها المهر المسمی کملًا لانه فرقة من قبل الزوج قبل الدخول فتستحق المهر بالعقد و تنصیفه بالطلاق للدلیل و یحتمل أن لها النصف إلحاقاً بالطلاق و هو أقوی و إن ادعی علیها العلم کان له الیمین منها علی نفیه فإن لم تحلف أو ردت علیه الیمین فحلف سقط عنه المهر و هل الیمین المردودة هنا بمنزلة البینة فتجری علیها أحکام الرضاع اجمع أو بمنزلة الاقرار فیجری علیها احکامه وجهان و لا یبعد انها هنا بمنزلة الاقرار فیما یتعلق بالزوج خاصة و لا یجری علیها جمیع أحکام الرضاع و إن کان بعد الدخول فإن

ص: 86

صدقته علی أنها عالمة بذلک سابقاً فهی بغی لا مهر لها و إن لم تکن عالمة سابقاً و إنما تجدد لها العلم کان لها مهر المثل لأنه قیمة البضع عند استیفائه بغیر عقد و لأصالة عدم ثبوت المسمی لتبعیة للعقد و المفروض فساده و قیل أن لها المسمی لوقوع التراضی علیه فی العقد فکان العقد کالصحیح المقتضی لتضمین البضع بما وقع علیه التراضی و هو ضعیف و لو قیل بلزوم أقل الامرین من مهر المثل لأنه هو العوض عند تلف البضع أو المسمی لاقدامها علی الرضا به و بذل البضع فی مقابلته لکان حسناً و إن أکذبته کان القول قولها فإن أقام بینة سمعت بینته و کان لها علیه مهر المثل ان لم یدع علیها العلم و أقام بینة علی ذلک و إن لم یقم بینة کان لها علیه جمیع المسمی و لزمه اجتنابها فإن أراد أن یحلفها علی نفی العلم حیث لا بینة له کان له ذلک فإن حلفت لزمه المسمی و إن نکلت او ردت الیمین فحلف علی ثبوت الرضاع نفسه لزمه مهر المثل دون المسمی سواء قلنا أن الیمین المردودة بمنزلة البینة أو قلنا بمنزلة الإقرار و إن حلف علی علمها لم یلزمه فی المهر شی ء لأنها مع العلم لا تستحق شیئاً و إن کانت المدعیة هی الزوجة سمعت دعواها بالنسبة إلی نفسها فإن ادعت العلم به حین العقد سقط مهرها لاقرارها بأنها بغی و إن کان فعلها مکذب لقولها لأن إقرار العقلاء علی انفسهم جائز و إن لم تدع العلم به حین العقد سمعت دعواها أیضاً لاحتمال تجدد علمها و استحقت مهر المثل بموجب إقرارها و أما بالنسبة إلی الزوج فإن صدقها بانت منه و لا مهر لها قبل الدخول لحصول الفرقة من جانبها فلا تستحق شیئاً و لها مهر المثل مع جهلها و الدخول بها و إن کذبها فإن أقامت بینة حکم لها بها و إلا لم یسمع قولها فی حقه و لزمها أن لا تمکنه من نفسها و تفتدی بما أمکنها و ثبت لها مهر المثل و یحتمل المسمی لوقوع التراضی علیه و یحتمل أقل الأمرین للجمع بین ما وقع التراضی علیه لو کان هو الاقل من مهر المثل و بین قیمة البضع عند استیفائه شرعاً و یجب علی الزوج دفع المسمی لأنه هو الذی أقر به و لو زاد علی مهر المثل کان مالًا لا یدعیه أحد فإما أن یدسه فی أموالها أو یجری علیه حکم مجهول المالک و لها إحلافه علی نفی العلم لو ادعت علیه العلم أو احتملته فی وجه فإن نکل أو رد الیمین حلفت علی البت فتبنی منه و استحقت مهر المثل أو أقل

ص: 87

الامرین فإن نکلت أو حلف هو سابقاً فإن کان قد دفع الصداق إلیها لم یکن له مطالبتها به مطلقاً زاد علی مهر المثل أو ساواه و إن لم یکن دفعه فلیس لها المطالبة بالمسمی و علیه إیصاله إلیها أو یبقی مجهول المالک و لیس لها المطالبة بحقوق الزوجیة جماعاً أو غیره مع احتمال أن لها المطالبة بغیر القسم و الجماع مؤاخذة له بإقراره و یحتمل أن لها المطالبة بخصوص النفقة لأنها محبوسة علیه و المنع من الاستمتاع إنما جاء من قبیل الشارع و هو ضعیف نعم لو قیل بالفرق بین رجوعها عن دعوی الرضاع و تکذیبها نفسها فلها المطالبة و بین عدمه فلیس لها المطالبة قوی.

العاشر: تجوز شهادة النساء علی ثبوت الرضاع المحرم علی الانفراد و الانضمام

علی الأقوی لعسر اطلاع الرجال علیه و ما یعسر اطلاع الرجال علیه قبلت فیه شهادة أما الصغری فبالوجدان و أما الکبری فلقول الرضا (علیه السلام) فی روایة محمد بن الفضیل یجوز شهادة النساء فما لا یستطیع الرجال أن ینظروا إلیه و فی آخر مثله و زیادة و یشهدوا علیه و فی ثالث فی کل ما لا یجوز للرجال النظر إلیه و فی رابع فی کل شی ء لا ینظر إلیه الرجال تجوز شهادة النساء فیه و فی خامس یجوز شهادة النساء فی العذرة و کل عیب لا یراه الرجال و ربما یستدل علیه بالأصل (و بالموثق) فی امرأة أرضعت غلاماً و جاریة فقال یعلم ذلک غیرها قلت لا قال لا تصدق فإن لم یکن غیرها و مفهومه إن کان غیرها صدقت و هو شامل للرجال و النساء و کلاهما ضعیف لأن الأصل مقلوب و المفهوم ضعیف و الاقوی اشتراط شهادة الاربع للأصل و لما علم من الاستقراء فی باب الشهادات أن کل امرأتین برجل و للامر بإشهاد رجل و امرأتین و ما دل علی قبول شهادة ما دون الاربعة بحسابها فالربع بالواحدة و النصف بالاثنین و الثلاث أرباع بالثلاث و للدلیل کما ورد فی الوصیة و میراث المستهل و ذهب جمع من أصحابنا إلی قبول شهادة الاثنتین المسلمتین من عیوب النساء و الاستهلال و النفاس و الحیض و الولادة و الرضاع عند الضرورة و إذا لم یوجد إلا واحدة مأمونة قبلت أیضاً فی ذلک للصحیح سأله عن شهادة القابلة فی الولادة قال تجوز شهادة الواحدة و هو ضعیف لمنع استباحة الضرورة لما خالف الأصل من اشتراط العدالة فی الشهادة و من اشتراط التعدد

ص: 88

و الخبر ضعیف لاختصاصه فی القابلة و احتمال إرادة القبول فی الربع و نقل عن بعض القدماء القول بقبول الواحدة فی الرضاع و الحیض و النفاس و الاستهلال و الولادة و العذرة و عیوب النساء من غیر ضرورة و عن ابن الجنید اعتبار الاربع فی مجموع ما یشهدن به و دونها بحسابه و هما ضعیفان و تجوز شهادة المرضعة بالإرضاع ما لم تدعی أجرة و نحوها و ثبوت المحرمیة لها لیس من النفع المانع من القبول و کونها بمنزلة الشهادة علی فعلها غیر مانع لاحتمال ارتضاعه سهواً أو هی نائمة و یشترط فی شهادة الرضاع سواء کانت علی الفعل أو الإقرار إضافة التحریم إلیه کان یقول رضع رضاعاً محرماً لأن الرضاع أعم من ذلک و قد تکفی القرائن الفعلیة أو المقالیة عن التصریح و ظاهر الأصحاب اشتراط التفصیل بذکر سبب التحریم لاختلاف الآراء فیه فتختلف المجتهدون فیه و المقلدون و ربما شهد الشاهد بالرضاع المحرم و لم یکن عند المشهود عنده کذلک و قد یناقش فی ذلک و یحکم بقبول شهادة العدل العارف الإطلاق لأن الظاهر من إطلاق شهادة العدل أنه لا شهد إلا بالمحرم علی جمیع المذاهب أو بما هو عند المشهود عنده کما نکتفی فی شهادة العدالة و الجرح و النسب و الفقر و کثیر من الموضوعات المختلف فیها بذلک إلا أن اتباع الأصحاب أجمل و استثنی بعضهم من ذلک ما لو کان الشاهد مقلداً للمشهود عنده فی أحکامه موثوقاً بمعرفته أو کان مجتهداً موافقاً للمشهود عنده فی المذهب موثوقاً به فإنه تقبل شهادته علی الإجمال لأن الظاهر من حاله إرادة المحرم علی مذهب المشهود عنده و مرجع هذا إلی القرائن الظنیة الماخوذة من ظاهر حال الشاهد و فی الاکتفاء بها إذا لم نبن علی ما قدمنا إشکال و الأحوط عدمه و لا یشترط سؤال الشاهد بعد شهادته بالرضاع عن خصوص التقام الثدی و مصه و دخول اللبن إلی الجوف و عدم قیئه دفعه و غیر ذلک لأن الشهادة بالرضاع جامعه لذلک نعم یشترط علم الشاهد إذا شهد بحصول اللبن فی الثدی و امتصاص الولد له و جذبه منه و ابتلاعه و وصوله إلی جوفه کی لا یشهد إلا علی مثل الشمس و الأظهر أن وصوله إلی الجوف یکفی فیه الظن العادی بالوصول کما هو شأن المرتضعین و لا یقدح فیه احتمال أن فی حلقومه ثقباً فینحدر منه أو أنه یجمعه فی حلقه أو

ص: 89

فی حلقومه مدة ثمّ یمجه و کذا یکفی الظن الناشئ من الاستصحاب بعدم قیئه دفعه و بعدم صیرورته جنباً قبل وصوله و بعدم امتزاجه بما یخرجه عن اسمه و لو لا ذلک لما قبلت الشهادة بالرضاع بل بکثیر من الافعال و الملکات لأن القطع بکل جزئی متعسر فی کثیر من المقامات و قد یقال أن أکثر هذه مما یحصل بها القطع العادی لا الظن فهو معتبر لذلک و هو حسن إلا أنه مخالف للوجدان غالباً و بالجملة فالقول أن الشهادة فی الرضاع کالشهادة علی تحقق الزنا منظور فیه و لو شهد الشاهد بنفس المقدمات کما یقول رأیته التقم الثدی و یمص به لم تکن شهادة بالرضاع و إن کان من شأنها الترتیب الرضاعی إلا أن یقطع الشاهد به فیشهد بالقطع و لا یقبل فی الرضاع شاهد و یمین لأنه لیس مالًا و لا یؤول إلی مال و لا تقبل شهادة النساء لا منفردات و لا منضمات علی الظاهر و لا شاهد و یمین فی الإقرار بالرضاع لأنه لیس مالًا و لا یعسر اطلاع الرجال علیه غالباً و یکفی فی الإقرار بالرضاع کونه الرضاع المحرم و لا یحتاج إلی التفصیل لعموم حجیته الإقرار و ظهوره فی التحریم علی جمیع المذاهب ما لم یظهر من حالة أنه أقر علی مذهب یغایر مذهب المقر له.

الحادی عشر: لو اشتبهت المحرمة بالرضاع بغیرها فإن کان فی محصور وجب اجتنابها

من باب المقدمة و إن کان فی غیر محصور جاز و لو عقد علی من وجب اجتنابه أثم و کان بحکم الزانی و فی جریان حکم الزانی علیه وجه و یبعد فی الحدود لقوله (علیه السلام) ادرءوا الحدود بالشبهات و لو تبین الخلاف بعد العقد فالاظهر صحة العقد لصدوره من أهله فی محله و لا مدخلیة للنیة و المدار فی المحصور و عدمه عن العرف و قد یحد بما لا یعسر تجنبه غالباً و بما یعسر کذلک و إن أمکن لأوحدی الناس و قد یحد بما یمکن ضبط عدده غالباً و بما لا یمکن و إن أمکن لأوحدی الناس و فی الاخبار ما یدل علی عدم لزوم اجتناب غیر المحصور فی مواضع عدیدة.

الثانی عشر: لو شک فی حصول الرضاع المحرم من بلوغ العدد أو وصول اللبن إلی الجوف أو غیر ذلک لم یحکم بحصوله

للأصل و لو شک فی وقوعه فی الحولین و عدمه تعارض الأصلان فإن علم تاریخ أحدهما تأخر عنه مجهول التاریخ علی

ص: 90

الاظهر و الارجح ما وافق أصل الإباحة و العمومات القاضیة بالحل دون ما وافق دلیل التحریم لأن عموم التحریم موقوف علی حصول شرط لا ارتفاع مانع کما قد یتخیل فما لم یعلم تحققه لم یحکم بشموله و قد یرجح جانب التحریم بقوله ما اجتمع الحلال و الحرام إلا و غلب الحرام و بالاحتیاط و ان الأصل المؤسس خیر من المؤکد و الناقل خیر من المقرر و الکل ضعیف.

الثالث عشر: لو تزوج بنت الأخ أو الأخت علی العمة أو الخالة من الرضاع من الطرفین أو من طرف واحد کان حکمه حکم النسب

لعموم یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و خصوص الصحیح لا تنکح المرأة علی عمتها و لا علی خالتها و لا علی أختها من الرضاعة أما الزنا بالام أو البنت أو إیقاب الغلام و نحوها ففی جریان حکم التحریم فی الرضاع مثل ما حرم به فی النسب فإشکال ینشأ من عموم الخبر المتقدم و من الشک فی انصرافه لمثل هذه الموارد لظهورها فی النسب و قد یؤید الأول الصحیح فی رجل فجر بامرأة أ یتزوج أختها من الرضاعة أو بنتها قال لا و فی جریان حکم الظهار فی الأم الرضاعیة وجه لیس بالبعید و فی کون الرضاع سبب الانعتاق القریب بالملک قولان تقدم الکلام علیهما و فی تحریم بنت العمة و الخالة لو زنا بأمهما من الرضاع أو کانا هما رضاعیین وجهان و الاقوی التحرم و قد یناقش فی شمول دلیل التحریم لمثل ذلک و من المقطوع به أن حکم الرضاع کحکم النسب فی الجمع بین الاختین متعة أو دواماً أو ملک یمین بمعنی أنه إذا وطأ أحد المملوکین له لا یجوز له وطء الثانیة التی هی أختها من الرضاع لعموم و لا تجمعوا بین الاختین و الرضاع هنا کالنسب.

الرابع عشر: مما یحرم بالسبب المصاهرة

اشارة

و المصاهرة علاقة تحدث بین الزوجین و أقر کل منهما سبب النکاح توجب الحرمة و یلحق بالنکاح الوطء و النظر و اللمس علی وجه مخصوص و قیل هی القرابة بالزواج و ما فی حکم أو الحرمة بتلک القرابة و یظهر من بعض أن الأول هو المعروف من معناها لغة و عرفاً فلا یحتاج إلی إضافة وطء الشبهة و الزنا و وطء الامة و نحوها من نظر و لمس و إن أوجبت حرمة علی بعض الوجوه

ص: 91

لأن ذلک لیس من المصاهرة بل من جهة ذلک الوطء و شبهه و إن جرت العادة بالحاقها فی بابها

و هنا أمور

[احدها: من وطأ امرأة بالعقد الصحیح حرم علی الواطئ ام الموطوءة و إن علت و بناتها و إن سفلن]

أحدها: من وطأ امرأة بالعقد الصحیح دواماً أو متعة أو ملک یمین للعین أو تحلیل للبضع سواء کان أ یوصل قبلًا أو دبراً لجریان أحکام الوطء فی الدبر مجری القبل و لإطلاق اسم الدخول علیه عرفاً و کذا اسم الوطء و لا یتفاوت بین کون الوطء مع بلوغ الواطئ أو بلوغ الموطوءة و بین عدمه و بین قصدهما و بین کون الوطء محللًا او

محرما کالوطئ فی الإحرام أو الحیض کل ذلک لإطلاق الأدلة و شمول الدخول بجمیع ذلک حرم علی الواطئ أم الموطوءة لأب أو لأم و إن علت و بناتها و إن سفلن لابن أو لبنت تقدمت ولادتهن کما تنطق به الأخبار و شهد به الإجماع و ما نسب لعلی (علیه السلام) من اشتراط الکون فی الحجر فمن أکاذیب للعامة و أما التقید فی الآیة فجار مجری الغالب فیلغی فیه المفهوم و یناقش فی کونه الغالب لکثرة ما یکون للربیبة أب لاحق لکونها زوجة أو سابق فتکون فی حجر الأب و قد تکون کبیرة مستقلة أو من زوجة أو نحو ذلک إلا أن یحمل الغالب علی المنشئیة أو للتعلیل کما فی (الکشاف) و تکون العلة هنا بمنزلة الحکم أو لعدم اختصاص الربیبة فی اللغة ببنت الزوجة و إن شاع ذلک فی العرف فیکون الوصف للتقید و التخصیص ببنت الامرأة لأنها فی حفظ الرجل و حضانته و ستره غالباً أصالة أو بالعرض کما أن الرقیق عیال المولی و إن تختلف نادراً أو أن المراد بالحجر القرابة فیکون الوصف للتوضیح و ما ورد فی شواذ الأخبار من جواز وطء ابنته المملوکة الموطوءة و أنها لیست بمنزلة الحرة مطرح لا یلتفت إلیه و کما تحرم علی الواطئ الأم و إن علت و البنت و إن سفلت کذلک یحرم علی الموطوءة أبو الواطئ و إن علا و أولاده و إن سفلوا تحریماً مؤبداً و تحرم علی الواطئ أیضاً أخت الزوجة جمعاً إجماعاً و یحرم العقد علی بنت أخیها و أختها جمعاً بدون رضاها إجماعاً و الأخبار ناطقة به و ما ورد مما یوهم خلافه متروک أو محمول علی تقدیر رضاها.

ص: 92

ثانیها: لو تجرد العقد عن الوطء دواماً أو متعة حرمت المعقود علیها علی أب العاقد

و إن علا جد الأب أو الأم و أولادها و إن سفلوا لابن أو بنت للإجماع و الأخبار و الکتاب و حرم علی العاقد بنتها و إن سفلت لابن أو بنت لا عیناً فلو فارق الأم قبل الدخول جاز له نکاح بنتها للإجماع و الکتاب و السنة و الأقوی و الأظهر تحریم أمها عیناً مؤبداً لظاهر الکتاب و هو قوله تعالی: (وَ أُمَّهٰاتُ) الآیة لأن الظاهر رجوع القید للجملة الأخیرة دون کل واحدة و دون المجموع و دون الأولی لأن المتیقن تقید الأخیرة و الأصل بقاء إطلاق غیرها و لأنه إن علّق بالجملتین مجرد قوله: (اللّٰاتِی دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) لزم الفصل بین الصفة و الموصوف بجمل أجنبیة و جوازه ممنوع و إن علّق بهما جملة قوله: (مِنْ نِسٰائِکُمُ اللّٰاتِی دَخَلْتُمْ بِهِنَّ)، لم یصح أیضاً إلا أن یکون من اعتبار الأولی بیانیة و باعتبار الثانیة ابتدائیة و یلزم منه استعمال المشترک فی معنییه و هو ممنوع إلا أن تحمل علی استعمالها فی القدر المشترک و هو الاتصال و یکون المجموع حالًا عن أمهات النساء و الربائب جمیعا و هو مجاز یحتاج إلی القرینة و للأخبار الخاصة الدالة علی التحریم کموثق أبی بصیر المفصل بین الأم و البنت و غیره المؤیدة بفتوی المشهور الذی هو من أعظم المرجحات و بظاهر الکتاب و بمخالفة العامة و الرشد فی خلافهم و بالاحتیاط المطلوب فی الفروج و للأخبار المصرحة فی اختصاص القید بالأخیرة و التعمیم فی غیرها و أنکم أبهموا ما أبهم الله بمعنی عمموه کما عممه الله تعالی من الإبهام و هو الإغلاق أومن الإبهام الذی لم یتبین و یفصل أو من الإبهام الذی لم یخالطه شی ء آخر یشوبه و المعنی أن تحریم أمهات النساء مغلق لم یداخله حل أو لم یخالطه کذلک أو لم یقید و یبین شی ء و فی الخبر لو تزوج الابنة ثمّ طلقها قبل أن یدخل بها لم تحل له أمها قال قلت أ لیس هما سواء فقال لا لیس هذه مثل هذه أن الله تعالی یقول و أمهات نسائکم لم یُستثن فی هذه کما اشترط فی تلک هذه هنا مبهمة لیس فیها شرط و تلک فیها شرط و خالف فی ذلک الحسن فاشترط فی تحریم الأم عیناً الدخول بالبنت للصحیح فی رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن یدخل بها أ یتزوج فقال أبو عبد الله (علیه السلام): (قد فعل

ص: 93

رجل منّا فلم یر به بأساً)، فقلت: جعلت فداک ما تفخر الشیعة إلا بقضاء علیّ (علیه السلام) فی هذه الشمخة التی أفتی بها ابن مسعود أنه لا بأس بذلک ثمّ أتی علیاً (علیه السلام) فقال من این أخذتها فقال من قول الله عز و جل (وَ رَبٰائِبُکُمُ اللّٰاتِی فِی حُجُورِکُمْ) الآیة. فقال (علیه السلام) أن هذه مستثناة و هذه مرسلة و أمهات نسائکم فقال أبو عبد الله أما تسمع ما یروی هذا عن علی (علیه السلام) فلما قمت ندمت و قلت أی شی ء صنعت یقول هو قد فعله رجل منا فلم یر به بأساً و أقول أنا قضی علیّ (علیه السلام) فلقیته بعد ذلک فقلت جعلت فداک مسألة الرجل إنما کان الذی قلت زلة منی فما تقول فیها فقال یا شیخ تخبرنی أن علیاً (علیه السلام) أفتی فیها و تسألنی ما تقول فیها و لصحیح جمیل بن درّاج و حمّاد بن عیسی عن (علیه السلام) قال: (الأم و البنت سواء إذا لم یدخل بها)، یعنی إذا تزوج المرأة ثمّ طلقها قبل أن یدخل بها فإن شاء تزوج أمها و إن شاء تزوج بنتها و لصحیح صفوان رجل تزوج امراة فهلکت قبل أن یدخل بها تحل له أمها قال و ما الذی یحرم علیه منها و لم یدخل بها و یستدل له بالاصل و بان الصفة قید للنساء فی الجملتین لأن القید بعد الجمل راجع للکل و الکلّ ضعیف أما الروایة الأولی فهی إما مجملة أو أدل علی مطلوبنا لإعراض الإمام (علیه السلام) عن التصریح فی الجواب إلی قوله قد فعله رجل منا و لعدم ثبوت کون الفعل بالنون مبنی للمعلوم أو بالیاء مبنی للمجهول و لا دلالة فیه علی الاخیر بل فیه ظهور بالتقیة و إنه رأی العامة و لنسبة التحریم من الراوی إلی الشیعة و ظاهره أنه کان ذلک الیوم مذهباً لهم فیکون کالإجماع المنقول و لتقریر الإمام (علیه السلام) لما رواه الرجل عن علی و عدم إنکاره علیه بل ربما ظهر منه إنکار المخالفة لقضاء علی (علیه السلام) و إن قضاءه وقضاءه لا یختلف عنه و أما الثانیة فهی مضطربة الإسناد لأن الأصل فیه جمیل و حماد بن عثمان و هما تارة یرویان عن ابی عبد الله (علیه السلام) بلا واسطة و أخری بواسطة الحلبی و جمیل قد یرویه

ص: 94

مرسلًا و قد یرویه سنداً و الاضطراب یفید ضعفاً فی الحدیث ثمّ أن التفسیر لم یعلم کونه من الإمام (علیه السلام) أو الراوی و لو کان من الراوی لکان احتمال رجوع ضمیر بها إلی الأم فالمعنی إذ لم یدخل بالام کانت هی و البنت سواء فی الحل متوجهاً أو یکون المعنی أنه إذا تزوج الأم و البنت و لم یدخل بهما فهما سواء فی التحریم جمعاً لا عیناً و مع قیام هذین الاحتمالین یضیف الاعتماد علیها نعم روی الصدوق (رحمه الله) الأم و الابنة فی هذا سواء إذا لم یدخل بأحدهما حلت له الاخری و هو محتمل لکونه تفسیراً من الصدوق بل ظاهر فیه لمکان الاختلاف الحاصل فی الروایة بعد قوله سواء و أما الثالث فهو مضمر شاذ ضعیف عن مقاومة الأخبار المقابلة له المعتضدة بما قدمنا فما یظهر من بعض المتأخرین من حمل الأخبار المانعة علی الکراهة و حمل هذه علی الجواز ضعیف جداً لا یلتفت إلیه و أما الآیة فقد بینا أن الاظهر فیها بحسب القواعد العربیة و الاصولیة و بحسب فهم أهل العرف هو رجوع القید للجملة الأخیرة فیبطل بذلک احتمال رجوعه إلی الجمیع علی أن المعروف بین أهل العربیة و المنقول عنهم عدم جواز وصف الاسمین المختلفین بالعامل بوصف واحد فلا یجوز قام عمر و قعد زید الظریفان و علی ذلک فلا یجوز جعل الوصف باللاتی دخلتم بهن لنسائکم فی المقامین و هما مختلفی العامل و لو عقد شخص فضولًا عن بنت علی رجل فهل له قبل تبین الحال العقد علی أمها أم لا و یبنی ذلک علی أن الإجازة کاشفة أو ناقلة و إن صحة العقد هل تتبعض أم لا و إن اللزوم من طرفها یوجب ترتب إثارة أم لا و إن لفظ هل تصدق علی المعقود علیها فضولًا أم لا و هل للمعقود علیها فضولًا التزویج قبل إجازته أو فسخها أم لا یبعد لزوم الاحتیاط فی الجمیع.

ثالثها: لا تحرم مملوکة الابن علی الأب و لا العکس بمجرد الملک

و تحرم مملوکة کل منهما مع الوطء علی الآخر للإجماع بقسمیه و لما شعر به الآیات المحرمة و لقوله (علیه السلام) إذا اتی الجاریة و هی حلال فلا تحل تلک الجاریة أبداً لابنه و لا لابیه و غیره من الأخبار المشعرة و لا یجوز للوالد وطء جاریة ابنه الکبیر لحرمة التصرف بمال الغیر

ص: 95

عقلًا و شرعاً سواء قومها علی نفسه أم لا و سواء قطع برضا ولده أم لا لأن الإذن الفحوائیة لا یستباح الفرج بها و ما ورد فی الصحیح أو الحسن عن أبی الحسن (علیه السلام) قال قلت الرجل تکون لابنه جاریة أله أن یطأها فقال: (یقومها علی نفسه قیمة و شبهة علی نفسه بثمنها أحب إلی)، و الظاهر أن قوله أحب راجع إلی الأشهاد محمول علی کون الولد صغیراً أو أنه إذن له فی ذلک و کذا ما ورد عن الرضا (علیه السلام) أنی کنت وهبت لابنتی جاریة حیث زوجتها فلم تزل عندها فی بیت زوجها حتی مات زوجها فرجعت إلی هی و الجاریة أ فتحل لی الجاریة أن أطأها، فقال: (قومها بقیمة عادلة و اشهد علی ذلک ثمّ أن شئت فطأها)، محمول علی إذن البنت کما یدل علیه روایة الحسن بن صدقة فیمن اشتری جاریة لابنته من صداقها أ یحل له أن یطأها فقال لا إلا بإذنها و أما الصغیر فلأب وطأها بعد تقویمها قیمة عدل ثمّ یأخذها و یکون لولده علیه ثمنها کما فی خبر بن سرحان و فی آخر فی جاریة الابن لی صغیر أ یجوز لی أن أطأها فکتب لا حتی یخلصها و ظاهر هذه الأخبار و غیرها لزوم التقویم أولًا ثمّ الوطء و الأحوط ضم الإشهاد کما تشعر به الأخبار و یراد بالتقویم هنا نقلها إلیه بثمنها بأحد النواقل الشرعیة بقرینة قوله (علیه السلام): (حتی یخلصها)، و قوله (علیه السلام): (بثمنها)، و الغالب کون الثمن ثمنا للمبیع فلا یکفی مجرد التقویم لأجل ضمانها لو تلفت و لا التقویم مع نیة التملک به من دون إیجاب و قبول لفظی أو فعلین یتولاهما الأب بالولایة لأصالة عدم النقل نعم لو قومها فنوی انتقالها إلیه بالقبض و الدفع ملکها بذلک الثمن و لا یفتقر إلی نیة کونه بیعاً أو صلحاً لانصراف النقل فی الاعیان إلی البیع بل لا یبعد أن تقویمها و قبولها بتلک القیمة ناقل بنفسه و إن لم یکن من العقود المعهودة فیکفی مجرد قوله قبلتها بقسمتها أو قبضها علی تلک القیمة لیکون موجباً قابلًا و قد تشعر بذلک الأخبار و فی اشتراط المصلحة للمولی علیه وجه یوافقه الاحتیاط و الأوجه الاکتفاء بعدم المفسدة و فی اشتراط الملاءة وجه قوی مع احتمال عدم الاشتراط لإطلاق الأخبار المؤیدة بقوله (علیه السلام): (أنت و مالک لأبیک)، و فی سریان حکم الأب للجد لاشتراکه

ص: 96

مع الأب فی الولایة وجه قوی و قد یقتصر علی خصوص الأب لأنه مورداً للنص فی ما خرج عن القواعد فی الاکتفاء بالتقویم و فی عدم اشتراط الملاءة و فی عدم اشتراط المصلحة و هذا أقوی إلا أنه بالنسبة إلی غیر الجد من الاولیاء و أما بالنسبة إلی الجد فالأقوی مساواته للاب و لو بادر الأب إلی وطء مملوکة ابنه فإن کان عن زنا لم تحرم علی الولد قبل الوطء الولد لها و بعده فإن حملت منه ملکه الولد لعدم انعتاق ولد الزنا ذکرا کان أو أنثی و لا حد علی الأب لعدم ثبوت العقوبة علی الوالد شرعاً من قبل ولده لأن الأب أصل له و للنص (و لو کان الزانی هو الولد ثبت علیه الحد و ملک أبوه ولده و لا ینعتق علیه و یغرم کل منهما للآخر العقر أو مهر المثل و أرش البکارة و إن کان عن شبهة لزم کل منهما العقر أو مهر المثل و سقط الحد و انعتق ولد الولد علی جده إن کان الواطئ هو الولد و ملکه الأخ إن کان الواطئ هو الأب و کان الولد ذکراً و إلا انعتق علی الأخ إن کان أنثی و یجب علی الأب فکه بقیمته من الولد إن کان ذکراً و لا یجب علی الولد فک ابنه من أبیه لانعتاقه علیه و صیرورته حراً ابتداءً و الاظهر أن الولد حر ابتداءً مطلقاً و وجوب فکه بالقیمة تعبدی محض لا أنه یتحرر بالقیمة کما یظهر من جملة من عباراتهم و قد یناقش فی عدم لزوم قیمة الولد لو انعتق قهراً علی مالک الأمة فتأمل.

رابعها: تحرم أخت الزوجة جمعاً

إجماعاً فیبطل عقد اللاحقة ما دامت السابقة زوجته أو فی عدة رجعیة و لو عقد علی الاختین بطل العقد للزوم الترجیح من دون مرجح و له الخیار فی تجدید العقد علی أیهما شاء و لیس له اختیار أحدهما بذلک العقد و علی ما ذکرنا ینزل قوله (علیه السلام) فی رجل تزوج أختین فی عقدة واحدة فقال: (هو بالخیار یمسک أیتهما شاء و یخلی سبیل الاخری)، و الآخر فی رجل نکح امرأة ثمّ أتی أرضاً فنکح أختها و هو لا یعلم قال: (یمسک أیتهما شاء و یخلی سبیل الأخری و لو بانت الأولی منه بعدة بائنة بطلاق أو فسخ جاز التزویج بالأخری)، مطلقاً کما هو ظاهر الأصحاب لانقطاع العصمة و فی الحسن فی رجل طلق امرأته أو اختلفت أو بارأت أله أن یتزوج بأختها فقال: (إذا برأت عصمتها و لم یکن له علیها رجعة فله أن

ص: 97

یخطب أختها)، و قریب إلیه الآخر فی المختلعة و منهما یظهر أن انقضاء أجل المتعة یجوز التزویج بالثانیة و إن لم تمض عدتها کما هو ظاهر الأصحاب بل یظهر من ابن إدریس أنه مجمع علیه فما ورد فی الصحیح فی الرجل یتزوج المرأة متعة إلی أجل مسمی فینقضی الاجل بینهما حل له أن ینکح أختها قبل أن تنقضی عدتها فکتب لا یحل له أن یتزوجها حتی تنقضی عدتها مطرح أو محمول علی الندب و یجوز جمع الأختین فی الملک لانصراف النهی عن الجمع فی الکتاب إلی النکاح و لکن إذا وطأ أحدهما حرم علیه و وطء الأخری فلو فعل حراماً و وطأ الأخری انتقل التحریم إلی الأولی فیحرم علیه وطء الأولی التی وطأ حتی تموت الثانیة أو یفارقها کما فی الخبر و ظاهره أن الثانیة تعود حلالًا و فی ذیله و لیس له أن یبیع الثانیة من أجل الأولی لیرجع إلیها إلا أن یبیع لحاجة أن یتصدق بها أو تموت و فی أخری و إن کان إنما یبیعها لیرجع إلی الأولی فلا و لا کرامة و ظاهرهما أنه لو باع بذلک القصد لم تحل له الأولی عقوبة لفعله لا أن البیع یقع فاسداً و سیجی ء إنشاء الله تعالی تتمة الکلام.

خامسها: یحرم الجمع بین العمة و الخالة نسبیین أو رضاعیین
اشارة

و یحرم إدخال بنت الأخ و الأخت علی العمة و الخالة کذلک کل ذلک بدون رضاء العمة و الخالة فلو رضیا جاز الجمع و جاز الإدخال و یجوز إدخال العمة و الحالة علی بنت أخیها و أختها و إن لم ترض الدخول بها

فهنا صور
أحدها: الجمع بین العمة أو الخالة مع بنت الأخ أو الأخت بعقد واحد

من دون رضا العمة أو الخالة و الأظهر أنه لو جمعهما کان عقد العمة صحیحاً و کذا الخالة و کان عقد بنت الأخ أو الأخت بمنزلة الفضولی فإن اجازته العمة أو الخالة لزم و إلا وقع باطلًا و یحتمل بطلانهما من أصله للنهی عن الجمع و هو مقتضی للفساد و یحتمل ثبوت الخیار للعمة بین فسخ عقدها و بین فسخ عقد بنت أخیها و کذا الخالة أو إجازتهما فیصحا معاً و یحتمل صحة الجمیع و لزومه حملًا للنهی عن الجمع علی النهی عن إدخال البنتین علی العمة أو الخالة و أجود الوجوه الأول.

ص: 98

ثانیها: إدخال العمة أو الخالة علی البنتین

فیحتمل فیه لزوم عقد البنتین للحکم بصحته سابقاً فیستصحب و یبقی عقد العمة أو الخالة موقوفاً علی رضاهما مع جهلهما بالمدخول علیهما مطلقاً أو جهلهما بکونهما بنت أخ أو أخت و معناه أنه یقع صحیحاً و لهما فسخه لا أنه یتوقف تأثیره علی الإجازة و یحتمل وقوع عقد العمة أو الخالة باطلًا لمکان حصول الجمع المنهی عنه به و یحتمل بطلانهما معاً و هو ضعیف جداً و یحتمل وقوع عقد العمة و الخالة موقوفاً علی الإجازة کالفضولی و یحتمل أن للعمة أو الخالة فسخ عقدهما أو فسخ عقد البنتین بمعنی أن لهما الخیار فی ذلک و یحتمل صحتهما معاً و لزومهما لأن النهی المقطوع به هو إدخال البنتین علیهما دون العکس و ما دل علی النهی عن الجمع محمول علی ذلک و أوجه الوجوه بحسب الدلیل أما القول بصحتهما و لزومهما لعموم الأدلة و لإطلاق کثیر من الفقهاء و جواز إدخال العمة أو الخالة علیهما دون العکس فیخرج المقطوع بمنعه و یبقی الباقی أو القول بتوقف صحة عقد العمة و الخالة علی إجازتهما فیکون کالفضولی فما دل علی الفضولی یدل علیه و أضعف الوجوه القول ببطلانهما معاً و ما بین ذلک من القول ببطلان عقد العمة و الخالة أصلًا أو صحته و لها فسخه عند العلم أو ثبوت الخیار لها فی کلا العقدین فهو بین القوی و الضعیف.

ثالثها: إدخال بنت الأخ أو الأخت علی العمة و الخالة

و فیه أقوال متعددة.

منها: جواز إدخال بنت الأخ أو الأخت علی العمة و الخالة رضیتا أم لا و نسب ذلک لابن أبی عقیل و ابن الجنید و منع بعض المتأخرین من دلالة کلامهما علی ذلک و الأظهر خلافه کما رأیناه منقولًا عنهما حتی أن ابن الجنید حمل الأخبار المانعة علی الکراهة و استند لقوله تعالی (وَ أُحِلَّ لَکُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِکُمْ)، و هو ضعیف و إلی روایة علی بن جعفر عن الرجل یتزوج الامرأة علی عمتها أو خالتها قال لا بأس و هو أضعف من سابقه فلیحمل علی ما إذا رضیا بذلک أو یطرح لعدم المقاومة.

و منها: المنع مطلقاً رضیا أم لم یرضیا و یستند فی ذلک إلی ما ورد من خبر أبی الصباح الکنانی قال لا یحل للرجل أن یجمع بین الامرأة و عمتها و لا بین الامرأة

ص: 99

و خالتها و ما ورد من النهی فی الأخبار عن نکاح الامرأة علی عمتها و خالتها و نقل عنه أیضاً المنع من إدخال العمة أو الخالة علی بنت الأخ أو الأخت و الکل ضعیف و ترده الأخبار المفصلة المؤیدة بفتوی الأصحاب و الإجماع المنقول فی الباب.

و منها: جواز إدخال بنت الأخ أو الأخت علیهما مع رضاهما أو إذنهما دون ما لم یکن کذلک وفاقاً للمشهور و نقل علیه الإجماع و دلت علیه الأخبار المتکثرة ففی بعضها المنع مطلقاً و فی أکثرها التقید بغیر إذنها فإذا أذنت فی ذلک فلا بأس و فی بعضها إلا برضا منها فمن فعل ذلک فنکاحه باطل و فی بعضها إطلاق العمة و الخالة المنصرفین إلی النسبین و فی بعضها بلفظ لا تنکح و فی بعضها لا تتزوج و فی بعضها أن علیاً جلد رجلًا تزوج امرأة علی خالتها ففرق بینهما و فی بعضها أن النهی إجلالًا للعمة أو الخالة إلی غیر ذلک من الأخبار و هذا هو المعتمد و علیه فمن عمد إلی بنت الأخ أو الأخت فتزوجهما علی العمة أو الخالة من دون إذنهما ففی صحة عقدهما مع رضا العمة أو الخالة بعد ذلک أو بطلانه أصلًا أو صحته ابتداءً و لکن للعمة أو الخالة فسخه أو یتزلزل العقدان معاً عقد الداخلة و عقد المدخول علیها أو یبطل الأول و یتزلزل الثانی أو یبطلان معاً وجوه و أکثرها أقوال.

فقیل بلزوم عقد المدخول علیها و بطلان عقد الداخلة لمکان النهی عن تزویجها علیها المقتضی للفساد لتعلقه بذات المعاملة و لمکان النهی عن الجمع و قد سببه تزویجها علیها فیقع التزویج باطلًا و لتصریحه بالبطلان فی الروایة المتقدمة و لأن ظاهر شرطیة رضا العمة أو الخالة مصاحبة لنفس العقد فجعله کالفضولی بحیث تصححه الإجازة و الرضا قیاس باطل و الکل ضعیف لأن النهی و إن دل علی الفساد عرفاً أو شرعاً أو استقراء لموارد النهی فی کلام الشرع إذا تعلق بذات المعاملة أو یجزئها و هنا أیضاً کذلک و لکنه هاهنا مقید بعدم حصول الرضا من العمة أو الخالة فی أحد الازمنة فلو حصل الرضا الذی هو شرط عمل المقتضی من العقد و لا یزید علی تزویج الامرأة من دون إذنها فضولًا إذ لا یزید النهی هاهنا علی النهی هناک و لا یزید علی النهی عن التزویج من دون إذن الولی مع أنه لو أجاز الولی صح و علی ذلک یحمل قوله باطل بمعنی

ص: 100

بقاؤه موقوفاً أو یؤول إلی البطلان مع عدم حصول الرضا لا یقال أن النهی و إن لم یدل علی الفساد فلا أقل من دلالته علی عدم صلاحیة المعقود علیها للعقد أو علی خلو عقد الداخلة عن دلیل الصحة لأنا نمنع من دلالة النهی علی عدم الصلاحیة مطلقاً و إنما یدل علیه مع عدم الرضا مطلقاً لا مع الرضا المتأخر و دعوی انصراف الرضا للمقارن للعقد ممنوع و السند ما قدمنا و نمنع من خلو عقد الداخلة عن دلیل الصحة مع النهی لشمول (وَ أُحِلَّ لَکُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِکُمْ)، له و شمول إطلاقات النکاح و العقد له و غایته أنه موقوف علی حصول الرضا فإذا حصل عمل المقتضی عمله.

و قیل ببطلان عقد الداخلة لمکان النهی عنه و لتصریحه بالبطلان فی الروایة و تزلزل عقد المدخول علیها فان رضیت به لزم و الا فسخته و هو ضعیف لمنع بطلان عقد الداخلة من اصله أولًا و ما استند إلیه ضعیف یعلم وجهه مما قدمنا و منع تزلزل عقد المدخول علیها لاستصحاب لزومه و عدم المقتضی لتزلزله سیما لو قلنا ببطلان عقد الداخلة فإنه لم یبق مقتضی لثبوت الخیار للمدخول علیها و قیل تتخیر المدخول علیها بین فسخ عقدها و بین فسخ عقد الداخلة و بین إمضاء الجمیع لتساوی العقدین بالنسبة إلیها و وقوعهما صحیحین و لا ترجیح لأحدهما علی الآخر و الجمع بین العقدین من دون رضاها منهی عنه فلها الخیار فی إبطال أیهما شاءت و فیه أن الخلاص من تحریم الجمع ممکن بفسخ ما اتفق علی جواز فسخه أو بطلانه دون ما اختلف فیه لوقوعه صحیحاً لازماً فالمستصحب بقاء صحته و لزومه فالترجیح لجانبه و علی هذا القول فهل للمدخول علیها فسخ الجمیع یحتمل ذلک لمکان الخیار و یحتمل عدمه لأن حرمة الجمع ترتفع بفسخ واحد فلا سبیل لهما علی فسخ و هل المراد هنا بجواز فسخهما أن الأخیر علی طراز الأول فیقع صحیحاً مؤثراً إلا أنه متزلزل أو أنه یقع موقوفاً کالعقد الفضولی فإن إجازته صح و إلا بطل وجهان و ظاهر النقل هو الأخیر.

و قیل بصحة الأخیر لزومه لاستصحاب حالته الأولی و بتزلزل الثانی فللمدخول علیها فسخه و لها إمضاءه لأن الثانی قد حصل الجمع به و الجمع من دون الرضا باطل فإن وقع الرضا صح و لزم و إلا کان باطلًا فهو کالعقد الفضولی فما دل علی صحته

ص: 101

یدل علیه بل هذا أولی بالصحة و جودة هذا القول لا وجه لإنکارها إن فسرنا ذلک ببقاء عقد الأخیرة موقوفاً تنکشف صحته بالإجازة و إن فسرناه بوقوعه صحیحاً إلا أنه متزلزل و للمدخول علیها فسخه أشکل ذلک فی الجملة من حیث دلالة الأخبار علی النهی عن عقد الداخلة و علی بطلان الجمع بین العقدین فیمکن منع وقوعه صحیحاً و حینئذٍ فأجود الوجوه و الاقوال هو الاخیر علی تفسیر الأول و علی کل فهل یسری الحکم لعمة العمة و خالة الخالة لمکان الإجلال المنصوص علیه فی الروایة فهو بمنزلة العلة المنصوصة أو لا یسری اقتصاراً فیما خالف الأصل علی المورد الیقینی و استضعافاً للعلة لاحتمالها الاختصاص بنفس العمة و الخالة لقربها و هل یختص هذا بالحرائر و یشمل تزویج الإماء بعضهن مع بعض أو مع الحرائر وجهان و الاوجه هاهنا طرد الحکم فی الجمیع حتی لو کانت المدخول علیها أمة و الداخلة حرة لا یقال أن العلة هاهنا منتفیة فیرتفع النهی لأن الحرة أجل من الأمة لانا نقول من الممکن ثبوت الجلالة لها من حیث کونها عمة أو خالة بحیث علی قدر کونها حرة أمّا لو کانت الداخلة هی الأمة فلا إشکال حینئذٍ فی المنع و هذا کله مع قطع النظر عن المنع من تزویج الأمة مطلقاً أو علی الحرة و هل یسری الحکم لملک الیمین بانفراده أو مع اجتماعیة مع التزویج فیمنع من وطء بنت الأخ أو الأخت لو وطأ قبلهما العمة أو الخالة المملوکتین و یمنع من وطئها بالملک أیضاً إذا تزوج قبلهما بالعمة أو الخالة سواء کانتا حرتین أو أمتین و یمنع من تزویجهما حرتین کانتا أو أمتین لو کانا قد وطأ قبل التزویج العمة و الخالة بالملک و هکذا و الاظهر فی جمیع هذه الموارد عدم المنع لاختصاص أکثر الأدلة بلفظ التزویج و النکاح الظاهر فی العقد و یحمل غیره مما دل علی منع الجمع و شبهه علی ذلک و یحتمل المنع لمنع حمل منع الجمع علی خصوص العقد لأن العام لا یحمل علی الخاص مع اتحادهما نفیاً أو إثباتاً و لثبوت احترام العمة و الخالة مطلقاً و لو لم یکونا زوجتین و لم تلزم لهما حقوق الزوجیة فکیف و لو کانتا زوجتین و فرضناهما حرتین فإن وطأ بنت الأخ أو الأخت المملوکتین علیهما بعد التزویج أوفق بعدم الإجلال من التزویج علیهما فیکون منهیاً عنه و یجری حکم التحلیل مجری الملک و یحتمل جریانه مجری العقد

ص: 102

و تنبعث من الاجتماع فی الزوجیة أو ملک الیمین أو التحلیل منفردة أو مرکبة صور کثیرة یفتقر الحکم بها إلی النظر و التأمل.

سادسها: لو تجرد الوطء عن العقد أو الملک و کان محللًا کوطء الشبهة الناشئ من الجهل بالموضوع أو الجهل بالحکم فالمشهور نشر الحرمة

به و یدل علیه الإجماع المنقول المعتضد بشهرة الفتوی و بالاحتیاط و لفحوی ما دل علی نشر الحرمة بالزنا السابق فنشره للحرمة أولی لشبهة بالصحیح و لقربه منه و لمساواته للصحیح فی کثیر من الأحکام بالاستقراء و هذا الأخیر یختص بنشر الحرمة فیه لو وقع قبل العقد لا مطلقاً و ذهب جمع من أصحابنا إلی عدم نشر الحرمة سابقاً و لاحقاً و یظهر من آخرین الفرق بین السابق فینشر الحرمة و بین اللاحق فلا و کل ذلک استناداً للأصل و عدم دلیل یدل علی حصول النشر به و بثبوت أحکام الوطء الصحیح لا یقضی بکونه مثله و لو قضی بذلک لحصلت المحرمیة به بین الرجل و المرأة أو أقاربهما و لا یقول به أحد و قد یقال أن المحرمیة تابعة للشبهة ما دامت متحققة فإذا زالت و فیه أن النکاح الصحیح یؤثر محرمیة زال أو لم یزل و قد یستدل علی تحریم المصاهرة بوطء الشبهة بعموم نسائکم و حلائل أبنائکم و ربائبکم و نحوها لصدق الإضافة لأدنی ملابسة و فیه أنه مجاز لا یصار إلیه إلا ثبت علی کل حال فالحکم بنشر الحرمة بوطء الشبهة مطلقاً حتی بعد حصول العقد محل نظر و تأمل و إن کان الاحتیاط یقضی به.

سابعها: الزنا اللاحق للعقد لا بنشر حرمة المصاهرة

کما هو فتوی المشهور و علیه الإجماع المنقول و یقضی به الاستصحاب سواء صاحب العقد المتقدم وطء أم لا و یدل علی ذلک الأخبار المتکثرة.

کالصحیح: إذا کانت عنده امرأة ثمّ فجر بأمها أو بنتها أو أختها لم تحرم علیه امرأته إن الحرام لا یفسد الحلال.

و الآخر: فإنه هو تزوج ابنتها أو دخل بها ثمّ فجر بأمها بعد ما دخل بابنتها فلیس یفسد فجوره بأمها نکاح ابنتها إذا دخل بها و هو قوله لا یفسد الحرام الحلال إذا کان هکذا.

ص: 103

و الثالث: فیمن تزوج جاریة و دخل بها ثمّ فجر بأمها أ تحرم علیه امرأته فقال لا لأنه لا یحرم الحلال الحرام.

و الرابع: فیمن زنی بأم امرأته أو أختها أو بنتها قال لا یحرم ذلک علیه امرأته ثمّ قال ما حرم حرام قطعاً حلالًا.

و الخامس: فیمن زنی بأم امرأته و أختها فقال لا یحرم ذلک علیه امرأته لأن الحرام لا یفسد الحلال و لا یحرمه.

و السادس: فیمن زنی بأم امرأته أو أختها أو بنتها فقال ما حرم حرام قط حلالًا امرأته له حلالًا.

و السابع: فیمن یصیب من أخت امرأته حراماً فقال إن الحرام لا یفسد الحلال و قیل بالفرق بین الموطوءة مع العقد فلا ینشر الزنا إلیها حرمة و بین غیر الموطوءة فینشر و یستدل له بمفهوم الخبر الثانی و بخبر عمار فی الجاریة فیطأها ابن ابنه قبل أن یطأها الجد أو الرجل یزنی بالمرأة هل تحل لأبیه أن یتزوجها قال لا إنما ذلک إذا تزوجها الرجل فوطأها ثمّ زنا ابنه لم یضره لأن الحرام لا یفسد الحلال و کذا الجاریة و الروایتان ضعیفتان سنداً و الأولی دلالة لدلالتها بالمفهوم فلا یصلحان لمعارضة إطلاق الأخبار المتکثرة المعتضدة بما ذکرناه المشتملة علی بیان أصل أحکام قاعدة من أن الحرام لا یفسد الحلال المعللة بذلک فطرحهما أجمل و تأویلها إن أمکن فهو أفضل.

و أما الزنا المتقدم علی العقد ففی حصول نشر الحرمة قولان.

أحدهما: نعم و نسب للمشهور و نقل علیه الإجماع و دل علیه خبر بن مسلم عن أحدهما ( () فی الرجل یفجر بامرأة أ یتزوج بنتها قال لا.

و الآخر: إذا فجر الرجل بامرأة لم تحل له ابنتها.

و الثالث: فی رجل بینه و بین امرأة فجور فقال إن کانت قبلته أو شبهها فلیتزوج ابنتها و إن کان حمل ماء یتزوج ابنتها.

و الرابع: مثله و فیه و إن کان جماعاً فلا یتزوج.

ص: 104

و الخامس: فی رجل فجر بامرأة أ یتزوج أختها من الرضاعة أو ابنتها قال لا و لو لا أنه حرام فی النسب لما حرم فی الرضاع بشهادة الاستقراء.

و السادس: فی رجل باشر بامرأة و قیل غیر أنه لم یفض إلیها ثمّ تزوج ابنتها فقال أن لم یکن أفضی إلی الأم فلا بأس و إن کان أفضی إلیها فلا یتزوج ابنتها و غیر ذلک و هذه الأخبار مع اعتضادها بالشهرة المحصلة أو المنقولة توافق الاحتیاط فی الفروج و البعد عن العامة کما یظهر منی بعض فیلزم الاعتماد علیها و لا یمکن الاقتصاد فی نشر الحرمة علی ما فی هذه الأخبار فقط لعدم قائل بالفصل ممن یعتد و القول الآخر هو عدم النشر به مطلقاً للأصل و للأخبار و لإطلاق الکتاب کقوله تعالی: (وَ أُحِلَّ لَکُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِکُمْ)، و کذا إطلاقات السنة و من الأخبار الصحیح فی رجل فجر بامرأة یتزوج ابنتها قال: (نعم یا سعید إن الحرام لا یفسد الحلال)، و الآخر عن الرجل یأتی المرأة حراماً أ یتزوجها قال: (نعم و أمها و بنتها).

و الثالث: رجل فجر بامرأة هل یجوز أن یتزوج بابنتها قال ما حرم حرام حلالًا قطعاً.

و الرابع: فی رجل فجر بامرأة أ تحل له ابنتها فقال إن الحرام لا یفسد الحلال.

و الخامس: فی رجل تزوج امرأته سفاحاً هل تحل له ابنتها قال نعم إن الحرام لا یحرم الحلال.

و السادس: رجل فجر بامرأة هل له أن یتزوج بابنتها قال ما حرم حرام حلالًا قطعاً.

و السابع: رجل یفجر بامرأة و هی جاریة قوم آخرین ثمّ اشتری بنتها أ یحل ذلک قال لا یحرم الحرام الحلال و هذه الأخبار کلها لا تقاوم الأخبار المتقدمة المعتضدة بالشهرة و الاحتیاط و البعد عن العامة کما یظهر من بعض فلا بد إما من طرح الأخیرة أو حملها علی الفجور بعد حصول العقد المحلل علی البنت و شبهها أو علی الفجور بغیر الزنا من اللمس او التقبیل و هذان المحملان و إن کانا بعیدین إلا انهما فی مقام الحمل لا بأس بهما و یزید الزنا بالعمة و الخالة فی تحریم ابنتیهما علی الزانی بهما فتوی

ص: 105

و دلیلًا علی غیرهما فقد قال بالتحریم هنا من لم یقل هناک و نقل الإجماع هنا زیادة علی الإجماع المتقدم و الأشهریة هاهنا محققة علی الظاهر و فی الخالة روایة محمد بن مسلم عن رجل نال من خالته فی شبابه ثمّ ارتدع أ یتزوج ابنتها فقال لا قال إنه لم یکن أفضی إلیها إنما کان شی ء دون ذلک قال لا یصدق و لا کرامة و هی ضعیفة السند و الدلالة لاشتمالها علی تکذیب السائل فی غیر مقام الإعجاز و هو بعید عن طریقة الأئمة (علیهم السلام) إلا أن الجابر لها قوی و ربما أرسل بعض الفقهاء روایة فی العمة فیمکن جبر المرسل بما ذکرنا و الاعتماد علیه و فی إجراء حکم العمة للعمة العلیا کعمة العمة و الخالة کذلک وجهان و الأقرب عدم الإلحاق و لو وطأ الرجل امراة زنا حرمت علی أبیه و ابنه لما قدمنا و إن أکثر الأخبار واردة فی الأم و البنت نعم لا یجری الحکم للأخت و العمة و الخالة فالزانی بالأخت لا تحرم علیه أختها و الزانی بالعمة لا تحرم علیه بنت أخیها لأن المتیقن من تحریمهما هو ما اقتضاه الجمع فی عقداً وطء صحیح و کذا الکلام فی الخالة و حکم الأمة حکم الحرة فی الزنا بالنسبة إلی الام و البنت و أما بالنسبة الی تحریم الموطوءة به علی أب الزانی و ابنه فهو کذلک فإن کان الوطء قبل ملک الأب أو الابن حرمت علیهما لو ملکاها أو حللت لهما و إن کان بعد الملک و الوطء لم تحرم علیهما و إن وقع الزنا بین الملک و الوطء فالأظهر عدم التحریم تنزیلًا للملک منزلة العقد و لشمول الأخبار القاضیة بأن الحرام لا یحرم الحلال له و لا إطلاق قوله (علیه السلام): (إذا زنی الرجل بامرأة ابنه أو بامرأة أبیه أو بجاریة ابنه أو بجاریة أبیه فإن ذلک لا یحرمها علی زوجها و لا یحرم الجاریة علی سیدها إنما یحرم ذلک منه إذا أتی الجاریة و هی حلال فلا تحل تلک الجاریة أبداً لابنه و لا لأبیه)، و قوله (علیه السلام): امرأة أمرت ابنها أن یقع علی جاریة لأبیه فوقع، قال: (أثمت و أثم ابنها)، و قد سألنی بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت أمسکها فإن الحلال لا یفسد الحرام، و قوله (علیه السلام): فی رجل عنده جاریة و زوجة فأمرت الزوجة ابنها أن یثبَ علی جاریة أبیه ففجر بها قال (علیه السلام): (لا یحرم ذلک علی أبیه)، و قیل بالتحریم ما لم یطأ تنزیلًا للوطء منزلة

ص: 106

العقد و للاحتیاط و لخبر عمار فی الرجل تکون له الجاریة فیقع علیها ابن ابنه قبل أن یطأها الجد أو الرجل یزنی بالمرأة هل یحل لأبیه أن یتزوجها قال لا إنما ذلک إذا تزوجها الرجل فوطأها ثمّ زنی ابنه لم یضره لأن الحرام لا یفسد الحلال و کذا الجاریة و الخبر الآخر فی رجل اشتری جاریة و لم یمسها فأمرت امرأته ابنه و هو ابن عشر سنین أن یقع علیها فوقع علیها فما تری فیه قال أثم الغلام و أثمت أمه و لا أری للأب إذا قربها الابن أن یقع علیها و هذا القول ضعیف لضعف روایته عن مقاومة تلک الأخبار فلا یصح تقید تلک الأخبار بهاتین الروایتین و حملهما علی الکراهة أقرب و الاحتیاط غیر خفی.

ثامنها: النظر و اللمس فی الحرائر محللًا أو محرماً بشهوة أو بغیرها إلی ما یحل النظر إلیه و إلی ما لا یحل ینشر حرمة المصاهرة

مطلقاً للأصل و العمومات و فتوی المشهور و نقل القول بمساواة النظر و اللمس المحرمین للزنی فی نشر الحرمة علی القول به عن بعض الأصحاب و لکنه ضعیف و لم یعرف القائل به و ترده الأخبار المتقدمة الدالة علی عدم تحریم بنت المرأة علی تناول منها قبله و شبهها إذا لم یفض إلیها المعتضدة بفتوی مشهور الأصحاب إن لم یکن مجمعاً علیه و نقل عن الشیخ (رحمه الله) الحکم بمساواة النظر و اللمس الواقعین بشبهة للوطء الواقع بشبهة و استدل علی ذلک بإجماع الفرقة و أخبارهم و هو ضعیف أیضاً الإجماع إن لم ینعقد علی خلافه و لمنع الأخبار المعتمدة الصالحة للاستناد و الأخبار المخالفة للمشهور و لا عبرة بها کما سیأتی إلیها الإشارة إن شاء الله تعالی و یمکن حملها علی التقیة أو الکراهة و أما النظر و اللمس بشهوة أو إلی غیر ما یحل نظر الأجانب إلیه إذا وقع محللًا فی ملک یمین فهل ینشر حرمة المصاهرة بمعنی تحرم المملوکة بذلک علی الأب أو الابن و تحرم أمها و بنتها أم لا أقوال فقیل بالتحریم مطلقاً و قیل بعدمه مطلقاً و قیل بتحریم المنظورة و الملموسة علی الأب و الابن دون غیرهما و قیل بتحریم منظورة الأب أو ملموسته علی الابن دون العکس و دون غیره أوجه الأقوال عدم التحریم مطلقاً للأصل و عموم أدلة النکاح و قوله تعالی: (وَ أُحِلَّ لَکُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِکُمْ) و الأخبار الدالة علی عدم تحریم بنت المرأة إذا لم یفض إلیها و إن باشرها و قبلها و هو شامل للحرة و الأمة و لما کان محللًا أو محرماً و لما کان

ص: 107

شبهة أو غیرها و کذا الآیة الشریفة المعلقة لتحریم البنت علی الدخول بأمها و الدخول هو الوطء و خصوص الخبر عن الرجل یقبل الجاریة و یباشرها من غیر جماع داخل أو خارج أ تحل لابنه أو لأبیه قال لا بأس و نقل عن الشیخ (رحمه الله) حصول التحریم بالنظر و اللمس مطلقاً و خصه فی النهایة بالنظر و التقبیل بشهوة فحرم المنظورة و الملموسة بالتقبیل بشهوة علی أب الناظر و ابنه و حرم أم المنظورة و الملموسة و ابنتها مطلقاً فی مقام و خصه فی آخر بالنظر إلی الفرج علی ما نقل عنه فی جمیع ذلک و یستدل للشیخ (رحمه الله) بما روی لا ینظر الله إلی رجل نظر إلی فرج امرأة و بنتها و ما روی من کشف قناع امرأة حرمت علیه بنتها و إلی الصحیح عن رجل تزوج بامراة فنظر إلی رأسها و إلی بعض جسدها أ یتزوج بنتها قال لا إذا رأی منها ما یحرم علی غیره فلیس له أن یتزوج بنتها و الاخری عن رجل تزوج امرأة فمکث أیاماً معها لا یستطیعها غیر أنه قد رأی منها ما یحرم علی غیره ثمّ طلقها أ یصلح له أن یتزوج بنتها قال لا یصلح له و قد رأی من أمة ما رأی و نحوهما الثالثة و إلی ما رواه بن سنان عن أبی عبد الله (علیه السلام) فی الرجل یکون عنده الجاریة یجردها و ینظر إلی جسدها نظر شهوة هل تحل لأبیه و إن فعل أبوه هل تحل لابنه قال: (إذا نظر لها نظر شهوة و نظر منها إلی ما یحرم علی غیره لم تحل لابنه فإن فعل ذلک الابن لم تحل للأب)، و الآخر عن الرجل تکون له الجاریة فیقبلها هل تحل لولده فقال: (بشهوة)، قلت: نعم، قال: (ما ترک شیئاً إذا قبلها بشهوة)، ثمّ قال: (إن جردها أو نظر إلیها بشهوة حرمت علی أبیه و ابنه)، فقلت إذا نظر إلی جسدها فقال: (إذا نظر إلی فرجها و جسدها بشهوة حرمت علیه).

و الثالث: إذا جرد الرجل الجاریة و وضع یده علیها فلا تحل لا یقال.

و الرابع: أدنی ما تحرم به الولیدة تکون عند الرجل علی ولده إذا مسها أو جردها.

و الخامس: فی رجل تکون عنده الجاریة فیکشف عنها فیراها أو یجردها لا یزید علی ذلک قال لا تحل لابنه.

ص: 108

و السادس: فی رجل اشتری جاریة فقبلها قال تحرم علی ولده و قال إن جردها فهی حرام علی ولده و جمیع هذه الأخبار علی کثرتها لا تعارض الکتاب و الأخبار الدالة علی عدم تحریم البنت مع عدم الدخول بالأم من غیر فرق بین الأمة و الحرة و بین اللمس و النظر و بین کونهما محللین او محرمین و بین کونهما بشبهة أو من دون شبهة و لا تعارض أیضاً عموم الکتاب الدال علی تحلیل ما وراء ذلکم و الخبر المتقدم الدال علی عدم تحریم الجاریة إذا قبلها أو باشرها الرجل من دون جماع المعتضد بالعمومات و یمکن تأیده بالسیرة و الطریقة القاضیین بعدم التحریم فیهما بل و بالعسر و الحرج المنفیین لتأدیته إلی تحریم نساء کثیرة علی الوالد و الولد من جهة النظر الواقع من الشخص و قل ما ینفک الإنسان عن نظر النساء المکشفات فی البوادی و الطرقات من الاحرار و المملوکات علی وجه القهر أو الشبهة أو المحرم فی أغلب الاوقات فلتحمل أخبار تحریم الهلوسة علی الأب أو الابن أو المنظورة علی الکراهة سیما ملموسة الأب و منظورته لکثرة ورود الأخبار بها حتی أفتی بعضهم باختصاص التحریم بذلک دون العکس هذا و مع ذلک ففی الحکم بتحریم ملموسة الرجل أو منظورته إذا کانت مملوکة أو له محللة علیه إذا کان النظر و اللمس بشهوة لغیر ما یحل للمالک أو کان بشهوة مطلقاً أو کان لغیر ما یحل مطلقاً بشهوة أو غیرها علی أبیه و ولده قوة لورود الروایات المعتبرة فیه من دون معارض سیما ملموسة الوالد أو منظورته بالنسبة إلی ولده و عموم الکتاب و الروایات المتقدمة الدالان علی الجواز یمکن أن نحکم بتخصیصهما بهذه الأخبار و یمکن حمل الروایة المطلقة المجوزة علی هذه لتقیدها بالشهرة دون تلک و یمکن الاستناد فی تحریم منظورة الابن إلی قوله تعالی: (وَ حَلٰائِلُ أَبْنٰائِکُمُ) لان المملوکة حلیلة من الحلال خرج ما لم ینظر إلیها بالإجماع و بقی الباقی و علی کل حال فیبقی حکم غیر المملوکة له و المحللة کالمنظورة مشبهة حرة أو أمة أو الملموسة کذلک أو کان ذلک علی وجه محرم لحرة أو أمة علی وفق القواعد فلا ینشر النظر و اللمس حرمة لأب أو لابن أو منها لامها أو بنتها و یراد بالنظر و اللمس إلی ما لا یحل لغیر المالک هو النظر إلی غیر الوجه و الکفین أو إلیهما مع الشهوة فإنه لا یحل لغیر

ص: 109

المالک و أما اللمس فهو محرم مطلقاً بشهوة أو دونها للوجه و الکفین أو غیرهما و یظهر من العلامة تجویز لمس الکفین من الجاریة و کأنه لجواز النظر إلیهما و السیرة القاضیة بتناولها و دفعها للأجانب و لکنه لا یخلو من إشکال و یظهر من جمع قصر التحریم علی النظر بشهوة حتی لما عدا الوجه لما یظهر من الأخبار المتقدمة المقیدة بالشهوة و قد یقال أن القید محمول علی الغالب بل قد یشک فی إفادة الأخبار التقید و ربما ظهر منها أن کلًا من النظر إلی ما لا یحل علی غیر المالک و النظر بشهوة موجب لنشر الحرمة بل ربما ظهر منها أن النظر إلی ما یحل لغیر المالک کنظر الوجه و الکفین إذا کان بشهوة موجب لذلک أیضا و هو خلاف ما یظهر من الفقهاء حیث أطلقوا استثناء النظر إلی ما یحل لغیر المالک من محل النزاع و یمکن حمله علی دخوله فیما لا یحل لأنه إذا کان بشهوة لا یحل و مما ذکر یظهر وجه الاستدلال للأقوال المتقدمة و الجواب عنها.

تاسعها: یحرم الجمع بین الأختین نسبیتین أو رضاعیتین

لأب أو أم کما تقدم و لو جمعهما فی عقد واحد بطل العقد لعدم إمکان الترجیح من دون و عدم إمکان بصحة أحدهما لا بعینه لعدم وجود المبهم فی الخارج و کذا لو جمعهما فی عقدین دفعة واحدة و فی بعض الأخبار ما یظهر منه إمکان صحة العقد الواقع علیهما بالنسبة إلی أحدهما و هو ما یختاره العاقد بعد ذلک و هی و إن کانت صحیحة السند و لکن لمخالفتها القواعد و شهرة الفتوی الموهنة لما خالفها من الأخبار مطرحة أو مؤولة بإرادة الخیار فی تجدید العقد نعم یمکن أن ینطبق علی القواعد ما لو وقع عقدهما أولًا ثمّ أجازت بعد وقوعه واحدة دون الأخری فیمکن أن یصح عقد المجیزة و یبطل عقد الأخری تنزیلًا لعقدهما منزلة الفضولی فلو أجازا معاً بطل العقدان و مثله ما لو عقد شخص عنهما دفعة فضولًا فأجازت واحدة دون الأخری و لکن ظاهر الفتوی و النهی عن الجمع المفضی للفساد یأبی الصحة مطلقاً سیما و قد نقل الإجماع هنا علی فساد العقد من أصله و ظاهره الفساد سواء کان بعقد واحد أو بعقدین وقعا دفعة و لو عقد عنهما الفضولیان مرتباً فأجازا فإن قلنا أن الإجازة ناقلة کان العقد لمن أجازت أولًا تقدم عقدها أو تأخر و إن قلنا کاشفة کان العقد ممن تقدم عقدها و کما یحرم الجمع بینهما بالعقد کذلک یحرم

ص: 110

بالوطء فلا یجوز لمن تزوج بأمة أو حرة أن یطأ أختها بالملک أو التحلیل و إن جاز له ملکها و کذا لا یجوز لمن وطأ أمة بالملک أو التحلیل أن یجمع بینهما و بین أختها حرة أو امة بالوطء فی التزویج و فی جواز نفس التزویج خلاف و الأظهر جوازه و لکن تحرم المملوکة علیه و لا یجوز له وطأها ما دامت الثانیة زوجته و دلیل ذلک الأصل و کون النکاح أقوی من ملک الیمین فلا یبطله و یدل علی قوته کثرة الاحکام المترتبة علیه و کون ملک الیمین مقصوداً للمالیة أولا و بالذات دون النکاح فإن المقصود منه الاستفراش و قد یحتمل جواز وطئها بنیته اعتزال الزوجة و لکنه بعید و قیل ببطلان أن التزوج لعموم النهی عن الجمیع و لصیرورة الأمة فراشاً و لا تجعل الأخت فراشاً علی الأخت و هو أحوط و لو انعکس الفرض بأن ملک الاخت بعد التزویج بالأولی ملک الأخت حرم وطأها قطعاً و لا تخرج الأولی عن الزوجیة و لا یحرم وطأها لأن حق الوطء سبب العقد أقوی منه سبب الملک.

عاشرها: لو عقد علی امرأة ثمّ عقد علی أختها بطل عقد الأخیرة

فإن اشتبه السابق باللاحق منع منهما و یلزم بطلاقهما معاً لرفع الضرر و الضرار و لقوله تعالی فَإِمْسٰاکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسٰانٍ و لا یکفی طلاق واحدة معینة لاحتمال عدم کونها زوجة و یحتمل عدم جواز جبر الحاکم له علی الطلاق للأصل و لأنه بید من أخذ بالساق و یحتمل أن له فسخهما أو للحاکم ذلک و هما بعیدان و لو قال زوجتی منهما طالق صح لأنه تعین و لو طلق بعد الدخول بهما لشبهة استحقا علیه المهر المسمی و مهر المثل فیقترعان علیه أو یصطلحا و إن طلق قبل الدخول کان لهما نصف أحد المسمین فیقترعان علیه أو یصطلحا بینهما و یحتمل أن لهما ربع مجموع المهرین و علی الأول یحتمل الأخذ بالاقل من المهرین المسمیین للأصل و یحتمل الاقتراع علیه و علی الثانی فإن اتفقا جنساً فلا کلام و إن اختلفا فیشکل من حیثیة أن الواجب نصف أحدهما و هو مخالف لربع المجموع فإیجابه علیه یوجب إسقاط الواجب و اسقاط غیره و من أن النصف لما اشتبه فیهما و لا مرجح لزم التقسیط و حینئذ فالأقرب دفع القسط من کل مهر إلی من عین لها و یحتمل قسمة المجموع علیهما لعدم المرجح أو القرعة أو الإیقاف

ص: 111

حتی یصطلحا و لو تبینت السابقة من اللاحقة کان عقد اللاحقة باطلًا مع العلم بها أو الجهل فلو دخل بهما لزمه حالة العلم اعتزال الأخیرة و جاز له وطء السابقة سواء کانت للاحقة عدة أو لم تکن و سواء کانت فی أیام العدة أو بعدها للأصل و فتوی أکثر الأصحاب و عمومات الأدلة القاضیة بجواز وطء الزوجة و بلزوم حقوقها و کون أختها فی عدته لا یصلح للمانعیة لأنها عدة بائنة قضی بها وطء الشبهة فهی بمنزلة المختلعة و المباراة نعم ورد عن أبی جعفر (علیه السلام) فی رجل تزوج امرأة فی العراق ثمّ خرج إلی الشام فتزوج امرأة أخری فإذا هی أخت امرأته، قال: (یفرق بینه و بین امرأته التی بالشام و لا یقرب العراقیة حتی تقضی عدة الشامیة)، ثمّ ذکر بعد ذلک و إن من تزوج البنت ثمّ تزوج الأم کان حکم کذلک و هو محمول علی الندب لعدم قابلیته لمعارضة ما ذکرنا من الأدلة و إن شاء الزوج نکاح الثانیة لزمه أن یطلق الأولی طلاقاً بائناً أو رجعیاً فینتظر إلی أن تخرج من العدة فیعقد علی الثانیة فلو عقد علی الثانیة قبل خروج الأولی من العدة الرجعیة کان العقد باطلًا و فی خبر محمد بن قیس فی أختین نکح أحدهما رجل ثمّ طلقها و هی حبلی ثمّ خطب أختها فنکحها قبل أن تضع أختها المطلقة ولدها فأمره أمیر المؤمنین (علیه السلام) أن یفارق الأخیرة حتی تضع أختها المطلقة ولدها ثمّ یخطبها و یصدقها صداقها مرتین ما هو نص فی ذلک و تکریر الصداق لمکان مهر المثل و المسمی الواقع أخیر نعم فی بعض النسخ ثمّ امره أن یطلقها و هو محمول علی الإطلاق بعد دخولها فی عقده و لو صورة لا علی التطلیق لعدم صحة العقد کی یترتب علیه صحة التطلیق.

حادی عشرها: لو وطأ أمة بالملک حرم علیه وطء أختها

بالملک أو التحلیل حتی تخرج الأولی عن ملکه للإجماع و للآیة الناهیة عن الجمع و فی اشتراط الخروج عن الملک بعقد لازم وجه قوی لتمکنه من فسخ العقد الجائز متی شاء فیکون بمنزلة عدم الخروج و فی الاکتفاء بتحریم بضعها علیه بتزویج أو کتابه أو رهن وجه و الأوجه خلافه للأصل الاستصحابی و للاحتیاط و لبقاء صدق الجمع فإن وطء الثانیة قبل إخراج الأولی فإن کان عالماً بالتحریم حرمت الأولی حتی تموت الثانیة أو یخرجهما عن ملکه

ص: 112

لا للعود إلی الأولی فإن أخرجها لذلک لم تحل الأولی و إن کان جاهلًا حلت الأولی إذا خرجت الثانیة عن ملکه علی کل حال و هذا منسوب إلی جمع من أصحابنا أما الاشتراط بالإخراج عن الملک لا بنیة العود فللأخبار کصحیحة ابن مسلم عن رجل عنده أختان مملوکتان فوطئ إحداهما ثمّ وطأ الأخری قال إذا وطأ الأخری فقد حرمت علیه الأولی حتی تموت الأخری قال قل رأیت لو باعها أ تحل له الأولی فقال إن کان باعها لحاجة و لا یخطر بباله من الأخری شی ء فلا أری بذلک بأساً و إن کان یبیعها لیرجع إلی الأولی فلا و لا کرامة و نحوها حسنة الحلبی و أما الفرق بین العلم و الجهل فللصحیح عن الرجل یشتری الأختین فیطأ أحدهما ثمّ یطأ الأخری بجهالة قال إذا وطأ الأخیرة بجهالة لم تحرم علیه الأولی و إن وطأ الأخیرة و هو یعلم أنها علیه حرام حرمتا علیه جمیعاً و أما اشتراط الخروج عن الملک مع الجهل فلروایة عبد الغفار عنه (علیه السلام) فی رجل کانت عنده أختان فوطأ إحداهما ثمّ أراد أن یطأ الأخری، قال: (یخرجها عن ملکه)، قلت: إلی من، قال: (إلی بعض أهله)، قلت: فإن جهل ذلک حتی وطأها قال حرمتا علیه کلتاهما و قیل أنه متی أخرج إحداهما عن ملکه آیة کانت حلت الأخری سواء کان الإخراج للعود الأول و الأخری و سواء علم بالتحریم أم لا لأصل الإباحة و انتفاء الجمع بذلک و عموم ما وراء ذلکم و ما ملکت أیمانکم و الحرام لا یحرم الحلال و لا إجماع أو خبر متواتر یخصص ذلک فلتحمل الأخبار علی الکراهة و إن لم یخرج إحداهما عن ملکه فالثانیة محرمة دون الأولی استصحاباً و لأن الحرام لا یحرم الحلال و قیل بتحریم الأولی مع العلم بالتحریم إلی أن تموت الأخری أو یخرجهما عن ملکه لا للعود و عدمه مع الجهل من غیر اشتراط لخروج الأخری عن ملکه للأصل و العمومات و الأخبار المتقدمة عدا خبر عبد الغفار و هو ضعیف و قیل تحرم الأولی حتی تخرج الثانیة عن الملک من غیر فرق بین العلم و الجهل و الإخراج للعود أو لغیره و یدل علیه خبر معاویة بن عمار فی رجل کانت عنده جاریتان أختان فوطأ إحداهما ثمّ بدا له فی الأخری قال یعتزل هذه و یطأ الأخری قال قلت فإنه تنبعث نفسه للأولی قال لا یقربها حتی یخرج تلک عن ملکه و الحق فی المقام أن یقال أن النهی عن الجمع بین الاختین لا

ص: 113

یراد به حقیقة قطعاً و لیس کالعام المخصوص حجة فی الباقی بل الظاهر هنا إرادة معنی خاص منه فیؤخذ بالمقطوع به و یترک المشکوک به و المتیقن من الجمع المحرم هو جمعهما بالعقد و یتبعه التحلیل أو جمعهما بالوطء مطلقاً أو بدون نیة الاعتزال و الظاهر أن نیة الاعتزال لا تکفی فی تجویز وطء الثانیة بل لا بد من إخراج الأولی عن الملک فإن کان عقد الأولی تزویجاً وطأها أم لا حرم علیه وطأ الثانیة کتحریم الوطء فی الحیض لا کتحریم الزنا فیستحق التعزیر لا الحد فإن وطأ الثانیة فعل حراماً و بقیت الأولی حلالًا لأن الحرام لا یفسد الحلال فلو طلق الأولی طلاقاً بائناً حلت الثانیة و کذا لو کان تحلیلًا و قد وطأها أو مطلقاً فإنها لا تحل حتی تخرج من تحلیله و إن کانت الأولی مملوکة و قد وطأها بالملک حرم علیه تحلیل الثانیة علی الأظهر و لا یحرم علیه تزویجها لقوة العقد علی الملک فإذا جاز تزویجها حرمت علیه و الأولی وطأً و حلت له الثانیة إلا أن یطلقها أو تموت الثانیة مع احتمال حرمة تزویجها مطلقاً و احتمال جواز التزویج و حرمة الوطء فقط إلی أن یخرج الأولی عن ملکه و یحتاج حینئذٍ فی الأولی بقاء حلیة الوطء و عدمه و إن کانت الأولی مملوکة و الثانیة مملوکة جاز جمعهما فی لملک قطعاً و لا یجوز جمعهما فی الوطء بأن یطأ کل منهما و لا یکفی نیة الاعتزال عن واحد فی تجویز وطء الثانیة فلو وطأ الاولی حرمت علیه الثانیة إلا أن یخرج الأولی عن ملکه فلو فعل حراماً و وطأ الثانیة أو وطأها جهلًا لم تحل له الثانیة بذلک الوطء بل یبقی وطؤها حراماً و وطء الأولی حلالًا لان الحرام لا یفسد الحلال و لو أخرج الأولی عن ملکه حلت الثانیة و یحتمل أنهما یحرمان معاً بوطء الثانیة لحصول الجمع بینهما بالوطء و لا مرجح و حینئذٍ فیتوقف التحلیل علی إخراج إحداهما عن ملکه فتحل الاخری حینئذٍ و بالجملة فالجمع فی الملک لا بأس به و کذا فی الملک و التزویج سابقاً أو لاحقاً علی الأظهر و کذا فی الملک و التحلیل و لا یجوز الجمع بالعقد أو بالتحلیل أو بهما أو بالوطء مع الملک بهما أو مع الملک و التحلیل أو مع الملک و التزویج فلو جمعهما فی الوطء أفتقر إلی محلل هذا کله علی وفق القواعد إلا أن الأخبار المعتبرة هاهنا قد حکمت بأن وطء الثانیة بالملک مما یحرم الأولی علیه لو کان عالماً بتحریم وطء الثانیة و ظاهرها أنهما

ص: 114

یحرمان جمیعاً و إنه لا یحلل الأولی إلا إخراج الثانیة عن ملکه لا بنیة العود إلی الاولی فلو أخرجها کذلک بقیت الاولی علی تحریمها و یبقی أنه لو أخرج الأولی عن الملک لحلت الثانیة علی وفق القواعد و إن لم تصرح به الأخبار و لو کان جاهلًا فالاولی تبقی علی الحل و الثانیة علی الحرمة و لو أخرج الأولی عن الملک حلت الثانیة له أیضاً و هذا هو الموافق للأخبار المعتمدة نعم فی روایة عبد الغفار ما یخالف القواعد من الحکم بتحریمهما معاً و هی ضعیفة لا تعارض الروایات الموافقة للقواعد فلتطرح أو تحمل علی الکراهة و حملها الشیخ علی صورة إذا خرج أحدهما عن ملکه و هو بعید و هو فی بعض الأخبار ما یدل علی ان الاعتزال للاولی محلل لوطء الثانیة و هو مخالف لفتوی الأصحاب و فی بعضها ما یدل علی جواز وطء الاختین بالملک و إنهما مما قد احلتهما آیة و حرمتهما آیة و الظاهر أن المحللة هی: (أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ) و المحرمة هی: (وَ أَنْ تَجْمَعُوا بَیْنَ الْأُخْتَیْنِ)، و الظاهر أنه محمول علی التقیة لمخالفته الکتاب و اخبار الباب و فتوی الأصحاب مضافاً إلی اشتمال بعضهما علی أنها مما ینهی نفسه و ولده و بعضها علی أنی لا أحله و لا أحرمه و لا أفعله أنا و لا أحد من أهل بیتی و هو ظاهر فی التحریم.

فائدة: قد یحرم بعض المتأخرین من الإخباریین الجمع بین الفاطمیتین

لما ورد عن ابن أبی عمیر عن ابان بن عثمان عن حماد قال سمت أبا عبد الله (علیه السلام) یقول لا یحل لأحد أن یجمع بین ثنتین من ولد فاطمة إن ذلک یبلغها فیشق علیها قلت یبلغها قال أی و الله و أیده أن للشقة نوع إیذاء لها و إیذاؤها کإیذاء رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و هو ضعیف جداً لا یکاد أن یعد فی الاقوال لمخالفته الکتاب و السنة و الإجماع بقسمیه و السیرة القطعیة من زمن الأئمة (علیهم السلام) إلی یومنا هذا سیما لرجال الفاطمیین بأنفسهم و لو حرم ذلک بل أو کان مکروهاً لحصل فیه الاختلاف و تساءلت عنه الرجال و کثر فیه القیل و القال و کل ذلک دلیل خلوه من الإشکال.

رابعها: مما یحرم بالسبب أنه لا یجوز للحر أن یتزوج دواماً بالمملوکة

مع الطول و عدم خوف العنت و یجوز له الوطء بملک الیمین و بالتحلیل سواء قلنا أنه عقد أم لا

ص: 115

للأصل و للخبر المعتبر فی امرأة أحلت لزوجها جاریتها قال ذلک له و فی المتعة وجهان من شمول ما دل علی منع النکاح و التزویج لها و من انصراف ذلک إلی الدوام و للخبر المعتبر هل للرجل أن یتمتع من المملوکة بإذن أهلها و له امرأة حرة قال نعم إذا رضیت الحرة قلت فإذا أذنت الحرة یتمتع منها قال نعم و أظهر الوجهین الأول و تحمل الروایة علی فقدان الشرطین و أما عدم جواز نکاحها حینئذٍ الأمة من الطول و عدم خوف العنت فهو أحوط الأقوال و ربما استظهر أنه المشهور بین المتقدمین و استظهر من ابن عقیل نقل الإجماع علیه و قضی به الاحتیاط و دلت علیه الآیة و هی قوله تعالی: (وَ مَنْ لَمْ یَسْتَطِعْ مِنْکُمْ طَوْلًا) إلی قوله تعالی: (ذٰلِکَ لِمَنْ خَشِیَ الْعَنَتَ مِنْکُمْ)، حیث علق نکاح ما ملکت الیمین علی عدم الاستطاعة للطول و هو التمکن من المهر فقط کما تشعر به الأخبار و لان النفقة من الرزق و هو مقسوم یأتی من حیث لا یحتسب أو المهر و النفقة کما هو الظاهر من لفظ الطول لأن الطول هو اللفظ و الزیادة و من فتاوی الفقهاء و یراد بملک النفقة ما هو أعم من القوة أو الفعل فیدخل فیه أهل الحرف و الصنائع و اهل القوة للکسب و الاکتساب فی وجه و علی الخشیة من العنت و العنت لغة و عرفاً هو المشقة و یراد بها الخوف المعتاد لعامة الناس من حصول الکلفة و الضرر بترک التزویج من وقوع بخطر أخروی کالزنا أو شبهه أو دنیوی کمرض أو ألم أو شبههما و نطقت به الأخبار کالصحیح فی تزویج المملوکة قال لا بأس إذا أضطر إلیها و فی آخر إذا أضطر إلیها فلا بأس و فی ثالث لا إلا أن یضطر إلی ذلک و فی رابع لا بأس إذا اضطر إلیها و الاضطرار شامل لفقدان الطول و خوف العنت إذ مع وجود الطول أو عدم خوف العنت لا یتحقق الاضطرار کما أن نفی البأس معه یدل علی ثبوته بدونه و القول الآخر و نسب لمشهور المتأخرین الجواز مطلقاً للأصل و عموم: (وَ أُحِلَّ لَکُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِکُمْ)، (وَ لَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَیْرٌ مِنْ مُشْرِکَةٍ)، (وَ أَنْکِحُوا الْأَیٰامیٰ مِنْکُمْ وَ الصّٰالِحِینَ مِنْ عِبٰادِکُمْ)، و عمومات حلیّة النکاح و الخبر لا ینبغی للمسلم المؤمن أن یتزوج الأمة إلا أن لا یجد الحرة و فی آخر لا ینبغی للحر و فی ثالث لا ینبغی أن یتزوج الحر المملوکة و لا ینبغی ظاهر فی الکراهة.

ص: 116

و القول الثالث: هو المنع لمن عنده حرة دون من لم یکن عنده کذلک لقوله (علیه السلام) فی الخبر المعتبر: (تزوج الحرة علی الأمة و لا تزوج الأمة علی الحرة فمن فعل ذلک فنکاحه باطل)، لإفادته جواز تزویج الأمة قبل الحرة من دون شرط شی ء و قد ینبعث من القول الأول قول آخر و هو تحریم ذلک من دون الحکم بفساده استناداً إلی عدم اقتضاء النهی الفساد هنا و غایته التحریم فلعله لأمر خارج و قد یرد علی دلیل القول الأول بأن دلالة الآیة بالمفهوم الشرطی أو الوضعی بالنسبة إلی الشرط الأول و الوضعی بالنسبة إلی الثانی فلا یعارض المنطوق الدال علی الجواز و باحتمال إلغاء المفهوم من حیث وروده مورد الغالب بالنسبة إلی الشرط الأول و لا قائل بالتفصیل بین الشرطین و کذا دلالة الروایة و مع کونها بالمفهوم لا تدل علی أکثر من ثبوت البأس و هو أعم من التحریم علی أن المنفی فی الآیة بحسب المفهوم و هو إیجاب النکاح أو ندبه و نفیهما لا یثبت التحریم لأن الغرض إثبات کونه مباحاً واجب بأن الدلالة و إن کانت بالمفهوم فهی مخصصة للعموم لأن الخاص المفهومی یحکم علی العام المنطوقی و خروج الشرط مخرج الغالب خلاف ظاهر الخطاب فلا یصار إلیه إلا بدلیل و المنفی فی الآیة هو الإباحة لأنها مسوقة لبیان حکمها دون باقی الاحکام فتقدیر الأمر المقتضی للوجوب أو الندب کی ینتفی بانتفاء الشرط لا مقتضی له و بأن ثبوت البأس مفهوم ظاهر فی التحریم لأنه أظهر أفراد البأس و قد یرد علی دلیل القول الآخر بأن العمومات مخصصة و الخاص یحکم علی العام و بأن لا ینبغی لا اختصاص لها بالکراهة فهی مرددة بین الکراهة و التحریم و قد یجاب بأن الخاص لا یحکم العام إلا مع المقاومة و الشأن فی إثباتها و بأن لا ینبغی ظاهر فی الکراهة و الظاهر حجة فی المقام.

و قد یرد علی الثالث: بأن غایة ما یدل علیه الخبر هو جواز نکاح الأمة فی الجملة فلعل مورده جامع الشرطین و ترک الاستفصال لا یفید هنا لأن الخبر مسوق لبیان حکم تزویج أحدهما علی الآخر دون غیره من الاحکام و هو حسن

و قد یرد علی الرابع: بأن النهی إذا تعلق بنفس المعاملة أو رکنها اقتضی الفساد اقتضاءً شرعیاً للدلیل الدال علی ذلک فی محله لا اقتضاء عقلیاً و یتفرع علی القول

ص: 117

الأول أن من کانت عنده أمة رافعة للعنت لم یجز له نکاح الثانیة و لو لم تکن کذلک لصغرها أو مرضها أو غیبتها جاز و کذا لو کانت حرة کذلک و إن من وجد الشرطین فتزوج الامة فزال أحدهما أو کلاهما لم ینفسخ عقده استصحاباً لحکم عقده الأول و لو طلقها رجعیاً و الحال ذلک ففی جواز رجوعه بها مع فقد الشرطین وجهان مبنیان علی کون الرجعة إبطال للطلاق أو تجدید للنکاح و إنه لو کانت عنده أمه أو حرة یمکنه الاستمتاع بما دون الفرج بحیث یزول به العنت حرم علیه نکاح الامة و إنه لو وجد الحرة و لکن طلب منه مهراً فوق مهر المثل أو مهر المثل و لکن کان مضراً بحاله ففی کونه واجداً للطَّول فیحرم علیه نکاح الامة لتحقق قدرته عرفاً أو غیر واجد لتحقق الکلفة و المشقة فی حقه و انصراف القدرة عرفاً إلی ما لا یکون فیه مشقة و الفرق بین ما یکون مضراً بحاله.

و بین ما لا یکون و إن زاد علی مهر المثل فلا یکون واجداً للطول فی الأول بخلاف الثانی وجوه و فی الأخیر قوة و إنه لو کان له مال غائب لا یستطیع الوصول إلیه و یخشی العنت بانتظاره کان فاقداً للطول و لو أمکنه الاستدانة علیه ففی صیرورته واجداً للطول أو غیر واجد وجهان و الأول أقوی و لو أمکنه بیعه فان کان بثمن المثل کان واجداً و إن کان بأقل ففیه وجهان و الفرق بین کون الأقل مما یضر بالحال أو یکون مجحفاً جداً فلا یکون واجداً و بین ما لا یضر و لا یجحف و إن نقص کثیر فیکون واجداً وجه قوی و فی اعتبار کون المال الموجود عنده زائداً علی مستثنیات الدیون لصدق الإعسار و عدم القدرة معها إذا لم یتمکن من غیرها أو عدمه لتحقق کونه قادراً عرفاً و استثناها من الدین للدلیل وجهان و لا یبعد الأول و إنه لو رضیت بکون المهر دیناً فی ذمته أو حصل له من یقرضه فإن کان الوفاء مترقباً له فهو واجد للطول علی الأظهر و إن لم یکن مترقباً له کان غیر واجد و إن لم یدرِ بأحد الأمرین ففی کونه واجداً أم لا وجهان و لا یبعد الحکم بکونه غیر واجد و إنه لو وجد الطول لنکاح الکافرة و قلنا بجواز نکاحها علی بعض الوجوه ففی حرمة نکاحه للأمة لارتفاع المشقة بها الذی هو أحد الشرطین أو جوازه لتعلیقه الجواز فی الآیة علی عدم الطول لتزویج المؤمنة فما لم یجد

ص: 118

طولًا لتزویجها کان له نکاح الأمة و کذا لو کان عنده أمة یرتفع العنت بها ففی جواز نکاحه للامة عند فقده الطول للحرة عملًا بظاهر الآیة وجه و لکن الأوجه خلافه لارتفاع العنت بها الذی هو أحد الشرطین و إنه یقبل قول مدعی خوف العنت و قول مدعی عدم الطول و لو کان فی یده مال و یدعی أنه لغیر صدّق فی دعواه و إنه مع وجود الشرطین فالصبر خیر له کما دلت علیه الآیة و ربما أشکل الحال فی الجمیع بین اشتراط خوف العنت و بین کون الصبر مع ذلک أفضل و الظاهر إرادة التصبر بالریاضة و تذکر النار و ما شابههما و یلحق بخوف الوقوع فی الزنا خوف الوقوع فی کل محرم و خوف الوقوع فی کل محرم و خوف الوقوع فی الأمراض و الآلام لأن العنت هو المشقة لغة و عرفاً و اختصاصه بالزنا علی وجه النقل عرفاً أو شرعاً لم یثبت و هل یلحق بخوف المرض و الألم الخوف علی ماله أو عرضه من سرق أو نهب أو نحوهما بحیث أنه لو لم یتزوج الأمة لحصل الضرر علیه أم لا وجهان و لو اندفع خوفا العنت بسفر أو مثله ففی لزومه وجهان و لو لم یجد الطول فوهبه آخر ما یمکن تزویجه به ففی لزوم قبوله الهبة وجهان و لا یبعد هنا عدم اللزوم لما فی القبول من المنة کما لا یلزمه الاکتساب إذا لم یکن من أهله و لو دار الأمر بین تزویجه القن أو المبعضة ففی لزوم تقدیم المبعضة وجه.

خامسها: مما یحرم بالسبب التزویج بالأمة دواماً أو متعة علی الحرة المزوجة

دواماً أو متعة من دون إذن الحرة فلو أذنت جاز لفتوی الأصحاب الإجماع المنقول فی الباب و إشعار بعض الروایات و لأنه المتیقن من المنع و ما ذکره بعض المتأخرین من عدم الجواز حتی مع الإذن استناداً لإطلاق الأخبار بالنهی عن تزویج الأمة علی الحرة من دون تقیید بعدم الإذن ضعیف جداً و لو بادر من عنده حرة إلی أمة فتزوجها من دون إذن الحرة احتمل وقوع العقد باطلًا لظاهر الأخبار ففی المعتبر و من تزوج أمة علی حرة فنکاحه باطل و فی الثانی و نکاح الامة علی الحرة باطل و فی ثالث فمن فطر فنکاحه باطل و لظاهر النهی فیهما و فی جملة من الأخبار القاضی بالفساد ففی الصحیح و لا ینکح الأمة علی الحرة و فی آخر لا یجوز نکاح الأمة علی الحرة و فی ثالث و لا یتزوج الأمة علی الحرة إلی غیر ذلک و احتمل وقوعه کالفضولی فإن أجازته الحرة لزم و إلا

ص: 119

بطل و هو منسوب بحمله من الأصحاب لعدم التفاوت بین الإذن السابقة و اللاحقة من الحرة بعد أن یکون الحق لها فلا یقصر علی الفضولی فیکون شمولًا لعموم الأدلة و غایة ما یخرج عن عموم الأدلة ما لم یتعقبه رضا الحرة أصلًا فإن رضیت جاز و تنزل الأخبار الحاکمة بالبطلان مطلقاً علی الغالب من عدم رضا الحرة سابقاً و لاحقاً أو أنه یؤول إلی البطلان غالباً لعدم رضا الحرة و الأول أقرب للأخبار و الثانی أوفق بقواعد الفقاهة و احتمل صحته ابتداء إلا أن للحرة فسخه و احتمل خیار الحرة بین فسخ عقد نفسها و بین عقد الأمة و هذا القول منسوب للشیخ (رحمه الله) و ظاهره وقوع العقد علی الأمة صحیحاً إلا أنه متزلزل فلو فسخت الحرة عقد نفسها لزم عقد الأمة من دون افتقار إلی شی ء آخر و هو بعید عن الأخبار و عن ظواهر فتاوی أکثر الأصحاب و عن القواعد أیضاً لأن عقد الحرة بعد لزومه لا مقتضی لتزلزله سیما و أن لها الخیار فی فسخ عقد الأمة و إبقائه و أما الاستدلال به من روایة سماعة فی رجل تزوج أمة علی حرة فقال إن شاءت الحرة أن تقیم مع الأمة أقامت و إن شاءت ذهبت إلی أهلها و إذا دلت الروایة علی جواز عقد نفسها سهل القول بعده بجواز عقد الأمة فهو ضعیف فلا بد من طرحه أو حمله علی حقیقته من الذهاب فلا یجعل کنایة عن الفسخ و لو تزوج من عنده أمة فإن کانت عالمة بأن المدخول علیها أمة فلا کلام و إلا فلها الخیار فی فسخ عقد نفسها أما بمعنی وقوعه کالفضولی أو بمعنی وقوعه صحیحاً و لکن لها فسخه و المعنی الثانی أوجه و أقرب للقواعد و یدل علیه روایة بحر الأزرق عن رجل کانت له امرأة ولیدة فتزوج حرة و لم یعلمها أن له امرأة فقال إن شاءت الحرة أن تقیم مع الأمة و إن شاءت ذهبت إلی أهلها قلت له فإن لم یرضَ بذهابها إلی أهلها أله علیها سبیل فقال لا سبیل له علیها إذا لم ترضَ بالمقام قلت فذهابها إلی أهلها هو طلاقها قال نعم إذا

خرجت من منزله اعتدت و قیل أن لها الخیار فی فسخ عقد نفسها و فی فسخ عقد الأمة بعد لزومه و سیما بعد ثبوت الخیار لها فی فسخ عقد نفسها و لو تزوج الحرة و الأمة فی عقد واحد فالأوجه صحة عقد الحرة و توقف عقد الأمة علی إجازتها و رضاها أما صحة عقد الحرة فلوقوعه من أهله فی محله و أما عقد الأمة فلأنه لا یزید علی ما لو وقع

ص: 120

بعد عقد الحرة و قد یحتمل بطلان العقد أصلًا لأنه عقد واحد فلا یصح فی بعض و یبطل فی بعض و للخبر عن علی إذا تزوج الرجل حرة و أمة فی عقد واحد فنکاحه باطل و یضعف الأول بأن العقد ینصب علی القابل دون غیره القابل کما لو باع ما یملک و ما لا یملک و بأن الروایة ضعیفة فلتحمل علی إرادة بطلان المجموع لا کل واحد منهما و قیل ببطلان عقد الأمة أصلًا بناء علی بطلان عقد الأمة لو وقع بعد عقد الحرة و إن رضیت الحرة و یدل علیه أیضاً روایة الحذّاء عن رجل تزوج حرة و أمتین مملوکتین فی عقد واحد قال أما الحرة فنکاحها جائز إن کان مسمی لها مهراً فهو لها و أما المملوکتان فنکاحهما فی عقد مع الحرة باطل یفرق بینه و بینهما و هذا القول قریب للأخبار و لکنه بعید عن مذاق الفقاهة بعد ما بینا أن عقد الأمة صحیح فی نفسه موافق للقواعد و لا معارض له سوی حق الحرة فإذا رضیت به جاز و وقع موقعه فلتحمل الروایة علی صورة عدم رضا الحرة فیراد بالبطلان الأول إلیه.

سادسها: مما یحرم بالسبب أن من أوقب ذکراً

مطلقاً صغیراً کان او کبیراً حراً أو مملوکاً کان الواقب صغیراً أو کبیراً حراً أو مملوکاً عاقلًا أو مجنوناً کان الموقوب حیّاً أو میتاً علی إشکال فی المیت ینشأ من جهة انصراف اللفظ إلی الحی فی الموقوب لأن ظاهره استناد الفعل إلیه و المیت لا فعل له مضطراً کان الواقب أو ملجأ أو مختاراً علی الأظهر فی الملجأ حرم علی الواقب بذکره دون غیره من أجزاء بدنه سواء دخل الحشفة أم لا و سواء کان بالحشفة أو بغیرها من أجزاء الذکر فی وجه أم الموقوب و إن علت علی الأظهر لبناً أو رضاعاً علی الأظهر لعموم یحرم من الرضاع ما یحرم من النسب و أخته دون فروعها اقتصاراً علی المورد الیقینی و بنته و إن سفلت لبنت أو لابن و یدل علی تحریم الأم و البنت و الأخت النسبیان الإجماع المنقول و فتوی الفحول و الخبرین المعتبرین المنجبرین بما ذکرنا ففی أحدهما عن ابن أبی عمیر فی الرجل یعبث بالغلام قال وقب حرم علیه أخته و ابنته و فی الآخر فی رجل لعب بغلام هل یحل له أمه قال إن کان ثقب فلا و لا مدخلیة لخصوص الغلام قطعاً لوروده مورد الغالب کما قطع به الأصحاب و شمول البنت لمن نزلت و الأم لمن علت أما عرفی أو شرعی حاصل من

ص: 121

الاستقراء أو من فتوی الأصحاب و فی بعض الروایات تحریم ولد کل منهما علی ولد الآخر و هو متروک لا یقوله أحد من اصحابنا فحمله علی الندب أو طرحه أولی و لو حصل الإیقاب بعد العقد أو بعد الوطء فی الأمة المملوکة فلا یؤثر تحریماً لأن الحرام لا یفسد الحلال و للاستصحاب لأن المتیقن من الأمة ما کان قبل العقد و الأظهر أن الإیقاب قبل وطء المملوکة مؤثر للحرمة و إن کان بعد ملکها و لو أوقب بعد العقد علی أخته أو بنته فطلق المعقود علیها ففی جواز العقد علیها وجه لا یبعد الحکم بجوازه هذا إن کان الإیقاب حالة الزوجیة أما لو کان بعد الطلاق فلا شک فی التحریم و فی بعض الأخبار ما یدل علی أن الرجل إذا أتی أخا امرأته فوقبه حرمت علیه الامرأة و أفتی به بعض أصحابنا و هو ضعیف محمول علی الندب إلی طلاقها و علی ما إذا طلقها بعد الإیقاب أو علی ما یکون أخاً امرأته لخطبته لها و إرادته إیاها و لو أوقب غلاماً و کان من العامة الذین لا یرون تحریم الأخت و البنت ثمّ تزوج بأحدهما و هو علی ذلک الذهب ثمّ استبصر ففی الحکم ببطلان عقده وجهان و لا یبعد الصحة إجراء لهم علی مذهبهم و لا یحرم علی المفعول بشی ء من أنساب الموقب و ما نقل عن بعض الفقهاء ذلک ضعیف و لو کان الموقب خنثی فلا تحرم للأصل و الأحوط الاجتناب تغلیباً للحرام فی مسألة الفروج نعم إن کان الخنثی مفعولًا و کان الإیقاب بإدخال تمام الحشفة حرمت علیه البنت و الأم علی القول بنشر الزنا للحرمة و إن کان فاعلًا حرمت علیه جمیع النساء کما یحرم علی الرجال لعدم القطع بذکوریته و أنوثیته إلا أن کلامهم فی توریث الخنثی المشکل قد یعطی الإباحة.

سابعها: مما یحرم بالسبب أنه لو عقد المحرم

فرضاً أو نقلًا إحرام حج أو عمرة بعد إفساده أو قبله دواماً أو متعة علی امرأته لنفسه عالماً بالتحریم حرمت علیه أبداً و إن لم یدخل بها قبلًا أو دبراً لخبر زرارة عنه (علیه السلام) قال و المحرم إذا تزوج و هو یعلم أنه حرام علیه لا تحل علیه أبداً و هو مشهور فتوی و روایة و قد قطع الأصحاب بمضمونه و حکی علیه الإجماع فلا محیص عن القول به و یحرم نفس العقد و إن ذلک عقوبة و فی إجراء الحکم لما عقد عنه موکله الوجه المبنی علی صحة التوکیل علی العقد الفاسد

ص: 122

و عدمه و إن عقد المحرم جاهلًا قد فسد عقده اتفاقاً و له تجدیده بعد الإحلال إن لم یدخل للأصل و لمفهوم الخبر المتقدم و إن دخل قیل حرمت مؤبداً و نقبل علیه الإجماع و قیل لا لما تقدم و الأول أحوط و إن عقد المحل علی محرمة ففی ثبوت التحریم بذلک علیهما معاً مع العلم قولان فقیل بثبوته و نقل علیه الإجماع و استدل له بالاحتیاط و الأخبار و قیل بعدمه للأصل و لعدم ثبوت الأخبار و عدم تحقق الإجماع و الأول أحوط و لا تحرم الزوجة لو وطأها محرماً عالماً بالتحریم أو جاهلًا للأصل و عموم أن الحرام لا یفسد الحلال و لمنقول للإجماع.

ثامنها: مما یحرم بالسبب أنه لو تزوج دواماً أو متعة بنفسه أو بوکیله أو بولیه بنفسها او بوکیلها أو بولیها علی إشکال نسب الوکیلین امرأته فی عدتها من غیره عالماً

بالعدة و التحریم دخل بها أم لا حرمت علیه ابداً للإجماع بقسمیه و للنصوص المعتبرة و هل یحرم نفس العقد الظاهر ذلک لأن الظاهر ان ما یبعث علی التحریم حرام سیما لو قصد فی العقد التشریع و ترتب الأثر و لا یلحق بذلک التحلیل لخروجه عن اسم التزویج و النکاح و کذا لو تزوج بها فی العدة و وطأها فی العدة و کان جاهلًا فإنها تحرم علیه مؤبداً للنص و الإجماع أیضاً أما لو عقد فی العدة جاهلًا فوطأ بعدها و عقد قبلها فوطأ فیها ففی إلحاق ذلک بالعقد و الوطء فیها وجهان و لا یبعد العدم اقتصاراً علی المورد الیقینی فی حصول التحریم المؤبد و إن کان إطلاق الأخبار قد یساعد إلحاق القسم الأول بالقسم المتفق علیه و هو العقد و الوطء فی العدة کقوله (علیه السلام) فی من إذا تزوج الرجل المرأة فی عدتها و دخل بها لم تحل له أبداً عالماً کان أو جاهلًا و إن لم یدخل بها حلت للجاهل و لم تحل للآخر و لو تجرد العقد عن الوطء مع جهلهما فلا أثر له و جاز له تجدید العقد و لو تجرد الوطء عن العقد کان الوطء شبهة و لا ینشر حرمة أیضاً للأصل و لو وقع العقد المجرد مع جهل أحدهما دون الآخر حرم علی العالم قطعاً لقوله (علیه السلام) و قد سأله فی الصحیح إن کان أحدهما متعمداً و الآخر بجهالته قال الذی تعمد لا یحل له أن یرجع إلی صاحبه أبداً و أما الجاهل فکذلک علی الأظهر لعدم إمکان صحة العقد من جانب دون آخر و مفهوم الخبر ملغی فهو محمول علی إرادة بیان

ص: 123

التساوی بین العالم و الجاهل و یحتمل عدم بطلان العقد مع جهل أحدهما و إن أثم العالم بإیقاع العقد و هو ضعیف و یحتمل أن یراد بأن الجاهل إذا عقد فعلم بعد ذلک جاز له تجدید العقد و لم یلزمه السؤال عن حال الآخر و لو ادعی الآخر العلم بعد العقد لم یسمع فی حق العاقد و یحتمل أن یراد بالحل للآخر أن جهل التحریم أو شخص المعقود علیها ثانیاً و لکن لا یظهر الفرق بینه و بین صورة علمها إلا بأن یقال بلزوم العقد حینئذٍ و إن تجدد العلم أو الشخص بعد العقد و یحتمل أن یراد أن الجاهل ما دام جاهلًا یحکم بصحة عقده و ترتب آثار العقد الصحیح علیه ظاهراً لا واقعاً دون العالم و یحتمل أن یراد أن العالم بتحریر العقد العقد إذا جهل تحریم المعاودة جاز للجاهل بتحریم العقد فی العدة مع العلم کان زانیاً و لا یؤثر تحریماً مؤبداً فی غیر العدة الرجعیة و لا فرق فی العدة الموجبة للتحریم بالنکاح بین عدة الطلاق البائن و الرجعی و بین عدة الوفاة وعدة الشبهة کما لا فرق فی النکاح فیها بین الدائم و المنقطع و بین الوطء قبلا أو دبراً و فی إلحاق الاستبراء فی العقد وجهان من أنها عدتها شرعاً و للاحتیاط فی الفروج و من الأصل و عدم دخوله تحت اسم العدة فی النص و الفتوی و کذا فی إلحاق ما بین عدة الوفاة و بین موت الزوج إذا لم یبلغ الخبر بالعدة وجهان من کونه أقوی من العدة فی القرب إلی الزوجیة و من أصل و اختصاص النص بالعدة و أما المسترابة فی زمن التربص قبل الاعتداد ثانیاً فالأقوی إلحاقها بالمعتدة لأنه من الشروع فیها.

تاسعها: مما یحرم بالسبب الزنا بذات البعل

مصاحباً للعقد أو مجرداً عنه سواء کانت ذات البعل زوجة دائمة أو متعة دون المحللة أو الموطوءة بملک الیمین علی الأظهر اقتصاراً علی مورد النص و مثله الزنا بذات العدة الرجعیة لمساواتها الزوجة فی الأحکام و للإجماع المنقول المؤید بفتوی المشهور و یدل علی تأثیر الزنا بذات البعل الحرمة المؤبدة الفقه الرضوی المنجبر بفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماع المنقول بل ربما یدعی المحصل و قد یستدل علیه أن بما سیأتی إن شاء الله تعالی من أن النکاح محرم أبدا بذات البعل فالزنا أولی و إن الدخول مع محرم أبدا فالدخول من دون نکاح أولا و لا

ص: 124

یخلو لإصراره من نظر و تأمل لاحتمال أن العقد مع الوطء بالزنا له خصوصیة هذا کله فی الزنا المجرد و أما لو صاحبه عقد فلا شبهة فی تأثیره التحریم المؤبد لاشتماله علیه و زیادة و لو وقع الوطء لذات البعل شبهة من دون عقد کان وطء شبهة و لا ینشر حرمة مؤبدة کما لو وقع العقد المجرد عن الوطء جهلًا إنما الإشکال فیما لو وقع عقد و وطء مع الجهل أو عقد مجرد مع العلم فهل یؤثران الحرمة الأبدیة کما فی الذات العدة لأن علاقة الزوجیة هنا فی العدة و لقوله (علیه السلام): (التی تتزوج و لها زوج یفرق بینهما لا یتعاودان أبداً)، و فی آخر: (أن الرجل إذا تزوج امرأة و علم أن لها زوجاً فرق بینهما و لم یحل له أبداً)، سواء قری و علم مبنی للفاعل أو للمفعول، و فی ثالث: عن أبی جعفر (علیه السلام): فرأی امرأة فقدت زوجها أو نعی إلیها فتزوجت ثمّ قدم زوجها بعد ذلک فیطلقها، قال: (تعتد منهما جمیعاً ثلاثة أشهر عدة واحدة و لیس للآخر أن یتزوجها أبداً)، و فی رابع: عن أبی جعفر (علیه السلام): (إذا نعی الرجل إلی أهله أو أخبروها أنه طلقها فاعتدت ثمّ تزوجت فجاء زوجها الأول فإن الأول أحق بها من هذا الآخر دخل بها أم لم یدخل و لیس للآخر أن یتزوج بها و لها المهر بما استحل من فرجها)، أولا یؤثر أن للأصل و استضعافاً للنص و الأول أقوی و أحوط و أعلم أن الأقوی أن کل امرأة لزمتها عدة عن رجل قد وطأها ثمّ لزمتها عدة أخری أیضاً عن آخر کان لها أن تعتد عدتین متغایرتین و لا یجوز لها إدخال واحدة فی ضمن الأخری لاقتضاء تعدد المسبب و الأصل له عدم تداخل الاسباب للأخبار المعتبرة المشتهرة فتوی و عملًا الدالة علی ذلک کقولهم (علیهم السلام) فی خبر الحلبی عن أبی عبد الله (علیه السلام) عن المرأة الحبلی أ یموت زوجها فتضع و تتزوج قبل أن یمضی لها أربعة أشهر و عشراً فقال: (إن کان دخل بها فرق بینهما و لم تحل له ابداً و تمت عدتها من الأول وعدة أخری من الأخر)، و فی خبر محمد بن مسلم فیمن تزوج الامرأة فی عدتها مما دل علی لزوم عدة واحدة عنهما مطرح أو محمول علی التقیة.

عاشرها: ما یحرم بالسبب فی الجملة ابتداءً و استدامة الکفر و فیه مباحث.

اشارة

ص: 125

أحدها: یحرم علی المسلم من جمیع فرق الإسلام العقد علی غیر الکتابیة دواماً و متعة

و کذا وطئها بملک الیمین أو التحلیل کل ذلک فی الابتداء و الاستدامة و أما الکتابیة المعلوم أنها کذلک کالیهود و النصاری فالأشهر فی الفتوی و الروایة نقلًا بل تحصیلًا تحریم العقد الدائم علیها و تجویز المنقطع و الموطوءة بملک الیمین و هو الأقوی و الأظهر أما الأول فیدل علیه عموم الأمر بالغض و حفظ الفروج إلا علی الأزواج مع الشک فی صدق الزوجیة شرعاً بمجرد العقد بحیث یعلم أن کل معقود علیها زوجة و إن کلما وقع العقد بین رجل و امرأة صح نکاحها و کانت زوجته فیشک فی حینئذٍ فی صحة العقد علی الکتابیة فتدخل فی عموم الأمر بالغض و یدل علیه أیضاً الأمر بالاحتیاط فی الفروج و کذا ظاهر الإجماع المنقول و کذا ظاهر أی الکتاب کقوله تعالی: (وَ لٰا تَنْکِحُوا الْمُشْرِکٰاتِ حَتّٰی یُؤْمِنَّ)، و الیهود و النصرانیة منهن لقوله تعالی: (فَتَعٰالَی اللّٰهُ عَمّٰا یُشْرِکُونَ)، بعد ذکره لقول الیهود و النصاری و لأن النصاری قالوا بالاقانیم الثلاثة قالوا عزیر بن الله (اتَّخَذُوا أَحْبٰارَهُمْ وَ رُهْبٰانَهُمْ أَرْبٰاباً)، و قوله تعالی: (وَ لٰا تُمْسِکُوا بِعِصَمِ الْکَوٰافِرِ)، الشامل للعقد أو الظاهر فیه و قوله تعالی: (یُوٰادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّٰهَ)، و کذا قوله تعالی: (وَ لٰا تَرْکَنُوا إِلَی الَّذِینَ ظَلَمُوا)، و فی العقد علیهن موادة و رکون و یدل علیه أیضاً الأخبار المتکثرة المخالفة للعامة و الموافقة للاحتیاط الناهیة عن ذلک مطلقاً أو الحاکمة بنسخ آیة: (وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الْمُؤْمِنٰاتِ وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتٰابَ مِنْ قَبْلِکُمْ إِذٰا آتَیْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) بآیة: (وَ لٰا تُمْسِکُوا بِعِصَمِ الْکَوٰافِرِ)، کما فی جملة منها أو بآیة: (وَ لٰا تَنْکِحُوا الْمُشْرِکٰاتِ)، کما فی بعض آخر و أما الثانی فیدل علیه قوله تعالی: (وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتٰابَ مِنْ قَبْلِکُمْ إِذٰا آتَیْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ)، الظاهر فی المتعة بقرینة لفظ الأجر و بضمیمة الأخبار الدالة علی ذلک و ملک الیمین فی منع المتعة و یدل علیه أیضاً الأخبار المتکثرة الدالة علی جواز التمتع بهن المشتهرة روایة و فتوی المخالفة للعامة باشتمالها علی حکم المتعة کالموثق لا بأس أن یتمتع الرجل بالیهودیة و النصرانیة و عنده حرة و فی آخر لا بأس أن یتزوج الیهودیة و النصرانیة متعة و فی ثالث عن نکاح

ص: 126

الیهودیة و النصرانیة فقال لا بأس فقلت المجوسیة فقال لا بأس به یعنی متعة و فی رابع عن الرجل یتمتع من الیهودیة و النصرانیة قال لا أری بذلک بأساً إلی غیر ذلک من الأخبار و بهذه الأخبار یخص ما دل علی التحریم مطلقاً و یحمل ما دل علی المنع من المتعة علی الکراهة لما فی الکوافر من النفرة من خوف الحمل المرغوب عنه منهن و یدل علی جواز الوطء بملک الیمین قوله تعالی: (أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُکُمْ)، و خصوص ما دل علی جوازه فی المجوسیة القاضی بالأولویة فی الیهودیة و النصرانیة و فحوی ما دل علی الجواز فی المتعة و بما ذکرنا ظهر ضعف القول بالجواز مطلقاً و القول بالتحریم مطلقاً و القول بالجواز فی حال الضرورة فقط و التجویز بملک الیمین فقط إلی غیر ذلک من الأقوال و قیل یختص الجواز بالذمیة من أهل الکتاب فقط اقتصاراً علی المقطوع به من محل المنع و لما فی بعض الروایات من التقیید بها و لانصراف الإطلاق إلیها أو الأعم منها و من الحربیة للعموم وجهان أقواها الأول.

ثانیها: یلحق بالیهودیة و النصاری و المجوس فی الحکم المتقدم للأخبار المتکثرة الدالة علی ذلک المشتهرة

فتوی و روایة المخالفة لمذهب العامة من حیثیة المتعة و فی معناها ملک الیمین و قد ورد فی صحیح ابن مسلم نفی البأس عن وطء المجوسیة بملک الیمین و النهی عن تزویجها المحمول علی غیر المتعة أو علی الکراهة جمیعاً کما یحمل ما ورد من النهی عن خصوص التمتع بالمجوسیة علی الکراهة جمعاً بین الأخبار و الآیات المتعارضة و شاهد الجمع یستخرج من الفتوی و الروایة و الأحوط ترک طلب الولد من الکافرة مطلقاً لمکان النهی و إن کان حمله علی الکراهة لضعف مقاومة التقیید فتلک الإطلاقات کما أن الاحوط ترک وطء الکتابیة مطلقاً فیما عدا الضرورة و هل إلحاق المجوس بأهل الکتاب لمکان الدلیل فقط لعدم ثبوت کونهم أهل کتاب و لمفهوم قوله (علیه السلام) سنوا بهم سنة أهل الکتاب إنهم لیسوا منهم و إنما یسن بهم سنتهم من اجراء حکم الجزئیة و الدیات فقط کما هو المتیقن من التشبیه و المفهوم من بعض الأخبار کما ورد أنهم إنما ألحقوا بالیهود و النصاری بالجزیة و الدیات و ورد فی ذیل الخبر المتقدم غیر ناکحی نسائهم و لا آکلی ذبائحهم أو مطلقاً کما هو الظاهر من العموم المتقدم أو

ص: 127

إلحاقهم بأهل الکتاب لأنهم من أهله کما هو المفهوم من أخبار أخر دالة علی أنهم کان لهم نبی اسمه جاماسا و کتاب جاءهم به باثنی عشر ألف جلد ثور فقتلوا نبیهم و خرقوا کتابهم وجهان و لا یبعد الأول کما یلوح من فحاوی الفتاوی و علی کل حال فالمشکوک فیه أنه من أهل الکتاب صنفاً أو شخصاً فالأصل فیه التحریم و کذا ما اختلطت أفراد و اشتبهت و من ذلک یظهر أن الصابئة لا یجری علیهم حکم أهل الکتاب لوقوع الشک و الاختلاف فیهم من أنهم نصاری أو قوم یعبدون الکواکب أو قوم من أهل الکتاب یقرءون الزبور أو قوم بین الیهود و المجوس أو قوم یوحدون و لا یؤمنون برسول أو قوم یقرون بالله و یعبدون الملائکة و یقرءون الزبور و یصلون إلی الکعبة و قوم یعبدون الثوابت أو یعبدون السیارات السبع أو یتخذون الکواکب أرباباً و إن الآخرین قوم من الیهود و أما السامرة فالمشهور أنهم قوم من الیهود و لا یبعد إلحاقهم به و التحقیق أن ما علم بالنقل و السیرة موافقة أصولهم لأصول أهل الکتاب فهم منهم و إن خالفوهم بالفروع و ما ثبت مخالفتهم لهم فی الاصول فلیسوا منهم و إن وافقوهم فی الفروع و لا عبرة الآن بغیر الیهود و النصاری کما لا عبرة بکتاب غیر التوراة و الانجیل کصحف إبراهیم و زبور داود و صحف آدم و إدریس لأنها مواعظ لا أحکام فیها و لا إعجاز بل لا یقطع بنزولها منه سبحانه و تعالی فلربما کانت وحیاً یوحی إلیهم و الألفاظ منهم و علی کل حال فمع الشک بذلک لا بد من المصیر إلی عدم إجراء أحکام الکتاب علی أهلها.

ثالثها: لا شک أن ارتداد أحد الزوجین فاسخ للنکاح

من حینه بالإجماع سواء فی ذلک الزوج و الزوجة و سواء کان الارتداد عن فطرة أو ملة فإن کان الارتداد من الزوجة مطلقاً و کان قبل الدخول انفسخ النکاح و لا مهر لها لسقوطه من قبلها و یشعر به فحوی بعض الأخبار و إن کان من الزوج انفسخ النکاح أیضاً و یثبت جمیع المهر علیه للاستصحاب و ذهب جمع من الأصحاب إلی ثبوت النصف إلحاقاً لهذا الفسخ بالطلاق و لشبه النکاح بالمعاوضة و لما یشعر به ما ورد من التنصیف فیمن أسلمت و أبی زوجها أن یسلم فقضی علیه أمیر المؤمنین (علیه السلام) بالنصف لأن عدم إسلام زوجها

ص: 128

بعد عرض الإسلام علیه بمنزلة الارتداد و هو قوی إلا أن الأول أحوط و إن ارتد دفعه فالاظهر ثبوت المهر علی الزوج کلا أو نصفاً مع احتمال العدم هذا کله إن کان المهر مقدراً معلوماً و إلا فمهر المثل إن کانت التسمیة فاسدة أو المتعة إن لم یسم شیئاً و إن کان الارتداد بعد الدخول قبلًا أو دبراً فإن کان من الزوجة فقد حرمت علیه سواء کان ارتدادها عن فطرة أو ملة و توقف انفساخ العقد علی مضی العدة فإن مضت و لما ترجع إلی الإسلام فقد بانت منه و إن رجعت فهی امرأته و هل انقضاء العدة کاشف عن حصول الفسخ ابتداء أو ناقل له وجهان و لا یبعد الأول کما أن الأقوی أن الرجوع للإسلام کاشف عن ثبوت الزوجیة لا مثبت لها و إن کان الارتداد من الزوج فإن کان عن ملة توقف انفساخ العقد علی مضی العدة فإن رجع قبلها عادت إلیه و إن لم یرجع حتی تنقضی بانت منه و هل خروج العدة قبل الإسلام کاشف عن البینونة ابتداء حتی لو وطأها شبهة لزمه مهر المثل عزا و مثبت لها وجهان و کذا الکلام فی الحد مع احتمال ثبوته مطلقاً و احتمال عدمه مطلقاً لمکان الشبهة و هل تدخل عدة الفسخ مع عدة الشبهة کما تداخل العدتان فی المسلمة أو لا للأصل وجهان أحوطهما الثانی و فی الأول قوة و یتفرع علی الکشف و النقل فروعاً کثیرة و ان کان عن فطرة بانت منه من حین الارتداد و لا تعود إلیه مطلقاً و لو وطأها شبهة لزمه المهر قطعا و قد دلت الأخبار المتکثرة علی بینونة نساء المرتد الفطری و قسمة امواله و لزوم قتله و اعتداد نسائه عدة الوفاة و نعنی بالفطری هو کل مسلم بین مسلمین کما دل علیه موثق عمار و لو کان إسلام أبویه حین انعقاد نطفته کما هو ظاهر الروایة و مثله ما لو کان أحد أبویه مسلماً حین انعقاد نطفته علی الأظهر و مثلها ما لو وصف الإسلام حین بلوغه أو قبله و لم یتقدم له حال کفر فی وجه ربما یظهر من بعض الروایات و هذا المرتد لا تقبل توبته ظاهراً بل لا بد من إجراء الأحکام المتقدمة علیه قطعاً و هل تقبل باطناً بحیث تصح عبادته و یکون ظاهراً بحسب الواقع أو بحسب الواقع و الظاهر أو تقبل فی الآخرة و إن لم یصح منه فقط شی ء فی الدنیا و یحکم بنجاسته دائماً واقعاً و ظاهراً أو لا تقبل أبداً

ص: 129

لإیقاع نفسه فیما لا یطاق له تدارکه و ما بالاختیار لا ینافی الاختیار وجوه و الکلام علیه لیس هذا محله.

رابعها: إذا اسلم أحد الزوجین الکافرین

فإن کانت الزوجة کتابیة و کان المسلم الزوج سواء کان کتابیاً أو وثنیاً و سواء کان عقده دواماً أو متعة قبل الدخول أو بعده لجواز استدامة العقد علی الکتابیة بعد إسلامه حتی من المانعین ابتداء العقد فهو موضع وفاق بینهم و یحمل علیه قوله (علیه السلام): (أهل الکتاب و جمیع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجین فهما علی نکاحهما)، بحمله علی إرادة الزوج مطلقاً أو الزوجة ما دامت فی العدة و هل المجوسیة هنا کالکتابیة لإلحاقها بها فی الحکم و لشمول هذا الخبر لها أولًا للأصل و لخبر بن منصور فی مجوس تحته مجوسیة فأسلم أو أسلمت قال ینتظر بذلک انقضاء عدتها و إن هو أسلم أو أسلمت قبل أن تنقضی عدتها فهما علی نکاحهما الأول و إن لم یسلم حتی تنقضی العدة فقد بانت منه و نحوه آخر و یمکن تاویلهما و تجدید العقد أحوط و إن کانت المسلمة الزوجة فإن کانت قبل الدخول انفسخ نکاحها للصحیح إذا أسلمت امرأة و زوجها علی غیر الإسلام فرق بینهما و لا مهر لها لأن الفسخ من قبلها و فی آخر فی نصرانیة أسلمت قال انقطعت عصمتها و لا مهر لها و لا عدة علیها و إن أسلمت بعد الدخول وقف الفسخ علی انقضاء عدتها منه من ذلک الفسخ و لا اعتبار بعدة الشبهة لو وطأها شبهة فإن أسلمت فی العدة تبین بقاء الزوجیة و إلا تبینت البینونة ابتداء فالإسلام فی العدة کاشف عن بقاء الزوجیة لا مثبت لها للأصل و کذا عدمه کاشف عن البینونة لا مثبت لها و یستوی فی هذا الحکم جمیع الکفار لو أسلم أحد الزوجین منهم بعد الدخول کما أنه لو أسلم أحد الزوجین منهم قبل الدخول انفسخ العقد من حینه فیما عدا الکتابیة کما تقدم و لو أسلم الزوجان دفعة حکمیة بحث وقع اقترانهما دفعة لم ینفسخ العقد بینهما للأصل و لفتوی الأصحاب و للشیخ قول فی الزوج الکتابی لو أسلمت زوجته الکتابیة أو مطلقاً أنه یبقی علی حکم الزوجیة لو قام شرائط الذمة غیر أنه لا یمکن من الدخول علیها لیلًا و لا الخلوة بها مطلقاً للخبر فی یهودی أو نصرانی أو مجوسی أسلمت امرأته و لم یسلم قال

ص: 130

هما علی نکاحهما و لا یفرق بینهما و لا یترک یخرج بها من دار الإسلام إلی الهجرة و للآخر أن أهل الکتاب و جمیع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجین فهما علی نکاحهما و لیس له أن یخرجها من دار الإسلام إلی غیرها و لا یبیت معها و لکنه یأتیها بالنهار و ظاهرهما عدم الفرق بین الدخول و عدمه و هو ضعیف لضعف الروایتین سنداً و دلالة عن معارضة عموم الکتاب و السنة و کلام الأصحاب و ما دل علی نفی السبیل و ما دل علی أن الامرأة تأخذ من دین زوجها و ما دل علی النهی عن الموادة و الرکون و ما دل علی المنع بالخصوص فتأویل ما یمکن تأویله و طرح الباقی هو المذهب.

خامسها: ظاهر الأصحاب أن من بدل دینه من الکفار إلی دین آخر غیر الإسلام لم یقبل منه

لقوله تعالی: (وَ مَنْ یَبْتَغِ غَیْرَ الْإِسْلٰامِ دِیناً فَلَنْ یُقْبَلَ مِنْهُ)، و لزم قتله لقوله (علیه السلام): (من بدل دین فاقتلوه)، و کذلک لو عاد دینه أیضاً لم یقبل منه فیکون بمنزلة المرتد الفطری و تبین زوجة المبدل دینه عنه و زوج المبدلة دینها عنها و لا یقع بینهما بعد ذلک تناکح سواء کان الدینان مما یقر أهله علیه أو کانا مما لا یقر أهله علیه أو کانا مختلفین کوثنی تهود أو تنصر أو یهودی صار وثنیاً أو غیر ذلک و هذا کله إنما یجری لو ترافعوا إلینا و استفتونا بما عندنا و إلا فلو رجعوا إلی مذاهبهم و کان فی مذهبهم عدم جواز انفساخ نکاحه جاز لنا إقرارهم علی مذهبهم و قلت ثمرة هذه الأحکام و المراد بالتبدیل الذی لا یقر أهله علیه هو ما وقع بعد المبعث فإنه لا یقرون علیه هم و لا أولادهم إلی یوم القیامة و ما کان قبل المبعث فالظاهر أنهم یقرون علیه للسیرة القاضیة بإقرارهم علی ذلک من زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و لعدم نقل الفحص منه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عن ذلک و یلحق بهم المشکوک فی سبقه و لحوقه نعم قد یشکل الحال فیمن بدل دینه قبل المبعث لأی دین المبدلین و المحرفین دینهم من الیهود و النصاری و لا یبعد أنهم فی الحکم سواء لجریان السیرة بعدم الفحص عنهم و عدم السؤال بل و أکثر المبدلین یومئذٍ کانوا یرون رأی المحرفین و المنحرفین و إذا ترافعوا أهل ملة من الملل المقر أهلها علیها إلینا جاز

ص: 131

لنا الحکم بما هو عندنا جوازاً لا لزوماً لقوله تعالی فَاحْکُمْ بَیْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ و جاز لنا إرجاعهم إلی حکام نحلتهم لقوله تعالی: (أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) و ذلک معنی الإعراض و للإجماع المنقول المنجبر بفتوی المشهور و قیل بلزوم الحکم بینهم بما هو عندنا لأنه الحق و للزوم الأمر بالمعروف و لقوله تعالی:" وَ أَنِ احْکُمْ بَیْنَهُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ" و الاول أقوی و الثانی أحوط و علی الثانی فلو اختلف المتداعیان فی الدین احتمل لزوم الحکم بینهم حینئذٍ بما هو عندنا و احتمل إرجاعهم إلی من یختاره المدعی و احتمل القرعة و احتمل إرجاعهم إلی حکم الناسخ کالنصرانیة بالنسبة إلی الیهودیة و احتمل أنه أمر یرجع إلی رأی الحاکم الشرعی فما یختاره لزمهم الرجوع إلیه و لو تداعیا مسلم و کافر لزم الحکم بینهما بما أنزل الله و کذا لو تداعی مستأمن و ذمی علی الأظهر و لو أراد الکافر صدور العقد من المسلم علی زوجة لزم العقد علیها علی مذهبنا فلا یجوز صدور العقد من مسلم علی خمر أو خنزیر و لو بالوکالة عن الکافر و إذا تداعیا عند المسلم ذمیان علی مهر فاسد کخمر و شبهه لزم علیه إذا لم یرجعهم إلی مذهبهم أمرهم بمهر المثل مع احتمال جواز أمرهم بقیمته عند مستحلیه هذا کله إذا لم تقبضه کلًا فإن قبضه مضی القبض و لو قبضت النصف جری علی کل نصف حکمه و الأظهر الرجوع بالتنصیف إلی قیمة لا إلی العدد أو الوزن.

سادسها: الکفار یقرون علی ما هو صحیح عندهم و یعاملون مع المسلمین بتلک المعاملة

فما صح من البیع عندهم نلزمهم به و نستحل ثمنه و إن کان فاسداً عندنا لفساد أحد أرکانه و کذا ما صح عندهم من المواریث و النکاح و الوقوف و الصدقات و غیرها لقوله (علیه السلام): (الزموهم به بما ألزموا به أنفسهم) و للسیرة و للزوم العسر و الحرج لو لا ذلک و لا یقرون علی ما هو فاسد عندهم إلا إذا کان صحیحاً عندنا هذا کله إذا لم یسلموا أو یترافعوا إلینا فإن ترافعوا إلینا فلنا الخیار بین ردهم إلی مذهبهم و إقرارهم علیه و بین الحکم بینهم بما أنزل الله تعالی فإن أسلموا نظرنا إلی ما أسلموا علیه فإن کان مما مضی أثره بعقد أو شبهة و لم یؤثر تحریماً مؤبداً أمضیناه علی ما هو علیه و إلا

ص: 132

أبطلناه و حینئذٍ فیجب رد المغصوب مع بقاء عینه و لا نحکم بملکیة الغاصب له بعد إسلامه و إن غصبه حالة الکفر و یجب العزل عمن تزوجها فی العدة و وطأها حالة الکفر و کذا من تزوجها و قد وقب أخاها أو وطأ أمها أو بنتها أو ارتضع معها أو کانت مطلقة ثلاثاً من دون محلل أو تسعاً مطلقاً و کانت زوجة ابنه أو أبیه أو کانت بینه و بینها نسب أو سبب محرم غیر ذلک و کذا لو کانت مغصوبة و إن کان نکاح المغصوبة حلال فی دینهم علی الأظهر و بالجملة کلما حرم استدامة حرم علیه بعد إسلامه و کلما حرم ابتداء لفقد شرط أو مانع غیر قاض بتحریم الاستدامة کلا خلال بالصیغة أو نحو ذلک بقی علی حلیته بعد الإسلام و لا بد من النظر التام فی المقام لأنه من مزال الإقدام و لا یلزم علی المسلم إجبار زوجته الذمیة علی غسل أو وضوء أو صلاة أو صوم أو نحو ذلک لجواز إقرارها علی دینها نعم له إلزامها علی ما یزیل القذارة عنها و کرفع الأوساخ وقص الأظفار و نتف الشعر و غسل الحیض إن توقف الجماع علی الإتیان بصورته و ظاهر الأصحاب ذلک و قد یناقش فیه بأن الصورة لا ثمرة لها فلا یلزم جبرها و له منعها مما یسکره کشرب الخمر و أکل لحم الخنزیر و أکل الثوم و استعمال الدهن المنتن و سائر المحرمات.

سابعها: إذا أسلم الکافر علی أکثر من أربع کتابیات أو غیر کتابیات و قد أسلمن فی عدته معه و کان العقد دواماً بقی عقده علی أربع منهن علی وجه الإبهام

فتکون زوجاته أربعاً مرددة و یدخل التردید فی مفهومها واقعاً و یتوقف تعین ذلک المبهم علی اختیاره اربعاً منهن و یفارق الباقی فالاختیار مثبت للتعین لا مثبت للزوجیة و لا کاشف عنها و لا کاشف عن التعین إلا أن یقال أن الاختیار کاشف عن أن المختارة هی الزوجة ابتداء فی علم الله لعلمه بما یختارها و لکنه لا یتم فی صورة ما إذا مات و لم یخیر إحداهن مع أنا نحکم بالزوجیة مطلقاً و علی کل حال فلا فرق فی ثبوت حکم اختیار أربع له بین کونهن مدخول بهن أجمع أو غیر مدخول بهن أو مدخول ببعضهن دون بعضهن و بین إسلام بعضهن و عدم إسلامها إذا کن کتابیات و بین ترتب عقدهن و عدم ترتبه لقوله (علیه السلام) لغیلان حین اسلم علی أکثر من أربع: (أمسک أربعاً و فارق

ص: 133

سائرهن)، و یجب الاختیار فوراً لظاهر الأمر به و لفتوی الأصحاب و للزوم الضرر لولاه فإن تراخی عصی فإن ترافعت معه الزوجات کلهن أو بعضهن عزر علی ترکه و لا یبعد جواز الإجبار علیه فإن مات قبل الاختیار بطل الاختیار و لم ینتقل إلی الوارث لأنه لیس من الحقوق المورثة و لزم الاعتداد علی جمیع النسوة بابعد الأجلین فالحامل باربعة أشهر و عشراً أو وضع الحمل و الحائل کذلک بالابعد من الأشهر و العشر و الثلاثة إقراء لاحتمال الفراق و البقاء علی الزوجیة فالاحتیاط یقضی بذلک مع احتمال اختصاصهن بعدة الوفاء لبقاء علاقة الزوجیة فتسقط الإقرار و یرث الجمیع إذا کن قابلات للإرث الربع أو الثمن بالسویة لتحقق العلاقة فیهن أجمع و عدم الترجیح مع احتمال استخراج الوارث منهن بالقرعة لأنها من الأمور المشکلة و إن لم تکن من المشتبهة و نمنع اختصاص القرعة بالمشتبه ظاهراً المعین واقعاً و الأظهر إیقاف الحصة إلی أن یصطلحن بینهن لعدم التمییز بین الوارث منهن و غیر الوارث و الصلح اختیاری مع احتمال أنه قهری و لو مات و کان فیهن غیر وارثات لم تقف لهن حصة سواء فی ذلک المسلمات و الکافرات لاحتمال کونهن الزوجات دون المسلمات فلا ترث الزوجة لأنها کافرة و لا المسلمة لأنها غیر زوجة علی وجه الیقین و یحتمل توریث المسلمات نصف الربع أو نصف الثمن لسقوط ما یخص الکافرة و یحتمل توریث المسلمات جمیع المال و لا یبعد الأول و لو اسلم و أسلمن معه ثمان فاختار ثلاثاً فمات ورث الثلاث ثلاثة ارباع الثمن أو الربع و بقی الربع من الربع أ، الثمن یصطلحن علیه الخمس و لو أسلمت الکافرة قبل القسمة اختصت أو شارکت علی الأظهر.

ثامنها: لا یکفی فی الاختیار القصد و النیة

بل لا بد من القول الصریح أو الکنایة المفهمة و لو بالقرائن الحالیة أو المقالیة أو الفعل الدال علی ذلک کالوطئ قبلًا أو دبراً و لا یبعد إلحاق الضم و التقبیل به و لا یصح التعلیق بلفظه کاخترتک أو أمسکتک إن جاء زید و لا توقیته مؤخراً کاخترتک غداً لأنه إما عقد کالنکاح أو إیقاع کالرجعة و کلاهما لا یقبل التعلیق و لو طلق منجزاً واحدة أو أکثر کان اختیاراً لها إذا لا طلاق إلا بعد اختیار فیکون لفظ الطلاق موجباً للنکاح و الفراق مع احتمال عدم وقوع

ص: 134

الاختیار به إلا إذا عاد بمنزلة الإقرار و لو عرف أن القصد فی الطلاق إرادة الفراق فقط کان فسخاً للمطلقة و لا یقع الاختیار بلفظ الظهار و لا الإیلاء و لا اللعان إلا إذا ضم إلیهن ما یفید إرادة النکاح و لو قذف واحدة مسلمة قبل الاختیار احتمل تعلق الحد به مطلقاً و احتمل تعلق اللعان به کذلک و احتمل الإیقاف إلی الاختیار فإن اختارها تعلق اللعان و إلا فالحد و هو الأظهر و لو قذف کافرة فاختارها فعلیه التعزیر و یسقطه باللعان أو البینة و یلزم اختیار أربع فلا یجوز النقصان کما لا تجوز الزیادة و إذا أسلم الحر علی أکثر من أربع کتابیات فإن کن حرائر کان له اختیار أربع و إن کن إماءً کان له اختیار أمتین و إن کن مفرقات کان له اختیار حرتین و أمتین و ثلاث حرائر و أمة و إذا أسلم العبد کذلک کان له اختیار حرتین او أربع إماء أو أمتین و حرة هذا کله إذا رضیت الحرة باجتماعها مع الأمة و إلا حرم علیه الجمع بینهما و للمختار اختیار أربع فتبین ما عداها و له إبانة ما زاد علی الأربع فتتعین علی الأربع بنفسها للزوجة و لیس للبائنة شی ء قبل الدخول و احتمال التنصیف بعید کما أن لها بعد الدخول مهر المثل لاستبانة فساد العقد مع احتمال المسمی و هو بعید أیضاً و هل الفراق فاسخ من حینه أو کاشف عنه من أصله وجهان و الوجوه فی الاختیار و الفراق فی کونه من حینه أو من أصله أربعة و قد یکون ستة بناء علی وجهی و لا ملازمة بینهما فقد یجتمع أحدهما مع ضد الآخر و لو أسلم عن امرأة و بنتها بعد الدخول بهما أو بالأم حرمتا و إن کان قبله حرمت الأم خاصة و عن الشیخ (رحمه الله) التخیر بینهما فی ذلک بناء علی أن الاختیار مثبت لصحة النکاح و هو ضعیف و لا یثبت مهر لغیر المدخول بها و لا متعة و لا نفقة حیث یختار فراقها و لو أسلم عن أمة و بنتها مملوکتین له فإن لم یطأهما تخیر بینهما فی الوطء و إن وطأهما حرمتا و إن وطأ واحدة حلت له فقط و لو أسلم عن عمة و بنت أخیها أو خالة و بنت أختها و لم یرضیا بالجمع تخیر أیتهما شاء و کذا لو أسلم عن أختین لزمه التخییر مطلقاً لحرمة لحرمة الجمع.

تاسعها: إذا أسلم العبد عن أربع حرائر وثنیات مدخول بهن ثمّ أعتق و لحقن به فی العدة تخیر اثنتین منهن فقط

لأنه حین اسلامه کان عبداً و لیس له إلا اثنتین نعم یمتد

ص: 135

زمن الخیار إلی انقضاء العدة و قد یتجه أنه أن تقدم العتق علی إسلامهن جاز له اختیار الأربع لعدم استقراره قبل إسلامهن و قد أسلمن و هو حر فیکون الاعتبار بالطارئ لا بالزائل و کذا لو توسط العتق بین إسلامهن کما إذا أعتق و قد أسلمت اثنتان منهن ثمّ بعد ذلک أسلمت اثنتان أخریان لأنه لا یتعین علیه اختیار من سبق إسلامها منهن بل له الانتظار نعم لو تأخر العتق عن إسلام الجمیع فلا إشکال فی تعین الاثنتین علیه کما أنه فیما لو تقدم العتق علی إسلامه المتقدم علی إسلامهن لا إشکال فی تعین الأربع و مبنی المسألة أنه لو اجتمع الطارئ و الزائل فی موضوع واحد و قد ترتب علی کل واحد حکم فهل العبرة بحکم الزائل بعد تلبسه به مطلقاً أو بحکم الطارئ مطلقاً أو أن استوفی الزائل حکمه کان العبرة بالطارئ و إن لم یستوف حکمه بل کان الاستیفاء ممکناً له فقط کان العبرة بالزائل و المقام یحتاج إلی نظر تام.

عاشرها: إذا أسلمت الوثنیة فتزوج زوجها بأختها قبل إسلامه فإن انقضت عدة المسلمة و هو علی کفره صح عقده علی الثانیة

و بانت الأولی و إن أسلما قبل انقضاء عدة الأولی تخیر بینهما و إن تأخر إسلام الثانیة عن إسلامه مع کونها مدخولًا بها فالوجه أن تضرب لها عدة فإن أسلمت فیها تخیر أیضاً سواء انقضت عدة الأولی أم لا و ذلک لصحة نکاحها حال کفره و إسلامها غیر قاض بالانفساخ غایته أن ما بعد إسلامها حرم الجمع فیتخیر و مثل ذلک ما لو أخذ خامسة حال کفره بعد إسلام الأربع.

البحث فی الکفاءة: و فیها فوائد

الأولی: لا شک فی اشتراط التساوی بین الزوجین فی الإسلام

و بدونه یبطل العقد عدا ما استثنی من جواز نکاح الکتابیة استدامة أو نکاحها مطلقاً أو متعة فقط علی الخلاف المتقدم فی الابتداء و یدخل الناصب و هو المعلن بعداوة أهل البیت (علیهم السلام) فی الکافر کما فی النصوص و الفتاوی کما أنه یدخل الساب لأحدهم (علیهم السلام) أو للزهراء (علیها السلام) فی المرتد و هل یشترط التساوی فی الإیمان بالنسبة إلی الزوجة المؤمنة بمعنی

ص: 136

عدم جواز نکاحها لغیر المؤمن و بطلانه لأنه مجرد حرمته فقط أو لا یشترط کما لا یشترط ذلک بالنسبة إلی الزوج قولان و نسب للمشهور و حکی علیه الإجماع هو الأول منهما و هو الذی تشعر به أکثر الأخبار و یساعده التعلیل بأن الامرأة تأخذ من دین زوجها و کذلک الاعتبار و جمیع ما دل من الأمر بالتجنب عنهم و ترک مخالطتهم و النهی عن الرکون إلیهم و عن محبة بقائهم و إنهم کالکلاب و أسوأُ من ذلک دال علی عدم صحة نکاحهم و ما وقع من النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو الأئمة (علیهم السلام) من تزویجهم ذلک الصنف فهو أمر مبنی علی الظاهر لمصالح لا نصل إلیها و لا نعرف حقیقتها و إلا لزم جواز تزویجهم للکفار لأن من زوجوه منهم و هو خلاف ما علیه المسلمون و یراد بالمؤمن هو من آمن بعلی (علیه السلام) فی زمانه و کفر بمن تقدمه فی الخلافة أو حاربه علیها و کذا من آمن بأولاده المعصومین (علیهم السلام) واحداً بعد واحد کل فی زمانه إلی الثانی عشر فالمؤمن بعده هو الاثنی عشر فیدخل فی غیر المؤمن جمیع الفرق من الزیدیة و الفطحیة و الناووسیة و الإسماعیلیة و غیرهم و یدخل فیه المستضعف و هو من لا یعرف اختلاف الناس فی المذاهب و لا یبغض أهل الحق علی اعتقادهم أو هو الذی لا یعرف الحق و لا یعاند علیه و لا یوالی أحداً بعینه أو هو الذی لا یعرف الولا و یتوقف عن البراءة أو هو الذی لا یستطیع أن یؤمن و لا یستطیع أن یکفر أو هو الذی لم ترفع له حجة أو هو الأبله و الصبی و النساء القلیلات الإدراک و الکل متقارب المعنی و المصداق و یلحق بالمستضعفین الشاک و یدل علی النهی عن تزویج المخالف و المستضعف و الشاک جملة من الأخبار فمنها مفهوم ما ورد فی صحاح الأخبار: (إذا جاءکم من ترضون خلقه و دینه فزوجوه إلا تفعلوا تکن فتنة فی الأرض و فساد کثیر)، و فی بعضها یدل الخلق و الأمانة و لا یضر ذلک فی الاستدلال بها لاستعمال الخلق و الأمانة فی الدین فیکون من عطف المرادف أو لتسلط النفی فی المفهوم علی المجموع من حیث هو أو لتلازمهما غالباً أو لأن خروج بعض الروایة عن الحکم به للدلیل غیر مناف للاستدلال بها.

ص: 137

و منها: ما دل علی النهی عن تزویج الشکاک کقوله (علیه السلام) فی صحاح الأخبار تزوجوا فی الشکاک و لا تزوجوهم لأن الامرأة تأخذ من أدب زوجها و یقهرها علی دینه و ما دل من الأخبار المعتبرة أن العارفة لا توضع إلا عند عارف و فی الصحیح أن لامرأتی أختاً عارفة علی رأینا فأزوجها ممن لا یری رأیها فقال لا و لا نعمة و لا کرامة و ما دل علی أن المستضعف لا یتزوج المؤمنة إلی غیر ذلک من الأخبار المشهورة المقتضیة للتحریم اللازم للفساد فی مثل هذه المقامات المؤیدة بفتوی المشهور نقلًا بل تحصیلًا و المؤیدة بالأخبار المشهورة الناهیة عن نکاح النواصب زوجاً و زوجة بناء علی أن هؤلاء المخالفین الآن إن لم یکونوا منهم کما تشعر به بعض الأخبار و أفتی به بعض الأصحاب فاکثرهم منهم و یرون رأیهم و یحتذون مثالهم و یجرون علی منوالهم و بما ذکرناه یظهر أن ما یستدل به للمجوزین من عمومات أدلة النکاح و عمومات ما ورد فی الأخبار الصحیحة و المعتبرة من حل مناکحة المسلم إذا أظهر الشهادتین و هی أخبار المشهور و فیها الصحیح کقوله (علیه السلام) و قد سأله عن جمهور الناس فقال: (هم الیوم أهل هدنة ترد ضالتهم و تؤدی أمانتهم و تجوز مناکحتهم و موارثتهم)، و بمعناه أخبار أخر فیها المعتبر کقوله (علیه السلام): (الإسلام شهادة ألا إله إلا الله و التصدیق برسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و به حقنت الدماء و علیه جرت المناکح و المواریث)، و بمعناه أخبار أخر کله ضعیف للزوم تخصیص العمومات بما ذکرناه و لزوم حمل مناکحتهم علی أخذ نسائهم لا إعطائهم أو علی جوازها عندهم أی إقرارهم علیها و مع ذلک فالاحوط ترک التزویج بالمخالفة العارفة بدینها لما یظهر من جملة من الأخبار النهی عنها و الأمر بتزویج البله من النساء و المستضعفات منهن و ظاهرها أن ذلک کله لمکان البعد عن النصب اللازم غالباً للمخالفات لأن الإناء ینضح بما فیه نعم لا بأس بتزویج النساء من سائر فرق الشیعة للأصل و العمومات من غیر معارض.

الثانیة: لا یشترط فی صحة العقد یسار الرجل للإنفاق

مع العلم و الجهل لعمومات الأدلة و خصوصاتها للإجماع المنقول و فتوی الفحول و السیرة القطعیة الدالة

ص: 138

علی الصحة المستمرة فی سائر الأعصار و لقوله تعالی: (إِنْ یَکُونُوا فُقَرٰاءَ یُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ) و لقوله (علیه السلام): (المؤمنون کفاة بعضهم بعضاً)، و یظهر من بعض الفتاوی اشتراط ذلک مطلقاً و من بعضها اشتراطه مع الجهل و کأنه لقوله (علیه السلام) الکفوان یکون عفیفاً و عنده و عنده یسار و لقول النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی معاویة حین خطب فاطمة بنت قیس: (صعلوک لا مال له)، و لأن الإنفاق و المهر من مقومات النکاح فالعجز عنهن مخل بصحته و الجمیع ضعیف عن المقاومة مع أن الأول ظاهر فی الاستحباب و الثانی لا دلالة له علی المنع و الثالث مجرد استحسان و قد ینزل القول بالاشتراط علی إرادة اشتراطه فی وجوب اجابة الخاطب فلا یجب حینئذٍ علی الامرأة و لا علی الولی الإجابة مع الإعسار أو ینزل علی اشتراطه فی صحة عقد الولی أو الوکیل المطلق لخروج المعسر عن ظاهر إطلاق الوکالة فی التزویج و خروجه عن الإذن فی التصرف فی الولایة للزوم تحری الغبطة علی الولی و الوکیل و عدم الافساد و قد ینزل ذلک علی إرادة حصول التزلزل فی العقد و ثبوت الخیار فیه مع جهل الامرأة بذلک أو مع عقد ولیها لها حالة الصغر و نحوه کما أفتی به جملة من الأساطین مستندین لدلیل نفی الضرر و الضرار و للجمع بین الأدلة و کلاهما غیر صالح لما دل علی أصالة لزوم العقد و إن کان لا یخلو عن قوة.

الثالثة: لو تجدد عجز من الزوج عن النفقة فالاظهر سقوط الخیار

و لزوم الانتظار لقوله تعالی: (فَنَظِرَةٌ إِلیٰ مَیْسَرَةٍ) و لقول علی (علیه السلام) لمن کان زوجها معسراً فأبی أن یحبسه: (إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً)، و ذهب بعض أصحابنا إلی ثبوت الخیار للزوجة و بعض إلی أن للحاکم أن یجبره علی الطلاق او یطلق عنه و کلاهما ضعیف جداً مخالف للقواعد و عموم الادلة و فتاوی الأصحاب نعم قد یقال ان الزوج لو کان مؤسرا أو امتنع من الانفاق کان للامام أن یجبره علی الإنفاق أو الطلاق فإن لم یتمکن من إیقاع أحدهما منه کان له أن یطلقها منه بنفسه لولایته عن الممتنع و للزوم الضرر لو لا ذلک

ص: 139

و للمعتبرین فی أحدهما من کانت عنده امرأة فلم یکسها ما یواری عورتها و یطعمها ما یقم صلبها کان حقاً علی الإمام (علیه السلام) أن یفرق بینهما و فی آخر إذا انفق علیها ما یقم ظهرها مع کسوة و إلا فرق بینهما و قریب إلیهما ثالث قال إذا کساها ما یواری عورتها و یطعمها ما یقیم صلبها أقامت معه و إلا طلقها و هذا متجه و البناء علیه غیر بعید.

الرابعة: لا یجب علی البکر البالغة الرشیدة و لا الثیب وجوب إجابة الخاطب إذا کان کفواً

للأصل و عموم: (إذا جاءکم من ترضون خلقه و دینه فزوجوه)، ظاهر فی الأولیاء و هل یجب علی الولی الإجباری أو الولی العرفی إذا کان أمر الامرأة إلیه الإجابة لظاهر الأمر أو لا یجب للأصل و عموم الأدلة مع ضعف مقاومة ظاهر الأمر لهما قولان و الظاهر أن المشهور الأول و هو الموافق للاحتیاط هذا کله بعد الاتفاق علی کون الإجابة مندوبة إذا لم تکن واجبة و علی جواز ترک الإجابة طلباً للأعلی رتبة و الإشراف محلًا و الملائم للزوجة حسباً و نسباً و مالا سیما لو کانت الامرأة ممن تری أن أمرها بید ولیها و إن التمیز بیده و علی أن المنع بمجرد التشهی بحیث یؤدی إلی تعطیل الامرأة و عضلها عن الأزواج محرم سیما لو بان من الامرأة إرادة إلی الخاطب الخاص فنهاها الولی عن ذلک و ربما أدی إلی کونه کبیرة من الکبائر.

الخامسة: إذا تزوج امرأة ثمّ علم أنها کانت زنت مرة أو مراراً لم یکن له الفسخ و لا الرجوع علی الولی بالمهر

للأصل و عموم الأدلة و خصوص ما دل علی حصر الفواسخ فی الأخبار المعتبرة فی أشیاء معدودة لیس هذا منها و قیل أن له الفسخ و لا صداق لها عملًا بروایة السکونی الدالة علی أن من زنت قبل الدخول یفرق بینهما و لا صداق لها و هما غیر المدعی أو أخص من الدعوی لتضمنها الزنا قبل الدخول بعد العقد و مع ذلک الرکون إلیهما و قیل أن للزوج الخیار فی المحدودة دون غیرها و لم نعثر له علی مستند یصلح للاستناد و قیل بان للزوج الرجوع علی ولیها بالصداق و الظاهر أن المراد به مع علمه بالزنا و عدم إخباره للخبر فیمن تزوجت فعلم زوجها بعد ما تزوجت أنها کانت زنت قال إن شاء زوجها أخذ الصداق من ولیها و الآخر فیمن تلد

ص: 140

من الزنا و لم یعلم بذلک أحد إلا ولیها قال إن لم یذکر ذلک لزوجها ثمّ علم بعد ذلک فشاء أن یأخذ صداقها بما دلس علیه کان ذلک له علی ولیها و یؤیدهما ما دل علی جواز الرجوع علی الولی فی العیوب و التدلیس فالقول بمضمونها متجه لو لا عمومات الأدلة و فتوی المشهور و علی کل حال فلا رجوع علی الامرأة بشی ء من المهر و یجب دفعه إلیها إن لم یکن دفعه.

السادسة: إذا انتمی شخص لقبیلة و تزوج فبان من غیرها أو انتمی لصنعة فبان من غیرها أو اشترط علیه نسب خاص فتبین خلفه أو صنعة خاصة فتبین خلافها لم یکن للزوجة الخیار

فی الفسخ للأصل و عمومات الأدلة و لبعد عقد النکاح عن الخیار لشبهة بالعبادة و قیل أن له الخیار مطلقاً و قیل أن له الخیار مع الشرط و قیل أن له الخیار و إذا انتسب لقبیلة أعلی نسباً فظهر الادنی بحیث ینافی شرف الامرأة و مع ذلک فالقول بثبوت الخیار مع شرط الأعلی فیخرج الأدنی قوی و یؤیده عموم أدلة الشروط و عموم أدلة نفی الضرر و خصوص المعتبة ر فی الرجل یتزوج الامرأة فیقول أنا من بنی فلان فلا یکون کذلک قال تفسخ النکاح أو یرد و هی و إن کانت مضمرة إلا أن مضمر الحبلی بمنزلة المضمرة.

خاتمة: یحرم التعریض بالخطبة لذات العدة الرجعیة

و أولی منه التصریح و أولی منها الزوجة بنفسها إذا کانت للغیر کل ذلک بالإجماع و لا یتفاوت فی تحریم خطبتها حالًا أو مستقبلًا کما یقول أتزوجک بعد خلوصک أو بعد انقضاء عدتک و یجوز التعریض لذات العدة البائنة دون التصریح إلا من الزوج نفسه فیجوز التصریح و لا یجوز من المحرمة أبداً علی الزوج التصریح و لا التعریض و یجوز من غیره التعریض دون تصریح.

البحث فی النکاح المنقطع و فیه مباحث:

الأول: نکاح المتعة ثابت فی زمن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم)

بإجماع المسلمین و ثابت بعده إلی الآن بإجماع الشیعة و أخبارهم و قد حرمه عمر باتفاق الفریقین فقالت الشیعة

ص: 141

تحریمها منه و قالت العامة تحریمها من النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و هو عنه حیث أن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أحلها و حرمها و أحلها أیضاً و حرمها فادعوا نسخها مرة أو مرتین ولیت شعری کیف خفی النسخ علی ابی بکر و من قبله و من هو معه و خفی علی من بعد عمر و عثر علیه هذا الرجل بنفسه و هو من الأمور التی تشتد الحاجة إلیه فی کل وقت و حین و هو عقد مفتقر وجوباً فی بعض و احتیاطاً فی آخر إلی إیجاب و قبول لفظیین فعلیین ماضویین صریحین مترتبین متصلین عن عربین عند صدوره من عربیین غیر ملحونین بنیة و لا إعراب صادرین من کاملین أو من ولیین أو متفرقین أو کلیهما فلا یجزی مجرد المعاطاة إجماعاً کما لا یجزی کل فعل بالإجماع و لا کل لفظ أیضاً خلافاً لما أفتی بخلافه بعض من الأصحاب فأجاز کل لفظ استناداً إلی کل لفظ استناداً إلی شمول عموم:" أوفوا بالعقود" له و إلی خلو الأخبار من ذکر الصیغ الخاصة و الاکتفاء فیها بجملة من الألفاظ التی لیست علی النحو المذکور و ذلک لمنع الشمول لانصراف العقود للعقود المعهودة أما لأن اللام للعهد أو لأن العقد هو ما تعاقدوا به زمن الصدور و أما لأنه کالمجمل لأن الخارج فیه أکثر من الداخل فیؤخذ منه ما یتفرد دخوله به و لأن خلو الأخبار و إنما کان اتکالًا علی ما هو المعهود من ذکرها عند إیقاع العقد فتکون الأخبار مسوقة لبیان شرائط الآخر و موانعها و نحو ذلک فلا یجزی لفظ التملک و لا الإجارة و لا الإباحة و لا الهبة له فی إیجاب و لا فی قبول و نسب لبعض جواز المعاطاة فی المتعة و ربما أشعرت به روایة و هو ضعیف و لا یلتفت إلیه و نسب للمرتضی جواز انعقادها بلفظ أحللت و أبحث بناء علی أن تحلیل الأمة عقد متعة و هو ضعیف مبنی علی ضعیف و مقصور علی مورده و لا یتعداه و ألفاظها الصریحة فی الإیجاب زوجت و أنکحت و متعت و أصرحها الأخیرة و فی القبول تزوجت و نکحت و تمتعت و مثلها قبلت و رضیت و لا یبعد جواز تقدیم القبول علی الإیجاب فی الثلاثة الأول دون الأخیرین و نحوهما و إن خالف الاحتیاط و قد یناقش فی تسمیة قبولًا مقدماً لاحتماله الإیجاب و لأن الظاهر أن القبول من مقولة الانفعال و الأثر و الإیجاب من قوله الفعل و المؤثر فهو متأخر عنه فی الوضع و تنزیله علی قبول ما یوجب بعید عن المعنی و اللفظ و قد ورد فی

ص: 142

بعض الروایات ما ظاهرة جواز تقدیم القبول و وقوعه بلفظ الأمر و جواز الفصل بینه و بین الإیجاب بکلام طویل فی الدائم و کذا فی المتعة کروایة مؤمن الطاق و فی بعض آخر جواز تقدیمه و وقوعه بلفظ المستقبل و جواز الفصل بینه و بین الإیجاب بکلام طویل فی خصوص المتعة و ربما وجد فی بعضها وقوع الإیجاب بلفظ نعم و کله مخالف للقواعد و للاحتیاط فطرحه أو تنزیله أولی و الأظهر جواز الاکتفاء للأخرس بالإشارة دون الکتابة و غیرها من الأفعال و الظاهر أنه لا تحدید فیها و إن أمکنه التوکیل و کذا یکتفی من التمتام و الألیغ و الألثغ و الفأفا و نحوها و الاحتیاط مع إمکان التوکیل لا یخفی و کذا الاکتفاء باللفظ العجمی لمن لا یحسن العربیة و الاکتفاء بالملحون لمن لا یطیق العربیة و یقصر لسانه عنها و الاحتیاط هنا أشد و لا یضر الفصل بین الإیجاب و القبول بما یتعلق بهما من الشرائط و نحوها أو بسعال أو سکوت جزئی و لا بد فی الصیغة من القصد إلی کونه نحاکاً منقطعاً مؤجلًا و لا یشترط قصد کونها متعة المعلومة عند الناس التی تشمئز منها النفوس کثیر من النساء لعلمهن بأنها لا یترتب علیها نفقة و لا میراث و لا مضاجعة و فی بعض الأخبار ما یرشد إلی اشتراط البیان کقوله (علیه السلام): (تقول لها أتزوجک متعة کذا و کذا)، فالاحتیاط هنا شدید و لکنه من مزال الاقدام عند ثوران الشهوة أعاذنا الله تعالی من الهفوة.

الثانی: المحل و یشترط فی التمتع بها کونها مسلمة أو کتابیة أو مجوسیة

علی أشهر الروایتین و لا تستمتع المسلمة إلا بالمسلم و المؤمنة إلا بالمؤمن و لا یجوز الاستمتاع بأمة لمن عنده حرة من غیر إذنها و لا ببنت أخ أو أخت من غیر إذن العمة و الخالة و کل ذلک لما تقدم من الأخبار و کلام الأصحاب و لا یلزم السؤال و التفحص عن التمتع بها هل لها بعل أم لا و هل هی فی عدة أم لا سواء کان السؤال لها أو لغیرها للأصل و للاستصحاب فی کثیر من المواضع و لما ورد فی کثیر من الأخبار من الرخصة فی ترک السؤال معللًا بانهن مصدقات علی فروجهن و ظاهر الفتوی و الروایة عدم الفرق بین من علم أن لها بعلًا سابقاً فادعت موته أو تطلیقه أم لا و من علم أنها فی عدة سابقاً و لم یعلم خلاصها منها أم لا و بین من ما کانت مامونة و من لم تکن و ورد فی بعض

ص: 143

الأخبار النهی عن التمتع بالزانیة و هی کثیرة و فی جملة منها جوازه مطلقاً و فی جملة النهی عن المشهورة فی الزنا و من رفعت لها رایة دون غیرها و فی بعضها جواز ذلک حتی لمن رفعت لها رایة إنما یخرجها من حلال إلی حرام و فی بعضها النهی عنها حتی تنقضی عدتها و تستبرئ رحمها من الزنی و فی بعضها أنه یمنعها من الفجور عند إرادة ذلک و فی بعضها لا ینبغی له وطأها قبل الاستبراء و أکثر الأخبار مطلقة فی ذلک و الجمع بین الجمیع جواز ذلک مطلقاً إلا أنه مکروه و تشتد الکراهة فی المشهورة بالزنا و تشتد أیضاً إذا کان من دون استبراء رحمها و الأحوط تجنب الزانیة مطلقاً ما لم تتب خروجاً من شبهة فتوی بعض الأساطین من أصحابنا بذلک و من ظاهر شبهة قوله تعالی: (الزّٰانِیَةُ لٰا یَنْکِحُهٰا إِلّٰا زٰانٍ أَوْ مُشْرِکٌ) و جملة من الروایات المانعة و الله تعالی أعلم و إذا أسلم الکافر و عنده کتابیة متعة بقی عقدها و لو کانت وثنیة توقف انفساخ النکاح علی انقضاء العدة أو المدة فأیهما سبق و لم تسلم انفسخ النکاح به و لو أسلمت هی دونه توقف الانفساخ علی انقضاء أحدهما کما ذکر قبل إسلامه هذا کله لو کان بعد الدخول فلو کان قبله انفسخ النکاح من حینه و للزوج منع الکافرة عن أکل لحم الخنزیر و الخمر و ارتکاب المحارم.

الثالث: من شرائط المتعة ذکر المهر

لفظاً أو ما قام مقامه و بدونه یفسد العقد و لو کان منویّاً فقط للأخبار النافیة للمتعة من دون مهر الظاهرة فی نفی الصحة أو نفس الماهیة کقوله (علیه السلام) لا تکون متعة إلا بأمرین أجل مسمی و أجر مسمی و الدالة علی حصر المتعة فی المهر و الأجل کقوله و قد سأله عن المتعة قال مهر معلوم إلی أجل معلوم و ظاهره أنه من دونهما منتفیة ذاتاً و یؤید ذلک أیضاً ما دل علی تشبیه المتعة بالإجارة أو حصرها فیه و ما یظهر من الأخبار أیضاً أن مشروعیة المتعة إنما کان للاستمتاع و اعفاف النفس دون حصول النسل کما هو فی الدائم فاشبهت عقود المعاوضة التی یکون العوض فیها رکنا یبطل العقد بدونه و لا تقدیر له کثرة و لا قلة بل ما تراضیا علیه للأصل و للأخبار الدالة علی ذلک و لفتوی الأصحاب و ما نقل عن ابن بابویه من

ص: 144

تقدیره بالدرهم فما فوق استناداً لروایة ضعیفة متناً و دلالة ضعیف جداً نعم یشترط فیه المعلومیة الدافعة للإبهام و الغرر عرفاً فلا یکفی المبهم و لا المجهول الذی لا یؤول إلی العلم و لا إلی ما آل إلیه بعد ذلک کما إذا عقد علی ما فی کفه أو ما فی الصندوق و لما یعلمانه ساعة العقد أو علی معدود لم یعلمان عدة و لم یشاهد و یکفی هنا العیان و المشاهدة عن الکیل و الوزن و العد لاندفاع معظم الغرر فیها و لم یقم دلیل صالح علی اشتراطها و یکفی الوصف فی الغائب عن المشاهدة و یحتمل لزوم الکیل و الوزن فی المکیل و الموزون لشبهة المتعة فی الإجارة و تحقق الغرر بدونهما و لکنه خلاف فتوی الأصحاب و یشترط فی المهر کونه مملوکاً للعاقد فلا یصح علی ما لا یملک أصلًا کالحر و الخمر أو علی ما یملک و لکن لا یجوز انتقاله کالمرهون أو المحجور علیه و هل یجوز العقد علی مال الغیر فضولًا لنفسه إذا تعقبته الإجازة ظاهر کثیر من الأصحاب العدم و لأن الإجازة تؤثر فی نقل المال إلی ملک المالک و هنا لا یتصور ذلک و فیه بحث لأنه لا منافاة بین ملک العاقد البضع بمال الغیر بعد إجازته العقد علیه و بین عدم ملکه البضع و المال حین العقد فیملک بعد الإجازة البضع و تملک الامرأة المال و یکون حکمه کحکم ما لو دفع شخص لآخر مالًا لیعقد متعة علیه لنفسه فإن العاقد هنا غیر مالک مع أنهم لا یمنعونه علی الأظهر و تملک الامرأة حینئذٍ مال الغیر بنفس العقد لأن الإجازة و الإذن السابقة اقتضت انتقال المال عن مالکه إلی المتمتع بها بنفس العقد أو انتقاله إلی العاقد ثمّ منه إلی المتمتع بها فیکون ذلک بمنزلة اعتق عبدک عنی أو بمنزلة المال المأذون فی إتلافه فینتقل المال إلی المأذون آناً ما ثمّ إلی المتمتع بها و لم یقم دلیل صالح علی عدم صحة العقد علی غیر المملوک و للعاقد حین العقد أو غیر المملوک له بعد العقد إذا ملکته الامرأة به و کما لا یصح العقد علی ما لا یملک لا یصح العقد أیضاً علی ما لا یتمول و إن ملکه العاقد کحبة حنطة و قد یناقش فی ذلک لعموم الأخبار بصحة العقد علی ما تراضیا علیه مطلقاً و قد یجاب بان المتعة لشبهها بالمعاوضة لا یصلح جعل ما لا یتمول رکناً فیها و العموم منصرف لغیره و یصح جعل المهر عیناً و منفعة.

ص: 145

الرابع: تملک المرأة المهر بالعقد قطعا

و هل یجب علیه دفعه بنفس العقد لحصول ملکها له به ام لا یجب الا بعد تسلیم ما قابله من البضع کلا ان سلّمت الکل و بعضاً إن سلّمت البعض ظاهر جمع من الأصحاب الأول و ظاهر آخرون الثانی و هو الأظهر فتوی و روایة ففی الصحیح أنی أتزوج الامرأة شهراً و ترید منی المهر کملًا و أتخوف أن تخلفنی فقال یجوز أن تحبس ما قدرت علیه فإن أخلفتک فخذ منها بقدر ما تخلفک و فی أخر أتزوج الامرأة شهراً فاحبس عنها شیئاً قال نعم خذ منها بقدر ما تخلفک و فی ثالث عمن یتزوج الامرأة شهراً فلا تفی ببعضه قال یحبس عنها من بصداقها بقدر ما أحبست عنک إلا أیام حیضها فإنها لها و فی رابع قریب لذلک و هذه الأخبار ظاهرة فی جواز الحبس للمهر فیما لم یستوفیه منها کلًا أو بعضاً مخافة أن لا یستوفی فیقاصها به و یدل علی ذلک أیضاً تشبیه المتعة بالإجارة فإن الإجارة لا یلزم دفع الأجرة فیها من دون تسلیم العین المستأجرة أو بذل العمل من المؤجر نفسه للمستأجر سواء استوفاه أو أعرض عنه فإذا بذل العمل لزم بذل الأجرة بقدر العمل کلًا أو بعضاً و هذه القاعدة ساریة فی جمیع المعاوضات من أنه لا یجب تسلیم أحد العوضین من دون تسلیم الآخر فإن تعاسرا تسالما معاً و مستنداً لأولین ما ورد فی نسخه الخبر المتقدم فقال لا یجوز أن تحبس ما قدرت علیه و هو مستند ضعیف جداً.

الخامس: یجوز للزوج هبة الزوجة مدة المتعة

کلًا أو بعضاً فتوی و روایة فینفسخ نکاحها به و هو بمنزلة الطلاق أو الإبراء لا یفتقر إلی قبول و لا یجری علیها أحکام العقد و الضرورة من الزوج قاضیة بمشروعیتها للاحتیاج إلی الفراق و عدم صحة وقوع الطلاق فلا مندوحة عن صحة الهبة و تصح بلفظ وهبت و ما أدی معناه و الأقوی جوازها بلفظ أبرأت و أسقطت و کذا تصدقت علیک و الموجود فی الأخبار لفظ وهبت و تصدقت ففی الخبر المعتبر سأله کتابه عن رجل تمتع بامرأة ثمّ وهب لها أیامها قبل أن یفضی إلیها أو بعد أن یفضی لها فهل له أن یرجع فیما وهب فوقع (علیه السلام) لا یرجع و فی آخر فی رجل تزوج امرأة فزوجوها أهلها قبل أن تنقضی أیامها و فی آخره فلیتق الله زوجها و لیتصدق علیها بما بقی و فی آخر مثله و فی ثالث فیمن یرید أن یزید قال یتصدق

ص: 146

علیها بما بقی من الأیام ثمّ یستأنف شرطا جدیداً و الظاهر أن ما فی الأخبار من قبیل المثال بل لا یستبعد صحة الهبة بلفظ فسخت و ما شاکله کما أن الظاهر منها جواز هبة الکل و البعض قبل الدخول أو بعده و قد یشکل جواز هبة البعض المتقدم دون المتأخر قبل الدخول و بعده و لیس فی الأخبار ما یدل علی جوازه و لکن ظاهر الفتوی جوازه ثمّ أن الهبة إن وقعت لجمیع المدة قبل الدخول فلیس للزوجة سوی نصف المهر لظاهر الموثق المنجبر بفتوی المشهور و الإجماع المنقول قال و إن خلاها قبل أن یدخل بها ردت الامرأة علی الرجل نصف الصداق و ربما استشکل بعض المتأخرین فی ذلک استضعافاً للروایة و الحمل علی الطلاق قیاس فاستوجه ثبوت الکل لثبوته فی العقد و هو ضعیف و أضعف منه عدم استحقاقها شی ء لأنها کالمستأجرة و قد فسخ المستأجر قبل استیفاء شی ء و من العمل أو تفویته علی المؤجر لأن تشبهها بالإجارة فی الإجارة کالمجمل لعدم القائل بعمومه إجماعاً و لأن الداخل فیه أقل من الخارج قطعاً فلا یصلح التمسک بذلک العموم من دون انضمام ما یقویه من شهرة أو إجماع منقول أو غیرهما و إن وقعت الهبة لبعض المدة سابقاً أو لاحقاً و لما یدخل فالأظهر أن الحکم کما تقدم من التنصیف لإطلاق الموثق المتقدم مع احتمال ثبوت الجمیع لثبوته بالعقد و لم یقم دلیل صالح علی التنصیف بهبة البعض قبل الدخول و استوجه ذلک جملة من المتأخرین و احتمال الفرق بین هبة مدة متقدمة فلم یدخل بعدها و بین المتأخرة و لما یدخل فیلزمه فی الأول الکل دون الثانی وجه سیما لو کان المتقدم قلیلًا لأنه قل ما ینفک عنه الواهب و مثل هذا ما لو وهب بعد العقد مدة و أقرّها علی مدة تفصیلًا فإنه لیس من مورد الروایة و إن وقعت الهبة للمدة بعد الدخول استقر المهر أجمع من غیر إشکال نعم إن وقع من الزوجة امتناع قبل الدخول أو بعده قاصها من المهر بنسبة ذلک الامتناع من الزمن و إن لم یصدر منها امتناع بل کان المانع منها سماویاً لمرض أو خوف أو منة کذلک لم یجز له المقاصة لثبوت المهر بالعقد و احتیاج سقوط بعضه إلی دلیل و لیس فلیس و تشبیهها بالمستأجرة لا نقول بعمومه.

ص: 147

السادس: لو ظهر فساد عقد المتعة من جهة المحل أو الصیغة فإن کان قبل الدخول فلا شی ء لها

و إن دخل فلها مهر المسمی لإقدامه علیه إن جهلت علم أو جهل و قد وفت بالمدة و إلا قاصها بنسبة ما امتنعت و إن علمت فلا مهر لها هکذا فتوی المشهور و قیل بثبوت مهر المثل مع الجهل و هل یعتبر مهر مثلها بالعقد الدائم أو بالمنقطع بحسب المدة المشروطة فیه وجهان ینشئان من أن قیمة البضع للموطوءة الجاهلة هو مهر المثل فی العقد الدائم و من أن الشبهة للعقد فیجب مهر المثل و لا شی ء لها مع العلم و قیل بوجوب الاقل من المسمی و مهر المثل علی الوجهین المتقدمین فی مهر المثل و لا شی ء مع العلم و قیل أن من ظهر فساد عقدها أخذت ما قبضت و لا یسلم إلیها الباقی و الظاهر أن مراده مع الجهل لأنه لا مهر لبغی و إن کلامه مطلقاً و یمکن حمله علی ما لو تلف المقبوض لأنه سلطها علی إتلافه و الأصل فی ذلک روایة حفص إلا البختری قال إذا بقی علیه شی ء من المهر و علم أن لها زوجاً فما أخذته فلها بما استحل من فرجها و یحبس عنها ما بقی عنده و هی أیضاً شاملة للعالم و الجاهل إلا أنه یجب تقیدها بالثانی یحکمها لقوله (علیه السلام) لا مهر لبغی علیه لقوته و ربما أشعر بذلک روایة الریان فیمن متعت نفسها فظهر لها زوج أ یجوز حبس باقی مهرها فکتب لا تعطها شیئاً لأنها عصت الله سبحانه و تعالی و فی الروایة ضعف عن مقابلة القواعد و فتوی المشهور فلتحمل علی أن المحبوس کان بقدر ما اخلفته من أیامها إن قلنا بوجوب دفع المسمی أو علی أن المدفوع کان بقدر مهر امثالها متعة أو بقدر ما مکنته من أیامها منه أو بقدر مهر أمثالها دواماً أو غیر ذلک و یشکل الحال فیما لو قبضت الجمیع أو لم تقبض شیئاً لعدم شمول الروایة لهما و لا یبعد الرجوع علی هذا القول إلی القواعد فیرجع مع العلم إلی مهر المثل دواماً أو متعة ثمّ یلاحظ علی الأخیر تمکینها له فی جمیع المدة و عدمه فیسقط المهر علیه و لو عملنا بالروایة لاقتصرنا علی موردها الخاص من ظهور زوج دون باقی المقتضیات للفساد من ظهور أنها فی عدة أو حلیلة ابن أو أب أو أخت أو رضاع أو بطلان عقد أو غیر ذلک لمخالفة الحکم للأصل فیعمل فیما عدا موردها علی القواعد

ص: 148

و قد یحتمل لزوم أکثر الأمرین من المسمی و مهر جمعاً بین ما أقدمته علیه و بین فساد العقد.

السابع: الأجل شرط فی عقد المتعة

لا بد من ذکره لفظاً أو ما هو حکمه و لا یکفی القصد فقط و بدونه یبطل العقد للأخبار المتقدمة الظاهرة فی نفی الذات أو الصحة بدونه أو ینقلب دائماً و لا یکون متعة کما سیجی ء و لا بد من کون الأجل محروساً عن الزیادة و النقصان کما هو فتوی الأصحاب و دلت علیه الأخبار لاشتراطه فیها المعلوم المنصرف إلی المعیّن و یجوز فیه الزیادة و النقصان مطلقاً و إن کانت الزیادة تزید علی العمر الطبیعی و کان النقصان ینقص عن وطئها لعدم انحصار فوائد المتعة فی الوطء و لهذا جاز العقد علی الصغیرة التی لا یمکن وطؤها نعم لو بلغ الأجل فی القلة إلا حیث لا یکون متمولًا کرمشة عین أشکل جوازه و لا یلزم تأجیل الابتداء و یکفی فیه الإطلاق و ینصرف إلی اتصاله بالعقد کما هو الشأن فی العقود سواء قالت زوجتک شهراً أو إلی شهر و لو قال إلی الخمیس أو الجمعة انصرف إلی الأقرب و هل یجوز انفصال الأجل فی الابتداء لشبه المتعة بالإجارة و لعموم أدلة المتعة و للأصل و لروایة کردم فیمن تزوجها شهراً أو لا یعین فیلقاها بعد سنتین قال له شهره إن کان سماه و إن لم یکن سماه فلا سبیل له علیها و فیه دلالة علی أنه لو عقد علیها مبهماً أو مردداً بطل کما هو القاعدة أو لا یجوز لأصالة المنع و للاحتیاط و لبعده عن شبه النکاح و الزوجیة و لضعف الروایة المتقدمة و لعدم نقل وقوعه بل للسیرة علی عدمه قولان أقواهما الجواز و علی القول به فلا یجری علی المتمتع بها هنا حکم المستأجرة لصدق أنها زوجة فلان من حین العقد و إن کان الانتفاع بها متأخراً إلی شهر آخر و مثله ما لو عقدت نفسها شهرین فوهبها الأول و مع صدق الزوجیة علیها الآن أو صدق أن لها زوجاً امتنع منها العقد علی غیره قبل ذلک و لو کان بقدر المدة و العدة أو بقدر المدة إذا لم یکن بها دخولًا کما یمتنع من المتمتع بها فی الشهر الأول أن تعقد علی غیره شهراً آخر بعد مضی المدة و العدة و کما یمتنع من المتمتع بها أن تعقد نفسها دفعة واحدة علی أزواج متعددین دفعة واحدة کل واحد بعد مدة الآخر وعدته لأن المفهوم من حاق

ص: 149

الشریعة و من لسان المتشرعین عدم صلاحیة الامرأة لأزواج متعددین دفعة اجتمعوا أو ترتبوا نعم یشکل الحال فی جواز نظر الزوج إلیها قبل شهره و فی العقد علی أختها و فی إدخال بنت الأخ أو الأخت علی العمة أو الخالة قبل ذلک الشهر و فی استقرار المهر لو مات قبل شهره و فی تنصیفه لو وهبها المدة قبل حلولها و فی ما لو وطأها شخص زنا قبل المدة فهل یکون من الزنا بنات البعل فلا بد من التأمل التام و الاحتیاط یقضی بالمنع من جمیع ذلک.

الثامن: الذی تقضی به ضوابط المتعة أن المتعاقدین لو قصد المتعة و الأجل و لکنهما ترکاه عمداً أو عقلًا عن مجرد التلفظ به بطل عقدهما

للإخلال بذکر الشرط و لا ینقلب دائما لعدم القصد إلیه و العقود تتبع المقصود و الانقلاب القهری بحکم الشارع لم یقم دلیل صالح سوی الروایة و ما اعدوه من الشهرة و الروایة غیر صریحة و الشهرة غیر ثابتة تحصیلًا علی أن انجبار دلالة الروایة بالشهرة محل نظر و لو نسیاهما بحیث غلب النسیان علی قصده عند وقوع العقد احتمل صحته و انقلابه دائماً و احتمل فساده تغلیباً للقصد الأول و الأول أظهر و إن قصدا عقد المتعة فقط بزعم أنها عقد مستقل خال عن الأجل و لم یقصدا الأجل أو نسیان أصلًا فلا یبعد الحکم بالصحة و وقوعه دائماً سواء کان ذلک بصیغة التزویج أو المتعة و ذلک لان مطلق العقد صالح لهما و العقد المطلق و هو المجرد عن القید ینصرف إلی الدائم لأن الدائم هو العقد الغیر المقید بالأجل فمع عدم القید یقع دائماً و نیته أنه متعة لا تنافیه بل تقع لاغیة و لا ملازمة بین نیة المتعة و عدم نیة الأجل إلا أن ما یقرن بالأجل صحیح و ما لا یقرن فاسد فالأجل شرط من شروطها و لیس داخل فی ماهیتها فللعاقد أن ینوی الزوجة متعة له بمعنی أنها بمنزلة المتاع أو بمنزلة المحل المستطرق لا بمنزلة الشی ء المقتنی أو الوطن المستوطن فتجتمع تلک النیة مع نیة الأجل و مع نیة المرة أو المرتین و مع عدم نیة أحدهما فیکون علی الأخیر صحیحاً و علی ذلک ینزل قوله (علیه السلام) فی خبر هشام أ یزوج المرأة متعة مرة مبهمة قال ذلک أشد علیک ترثها و ترثک و فی خبر بن بکیر أن سمی الأجل فهو متعة و إن لم یسم الأجل فهو نکاح باق بناء علی أنه لیس المقصود من الخبر التقسیم و فی

ص: 150

خبر أبان بن تغلب فإنی أستحی أن أذکر شرط الأیام قال هو أضر علیک قلت و کیف قال إنک إن لم تشترط کان تزویج مقام و لزمتک النفقة و کذا ینزل ما نسب للمشهور من أنه إذا أخل بذکر الأجل انقلب دائماً و علی ما ذکرنا ظهر ضعف القول بانقلاب العقد مع عدم ذکر الأجل إلی الدائم علی وجه الإطلاق بحیث یشمل صورة ما إذا قصد المتعة و الأجل فلم یذکراهما معاً کما نسب إلی المشهور لمنافاته لتبعیة العقود للقصود و لعدم صلاحیة الروایات المتقدمة لإثبات ذلک لعدم صلاحیتها بذلک و صلاحیة اللفظ للدوام لا تجدی إذا خالفه القصدان و قصد أنها متعة و قصد الأجل و کذا ضعف ما نقل عن ابن إدریس من الفرق بین صیغة متعتک فیبطل العقد مع الإخلال بالأجل لاختصاصه بالمنقطع و بین غیرها فیصح لما قدمناه من سند المنع و کذا ضعف ما نقل عن بعض أنه إن تعمد الإخلال انقلب دائماً و إن نسیه أو جهله بطل بل قد یوجه علی ما اخترناه سابقاً من صحة العقد دواماً عند قصد المتعة و عدم قصد الأجل إن قصد المتعة مناف للعقد دواماً لأنهما ماهیتان مختلفتان متی تعلق القصد بأحدهما انتفی حصول الآخر فقدان شرط المقصود لا یسوغ وقوع فرد آخر موقعه و لیس عقد الدوام و المتعة کعقد البیع و السلم و النسیئة بحیث متی قصد السلم أو للنسیئة و لم یذکر فیهما انقلب بیعاً لأن السلمیة لا تقوّم العقد بحیث تجعله فرداً آخر مقابلًا للبیع بل هی قیود له فما لم تذکر أثر المطلق أثره بخلاف المتعة و الدوام و هو توجیه فی محله إلا أن الأول أقوی.

التاسع: ظاهر الأجل فی الأخبار

و دعوی قیام الدلیل علی الصحة من الروایة المنجبرة بفتوی المشهور منظور فیه لمنع دلالة الروایة و منع تحصیلها و منع انجبار الدلالة بالشهرة کانجبار الندبة و هو توجیه فی محله الا ان الأول اقوی و کلام الأخیار أن الأجل المشروط لا بد من کونه زمانیاً لأنه المنصرف إلیه إطلاق الأجل بل هو نفسی و لانه هو المعلوم کما فی الأخبار فلا یکفی تقدیر المتعة بالفعل کمقدار فعل فلان أو مقدار إجماع مرة أو مرتین أو نحو ذلک و لو وقع مثل ذلک وقع العقد باطلًا لاشتماله علی شرط فاسد فیفسد ما اشتمل علیه و لا ینقلب دائماً کما و لا ینقلب دائماً کما احتملناه فی

ص: 151

نسیان الاجل و نسب للشیخ انقلاب العقد دواماً هنا لقوله (علیه السلام) فیمن یتزوج الامرأة مبهم ذلک أشد علیک ترثها و ترثک و هو ضعیف لا یقاوم ما ذکرناه مما دل علی اشتراط المعلومیة کما أن ما ورد من الأخبار المجوزة للعرد و العردین کموثق زرارة و المجوزة لاشتراط مرة واحدة کروایة خلف بن حماد النافیة للبأس عن تزویج الامرأة علی عرد واحد کروایة القسم بن محمد کلها مطرحة لمخالفتها عموم الأخبار و شهرة فتوی الأصحاب أو منزلة علی اشتراط ذلک فی الزمن المعین لأن اشتراط ذلک فی الأجل سائغ و عموم أدلة الشروط تقضی به نعم أن اشترطت وقوع المرة و المرتین بمعنی إرادة وقوعهما افتقر إلی کون الزمان مساویاً لهما أو زائداً علیهما و ان اشترطته بمعنی عدم جواز الزیادة علیهما لم یشترط ذلک و علی الأول فیجوز للمشروط علیه اتیانها زیادة علی الشرط مع إذنها و علی الثانی ففی جوازه وجهان و لا یبعد الجواز لأنه حق للمشترط اسقطه و قد یؤدی به بعض الأخبار و لو اشترطت العدد فی الزمن المعین بمعنی إرادة تطبیق الفعل علی الزمن أو بمعنی جعل کل منهما أجلًا ینتهی إلیه العقد بطل العقد لاشتماله علی شرط فاسد فیفسد العقد بفساده.

العاشر: عقد المتعة عقد قابل للشروط السائغة

لعموم أدلة الشروط و لخصوص الأخبار الواردة فیها و یشترط وقوعها فی ضمن العقد بین الإیجاب و القبول فلا عبرة بالمتقدم و المتأخر لانصراف أدلة الشروط إلی ما بین الإیجاب أو القبول دون غیرها و لان العموم لا قائل به فیقتصر علی المقطوع به و یمکن القول بان الشروط إذا بنی العقد و علیها اتصلت بالعقد بحیث کانت من متعلقاته جاز و لکن الأحوط الأول و نقل عن الشیخ (رحمه الله) أنه لا عبرة بالشرط المذکور فی العقد ما لم یعاد بعده و علیه تدل أخبار کثیرة کقوله (علیه السلام) فی الموثق إنما الشرط بعد النکاح و فی آخر ما کان من شرط قبل النکاح هدمه النکاح و ما کان بعد النکاح فهو جائز و فی ثالث مثله و فی رابع فأورده علیها شرطک الأول بعد النکاح فإن أجازته فقد جاز و إن لم تجزه فلا یجوز ما کان من الشرط قبل النکاح و هذا مخالف لعمومات الأدلة و فتاوی الأصحاب فأما أن یحمل

ص: 152

علی الشرط المتقدم المفصول بما یحتمل العدول عنه أو یحمل علی إعادته بعد الإیجاب فقط لیکون متوسطاً بین الإیجاب و القبول و الظاهر أن من الشروط السائغة اشتراط الزوجة علی الزوج الوطء مرة أو مرات إثباتاً لها و نفیاً عما عداها فإن کان المقصود إثباتها لزمه وطأها و إن کان المقصود نفی ما عداها لزمه ذلک للأخبار الأدلة علی أن زوجت نفسها فأباحت للزوج کل شی ء إلا الدخول کان لها شرطها و لیس له سواه و لو أذنت بعد ففی جوازه وجهان أقواهما الجواز و کذا لو شرطت علیه الإتیان لیلًا فقط أو أنها کذلک أو الوطء قبلًا فقط أو دبراً أو بکل الذکر أو ببعضه إلی غیر ذلک جاز و لو أسقطته سقط و لو اشترطت علیه عدم وطئها أصلًا ففی صحته وجهان من عموم أدلة الشروط و من قوله (علیه السلام) من امرأة زوجت نفسها علی أن یلتمس منها کل شی ء إلا الدخول فقال (علیه السلام) لا بأس لیس له إلا باشتراط و بمعناه أخبار أخر و من أنه مناف لمقتضی العقد لأن مقتضی العقد جواز الاستمتاع بها متی شاء و قد یناقش فی الأخیر أن فائدة المتعة غیر منحصرة فی الوطء و لذا جاز العقد علی الصغیرة فمنع بعض الفوائد بالشرط لا ینافی مقتضی مطلق العقد و إن نافی مقتضی العقد المطلق و علی الأول فلو أذنت له بعد ذلک جاز للخبر رجلًا تزوج بجاریة علی أن لا یفتضها ثمّ أذنت له بعد ذلک فقال إذا أذنت له فلا بأس.

الحادی عشر: لا یجب علی الزوج فی المتعة وطء الزوجة

و لا یحرم علیه العزل عنها للأصل و اتفاق الأصحاب و یلحق الولد به قهراً سواء عزل أم لا و سواء وطء فی قبل أو دبر و ظاهرهم الاتفاق علی ذلک و فی الأخبار ما علیه کقوله (علیه السلام) الولد للفراش و روایة بن أبی عمیر الدالة علی جواز سبق المنی من حیث لا یشعر نعم قد یشکل فیما لو اجتمع العزل مع الوطء فی الدبر و لکن الفتوی الإلحاق من غیر إشکال و لو علم الزوج أن الولد لیس له جاز له نفیه و ینتفی ظاهراً من غیر لعان للإجماع بقسمیه و للأخبار الدالة علی أنه لا لعان فی المتمتع بها و بمجموع الأمرین یثبت انتفاؤه من دون لعان فالمناقشة فی الحکم المذکور من أن الأخبار لا تدل إلا علی نفی اللعان

ص: 153

و أما انتفاء الولد بنفیه فلا دلالة لها علیه ضعیفة و هل یقع فی المتمتع بها لعان للقذف المشهور العدم لإطلاق الأخبار النافیة للعان و للأصل خلافاً لما نقل عن المرتضی و المفید و هل یقع فیها إیلاء الظاهر ذلک للأصل و لقوله تعالی وَ إِنْ عَزَمُوا الطَّلٰاقَ الظاهر فی قول المولی منها للطلاق و لأن من لوازم الإیلاء المطالبة بالوطء و لا یجب فی المتعة خلافاً للمرتضی و هل یقع بها ظهار الظاهر العدم للأصل و لأن الظاهر یلزم بالنیة أو الطلاق و لا طلاق فیها و قیام الفسخ مقامه یحتاج إلی دلیل و وجوب العینة وحدها مفتقر إلی دلیل أیضاً و لأن إلزامه بأحد الأمرین موقوف علی المرافعة المتوقفة علی وجوب الوطء و لا یجب فی المتعة و للخبر لا یکون الظهار إلا علی مثل موضع الطلاق و الظاهر أن المراد بالمثل الکنایة عن نفس النکاح الدائم و قیل و نسب للمشهور جوازه لعموم الزوجیة و لقیام الفسخ مقام الطلاق و هو قوی لو ثبت أنه المشهور تحصیلًا.

الثانی عشر: لا میراث بین الزوجین فی المتعة

کما هو فتوی المشهور للأصل و لقیام السیرة علی ذلک و لأنه لو کان لبان و اشتهر و لما کان مورد الخلاف لتوفر الدوام علی نقله و للأخبار الخاصة کقوله (علیه السلام) فی الصحیح عن الرجل یتزوج المرأة متعة و لم یشترط المیراث قال لیس بینهما میراث اشترط أو لم یشترط و حمله علی اشتراط السقوط خلاف الظاهر و الآخر فی المتعة من حدودها أن لا ترثها و لا ترثک فیکون شرط الإرث مما أحل حراماً و مما ینافی مقتضی العقد و لأن الإرث مقصور علی ما فی الکتاب و السنة فاشتراط ما لیس فیه مما یخالف الکتاب و السنة و هو بطلان و لأن الزوجة قد ترث و قد لا ترث فاستحقاق الإرث للزوجة ممنوع علی الإطلاق و لأن الممتنع بها کالمستأجرة فلا ترث و قیل بثبوت الإرث لها مطلقاً لأنها زوجة لقوله تعالی إِلّٰا عَلیٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُهُمْ و کل زوجة ترث کما هو نص الکتاب و السنة حتی لو شرطا عدم الإرث کان الشرط باطلًا لمخالفة الکتاب بل و یفسد العقد بفساده و هو ضعیف لمخالفة الأخبار و الآثار و السیرة.

و قیل: بثبوته مع الشرط جمعاً بین ما دل علی نفی التوارث و بین عموم أدلة الشروط و أخذاً بقوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی الصحیح فی المتعة فإن اشترطا المیراث فهما

ص: 154

علی شرطهما و فی آخر فی میراث المتعة أن اشترطت کان و إن لم تشترط لم یکن و فیه أن الجمع فرع التکافؤ و أدلة المنع أقوی و إن الزوجیة لو ثبت لثبت المیراث بلا شرط و لو لم تثبت لم یثبت المیراث بالشرط لأنه لیس من الأسباب الموروثة.

و قیل: بثبوته ما لم یشترط السقوط جمعاً بین ما دل علی توریث الزوجة و بین أدلة الشروط و لقوله (علیه السلام) فی خبر محمد بن مسلم انهما یتوارثان إذا لم یشترطا و هو ضعیف لأن اشتراط السقوط أن کان بعد تحقق الزوجیة کان مخالفاً الکتاب و السنة و إن لم تتحقق لم یکن له أثر و یحمل الخبر علی توارثهما إذا لم یشترط الأجل لانقلابه دائماً حینئذٍ.

الثالث عشر: المتمتع بها إذا انتهی أجلها أو بانت منه

فکانت مدخولًا بها قبلًا أو دبراً مع غیبوبة الحشفة أو قدرها من مقطوعه و لا عبرة بمجرد الإنزال قریباً کان الدخول بها أو بعیداً و لو کان منذ سنین و لم تکن یائسة و لا صغیرة و کانت ممن لا تحیض مطلقاً أو کانت تحیض و لا عادة لها و لکن لم یصدر منها حیض دون الخمسة و الأربعین أو کانت لها عادة و لکن فوق الخمسة و الاربعین فعدتها خمسة و أربعون یوماً تامة أو ملفقة و الأحوط الأول و تدخل فیها اللیالی المتوسطة و لا کلام فی الصورة الأولی نصاً و فتوی و الأظهر إلحاق الصورتین الأخیرتین و إن کانت ممن تحیض فیما دون الخمسة و الأربعین أو مطلقاً فیما إذا کانت لها عادة مستقیمة و الأول هو الظاهر کانت عدتها حیضتان لخبر عبد الملک بن جریح إلا أن فیه و کان زرارة یقول و یحلف أنه لحق إلا أنه کان یقول إن کانت تحیض فحیضة و إن کانت لا تحیض فشهر و نصف و للخبرین عن أبی بصیر أن عدتها حیضتان و لما ورد فی الصحیح أن علی أن المتمتعة المتعة ما علی الأمة و ورد فی الصحیح أن عدة الأمة حیضتان و هو و إن کان مورده الأشهر أورده فیها و العام و یحمل علی ما انساق له أو عاد إلیه إلا أن قوله (علیه السلام) و إن علی الأمة نصف ما علی الحرة و کذلک المتمتعة علیها مثل ما علی الأمة لا یخلو من دلالة و للاحتیاط فی الفروج و للاستصحاب و لاحتمال حمل ما ورد من أنها حیضة علی بیان

ص: 155

الحبس کما ذهب إلیه ابن أبی عقیل و فیه صحیح زرارة عن أبی عبد الله (علیه السلام) قال عدة المتعة إن کانت تحیض فحیضة و فی روایة عبد الله بن عمر فقال خمسة و أربعین یوماً أو حیضة و فی روایة أبی بصیر علی أن تعتد خمسة و أربعین یوماً و قال بعضهم و فی روایة أبی بصیر عدة المتعة حیضة و فی روایة الحمیری حیضة و طهرة أو طهارة تامة و الظاهر أن وصف تامة للحیضة و لا تکون تامة إلّا بوقوع الطهارة بعدها و هذا القول و إن کان قویاً فیحمل علی ما دل علی الأول علی الندب إلا أن الأول أقوی و ذهب الصدوق (رحمه الله) إلی أن عدة المتمتع بها حیضة و نصف و الظاهر أن عدم التفاوت بین تقدم النصف و تأخره و فیه روایة صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج و لکنها لا تقادم ما تقدم فتوی و دلیلًا و ذهب جمع من المتأخرین إلی أن عدتها طهران و استدل لهم العلامة (رحمه الله) بما ورد فی عدة الأمة أنها حیضة و ما ورد من أن المتمتع بها کالأمة و حیث أن المدار علی القرء فحیضة واحدة یحصل طهران الذی طلقها فیه و الذی بعد الحیضة و فیه أن الحیضة تحصل بدون طهرین بل بدون طهر واحد فلا تصلح دلیلًا إلا بانضمام أن العدة الإقراء و معه لا حاجة إلی روایة الحیضة و استدل له أیضاً بما ورد فی الحسن من أن عدة الامة قَرْءان و ما من أن علی المتمتع بها ما علی الأمة و فیه أن القرء محتمل لإرادة الحیض بل هو أقرب بقرینة الأخبار المتقدمة و حمله علی الأطهار فی عدة الطلاق لا یقضی بحمله هنا علی أن تشبیهها بالأمة مسوق مساق الأشهر.

الرابع عشر: عدة المتمتع بها فی الوفاة کعدتها فی الدائم

کتاباً و سنة و هو المشهور و فی روایة خمسة و ستون یوماً و أفتی بها جمع من الأصحاب و الفتوی علی الأول و فی روایة متروکة خمسة و أربعون یوماً و لو کان المتمتع بها أمة فالأظهر أن عدتها شهران و خمسة أیام إن لم تکن حاملًا و إلا فابعد الأجلین للأخبار المتکثرة فی الأول و علیه فتوی المشهور و لظاهر الکتاب و عمل الأصحاب فی الثانی و یحتمل ما دل علی الزیادة علی الندب و یمکن حمله علی أمهات الأولاد من الزوج أو غیره للأخبار الناصة علی أن ذات الولد تعتد کالحرة و فی بعض الأخبار أنها کالحرة مطلقاً و لکنها لا

ص: 156

تقاوم الأخبار الأول خصوصاً و هو وجیه و الموافق للاحتیاط العمل بما زاد مطلقاً و سیجی ء فی العدد تمام القول إن شاء الله تعالی.

الخامس عشر: لا یجوز لزوج المتمتع بها بعد تمام العقد علیها الزیادة فی الأجل

و لا أن یعقد علیها بزیادة علی أیامها أو بأیام أخر مفصولة عن أیامها ما دامت فی العقد الأول کما لا یجوز لغیره کذلک و لو أراد عقداً آخر فسخ العقد الأول و عقد جدیداً فإن کانت فی العدة جاز العقد للزوج فقط دون غیره إن کانت المدة موصولة

و إن کانت مفصولة ففی جوازها لذات العدة وجهان من أنها ذات عدة فلا یصح العقد علیها و من أنها علی مدة مفعولة و المقطوع به فی المنع الأول و لو خرجت جاز العقد له و لغیره و یدل علی جملة من هذه الأحکام مفهومها قوله (علیه السلام) لا بأس بأن تزیدک و تزیدها إذا انقطع الأجل فیما بینکما و روایة أبان بن تغلب فی الرجل یتزوج الامرأة علی شهر فتقع فی قلبه فیجب أن یکون شرطه أکثر فهل یجوز أن یزیدها فی أجرها و یزداد فی الأیام قبل أن تنقضی أیامه التی شرط علیها قال لا یجوز شرطان فی شرط قلت فکیف یصنع قال یتصدق بما بقی علیها فی الأیام ثمّ یستأنف شرطاً جدیداً و الأمر بالتصدق ثمّ الاستئناف قاض بعدم جواز الزیادة مطلقاً سواء کان بعقد أو بدونه و سواء کان بمدة موصولة أم مفصولة و إذا امتنع ذلک علی الزوج امتنع علی غیره بطریق أولی و یحمل قوله (علیه السلام) شرطان فی شرط علی اجتماع العقدین الأول و الآخر فی مدة العقد الأول و هو أحد تفاسیر هذه الروایة.

ص: 157

القول فی نکاح الإماء

اشارة

و یکون بالعقد دواماً و متعة و بملک الیمین و بملک المنفعة و هو التحلیل

و فیه مباحث:

أحدها: لا یجوز من العبد أو الأمة أن یعقدا علی أنفسهما

نکاحاً مطلقاً من دون إذن سیدهما فإن فعلا ذلک و قصدا ترتب الأثر فعلًا حراماً لحرمة التصرف بمال الغیر لأنه عقد علی مال الغیر بمال الغیر لأن لسانه للغیر و کان فضولیاً موقوفاً علی الإجازة للقواعد و الضوابط الحاکمة بذلک فی باب الفضولی مطلقاً و فی خصوص عقد النکاح و لفتوی الأصحاب و للأخبار الواردة فی خصوص العبد الدالة بفحواها علی مساواة الأمة له لقوله فیها لم یعص الله و إنما عصی سیده فإذا أجازه فهو جائز و ما ورد من نفی النکاح فی الأمة محمول علی الغالب من عدم تعقب الإجازة له أو علی إرادة عدم نفوذه ابتداء و یشهد للأول ما ورد فی تلک الأخبار من أنه زنا و بما ذکرنا ظهر ضعف القول ببطلان العقد من أصله و ضعف القول بصحة العقد علی أمة المرأة من غیر إذنها و ضعف القول ببطلانه فی الأمة دون العبد لظاهر الأخبار و لأن بعضها مملوکاً لان الأخبار فیها ما یشمل الأمة کلفظ المملوک و لعدم منافاة ملک البضع للفضولیة و ضعف ما نقل عن الشیخ من البطلان إلی أن الإجازة بمنزلة العقد الجدید و حمله علی القول الذی اخترناه خیر من حمله علی إرادة أن الإجازة بمعنی التحلیل و إنها بمنزلة العقد الجدید و ما یقال أن الفضولی هو مجرد العقد علی مال الغیر و یزید هنا أنه بمال الغیر فیشک فی تأثیره حینئذٍ مردود بأن حرمة النقل بآلة الغیر لا تؤثر فساداً لأن لفظ العبد غیر محجور علیه و بأنا لا نسلم حرمته أیضاً.

ثانیها: إذا أذن السید لعبده فی النکاح علی وجه الإطلاق تعلق المهر و النفقة بذمة السید

و أقوی من ذلک ما لو باشر المولی العقد عن العبد فإنه یتعلق بذمته و یرشد إلی ما ذکرنا روایة علی بن حمزة فیمن زوج عبده حرة فباعه قبل أن یدخل بها قال یعطیها سیده من ثمنه نصف ما فرض لها إنما هو بمنزلة دین استدانه بإذن مولاه و فی

ص: 158

آخره ما یرشد بالأمرین معاً و هل التعلق قهری لأن المهر دین لا بد له من ذمة و لا ذمة للعبد لأنه لا یقدر علی شی ء فیتعلق بذمة المولی أو خطابی نشأ من فحوی الإذن له من مولاه لأن الإذن فی شی ء إذن فی لوازمه أو حکم شرعی جاء به الشرع تعبداً کل محتمل إلا أن دعوی أن العبد لیس له ذمة منظور فیه لتعلق المتلفات بذمته سواء أتلفها اختیاراً أو اضطراراً نعم لیس له أن یشغل ذمته اختیاراً بسبب ناقل من النواقل الشرعیة من دون إذن المولی لعدم صحة عقود کذلک أما لو أذن المولی له جاز له ذلک مطلقاً فالقول بثبوت المهر و النفقة فی ذمة العبد قوی لأصل و لقبول ذمته للشغل فعلی هذا لو قید المولی له الإذن بأن یتعلق المهر بذمته یتبع به بعد عتقه جاز و کان مشغولًا به یؤدیه بعد عتقه ثمّ أن تعلق المهر و النفقة بذمة السید هل هو علی وجه الإطلاق أو مقیداً بکونهما فی کسب العبد کما اختاره الشیخ (رحمه الله) أو فی رقیته کما فی وجه وجهان أوجههما الأول لعدم قیام دلیل صالح علی تعلقه بخصوص الکسب الذی هو أحد أموال المولی نعم لو عین له المولی للمهر به صح کما أنه لو شرط علیه أن لا یکون بذمته بل فی ذمة العبد فإنه یکون فی ذمة العبد یتبع به بعد العتق و حینئذٍ فإن أفهم العبد الزوجة بذلک فلا کلام و إلا ففی ثبوت الخیار لها وجهان و لا یصح للمولی جعل رقبة العبد مهر اللزوم ملک الزوجة لزوجها و هو قاض بانفساخ العقد و یجب علی المولی تمکین العبد من الاکتساب لو جعلنا النفقة و المهر متعلقان بکسبه و لو أعوز الکسب فلا رجوع علی المولی لأنه بمنزلة تعلق الأرش برقبة الجانی فإن منعه المولی من الاکتساب کان علیه أقل الأمرین من أجرة مثله أو فائدة کسبه أو عوض کسبه مطلقاً و نفقة یومها و وفاء مهرها أو أقلهما من فائدة کسبه و وفاء مهرها و نفقة یومها أو نفقة أیام الاستخدام کائنة ما کانت لاحتمال الوفاء بها لو لم یمنعه و هذه وجوه أوجهها أقل الأمرین من أجرة مثله و من نفقتها و مهرها و إن قصّر عن الکسب علی القول بتعلقه به احتمل ثبوت المهر و النفقة معاً فی رقبته و احتمل ثبوتهما فی ذمة المولی و احتمل ثبوت النفقة فی أحدهما دون المهر إقدامها علی التأجیل فیه فتبعه فیه بعد العتق و احتمل تخیر الزوجة بین الصبر علی العبد فی الاتفاق و بین فسخ العقد و هذه احتمالات أقواها

ص: 159

ثبوتهما فی ذمة المولی ما لم ینص المولی علی فراغ ذمته منهما و لو عقد العبد بدون إذن السید فأجاز السید فالأظهر تعلق النفقة بذمة السید لأنها مما تتجدد یوماً فیوماً دون المهر فیتعلق بذمة العبد و لا اعتراض للزوجة لأنها رضیته عبداً و مع احتمال تعلقهما معاً بذمة السید من تعلق المهر بذمة السید أما لإطلاق إذنه أو لنصه فاشترت زوجة العبدُ العبدَ فإن کان قبل الدخول سقط نصفه أو سقط جمیعه بناء علی أن الشراء فرقة جاء من قبلها و إن کان بعده استقر جمیعه و إن اشترته من مولاه بالمهر المضمون قبل الدخول فإن قلنا بسقوط جمیعه بطل لأنه یلزم من ثبوته عدمه و إن قلنا بالتنصیف فاشترته به سقط النصف و ثبت النصف الآخر و إن اشترته بعد الدخول صح و ملکته و انفسخ النکاح و إن قلنا بتعلق المهر بذمة العبد فاشترته به بطل الشراء لأنها تملک الثمن بملکه فلا تملک به.

ثالثها: إذا تزوج العبد أمة مولاه کان أولادهما له

و إن تزوج غیرها فدخل بها حلالًا فإن کان بإذن المالکین کان الولد بین المالکین مناصفة و لا یختص به مالک الأم کباقی الحیوانات لأن المقصود من الإنسان النسل و غیره من الحیوانات یقصد به الاستنماء و النماء تابع للأم و إن کان بغیر إذن المالکین شبهة کذلک فکذلک و إن کان أحدهما بالإذن و الآخر بدونه فالولد لمولی غیر المأذون لأن المأذون أسقط حقه من الولد بإذنه لعبده فی التزویج لإمکان تزویجه بمن لیس برقیق و فی التعلیل نضر ظاهر و ادعی بعضهم النص و لاح من آخر نقل الإجماع و إن وطأ العبد أمة غیر مولاه زنا منه فالولد لمولی الأمة لانتفاء النسب منه فیتبع الأم أما لو تزوج العبد حرة أو الحر أمة بإذن المولی فالولد حر لأنه یتبع أشرف الأبوین و لو زنا العبد بحرة عالمة بالزنا أو زنا الحر بامة عالمة أو جاهلة بالزنا فالولد لمولی العبد فی الأول و لمولی الأمة فی الأخیر و لو وطء العبد حرة جاهلة بالزنا فالولد حر

رابعها لو کان أحد الأبوین حر و الآخر مملوکاً یتبع الولد الحر

منهما للأصل و للأخبار المشهورة المؤیدة بالشهرة نقلًا و تحصیلًا کقوله (علیه السلام) یلحق الولد بالحریة حیث کانت و قوله (علیه السلام) فی الولد بین الحر و المملوکة قال یذهب إلی الحر منهما و قوله (علیه السلام) فی ثالث لیس یسترق الولد إذا کان أحد

ص: 160

أبویه حراً أنه یلحق بالحر منهما أیهما کان أباً کان أو أماً و بهذا المعنی روایات متعددة متکاثرة و ذهب ابن الجنید إلی رقیة الولد تمسکاً بأخبار دالة علی ذلک و هی مطروحة فی مقابلة هذه الأخبار لقوتها علیها أو محمولة علی التقیة کما هو شأن فتاوی أبی علی و جملة منها منزلة علی إرادة ما إذا کان الزوج مملوکاً و لو شرط مولی العبد و الجاریة رقیة الولد ففی لزوم الشرط قولان أوجههما العدم لأن المفهوم من الأخبار أن الحریة هی الحد الشرعی للأولاد و هو المحکوم به فاشتراطه کاشتراط صیرورة الحر رقاً مطلقاً وجوده أو بعده و هو مما یخالف الکتاب و السنة و ما خالفهما فهو بطلان علی أن عموم أدلة الشروط لا یمکن الاستدلال بها لما فیها من الإجمال الناشئ من عموم المستثنی و من أن الخارج أکثر من الداخل فما نسب للمشهور من الحکم بجواز هذا الشرط لعموم الأدلة ضعیف.

خامسها: إذا تزوج الحر أمة بدون إذن سیدها و بدون إجازته فإن کانا عالمین فلا شک فی أنهما زانیان

و إن الولد رق کما هو مدلول الفتوی و الروایة و علیهما الحد إنما الکلام فی ثبوت المهر و عدمه فقیل بعدمه للأصل و لأنه لا مهر لبغی و لعدم ثبوت کون البضع مملوکاً له قیمة بحیث یتعلق به ضمان کما یتعلق بالمنافع المتلفة و ما قیل هو کالضم و التقبیل و قیل بثبوته لأنه حق للمولی لا یسقطه کون الأمة بغیاً و لأن البضع فی الإماء مملوک للمولی و له قیمة فضمانه له و لأن المهر المنفی فی الروایة منصرف للأحرار لمکان لفظ المهر اللام أما الأول فلاختصاصه بالأحرار کما هو المفهوم من الفتاوی و الأخبار و أما الثانی فهو إما للملک أو الاستحقاق أو لاختصاص و کلها لا یمکن فی حق غیر الأحرار و الأول أظهر لأن الظاهر أن البضع فی الإماء مما یضمن بالاستیفاء کسائر المنافع إلا أن ضمانه علی طریق ثبوت المهر کما لو وقع العقد فاسداً جهلًا لا علی طریق ضمان المنفعة فی الإجارة و علی تقدیر ثبوت لمهر فهل هو المسمی لوقوع التراضی علیه أو مهر المثل لأنه الأصل عند فساد العقد أو العشر و نصف العشر کما یؤذن به فحوی قوله (علیه السلام) فیمن أحل له ما دون الفرج فاقبضها قال یغرم لصاحبها عشر قیمتها إن کانت بکرا فإن لم یکن فنصف العشر و إن کان الحر عالماً و الأمة و علی

ص: 161

الواطئ ارش البکارة لانه جنایة و مع احتمال دخوله فی المهر و ان کان الحر عالما و الامة جاهلة فالحکم کذلک من ثبوت الحد علی الواطئ و المهر علی العالم و کون الولد رقاً و إن کانا جاهلین سقط الحد عنهما و ثبت المهر مهر المثل أو العشر و نصفه أو المسمی و علیه أرش البکارة و ولده حر و علیه قیمته یوم سقط حیّاً فإن سقط میتاً فلا شی ء علیه و یرشد إلی ثبوت العشر و نصفه و إلی حریة الولد و لزوم دفع قیمته و ما ورد فیمن دلست نفسها و هی أمة بناء علی إلغاء الفارق أو اتحاد طریق المسألتین فی الحکم و لأن الولد نماء ملک لک و قد فوته فیؤخذ منه قیمته عند عدم التمکن من عینه و یلحق بهذه الصورة فی أکثر الأحکام ما لو کان الواطئ جاهلًا و الموطوءة عالمة و یجی ء الکلام فی المهر ما ذکرناه فیما لو وطأها عالمین و کون الوطء محترم من قبله لا یؤثر فی ثبوت المهر علی وجه الجزم کما قد یظهر من کثیر من الأصحاب و لو أجاز المولی عقد الأمة درأ الحد عن الزوج و لو کانت الإجازة بعد الوطء و صار الولد حراً و ثبت علی الواطئ المسمی و هذا علی القول بالکشف لا شک فیه و یحتمل ذلک أیضاً علی القول بالنقل لأن نفس وقوع الإجازة شبهة تدرأ الحد و تحکم بحریة الولد و علی کل فما بین العقد و الإجازة یوقف الأمر و لا یحکم بشی ء.

سادسها: إذا ادعت الأمة الحریة کاذبة سواء فی ذلک حریة الأصل أو التحریر بعد الرقیة فتزوجها الحر

جاهلًا بفساد دعواها مصدقاً لها أو متخیلًا جواز وطء المدعیة لذلک و إن علم أنها حرة قبل ذلک سقط عنه الحد و ثبت علیه المهر و ظاهرهم هنا ثبوت المهر مطلقاً مع علمها و جهلها و کان هذه المسألة عندهم مغایرة لما تقدمها لمکان النص و إن اختلفوا فی أنه المسمی لوقوع التراضی علیه و لصحة العقد ظاهر ابتداء أو مهر المثل لأنه الضابط فی العقد الفاسد أو العشر و نصف العشر کما دلت علیه صحیحة بن صبحی الواردة فیمن تزوج أمة قد دلست نفسها و الأخیر أقرب لمقتضی الدلیل و الوسط أقرب لمقتضی القواعد و یمکن إرجاع الأخیر إلیه و قد یرشد إلی ذلک العرف و لکن یختص ذلک فی العقد الدائم و یرجع فی عقد المتعة إلی مهر المثل مع احتمال التسویة بینهما مطلقاً و لا بد من التأمل و فی دخول أرش البکارة فی الوسط و فی الأخیر

ص: 162

فیهما معاً وجوه أوجهها الأخیر أو و أولادها منه أحراراً کما تشعر به بعض الروایات او عبید کما یشعر بعض آخر و یلزم الزوج أرش عیب الحمل او الولادة و لو استلزما إرشاً و یرجع بالمهر علیها إذا کانت هی المدلسة فان کان موجوداً استعادهُ و إن أتلفته تعلق بذمتها و یتبع به بعد عتقها و إن دلسها مدلس کولی او غیره رجع الزوج بما دفع من أرش بکارة او عیب او قیمة ولد او مهر المثل أو المسمی أو العشر أو نصفه لو زادا علی ذلک علی المدلس لغروره من قبله و کذا لو شهد بالحریة شاهدان فأخذها کذلک بشهادتهما فإن الظاهر بثبوت الغرامة علی شاهدی الزور و لو کان المدلس هو المولی و قد دفع إلیه المهر لم یرجع إلیه بمهر المثل أو العشر و نصفه إن دخل بها لاستیفائه عوضه و یرجع إلیه بغیره مما کان مغروراً بسببه و یرجع إلیه بما زاد علی مهر الإماء من مهر الأحرار أیضاً و الذی یظهر هنا أن الولد منه أحراراً ابتداء لعموم أدلة الحریة و خصوصیاتها و علیه دفع قیمته لمولی الامة إن لم یکن هو المدلس لأنه نماء ملکه و قد فوته علیه و علی ذلک فتکون القیمة دیناً بذمة الواطئ فإن أعسر فنظره إلی میسرة کما تقتضیه القواعد و فی خبر سماعة یسعی أبوه فی ثمنه حتی یؤدیه و یأخذ ولده قلت فإن أبی الأب إن یسعی فی ثمن ابنه قال علی الإمام أن یفتدیه و لا یملک ولد حر و یقرأ برفع الحر و جرّه و ببناء یملک للفاعل و نصب ولد و علی کل حال فالروایة مخالفة للقواعد مطلقاً علی القول بحریة الولد و ظاهرها أیضاً مناف للقول بالحریة و ضعف سندها ظاهر فالتعویل علیها مشکل و لیس فیها أن الفدیة من سهم الرقاب أو من الزکاة مطلقاً کل محتمل إلا ابن إدریس أنکر کونه من سهم الرقاب لاختصاصه بالعبید و المطابقین و فیه أن الآیة عامة للرقاب و لو سلم فالروایة عامة فی بیان المصرف و قیل أن الولد عبید و اختاره الشیخ و هذا ظاهر الروایة المتقدمة و ربما یحتمل علیه عبارة المحقق و یکون ممن فرق بین المسألتین للنص و فیه خبر محمد بن قیس فی امرأة ادعت أنها حرة فتزوجت قال ولدها عبید و علی هذا فیتعلق ثمنه برقبة الولد فیجب حینئذٍ فکه علی الأب فإن أعسر الأب استسعی فی فکه إن لم یکن بقی عبد إلی أن یفکه الإمام علیه السلام من سهم الرقاب فإن لم یمکن فکه بقی کذلک إلی أن یفک نفسه و یمکن القول أن الأمة إن تزوجت

ص: 163

بمجرد دعوی حریة الأصل أو العارض لشبهة فالولد رق و یجری علیه أحکامه و إن تزوجت بشاهدین یشهدان علی الحریة أو بمدلس فالولد أحرارا و یجری علیهم أحکامه و یشهد علیه خبر سماعة فی مملوکة تزوجت بعد ما أخبرت أنها حرة فولدت قال ع ولدها مملوکون إلا أن یقیم البینة أنه شهد لها شاهدان أنها حرة فلا یملک ولده و یکونون أحرارا بل یمکن اختصاص الرقیة بدعوی الحریة العارضة و تصدیقها لشبهة لقربها من الزنا للتقصیر بعدم السؤال و قد یقال أنه مع شهادة الشاهدین و الحکم بالحریة لا یلزمه الفک للأصل و لا یجب الاستسعاء و لا یجب علی الإمام علیه السلام الفدیة و علی ما ذکر فی صورة رقیة الولد فالظاهر أنه یتحرر بمجرد دفع القیمة و لا یفتقر إلی شراء الأب کی یتحرر بملکه و فی تحرر البعض یدفع البعض فیسری للباقی مع الإیسار لا مع الإعسار وجه قوی و لا یجوز للمالک بیعه علی غیر الأب و یفسد بیعه کذلک فی وجه قوی مع احتمال صحة البیع و یتبع الأب المشتری و یدفع له القیمة و لو اشتراه مشتری للعتق أو اشتراه من ینعتق أو بشرط العتق علیه فلا یبعد الصحة و کذا لو أعتقه المالک دفعه فالصحة هی الوجه و لو مات الاب ففی خروج ثمنه من أصل الترکة وجه و یحتمل سقوط لزوم دفع القیمة لوجوبها علی الاب فعلا لازمه و لو جن الاب تولی الحاکم ذلک من ماله و وجوب الفکر فوری علی الظاهر فلو تراخی لم یلزمه سوی قیمته یوم سقط حیا و لو لم نقل بوجوب الفک علی الإمام (علیه السلام) للأصل فالندب علیه لا إشکال به و إتمام القیمة کالأصل فی رجحانها علی الإمام (علیه السلام) لو عجز عنها الأب.

سابعها: یجوز للسید تزویج أمته لعبده

و عبد غیره و کذا تزویج عبده کذلک إلا أن تزویج أمه لعبده محتمل لکونه عقداً فیفتقر إلی قبول من العبد أو من یستدلانه ولیه کما هو الأظهر و الأحوط و یکون خلو الروایة عن ذکر القبول اتکالًا علی ما هو المعهود من ذکره من السید أو من عبده و محتمل لان یکون إیقاعا کما جاء به النص فی الصحیح کیف ینکح عبده أمته قال یجزیه أ یقول انکحتک فلانة و یعطیها شیئاً و یحتمل

ص: 164

لان یکون تحلیلًا کما احتمله بعض الأصحاب و یؤیده انه لو کان نکاحاً لافتقر إلی طلاق أو شبهه من فواسخ النکاح أو موت و لا یفتقر بل للمولی أمره بالاعتزال و یبعده قوله (علیه السلام) عن المملوک یحل له أن وطأ الأمة من غیر تزویج إذا حل له مولاه قال لا یحل له إلا أنه ضعیف لا یعارض عموم التحلیل فلا یبعد حمله علی التقیة الظاهر عدم افتقار هذه الصیغة إلی مهر للأصل و لعدم استحقاق الأمة علی مولاها شیئاً و یحتمل لزومه لظاهر کونه نکاحا و للأمر به فی الخبرین و هو الأحوط و لو وقع بلفظ متعتک ففی صحته من دون مهر لا إشکال سیما لو وقع متعة.

ثامنها: إذا تزوج العبد بحرة من غیر إذن و کان العبد جاهلًا بالحرمة و الحرة عالمة بها کان الولد رقا

لمولی العبد و سقط الحد و المهر و النفقة عنه لان الحرة بغیة و ثبت علیها الحد لعموم الأدلة و ترک ذکره علی لسانه الکثیر لظهوره و قیل بسقوطه لان القید فی حقها شبهة تدرأ الحد لضعف عقل المرأة و نقصانه و الفرق بین هذا و بین ما إذا تزوجت حراً إن هذا العقدة وقع فضولًا یجوز فیه إجازة المولی و ما ورد فی بعض الأخبار أنه إنما أتی شیئاً حلالا و إنه لم یعص الله و إنما عصی سیده و وفی بعضها قلت أنه حرام ما زعم أنه حرام و فیه ضعف لمخالفته الأدلة مع تأدیته إلی ارتفاع الحد عن العبد أیضاً مع علمه و سریانه فی کل فضولی النکاح إذا لم تتعقب الإجازة و لا یقولون بهما و إن کانا عالمین ثبت علیهما الحد و سقط المهر و صار الولد رقا تبعا لأبیه لانتفائه عنهما نسباً فلحق الأب نماء مع احتمال صیرورته حراً لانتفاء النسب فیلحق بالأم نماء و لکن الأول هو المعروف فتوی و ترشید إلیه الأخبار أیضاً و إن کانا جاهلین أو الحرة جاهلة تثبت المهر فی ذمة العبد یتبع به و کان الولد حرا للحوقه بشرف الأبوین و نسب للشیخ المفید القول بالرقیة بمعنی العلا فیمن دبر غلاما فأبق فمضی القوم فتزوج منهم و لم یعلمهم أنه عبد ولد له أولاداً فما مولاه و جاء ورثته یطالبون به قال العبد و ولده لورثة المیت و هو ضعیف مخالف للقواعد.

تاسعها: إذا تزوج أمة بین شریکین فاشتری أو ملک مطلقاً حصة أحدهما أو بعضهما بطل عقد التزویج

لانه قد بطل فی البعض المملوک فبطل فی الآخران لان عقد

ص: 165

النکاح لا یتبعض و حرم علیه الوطء لحرمة التصرف بمال الغیر و یدل علیه أیضاً روایة زرعة عن سماعة فیمن تزوج أمة بین شریکین فاشتری البعض السهمین قال حرمت علیه باشترائه إیاها و ذلک أن بیعها طلاقها إلا أن یشتریهما جمیعاً و فی آخر مثله و لا یجوز الوطء بإمضاء الشریک عقده لبطلانه فلا یؤثر إمضاءه له و لو أحلها الشریک للمشتری فوجهان المنع لقوله تعالی: (إِلّٰا عَلیٰ أَزْوٰاجِهِمْ أَوْ مٰا مَلَکَتْ أَیْمٰانُهُمْ) و التفصیل قاطع للشرکة لانه بمنزلة منع الجمع فلا یجوز له وطؤها بالملک أو العقد و لان البضع لا یستباح و هذا هو المشهور و الجواز و نسب لابن إدریس مستنداً لان التحلیل نوع من تملیک المنفعة أو نوع من إباحة الملک فوطئوها به وطء بالملک لا بالعقد و لا نسلم تعدد السببین هنا و لو سلم فالممنوع بسبب نوع الملک و نوع الزوجة لاجیر غیرهما و یؤیده روایة محمد بن مسلم فی جاریة بین رجلین دبراها جمیعاً ثمّ احل أحدهما فرجها لشریکه قال هی له حلال و یضعف الأخذ بها لمخالفتها الاحتیاط و فتوی مشهور الأصحاب و لو هایأ أحد الشرکاء الآخر لم تجز متعتها فی وقت الشریک الآخر أیضاً لما ذکرناه و تجویزه ضعیف و لو حرر أحد الشریکین حصة بحیث لم یسر علی الباقی حرم وطؤها أیضاً بالملک لمکان الحریة و بالعقد لمکان الرقیة و بهما لعدم إمکان الجمع و هو الموافق للاحتیاط و لفتوی الأصحاب و لخبر محمد بن قیس المانع من ذلک حتی یعتقها و قیل أن هایاها مولی جاز له متعتها فی أیامها التی لها لخبر محمد بن مسلم و هو و أن کان من الحسن إلا أنه مخالف لفتوی المشهور و الاحتیاط و قواعد الأصحاب و لو أثرت المهایاة جواز العقد علیها لأثرت جوازاً فی عقدها علی غیر مولاها و لا قائل به.

البحث فی الطوارئ و هی ثلاثة العتق و البیع و الطلاق و فیها مباحث:

أحدها: لا خلاف بین الأصحاب فی أن عتق الأمة کلا موجب للخیار

لها فی فسخ عقدها و أما إذا کانت تحت عبد و الأخبار المشعرة بذلک و کذا لو کانت تحت حر أیضاً علی الأشهر الاظهر للأخبار الدالة علی ذلک عموماً و خصوصاً المنجبرة بفتوی المشهور فلا یعارضه أصالة لزوم العقد کما اختاره بعض الأصحاب حیث خص الخیار

ص: 166

فیما لو کان زوجها عبداً و خبر بریرة قضیة فی واقعة و لم یثبت کونه حراً أو عبداً أیضاً فلا یرکن إلیه وجوداً و عدما و لو أعتق بعضها ففی تخیرها وجه إلحاقاً للأبعاض بحکم الکل کما یشهد له الاستقراء و الذی تقضی به القواعد الاقتصار فی الخیار علی موضع الیقین و هو عتق الکل و یلحق بالعتق الاختیاری ما لو تحررت قهراً لمساواته له فی الدلیل و لو کانت تحت المبعض فالظاهر إلحاقه بالعبد الخالص لمکان الضرر علیها بذلک الجزء فیثبت لها الخیار فیه و لو قلنا بعدم الخیار لها فی الحر الخالص و لو أعتق العبد معها دفعة فلا خیار لها لو قصرنا الخیار علی العبد و لو اعتق بعد ثبوت الخیار لها و لکن قبل الفسخ ففی استمرار الخیار استصحاباً للشک فی قدح العارض أو سقوطه لزوال الضرر و دوران الخیار مداره کما احتملنا فی سقوط خیار المعیب بعد زوال العیب أو خیار الغبن بعد زواله وجهان و الأول أظهر و هل الخیار فوری لأصالة اللزوم خرج منه زمن الفور و یبقی الباقی أو علی التراخی للاستصحاب وجهان و الأول هو الأظهر و نقل علیه الاتفاق و المراد بالفوریة الفوریة العرفیة لا الحکمیة و لا ینافیها التأمل فی الجملة کما لا ینافیها التأخیر للجهل فی وقوع العتق أو الحمل فی ثبوت الخیار و فی منافاة الجهل بالفوریة لها وجه موافق للاحتیاط و ما ورد مما یؤذن بتراخی الخیار کما ورد فی بعض الأخبار من أن بریرة بقی یدور خلف رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) علی إرضاء زوجته حتی قالت له یا رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) تأمر لی بأمرک قال لا إنما أنا شافع فقالت لا حاجة لی فیه لا یعارض ما تقدم فیحمل علی إرادة الرجعة بعد الفسخ لا إسقاط الخیار و لو کانت الأمة صغیرة أو مجنونة فالخیار لها عند الکمال و لا یرجع للولی علی الأظهر و لو فسخت قبل الدخول سقط مهرها لأن الفسخ من قبلها و لو کان بعده استقر و کان للمولی لأنه ملکه بالعقد سواء کان العتق قبل الدخول أو بعده و یستثنی من الحکم بتخیرها علی الإطلاق ما لو زوج الأمة مولاها بقدر ثلث ماله و قیمتها ثلث آخر و ترک مالا بقدر قیمتها ثمّ أعتقها فی مرض الموت أو أوصی بعتقها و وقع العتق قبل الدخول فإن تخیرها بالفسخ یوجب سقوط المهر فلا ینفذ العتق فی جمیعها لانحصار الترکة فی الجاریة و مقدار قیمتها فیبطل العتق فیما زاد علی الثلث

ص: 167

فیبطل خیارها لاشتراطه بعتق جمیعها فیؤدی ثبوته إلی عدمه و ما کان کذلک فهو باطل و إذا أعتق العبد فلا خیار له سواء کان تحته حراً أو أمة و لا لمولاه لأن أمر الطلاق بیده و لا لزوجته لأنها رضیته عبداً کما هو مضمون الروایة و جمیع ذلک علی مقتضی القواعد فالخروج عنها کما نقل عن بعض الفقهاء و ضعف.

ثانیها: یجوز لمالک الأمة تزویجها و عتقها و جعل عتقها صداقها

و ثبوته فی الجملة بالإجماع و النصوص المشهورة فلا یضر مخالفة هذا النوع فی النکاح للقواعد من وقوع الإیجاب من المولی و من عدم اشتراط القبول منها و عدم اشتراط رضاها و من تعلق التزویج بأمة نفسه و من جعل العتق صداقاً و هو متأخر عن التزویج و لو تقدم علیه لزم تعلق التزویج بالحرة قهراً أو مهر ما لا یملک و من توقف العقد علی المهر الذی هو العتق المتوقف علیه و الجواب عن ذلک بالتزام وقوع التزویج و العتق و الصداق دفعه واحدة فلا یلزم وقوع التزویج بأمته و لا وقوعه بحرة من دون رضاها و لا تأخر الصداق عن العقد و لا تقدمه علیه و لو لا توقف کل منهما علی الآخر غیر نافع فی دفع المنافاة للقواعد إن لم تحققها و تؤکدها فی کثیر منها و الأظهر هنا عدم اشتراط القبول لخلو الأخبار عنه فی مقام البیان و لأن الظاهر منها أن نوع تصرف فی الامة یملک به المولی یضعها و یحررها فهو کالإیقاع و إن سمی نکاحاً و الموجود فی الأخبار لفظ التزویج و العتق و الظاهر أنه لا خصوصیة لهما بحسب المادة فیجوز وقوع أنکحتک و حررتک مکانهما أنه لا خصوصیة لجعل الصداق کل الأمة فلو جعل الصداق بعضها حرر بعضها و سری علی الباقی و کذا لو عتق علی المبعضة فجعل صداقها البعض المملوک له و لکن هنا یشترط رضاها قطعاً لمکان الجزء الحر بل الأظهر و الأحوط وقوع القبول منها بلفظ زوجتک و لا یکفی مجرد الرضا و لا لفظ قبلت فقط و کذا لو عقد علی الأمة المشترکة بینه و بین غیره فجعل صداقها عتق نصیبه و کان برضا الشریک أو إجازته صح النکاح و العتق و سری العتق فی جمیعها مع حصول شرائط السرایة و الأحوط أیضاً هنا وقوع القبول من الشریک بلفظ زوجتک و الظاهر جواز التوکیل بهذا العقد و جواز الفضولیة عن المالک للمالک و للفضولی إلا أن الأخیر لا یخلو عن إشکال و هل

ص: 168

یشترط هنا تقدیم صیغة التزویج لئلا تحرر أو لا فیکون أمرها الیها و لقوله (علیه السلام) فی الصحیح عن رجل قال أعتقتک و جعلت عتقک مهرک قال عتقت و هی بالخیار إن شاءت تزوجته و إن شاءت فلا ثمّ قال فان قال قد تزوجتک و جعلت مهرک عتقک فإن النکاح واقع و للآخر فی الرجل یقول لجاریته قد اعتقتک و جعلت صداقک عتقک قال جاز العتق و الأمر إلیها أو تقدیم صیغة العتق لئلا یقع التزویج علی مملوکته و لاحتمال أن المنع فی الروایتین المتقدمتین إنما کان لمکان عدم ذکر لفظ التزویج لا لمکان تقدیم العتق علیه أو التخیر بین تقدیم أیهما شاء لأن الکلام لا یتم إلا بآخره و المقصود أن شاء التزویج و العتق بصیغة واحدة کی یقعان دفعة واحدة و لا یتفاوت الحال بین التقدیم و التأخیر وجوه أقربها الاخیر لأن المفهوم من الأخبار أن للمالک أن ینشأ علی أمة تزویجاً و عتقاً یجعله صداقاً له فیقع الکل دفعة من دون تقدیم و تأخیر و لو لا ذلک لم یصح جعل العتق مهراً لوقوعه عند تقدیمه فلا یمکن المعاوضة علیه فتقدیمه لفظی فلا یؤثر اثراً و هذا معنی قولهم لأن الکلام جملة واحدة و لا یصح وقوع التزویج فی أمة المالک لو تأخر العتق علی أن الجمع بین الأخبار یقضی بذلک لأن منها ما قدم فیه لفظ التزویج کصحیحة علی بن جعفر.

و منها: ما قدم فیه العتق کروایة عبید بن زرارة و روایة محمد بن مسلم ثمّ أن المقطوع به من الأخبار عدم جواز وقوع التزویج و العتق کفایة فلا یجزی أن یقول جعلت عتقک صداقک باعتبار دلالتهما ضمناً علی وقوعهما أما لو صرح بالتزویج و جعل العتق کفایة کما یقول تزوجتک و جعلت عتقک صداقک ففی الاکتفاء به وجهان من أصالة عدم العتق بغیر الصریح و خبر علی بن جعفر علی ما رواه فی المسالک من بطلان تلک الصیغة و من خبر علی بن جعفر الدال علی جوازه عدم فی النسخ المعتبرة و الأظهر الاکتفاء به و حمل روایة علی بن جعفر علی غیرها من الروایات المصرح بها بلفظ العتق و یکون ترکه اتکالًا علی القرینة أو علی المعهود من ذکره و لو عکس فذکر العتق و جعل التزویج کنایة فالأقوی البطلان للأصل و للروایات المتقدمة و ما فی خبر عبید بن زرارة من الاکتفاء به حیث قال أعتقتک و جعلت عتقک

ص: 169

مهرک قال جائز و کذا ما فی الحسن عن الرجل یعتق الأمة و یقول مهرک عتقک فقال حسن محمولان علی إرادة وقوع التزویج مع صیغة العتق و لکن لم یذکر فیهما لظهوره جمعاً بین الأخبار و موافقة للقواعد و المراد بالجواز الصحة کما هو الشائع و لو اعتقها و جعل المهر العتق البعض فقط أو أعتقها و جعل المهر العتق البعض فقط أو أعتقها و جعل المهر عتق و غیره صح علی الأظهر فیهما سیما الأخیر و لو طلقت الأمة قبل الدخول ففی بعض الروایات رجوع نصفها رقاً و تستسعی به فإن لم یمکن هایاها المولی و أفتی به جمع من الأصحاب و کأنه مبنی علی أن المهر یملک نصفه بالدخول و نصفه بالعقد و الحق ملک الجمیع بالعقد لکن متزلزلًا و لما لم یمکن عود الحر رقاً أفاد تزلزله ضمان القیمة و فی بعض آخر التزامها بنصف قیمتها ترجعه إلی السید و تستسعی به لأن العتق بمنزلة إتلاف الصداق المعین فتضمنه بقیمته و هذا هو اصح الروایات و أقربها للقواعد فالقول به أوجه.

ثالثها: أمهات الأولاد إماء و لکن لا یجوز نقلهن

بأی ناقل کان لتشبهن بالحریة عند موت المولی و بقاء الولد فتنعتق کلها من نصیبه فإن ورث الکل و إن ورث البعض سری إلی البعض الآخر و قوم علیه من نصیبه فإن لم یفِ النصیب سعت فی الباقی و لا یلزم انعتاقها مما یملکه الولد من الأموال الأخر و لا یلزم علیه السعی علی الاظهر سیما فی الاخیر لأن السرایة علی خلاف الأصل هنا خرج السریان فی النصیب فیبقی الباقی و لو مات ولدها عادت رقا و مع وجوده لا یجوز بیعها إلا فی ثمن رقیتها مع موت مولاها و لم یخلف سواها کما نقل علیه الإجماع و دلت علیه جملة من الأخبار بإطلاقها و الأقوی جواز بیعها فی ثمن رقبتها مع حیاة المولی إذا لم یکن عنده ما یفی به کلًا أو بعضاً الکل فی الکل و البعض فی البعض علی الاظهر و الأخبار دالة علی بیعها فیه و مانعة من بیعها فی غیره و قیل بجواز بیعها فی دیون مولاها بعد موته مطلقاً ثمناً کان أم لا إذا قصرت الترکة عن دیونه و هو مبنی علی عدم انتقال الترکة مع الدین إلی الوارث و لا نقول به و یظهر من بعض الأخبار أنها تقوم علی ولدها فإن کان صغیر انتظر إلی أن یکبر و المعروف بین الأصحاب انعتاق نصیب الولد منها مع استغراق الدین للترکة

ص: 170

و أداء مقدار قیمة النصیب من ماله أو أداء قیمتها أجمع من ماله و لو کان ثمن الأمة دیناً فاعتقها مولاها و جعل عتقها صداقها و تزوجها و أولدها و فلس بثمنها و مات صح العتق و لا سبیل علیها و لا علی ولدها علی الأقوی للاصول الشرعیة و الضوابط المرعیة لوقوع العتق من أهله فی محله و انعقاد الولد حراً و خروج الأمة عن اسم أم الولد و الحر لا یعود رقاً و قیل بعود الأمة رقاً دون ولدها و قیل بعودهما رقاً معاً لصحیح هشام بن سالم فی رجل باع من رجل جاریة بکراً إلی سنة فلما قبضها المشتری اعتقها من الغد و تزوجها و جعل مهرها عتقها ثمّ مات بعد ذلک شهر فقال أبو عبد الله (علیه السلام) إن کان الذی اشتراها له مال أو عقدة تحیط بقضاء ما علیه من الدین فی رقیتها فإن عتقه و نکاحه جائز و إن لم یملک ما لا أو عقدة تحیط بقضاء ما علیه من الدین فی رقبتها کان عتقه و نکاحه باطل لأنه عتق ما لا یملک و أری أنها رق لمولاها الأول قیل له و إن کانت علقت من الذی أعتقها و تزوجها ما حال ما فی بطنها قال الذی فی بطنها مع أمه کهیئتها و هو ضعیف لا یقاوم الضوابط و القواعد و فتوی المشهور فلا بد من طرح الروایة أو تنزیلها علی خلاف ظاهرها و قد یحتمل علی وقوع العتق فی مرض الموت بناء علی فساد المنجز مع الدین المستغرق و علی فساد العقد و وطئها مع العلم بالفساد أو علی بطلان العتق لأن القصد فیه المضارة دون القربة و کلها مدخولة فطرحها أولی.

رابعها: نقل الأمة مما یوجب الخیار للمشتری

فی فسخ عقدها متعة أو دواماً حراً کان الزوج أو عبداً قبل الدخول أو بعده شراء أو غیرها من النواقل الشرعیة حتی الهبة المجانیة لتنقیح المناط القطعی کل ذلک للأخبار الدالة علی أن بیع الأمة طلاقها المحمول إلی إرادة الخیار من الطلاق تشبیهاً له به فی أن کلًا منهما تصیر به الأمة فی معرض الزوال و لو لا الأخبار الأخر الدالة علی أن للمشتری الخیار الموجب لإرادة التشبیه بین البیع و الطلاق لا حمله علیه حقیقة لکان الحکم بأن البیع بنفسه موجب للفسخ متجه لمکان تلک الأخبار و قد یقال أن البیع بنفسه فاسخ و رضا المشتری یعید العقد کالرجعة بعد الطلاق إلا أنه بعید و هذا الخیار علی الفور کما حکم به أصحابنا للاقتصار علی المورد الیقینی فی الخروج عن دلیل اللزوم القام لجمیع الأزمنة و لاندفاع

ص: 171

الضرر بزمن الفوریة لابتناء هذا الخیار علی دفع الضرر و لو رضی المشتری لم یکن له الخیار بعد ذلک للأصل و لصریح الأخبار الدالة علی أنه إذا رضی فلیس له بعد ذلک أن یفرق بینهما و بیع بعض الأمة کبیع الکل علی الأظهر و لا یتفاوت الحال بین کون الأمة و العبد لمالکین أو لمالک واحد و بین بیعها علی واحد أو متعدد و لمن انتقل إلیه العبد علی وجه الشراء أو غیره الخیار أیضاً فی فسخ نکاحه دواماً أو متعة و فی إمضاء سواء کانت تحته حرة أو أمة لمکان الضرر المجعول علة فی ثبوت هذا الخیار کما نص علیه غیر واحد من الأصحاب و لإطلاق روایة أبی الصباح الحاکمة بثبوت الخیار لمشتری العبد علی وجه الإطلاق من غیر تفصیل بین الأمة و الحرة و لروایة محمد بن علی و فیها فإن زوجة المولی حرة فله أن یفرق بینهما و وجه الاستدلال بها انه لیس له التفریق بغیر البیع فیخص فیه و ضعف سند هذه الروایة و دلالتها یجبرهما فتوی المشهور و یظهر من العلامة (رحمه الله) أن العبد مساویاً للأمة للاستقراء الدال علی مساواتهما فی هذه الإحکام و نظائرها و کان هذا الاستقراء قطعی عنده فلا وجه للرد علیه بمنع المساواة و إنها قیاس و لو بیع أحد الزوجین و کانا مملوکین معاً و کان مالکهما مختلفاً فلمالک الآخر الخیار کما للمشتری الخیار علی فتوی الشیخ رحمه الله و للنضر فیه مجال و الأصل یقضی بخلافه و حکم جمع بثبوت الخیار لو کان مالکهما واحداً لأن المالک إنما رضی بالعقد علی مملوکة أو مملوک البائع و الأغراض تختلف باختلاف الملاک و خصوصاً إذا کان الولد مشترکاً بین المالکین و کما یعتبر الإذن ابتداء لتعلق حقه فکذا استدامة و لشمول قوله (علیه السلام) بیع الأمة طلاقها لنحو ذلک و لأن أحد المالکین لما تسبب للخیار لزم ثبوته للآخر تسویة بینهما و نفی ابن إدریس الخیار هنا لمالک الآخر اقتصار علی الخصوص و للاحتیاط و لو من المالک بالعقد ابتداء فلا یثبت له الخیار و هو قوی للشک فی شمول الروایة لذلک و لاختصاصها بالأمة دون العبد و لمنع التسویة بینهما و لو باع مالکهما الواحد علی متعدد سواء باع کل واحد علی واحد أو باعهما معاً علی الاثنین ثبت الخیار للمشترین جمیعاً کما لو اشتراهما واحد من واحد أو من اثنین و للزوج التصرف بالأمة زمن الخیار علی الأظهر إلا أن الأحوط منعه لتعلق حق

ص: 172

الخیار بها و التصرف بها مناف لذلک کما فی البیع فإن تصرف بعد البیع قبل المشتری فهل یوجب تصرفه کل المهر لو فسخ المشتری بعد العلم بالخیار أو لا یوجب شیئاً سوی مهر المثل وجهان و الوجه ثبوت الکل فیأخذه المشتری و البائع علی الوجهین و مهر الأمة لسیدها فإن باعها قبل الدخول و فسخ المشتری سقط المهر کله لأن الفسخ من قبلها مع احتمال التنصیف و إن أجاز قبل الدخول کان المهر له و لأن الإجازة بمنزلة العقد الجدید منه مع احتمال أنه للبائع لأن الإجازة تقریر للعقد و قد ملکه البائع به کما أنها لو أعتقت فاجازت کان المهر للسید و قد یفرق بینهما بأن البیع معاوضة فیملک المهر تبعاً للعین کما یملک النماء لأن البضع صار بید المشتری وضعاً و رفعاً فکأنه منه بخلاف الإجارة فإن المشتری لیس له إلا فسخ البیع دون الإجارة و نقل عن الشیخ (رحمه الله) أنه حکم تارة بان البائع أن قبض المهر لم یکن للمشتری شی ء و إن لم یقبض استحقه کلًا أن دخل بعد الشراء و نصفا إن لم یدخل و أخری بأنه إن دخل بعد الشراء کان نصف المهر له بالدخول و النصف الآخر للبائع بالعقد من غیر فرق بین قبض البائع له و عدمه و ثالثة بأن البائع إن قبض بعض المهر لمن یکن له المطالبة بالباقی فإن أجاز المشتری طالب به و رابعة بأن البائع إن قبض المهر استرده الزوج من غیر تفصیل و لو باع المالک الأمة بعد الدخول فالمهر له سواء أجاز المشتری أم لا و سواء قبضه أم لا و عن الشیخ أن لم یقبضه البائع طالب به المشتری و إن قبض البعض لم یکن له المطالبة بالبعض الآخر للحیلولة بینهما بالبیع فإن أجاز المشتری طالب هو بالباقی و عنه فی النهایة أنه إذا قبض من المهر شیئاً لم یکن له المطالبة بالباقی و لا للمشتری إلا أن یرض بالعقد لخبر أبی بصیر فمن زوج مملوکته من رجل فقبض نصفاً من مهرها و ترک نصفاً مؤخراً فدخل بها زوجها ثمّ باعها سیدها لمن یکون النصف الباقی فقال إن لم یکن أوفاها المهر حتی باعها فلا شی ء علیه له و لا لغیره بحمل نفیه عن غیره إذا لم یجز المشتری و هو ضعیف مخالف للأصول و لو باع عبده و له زوجة حرة ففسخ المشتری قبل الدخول فعلی المولی نصف المهر للحرة حملًا علی الطلاق و لخبر علی بن حمزة و لفتوی مشهور الأصحاب و لو أجاز المشتری فهل غرامة المهر علیه أو علی البائع

ص: 173

وجهان و الأظهر الأخیر إذ لا بضع له و لو باع امة ثمّ ادعی بعد بیعها أن حملها منه فأنکر المشتری کان القول قوله لأنه یدعی فساد العقد من حیث أنها أم ولد و لو دخل الولد فی البیع لزم فسادهما معاً و یلتحق بابنه لإقراره به إلا فیما لم یعارض حق المشتری فیقبل لأن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و کل أصل یأخذ مأخذه أما لو لم یدخل فی البیع فلا یبعد إلحاقه به لادعائه ما لم یعلم إلا من قبله من غیرها معارض. لأنه یدعی فساد العقد من حیث أنها أم ولد و لو دخل الولد فی البیع لزم فسادهما معاً و یلتحق بأبیه لإقراره به إلا فیما لم یعارض حق المشتری فقیل لأن إقرار العقلاء علی أنفسهم جائز و کل أصل یأخذ مأخذه أما لو لم یدخل فی البیع فلا یبعد إلحاقه به لادعائه ما لم یعلم إلا من قبله من غیرها معارض.

خامسها: للعبد طلاق زوجته

حرة أو أمة لغیره مولاه و فی إلحاق فسخ المتعة و العیب وجه و الطلاق بید من أخذ بالسیاق فلیس للمولی منعه منه و لا إجباره علیه و لا تولیة عنه و لا یتوقف طلاقه علی إذن السید و یصح من العبد الأخبار المنجبرة بفتواهم و لو نهاه السید کل ذلک وفاقاً لفتوی المشهور و المعتبرة و لجملة منه و ذهب أبی عقیل و ابن الجنید إلی أن طلاق العبد بید السید و لا یصح منه إلا بإذنه استناداً إلی جملة من الأخبار الصحیحة و المعتبرة الدالة علی أن طلاق العبد بإذن سیده و إنه لا یقدر علی شی ء و الشی ء الطلاق و إنه لا یجوز طلاقه إلا بإذن سیده و لا یقدر علیه إلی غیر ذلک و الأول أقوی لعدم مقاومة هذه الأخبار لتلک الأخبار المعتضدة بفتوی المشهور لأن عامة و تلک الأخبار خاصة لأنها مفصلة بین أمة المولی فلا یقدر علی شی ء کما هو مضمون هذه الأخبار و بین أمة غیره أو حرة فالطلاق بید العبد و الخاص الموافق للمشهور یحکم علی العام مطلقاً و فی جملة من الأخبار أن أمر الفراق بید السید و إنه له أن ینزع أمته من زوجها حراً کان أو عبداً له أو لغیره متی شاء و لکنها شاذة ضعیفة قبل العامل علیها و یمکن حملها علی البیع و شبهه و إلا فاطراحها أجمل و یمکن الجمع بین الأخبار الأولیة بحمل ما دل علی أن الطلاق بیده علی إرادة لزوم مباشرة الصیغة بنفسه فلا یکفی تولی السید لها و لا أمر العبد بالاعتزال و حمل ما دل أنه بید سیده

ص: 174

علی إرادة لزوم استئذانه بذلک و رخصته و إن لم یکن له إجباره خلافاً لمن جوز لأن العبد لا یقدر علی شی ء و هو ضعیف و هذا أوجه للجمع و تؤیده عموم الآیة و الأخبار النافیة لسلطنة العبد و یکون موافقاً لفتوی القدماء رحمهم الله تعالی إلا أنه بعید عن فتوی مشهور الأصحاب أما لو کانت زوجته أمة مولاه فلا شک أن أمر الفراق بید المولی للمولی تولیة و له إجباره علیه و له منعه منه کما هو مدلول الفتوی و الروایة و لیس للعبد مباشرة الطلاق بنفسه من غیر إذن و احتمل بعض الأصحاب ذلک لقوله (علیه السلام) الطلاق بید من أخذ بالساق و هو ضعیف جداً حتی لو قلنا بأن تزویج عبده لامته نکاحاً لظهور الأخبار فی منع ذلک و الذی یظهر أن للمولی أن یفرق بین عبده و أمته بلفظ الطلاق و بغیره نعم لا یکفی النیة و لا الفعل کامساکها مع السکوت و فی الکنایة وجهان و منه ما لو امره باعتزالها و شبهه کما یظهر من الأخبار و علی ما ذکرنا فیحتمل أن الواقع من المولی کله طلاق لأن أصل فی الفسخ هو الطلاق إلا أنه لا یفتقر إلی صیغة خاصة للأخبار المجوزة لذلک و علی ذلک فیحتسب فی عدد الطلقات المحرمة و فی اشتراط شرائط الطلاق فیه وجهان و کذا فی جواز الوجه و یحتمل أن الواقع من المولی کله فسخ و إن کان بصیغة الطلاق فلا تترتب علیه ثمرات الطلاق لأصالة عدم کونه طلاقاً و لظاهر الأخبار و یحتمل أنه وقع بلفظ الطلاق صار طلاقاً و جرت علیه أحکامه و حکم بفساده لو فقد شرائط الصحة و لو وقع بلفظ غیره لم یکن کذلک و الأظهر ابتناء المسألة علی أن تزویج أمة لعبده إن کان نکاحاً فالواقع بلفظ الطلاق طلاق و الواقع بلفظ غیره فسخ سواء کان نکاحاً عقدیاً أو إیقاعیاً کما یلوح من الأخبار لتسمیته تزویجاً و نکاحاً و ذکر المهر فیه مع عدم التعرض للقبول و إن کان تحلیلًا و إباحة فالواقع فسخ العقد سواء کان بلفظ الطلاق أو غیره نعم لو وقع بلفظ الطلاق مع قصد الطلاق أشکل کونه فسخاً و لو أمر السید عبده بالطلاق فطلق فإن قلنا أن الأمر بالطلاق من السید فسخ فلا کلام و إلا لزم العبد الطلاق و تجری هنا أحکام الطلاق بطریق أولی و الأظهر أن الأمر بالطلاق لا یعد فسخاً لان الأمر بالطلاق یستدعی بقاء الزوجیة إلی حصوله فلا یحصل الفسخ قبله و لان المفهوم إرادة إیجاده من

ص: 175

العبد فلا یحصل قبله فهذه قرائن قطعیة لفظیة علی عدم إرادة الفسخ و الفواسخ تتبع القصود فالجواب عن ذلک بعدم الممانعة بین الدلالة المطابقة علی إرادة الطلاق بین الدلالة و الالتزامیة علی الفسخ و لا بین إرادة وقوع الطلاق الشامل للصحیح و الفاسد و بین وقوع الفسخ قبله لا وجه له و لا داعی إلیه.

سادسها: لو طلق الأمة زوجها ثمّ باعها المالک أو العکس کفی اعتدادها عن الاستبراء

لمشتریها و کفی الاستبراء عن الاعتداد ما لم یزد أحدهما علی الآخر و بالجملة فتداخل العدة و الاستبراء هنا لا بأس به لان المقصود براءة الرحم فی الاستبراء فإذا حصل فی زمن الاعتداد اکتفی به و لا حاجة إلی الإعادة و ذهب بعض أصحابنا إلی عدم التداخل لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب و هو ضعیف لما ذکرنا.

القول فی الملک و هو نوعان ملک عین و ملک منفعة و هنا مباحث.

أحدها: فی ملک العین

للمالک أن یطأ بملکه أی عدد و کیف أراد و أن یجمع فی الملک بین الأم و بنتها و الأخت و أختها إلا أن موطوءة أحدهما فی الأول تحرم الأخری عیناً مؤبداً و موطوءة إحدی الأختین تحرم الأخری جمعاً فإذا أخرج الموطوءة عن ملکه حلت الأخری و یجوز ملک موطوءة الأب او الابن و لا یجوز وطأها و لا یجوز للمالک وطء المملوکة المزوجة و لا الاستمتاع بها و لا النظر إلیها بشهوة و لا النظر إلی ما لا یجوز للأجنبی النظر إلیه کل ذلک للأخبار و فتاوی الأصحاب و الاحتیاط و کذا لا یجوز للمالک التفریق بین أمته المزوجة و زوجها بطلاق أو فسخ و الطلاق بید من اخذ بالساق للأخبار و فتاوی الأصحاب و ما ورد فی جملة من الأخبار أن للمالک التفریق بین الأمة و زوجها و أنه له أن ینزعها و فی بعضها ما یدل أن هذا من خواص الشیعة و فی بعضها ما یدل علی جواز ذلک فیما لو کان الزوج عبداً لا ما إذا کان حراً کله مطرح أو محمول علی البیع أو علی اشتراط کون الطلاق بیده فی وجه و إذا اشتری الأمة المزوجة مشتریها ففسخ فالأظهر أن علیها الاستبراء کاستبراء المشتری من البائع لأنه نوع منه و یحتمل أن علیها العدة للاحتیاط و لا طلاق لأخبار علی البیع لفظ الطلاق الذی هو سبب للفسخ فیکون الفسخ أولی بإجراء حکم الطلاق علیه و الأخیر أحوط

ص: 176

لان المتیقن من الاستبراء أن یکون بعد الشراء و هما علی التقید فلو علم ببراءة رحمها لم یسقط الاستبراء أو العدة علی الأظهر بل ربما یدعی عدم الخلاف فیه و علی و الاستبراء فهل یستبریها بحیضة أو بطهر و المشهور الأول و علی الاعتداد ففی الخلاف طهران و فی المقنعة ثلاثة أشهر و لا شک فی موافقتهما للاحتیاط و یجوز ابتیاع ذات الأزواج من أزواجهن و غیرهم إذا کانوا من أهل الحرب و کذا غیر الأزواج من بناتهن و غیرهم کل ذلک بالنص و الإجماع و لانهم فی ء للمسلمین یجوز استنقاذه بأی نحو کان و یجوز ابتیاع الجواز من أهل الضلال و إن کن خمساً أو فیهن الخمس لتحلیل الإمام (علیه السلام) ذلک و یجب علی المشتری و علی کل من انتقلت إلیه الأمة من أی ناقل کان استبراء الأمة بحیضة کان أو خمسة و أربعین یوماً لمن لا تحیض أو لمن سبقت تلک الأیام حیضها و اختصاص الاستبراء فی الأخبار بالمشتری من قبیل المثال لتنقیح المناط القطعی و لفتوی مشهور الأصحاب و یدور مدار الجهل بالوطء مع احتمال دورانه مدار العلم به و یحرم الوطء قبلًا و فی الدبر وجهان أن من الأصل و انصراف الوطء إلی القبل و من الاحتیاط و قوة الشمول و فی المقدمات الوطء قولان و نقل الإجماع علی الجواز و الأصل قاض به و الأحوط الاجتناب و یستثنی من ذلک الیائسة و التی لم تبلغ و إن حرم وطؤها لنفسه و المقطوع بعدم وطء المالک لها و إن احتمل وطء غیره و من أخبر المالک بعدم وطئه لها أو باستبرائها بعد وطئه إذا کان عدلًا أو إذا کان مأموناً بحیث یوثق بخبره و هو الأظهر من الأخبار و من أخبر عدلان بعدم وطئه لها و من اشتریت من امرأة و إن احتمل وطء غیرها لها وفاقاً للمشهور و لا یبعد إلحاق من لا تحیض عادة لصغر لا لعارض بالیائسة فی جواز وطئها قبل الاستبراء لصحیح الحلبی إن لم ینعقد الإجماع علی خلافه و یستثنی الحامل أیضاً فإنه لا یجب استبراؤها لعدم الخوف من اختلاط النسب فإن کان الحمل عن زنا فلا یجب مطلقاً و إن کان مجهول الحال فالاظهر تحریم وطئها قبل مضی أربعة أشهر و عشرة أیام و الأحوط التحریم مطلقاً لقوله (علیه السلام) أحلتها آیة و حرمتها آیة و أنا ناهٍ عنها نفسی و ولدی و إن کانت عن وطء صحیح معلوم کعقد أو تحلیل لزم علیها الاعتداد إلی حین الوضع و لا یسمی

ص: 177

ذلک استبراء و یستثنی من ذلک ما لو أعتقها المولی بعد شرائها فأراد أن یتزوجها للأصل مع الشک فی دخوله تحت أدلة الاستبراء و للخبر المجوز لذلک و هذا ما لم یعلم بتحقیق وطء تحرم لها قبل ذلک فلو علم جری علیه حکمه و یجب الاستبراء تعبداً و لو عَلم ببراءة الرحم للأخبار و یستثنی من ذلک ما لو اشتراها حائضاً للخبر و فتوی المشهور قیل و لا بد أن یکون حیضة ظاهرة وقیة أو وقیته عددیة فلو کانت عددیة فقط أو مبتدئة أو مضطربة و تخصص حیضها فی ذلک الوقت للروایات فلا عبرة به و الاظهر ان العددیة إذا خصصها التمیز بل ذات التمیز مطلقا و خصصها الرجوع إلی الإقران احتسبت حیضة ظاهرة بل لا یبعد احتساب ما جاء فی الشرع کله کذلک و علی عدم اعتبار الحیض الشرعی فهل الرجوع للأیام أو الحیض الواقعی متی حصل أو الرجوع لشهر واحد لأنه بدل الحیض فی غیر مستقیمة الحیض وجوه أحوطهما الوسط و یستثنی من ذلک ما لو اشتری جاریة فأعتقها فإن له أن یتزوجها من غیر استبراء للنصوص الدالة علی ذلک المؤیدة بفتوی الأصحاب و لعدم کونها أمة و لاسقاط الاستبراء حیل کتزویجها من غیره ثمّ تطلیقها قبل الدخول و وطئها و کبیعها علی امرأة ثمّ شرائها و کشرائها من ولی غلام صغیر أو خنثی و کلها خلاف الاحتیاط.

ثانیها: فی ملک المنفعة و فیه مباحث:

أحدها: یجوز من مالک الرقبة إباحة أمته للوطء

مع استکمال الشروط و الإجماع منعقد علیه و النصوص متظافرة به فما نسب للمرتضی من الرکون للمنع استناد الشواذ الأخبار ضعیف جداً و هل هو عقد النکاح لأن الأصل فی التحلیل الوطء هو النکاح أو تملیک منفعة لخروجه عن الفاظ النکاح و عدم فکه بالطلاق إن کان علی جهة الدوام و عدم لزوم ذکر المهر أن کان مؤجلًا لیکون متعة و الاخیر أقوی و یمکن کونه أمراً ثالثاً بین الزوجیة و ملک الیمین نطقت به الأخبار و فتاوی الأصحاب إن لم ینعقد الإجماع علی خلاف ذلک و یقرب من النص فی الأخبار أنه تحلیل لاشتمالها علی صیغتها فیکون عقداً تحلیلیاً جاء به الدلیل و یمکن إدخاله تحت الزوجیة فتکون زوجة غیر دائمة و لا متمتعاً بها و یجوز التحلیل مباشرة و توکیلًا و فضولًا سیما مع البناء علی أنه عقد فجواز

ص: 178

الفضولیة و علی کل حال فلا بد من القبول للاحتیاط مع الشک فی صحته بدونه لأنه إما نکاح أو هبة و تملیک و کل منهما لا بد فیه من القبول و هل یمکن و کونه تحلیلًا و إباحة بمنزلة العادیة فلا یجب فیه القبول قیل لا یمکن لخروجه حینئذٍ عن الزوجیة و ملک الیمین و فیه أنه لا یخرج عن ملک الیمین بالنسبة إلی المالک المحلل و یجوز التحلیل مباشرة و توکیلًا و فضولًا لا سیما مع البناء علی أنه عقد فجواز الفضولیة فیه أظهر و یصح للمولی تحلیل امة المولی علیه للغبطة فهو قائم مقام المالک و لا بد أن یکون المحلل کامل نافذ التصرف و إن تکون المحللة قابلة للعقد علیها بأن تکون مسلمة أو کتابیة علی ما تقدم خالیة من العدة و من زوج و من مدة استبراء و غیر ذلک من المحرمات و المحرمات.

ثانیها: یشترط لهذا التحلیل صیغة خاصة

أخذاً بالاحتیاط لأنه طریق إلی استباحة الفرج المأمور به بالاحتیاط سواء قلنا أنه نکاح او قلنا أنه تملیک نعم لو قلنا أنه من قبیل الإباحة او الإذن فی التصرف فی الملک القول بالاجتزاء بکل لفظ و مع ذلک فلعل فی إباحة الفروج زیادة علی غیرها کما رأینا فی الاذن الفجوائیة و شبهها و ما ورد فی الخبر یا محمد خذ هذه الجاریة تخدمک و تصیب فاذا خرجت فارددها الینا غیر دال علی الاکتفاء بتحلیلها بذلک القول و المتیقن من الصیغ احللت لک وطء فلانة أو جعلتک فی حل من وطئها و الصیغة الأولی محل وفاق و الثانیة من المعهود عرفاً و مما یدخل فی الأخبار و یمکن إلحاق جمیع ما اشتق من التحلیل بهما سواء کان جملة اسمیة أو فعلیة مضارعیة کیحل لک أو أحلل لک و ذلک لاشتمال الأخبار جملة علی لفظ أحل له و أحللت له و أحل لی و فرج جاریتی لک حلال و غیر ذلک فیفهم منها ان المقصود نفس المادة الصریحة و لا اعتبار بنفس الصیغة و لکن الاحوط الاقتصار علی الصیغة الماضویة الصریحة کسائر العقود اللازمة سیما صیغ النکاح و الحق جماعة بصیغة التحلیل صیغة الإباحة کأبحت و شبهها استناداً إلی أنها بمعنی التحلیل المذکور فی الأخبار و لیس المقصود لفظه بل معناه و ألحق به آخرون الإذن و التسویة و التملیک و ما دل علی الإباحة و کله مناف للاحتیاط و مخالف للمعهود و أما لفظ فلا یصح فیها

ص: 179

للأخبار و الإجماع و الاحتیاط و لمخالفة المعهود فما نسب لبعض من القول به ساقط کما أن روایة الحسین بن العطار عن عاریة الفرج فقال لا بأس به ضعیفة سنداً و دلالة و مطرحة و یجوز أن یحلل الشریکان لثالث وطء جاریتهما و یلزم أن یعلقا التحلیل بجمیع الأمة فلو قال أحدهما أو کلاهما أحللت لک حصتی بطل علی الأظهر فإن وکلا ثالثاً کان أجود و یجوز لأحد الشریکین تحلیل الأمة المشترکة للآخر علی الأظهر کما تقدم و لا یجوز تحلیل الوطء لاثنین قطعاً و الأقوی أن بقیة الاستمتاعات کذلک لعدم شمول دلیل التحلیل لمثل ذلک و یجوز تحلیل الوطء و تحلیل غیره من المنافع و لا تدخل الخدمة تحت التحلیل بوجه من الوجوه و یجوز تحلیل المنافع الاستمتاعیة لواحد لا لاکثر علی الأظهر من النص و الفتوی فلا یجوز تحلیل النظر لجماعة و لا اللمس لواحد و البظر لآخر دفعة أو تدریجاً علی الأظهر کتحلیل نظر هذا الشهر لواحد و لمس شهر الآخر لآخر و لا یجوز التحلیل المردد بین محللتین أو بین محللین له و لا المطلق و یجوز تحلیل المنفعة من دون الوطء و تحلیل الوطء دون المنافع الاستمتاعیة و تحلیل منفعة دون أخری إلا أنه إن أطلقا لم یعتد دخل الأدنی فی الأعلی فتحلیل الوطء مؤذن بدخول جمیع الاستمتاعات المتعارفة فیه و فی دخول الوطء فی الدبر إشکال و لا یدخل، یدخل الاعلی فی الأدنی کما لا یدخل المساوی و یدخل کلما توقف المحلل علی استعماله و إن أحل نکاحاً مکاناً خاصاً اختص به أو أحل کیفیة خاصة فکذلک و فی الخبر فیمن أحل لاخیه ما دون الفرج أله أن یفتضها قال لا لیس له إلا ما أحل له منها و فی آخر إذا أحل الرجل من جاریته قبله لم یحل له غیرها و إن أحل له ما دون الفرج لم یحل له غیره و إن أحل له الفرج حل جمیعها إلا مع النهی عن فرد خاص.

ثالثها: ورد فی الخبر إذا أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها قال لا ینبغی له ذلک

قلت فإن فعل یکون زانیاً؟ قال لا و لکن یکون خائناً و یغرم لصاحبها عشر قیمتها إن کانت بکرا و إن لم تکن بکراً فنصف عشر قیمتها و الظاهر أن المراد بالتقویم تقویمها حین الوطء و المراد بالبکر هی التی لم توطأ و إن ذهبت بکارتها بنزو أو حرقوص و المراد الأعم من الوطء قبلًا أو دبراً أو المراد تمام الحشفة و لو افتض

ص: 180

البکارة فالظاهر دخول الأرش فی العشر لعدم البیان مع احتمال العدم للأصل و لمقابلة الثیب بالنصف و یحتمل من قوله خائناً إرادة الزیادة علی الزانی لکونه خان الأمانة و الأظهر إرادة أنه أسهل فی المعذوریة لأن بعض أفعاله حلال أو لأن من طاف حول الحمی أو شک أن یدخل فیه فکان المالک قهره علی ذلک بالإذن بمقدماته و الظاهر أن ثبوت العقر مع الجهل و العلم من الواطئ و الجهل و العلم منها عملًا بالإطلاق و حمله علی حالة جهلها بعید نعم مع علمه یکون أولادها رقا للمولی و مع الجهل أحرار یجب علیه دفع قیمتهم له و ولد المحللة حر لو کان التحلیل لحر إلا مع الشرط فیملک علی قول و الاقوی أنه لا یملک و إن اشتراطه فاسد مفسد و لو وطأ المشروط علیه جری حکم الواطئ بالعقد الفاسد علماً و جهلًا و ذهب الشیخ (رحمه الله) إلی رقیة الولد علی الإطلاق إلا إذا اشترط الأب الحریة و إن علی الأب فک الولد من الرقیة للخبرین فی أحدهما أن الولد لمولی الجاریة إلا أن یشترط أبوه الحریة و إن کان له مال اشتراه بالقیمة و فی آخر فیمن قالت لرجل فرج جاریتی لک حلال فوطأها فولدت ولداً قال یقوم الولد علیه بقیمة و فی ثالث عن عاریة الفرج قال لا بأس به قلت فإن کان منه ولد قال لصاحب الجاریة إلا أن یشترط علیه و هو ضعیف لعدم معارضة للأصل و عموم الحریة لا ما أخرج بالدلیل و خصوص خبر زرارة المنجبر بفتوی المشهور فیمن یحل لاخیه جاریته قلت فإن جاءت بولد قال لیضم إلیه ولده و یرد الجاریة إلی صاحبها قلت أنه لم یأذن له فی ذلک قال أنه قد أذن له و هو لا یأمن أن یکون ذلک و لا یصح تحلیل المرهونة إلا بإذن المرتهن و لا المکاتبة إلا بإذنها لانقطاع السلطنة عنها و لا المبعضة لمکان الحریة و لو أحلت نفسها للأصل و النص و الاحتیاط.

رابعها: یصح للسید تحلیل أمته لعبده و عبد غیره

سواء قلنا أن العبد یملک أولًا و سواء قلنا أن التحلیل عقد أو تملیک منفعة لأن الملک فیه علی حال لیس علی حد المملکات التی لا یقدر علیها العبد و التی قد نفاها الکتاب و السنة بل هو من باب ملک الانتفاع بالبضع المقدور للحر و المملوک و فی عموم أخبار التحلیل و خصوص روایة فضیل مولی راشد الدالة علی الجواز کفایة فی الاستدلال فالقول بالمنع استناداً إلی أن

ص: 181

العبد لا یملک و التحلیل تملیک و إلی روایة علی بن یقطین النافیة للحل عن وطئ المملوک جاریة مولاه بالتحلیل و الأول عرفت ضعفه و الثانی أقرب محامله التقیة لأن العامة لا یرون ذلک.

خاتمة: یکره وطء الأمة الفاجرة و المولودة من الزنا

و للسید استخدام أمته المزوجة نهاراً و علیه دفعها لیلًا للزوج للجمع بین حقیهما و لو أراد زوجها إخراجها إلی منزلة لیلًا ففی لزوم إجابته وجهان و لا یستبعد الوجوب و لو توقف استمتاع الزوج علیه فیحرم علی المالک منعها من الخروج من منزله إلی منزل الزوج و یجب علی الزوج حینئذٍ إرجاعها نهاراً و یجب علی الزوج نصف النفقة لتمکنه منها نصف الزمان و یحتمل أنه لا یجب علیها شی ء ما لم یدفعها المولی إلیه لیلًا و نهاراً و الأول أقرب و لا یبعد إلزام المولی بتسلیمها للزوج لیلًا و نهاراً إذا لم یکن للمولی حاجة فی استخدامها و الانتفاع بها و للمولی السفر بها فتسقط نفقتها حینئذٍ عن الزوج و لو قتل السید الأمة المزوجة قبل الدخول ففی سقوط المهر قوة و إن کان الاقرب التزام الزوج به.

القول فی أحکام العیوب: و فیه مباحث:

أحدها: الجنون عیب مشترک بین الرجل و المرأة

یرد کل منهما به الآخر مع الجهل به سواء حصل فی الرجل قبل العقد کما إذا کان أدواریاً فعقد حال الإفاقة أو مطبقاً عقد له ولی له علی زوجته أو حال العقد أو بعده و سواء کان قبل الدخول أو بعده و إذا حصل فی الامرأة قبل العقد و ما کان بعده فالاظهر عدم جاز الفسخ به للأصل و لجواز الطلاق من الزوج الرافع للضرر الحاصل من الجنون بخلاف الامرأة فإنه لو لم یثبت لها الخیار مطلقاً لحقها الضرر به مطلقاً و خبر علی بن حمزة صریح فی ثبوت الخیار للمرأة عند حدوث الجنون بعد التزویج و فرق بعض الفقهاء بین الجنون الذی یعرف صاحبه معه أوقات الصلاة فلا یوجب الفسخ مطلقاً و بین من لا یعرف فاوجب به الفسخ مطلقاً و فرق آخرون فی ذلک فی خصوص المتجدد بعد العقد بین من لا یعرف فاثبت به الفسخ و بین من یعرف فلا یثبت به الفسخ مطلقاً و أما ما کان قبل العقد فاثبت به الفسخ مطلقاً و التفرقة فی المتجدد بعد العقد بین معرفة أوقات الصلاة

ص: 182

و عدمها دلت علیها روایة الفقیه الرضوی و روایة أخری ضعیفة مرسلة و أفتی بها جمع من القدماء و مع ذلک فهما لا یعارضان ما تقدم و کأنهما مبنیان علی أن من یعرف أوقات صلاته یشک فی جنونه و التحقیق أن معرفة وقت الصلاة و تمیز أوقاتها سواء عمل بها أم لا لیس مدخلیة فی تحقیق معنی الجنون عرفاً فی فرض او نفل فرب عارف بوقت الصلاة عامل لها فیه مجنون و رب ما لیس بمجنون غیر عارف و کم للمجنون من معرفة لم یتیسر حصولها لا عقل العقلاء و کم للعاقل من جهل لا یرضی به المجنون و الجنون فنون و لا اعتبار بمجرد ستر العقل فکم من ستر عقله لمرض أو خوف أو فرج أو هم أو سکر و هو عاقل و کم من ستر عقله لبعض الآفات الباطنیة کبعض أصناف الصرع و سمی مجنوناً و کم من خلط فی الأمور وسمی سفیهاً لا مجنوناً و کم من خلط فی الکلام و الضحک وسمی خبلًا لا جنوناً و کم من خلط فی شی ء مما ذکرنا أدنی من ذلک وسمی عرفاً مجنوناً فالأمر یدور مدار العرف حینئذٍ حتی أن الحکماء لا دخل لهم بمعرفته إلا فیما یتعلق فی المزاج و العلاج ثمّ إن کون الجنون قسمان عارف بوقت الصلاة و غیر عارف و کل له حکم لا دلیل یستند إلیه سوی روایة الفقه الرضوی و هی ضعیفة لا تصلح للاستناد إلیها فی الفرق و الأظهر الأشهر عدم افتقار الفسخ فی المتجدد بعد العقد إلی الطلاق من الولی لإطلاق الروایة و الفتوی.

ثانیها: الخصاء مع الجهل به

و هو سلُّ الانثیین کما هو المذکور فی کتب اللغة و المفهوم و الحق به الوجاء و هو رضهما قیل لأنه بمعناه و لإطلاق الخصا علیه عرفاً و الأخبار الواردة فی ثبوت الخیار معه إذا کان قبل الدخول متکثرة متظافرة و إنه مع فسخ المرأة یوجع ظهره و یؤخذ منه المهر کلًا إذا کان بعد الدخول و إذا کان قبله یؤخذ منه النصف و حینئذٍ فإنکار ثبوت الخیار به مع مورد هذه الأخبار و فتوی المشهور ضعیف لا یلتفت الیه و لا یعول علیه و لا یثبت مع الخصا الواقع بعد العقد و الدخول خیار للأصل السالم عن المعارض و کذا الواقع بین العقد و الدخول علی الأظهر لانصراف الأخبار إلی الواقع قبل العقد لأنه الذی یقع التدلیس و یستحق به وجع ظهره

ص: 183

و الاحتیاط لا ینبغی أن یترک لإمکان الحکم بشمول جملة منها لما کان قبل الدخول سواء کان قبل العقد أو بعده

ثالثها: مما یثبت به الفسخ للمرأة العنن الحاصل قبل الدخول

مع جهل المرأة به بالنص و الإجماع و النصوص کثیرة سواء وقع قبل العقد أو بعده و هو مرض یعجز معه الرجل عن الإیلاج لضعف الذکر عن الانتشار و قد یقع من الخوف و من السحر و قد یقع من الإعراض عن النساء و عدم المیل إلیهن و من الکبر و من غیرهما و قد یکون اصلیاً و عارضیاً و شرطه أن لا یختص بامرأة دون أخری فلو قوی و لو علی امرأة واحدة أو علی الوطء من الدبر انتفی حکم الخیار اقتصاراً علی المتیقن و کذا لو قدر علی إدخال الحشفة دون غیرها و لو تجدد بعد الدخول سقط حکمه علی الأظهر للأخبار الدالة علی أنه إذا وقع علیها مرة ثمّ أعرض عنها مرة فلیس له الخیار و إنها ابتلیت فلتصبر و للأصل و الاحتیاط و قیل بثبوته مطلقاً اخذاً بإطلاق بعض الأخبار و نقل علیه الإجماع بن زهرة و یؤیده نفی الضرار و الجمیع ضعیف لأن الخاص مقدم علی العام و الإجماع لم یثبت و الاحتیاط مطلوب و لو کان ینتشر قبل الوقاع و یضعف عنده فالاظهر أنه عنن و لا اعتبار بإدخال ذکره باصبع و نحوه و لا ینافی العنن و إن مترتب علیه حکم الدخول و لو أمکنه اللواط و لم یمکنه النساء فلا یبعد أیضاً أنه یحکم علیه بالعنن مع احتمال العدم و لا بد لزوجة العنین من انتظارها سنة و لو قطع به ذلک لاحتمال علاجه و زواله فلها الفسخ بعد السنة فوراً و لو رضیت به آناً واحداً لزم علیها و لا یجوز لها العدول للأصل و الأخبار و فتوی الأصحاب و هل یجب علیها الرجوع إلی الحاکم و انتظارها من بعد ذلک سنة أما الرجوع فلا یخلو من إشکال إلا أن یکون إجماعیاً و أما الانتظار بعده إذا أجله الحاکم إلی سنة ففی الأخبار ما یدل علیه.

رابعها: مما یثبت به الفسخ للمرأة الجب

و هو أن لا یبقی للرجل من ذکره ما یولج به خلقة أو عارضاً و لو بقی شیئاً قلیلًا مستهلکاً فلا عبرة به و قدره بعضهم ببقاء أقل من الحشفة لدوران الاحکام مدارها و لا یخلو من إشکال و الجب الواقع قبل العقد مثبت للخیار لمکان الضرار و لأولویته من العنن و للإجماع المنقول و لإطلاق بعض الأخبار فی

ص: 184

ثبوت الخیار لمن لا یقدر علی النساء الشامل له و یلحق به الواقع ما بین العقد و الوطء لتساویهما فی دلیل الحکم و أما المتجدد بعد الوطء فلا حکم له و لا یثبت به الخیار للأصل و قیل بثبوته مطلقاً و هو ضعیف.

خامسها: یثبت للمرأة خیار الفسخ فی الجذام الکائن قبل العقد

و کذا یثبت للرجل بالنسبة إلی المرأة لخبر الحلبی فی رجل تزوج إلی قوم فإذا امرأته عوراء و لم یتنبئوا له قال لا ترد إنما یرد النکاح من البرص و الجذام و الجنون و العقل لمکان الضرار الحاصل من العدوة و لقوله (علیه السلام) فر من المجذوم فرارک من الأسد و الحدیث عام للمرأة و الرجل و قیل باختصاصه بالمرأة لأن الروایة مسوقة لبیان حکمها و هو بعید و قد یقال أنه لو ثبت ذلک فی المرأة لثبت فی الرجل بالأولیة و أما الجذام الحادث بعد العقد أو بعده و بعد الوطء فلا یبعد الحکم بثبوت الخیار به لعموم ما ذکرناه من الأدلة و لکن الاحتیاط یقضی بخلافه و الأقوی سقوط الخیار بعد الوطء بالنسبة إلی الرجل لنقل الإجماع علی سقوط خیار الرجل بالتصرف و للخبر النافی للخیار إذا وقع الرجل علیها و یلحق بالجذام البرص فی وجه قوی لمکان الروایة المتقدمة و لکن الاحتیاط یقضی بخلافه و لیس من العیوب العمی و لا العوج و لا الزنا لعدم دلیل صالح علی الجمیع و لو بان أحد الزوجین خنثی مشکل أبطل العقد کما لو بانت الامرأة رجلًا و الرجل امرأة و لو ظهر حالها فبان الزوج رجلًا أو الزوجة امرأة لم یکن لهما الخیار للأصل عدم دلیل صالح علی ثبوته سوی ما تخیل من النفرة الحاصلة من زیادة الخلقة و من النقص الحادث من سوء الاسم و هما لا یصلحان لإثبات الخیار.

سادسها: مما یثبت به خیار الفسخ للرجل بالنسبة إلی المرأة الجنون و الجذام و البرص الواقعات قبل العقد أو بعده قبل الوطء

و أما ما کان بعده فالظاهر سقوطه کسقوط الخیار بالتصرف و یثبت الجذام بشهادة أهل الخبرة به من الأطباء العارفین أو الحذّاق الماهرین و کذا یثبت الخیار.

سابعها: مما یثبت به خیار الفسخ للرجل سواء وقع قبل العقد أو بعده قبل الوطء اللحم النابت فی الفرج أو العظم النابت فیه

مانع من الوطء أصلًا للإجماع و الأخبار

ص: 185

و قد سمی الأول بالفعل و الثانی بالقرن و قد یسمی کل منهما بالقرن کما أنه قد یسمی کل منهما بالفعل و فی الأخبار أن القرن هو القفل و یلحق بهما الرتق و هو ما انسد فرجها و لا یمکن إدخال الذکر منه لظاهر التعلیل فی الأخبار المثبتة للفسخ أنه من جهة عدم قدرة الزوج علی مجامعتها و عدم إمکان حملها و لو أمکن إدخال ذکر فیه لصغره غیره ذکر زوجها فلا یبعد سقوط الخیار مع احتمال دوران الأمر مدار الخلقة المتوسطة و لو أمکن بشقه و رضیت بالشق احتمل سقوط الخیار لاندفاع الضرر و احتمل بقاؤه و کذا القرن و الفعل لو أمکن إزالتهما أحتمل سقوط الخیار و احتمل بقاؤه أخذاً بالإطلاق و لا یجوز إجبار الزوجة علی الشق وقص اللحم للأصل و لأنه لم یقم دلیل علی جوازه فإن امتنعت فلا شک فی ثبوت الخیار و هل الأمر یدور مدار عدم إمکان الوطء فقط أو یثبت مع عسره علی الواطئ و عدم حصوله إلا بکد و تعب وجهان و یظهر من بعض الأخبار الأول و هو الموافق للاحتیاط و یظهر من بعضها الثانی و هو الموافق لقواعد الخیار و رفع الضرار ففی الصحیح فی الرجل تزوج امرأة من ولیها فوجد فیها عیباً بعد ما دخل بها فقال إذا دلست العفلاء نفسها و فی آخر فی القرناء فإن کان قد دخل بها قال إن کان علم بذلک قبل أن ینکحها یعنی المجامعة ثمّ جامعها فقد رضی بها و إن لم یعلم إلا من بعد ما جامعها فإن شاء بعد امسک و إن شاء طلق و حمل الدخول علی الخلوة أو علی إرادته أو علی غیر الفرج بعید و لو لم یکن الجماع عسر فهل القرن و العفل عیب بمجرده لإطلاق جملة من الأخبار و لحصول النفرة به أم لا للاحتیاط و لمکان التعلیل الظاهر فی بعض الأخبار وجهان و الأقوی الأخیر إذا حصل القرن بعد الوطء فلا خیار علی الأظهر و لیست هذه العیوب مما تسقط بالوطء مع الجهل بها و سبقها لأنها لیست علی حد خیار العیب فی البیع و للأخبار الدالة علی ثبوت الخیار بعد الدخول و ما دل علی سقوطه محمول علی الوطء مع العلم أو الرضی بالعیب.

ثامنها: الإفضاء مما یثبت به للرجل خیار الفسخ

لصحیح أبی عبیدة الناص علی أنها ترد علی أهلها من غیر طلاق و علیه الفتوی و الإفضاء هو ذهاب الحاجز ما بین

ص: 186

مخرج البول و الحیض و الأقوی تسریته لذهاب الحاجز ما بین مسلک الحیض و الغائط للأولویة.

تاسعها: مما یثبت به الخیار للرجل العمی

و هو ذهاب نور العینین أصلًا للصحیح الدال علی ذلک و للإجماع المنقول و قیل بالعدم للاحتیاط و للأصل و للأخبار الصحیحة الحاصرة للخیار فی غیره کما تقدم و یجی ء إن شاء الله تعالی و فیه أن مفهوم الحصر لا یعارض منطوق الإثبات.

عاشرها: مما یثبت به الخیار للرجل العرج عرفاً و هو المیل إلی رجل واحدة عند المشی للصحیح الدال علی ذلک المنجبر بفتوی کثیر من أصحابنا و قیده بعضهم بالبین و لا دلیل علی تقیده إلا أن یراد به التحقق ظاهراً بحیث لا یکون خفیاً لا ینصرف إلیه الإطلاق و قد یستند لاشتراط البینونة إلی صحیح أبی عبیدة و فیه و من کان بها زمانه ظاهره فإنها ترد عرفاً علی أهلها من غیر طلاق بناء علی أن العرج من الزمانة و فیه أن العرج مهما ثبت عرفاً و سمی صاحبه به کان من الزمانة الظاهرة علی أنه قد یمنع من إرادة العرج من لفظ الزمانة فتکون أمراً آخر موجب للخیار و زاد بعضهم فاشترط فی ثبوت الخیار فی العرج الإقعاد للأصل و الاحتیاط و لأنه المتیقن من الزمانة الظاهرة و ضعفه ظاهر لأن المقعد غیر الأعرج نعم یثبت به الخیار للأولویة و لأنه من الزمانة الظاهرة و علی ما ذکرناه فالظاهر ثبوت الخیار بل بکل ما یسمی عرفاً بالزمانة الظاهرة من الإعراض و الامراض الثابتة إذا کانت قبل العقد أو ما بینه و بین الوطء و أنکر بعضهم ثبوت الخیار فی العرج للأصل و للصحیح الخاص فی غیره و هو ضعیف لمعارضة بالأخبار و فتوی الأصحاب.

حادی عشرها: لا یثبت الخیار للرجل بالزنا مرة أو مرات و لا یثبت بالمحدودة مرة أو مرات

خلافا لبعض اصحابنا لمکان العار و للخبر فیمن تزوج امرأة فعلم أنها زنت قال إن شاء زوجها أخذ الصداق ممن زوجها و لها الصداق بما استحل من فرجها و إن شاء ترکها و هو ضعیف لعدم ثبوت کون العار عیباً موجباً للفسخ و عدم صراحة للخبر بثبوت الخیار و لخبر رفاعة النافی للخیار عن المحدودة و المحددة.

ص: 187

ثانی عشرها: یثبت الخیار عند العلم بالعیب

و یسقط عند التراخی بالفسخ لأصالة اللزوم خرج زمن الفوریة و یبقی الباقی و یستثنی من ذلک ما لو کان العیب مما یحتاج إلی إثبات عند الحاکم فالاظهر جواز تأخیر الفسخ إلی الإثبات مع احتمال لزوم البدار قبل الإثبات و لو کان التراخی لعذر کالجهل بالخیار فلا سقوط و فی الجهل بالفوریة وجهان و لا یفتقر الفسخ إلی الرجوع إلی الحاکم و لا یحتسب من أفراد الطلاق و لا ینصف به المهر قبل الدخول إلا فی فسخ العنین للدلیل الدال علی ذلک بل أن کان الفسخ قبل الدخول منها فیما عدا العنن فلا حق لها علیه و إن کان منه فهو جاء بسببها فلا تستحق شیئاً و یدل علیه الصحیح قال إن لم یکن دخل بها فلا عدة و لا مهر و التنصیف فی زوجة العنین لمکان الاطلاع علیها و التکشف علیه و العمدة ورود الدلیل.

ثالث عشرها: ظاهر الأصحاب أن زوجة العنین لیس لها الفسخ قبل الرجوع إلی الحاکم

فیؤجلها سنة و بعد ذلک یکون الفسخ إلیها و مقتضی کلامهم أن الرجوع إلی الحاکم تعبدی حتی لو تسالما علیه و قطعا به لم یکن لها الفسخ ابتداء و لا الانتظار به لنفسها إلی سنة ثمّ أنها تنفسخ بعد ذلک بل لو قطعا بعدم براءة لم یکن لها الاستبداد بذلک و فی کلامهم بحث و فی کثیر منه إشکال سیما فیما لم یوجد هناک حاکم أو وجد و امتنع من ضرب الأجل و الموجود فی الأخبار منه ما یدل علی أن التأجیل یکون من حین المرافعة إلی الحاکم و ظاهرها أنهما لو ترافعا کان علی الحاکم تأجیله سنة و لا دلالة فیها علی لزوم المرافعة مطلقاً و منه ما یدل علی لزوم انتظاره سنة و لزوم تأجیله سنة و ظاهره أن ذلک من الزوجة و إنه لاحتمال براءة فیکفی انتظار الزوجة سنة عن الرجوع إلی الحاکم و یکفی القطع بعدم البرء عن الانتظار و الأظهر فی المقام أنه لو وقع التداعی لزم الرجوع إلی الحاکم و کان التأجیل بیده و إلا فإن احتملا البرء کان علیها الانتظار سنة لنفسها ثمّ الفسخ و إن قطعا بعدم البرء کان لها الفسخ من دون انتظار و إن فقد الحاکم عند النزاع أو امتنع کان علیها الرجوع إلی عدول المسلمین فإن فقدوا لم یلزمها المرافعة و کان لها الاستبداد هذا کله إن لم یقم إجماع علی خلاف ما ذکرنا

ص: 188

و ذهب بعض اصحابنا إلی توقف الفسخ فی جمیع العیوب علی الحاکم و هو ضعیف لمخالفته لجمیع الأخبار الحاکمة بان الفسخ للزوجة من غیر توقیف علی أمر آخر.

رابع عشرها: لو فسخ الزوج بعد الدخول لزمه المهر أجمع

فإن لم یکن هناک مدلس من الزوجة أو غیرها لم یکن له الرجوع علی أحد بالمهر المدفوع کما إذا کانت الزوجة جاهلة به و کان خفیاً و إن کان هناک مدلس غیرها کان للزوج الرجوع علیه بالمهر کملًا لورود الأخبار بذلک تعبداً و لو کانت هی المدلسة رجع علیها إن دفع المهر إلیها و إلا لم یدفع إلیها شیئاً و قیل لا بد من إبقاء شی ء من المهر لها لئلا یلزم خلوها عن المهر أصلًا و قیل لا بد من إبقاء مهر أمثالها و لا دلیل علیهما و یدل علی أصل الحکم الأخبار المتکثرة و فیها الصحیح و فیها الحسن و فیها المعتبر و هی منجبرة بفتوی الأصحاب کروایة رفاعة و قوله (علیه السلام) فیها قضی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی امراة زوجها ولیها و هو یرضی أن لها المهر بما استحل من فرجها و إن المهر علی الذی زوجها و إنما صار المهر علیه لأنه دلسها و لو أن رجلًا تزوج امرأة قد زوجها رجل لا یعرف دخیلة أمرها لم یکن علیه شی ء و کان المهر یأخذه منها و غیرها من الروایات و نقل عن الشیخ (رحمه الله) أن الزوج لو فسخ بعیب کان قبل العقد أو بعده قبل الدخول لم تستحق الزوجة المسمی کما تستحقه لو فسح بالعیب المتأخر عن الدخول بل لها فی الأولین مهر أمثالها و کأنه مبنی علی عدم الحکم بصحة العقد قبل الدخول فإذا وقع الفسخ قبله تبین فساده من أصله و هذا عندنا ضعیف لعدم توقف صحة العقد علی الدخول فالفسخ الواقع قبل الوطء فسخاً من حینه علی کل حال و لذا لا یرجع الزوج بالنفقة علی الزوجة لو فسخ قبله.

خامس عشرها: الدخول مع الجهل بالعیب لا یسقط الرد بالعیب السابق

علیه لإطلاق الأخبار و فتاوی الأصحاب و ما دل من الأخبار علی السقوط به محمول علی وقوعه حاله العلم أو علی وقوع العیب بعده.

سادس عشرها: یظهر من بعض الأخبار ثبوت المهر کملًا علی الخصی مع الخلوة

و لکنها محمولة علی الدخول بها للأخبار الأخر المفصلة و یلزم حمل المجمل علی

ص: 189

المفصّل و یظهر منها أیضاً أنه یعزر و یوجع ظهره لو دخل بها و یؤخذ منه المهر و إن التعزیر بما یراه الحاکم و إنه لمکان التدلیس و الاخذ بها لا بأس به لعدم حصول المعارض لها.

سابع عشرها: ثبت العنة بإقرار الزوج و بنکوله عن الیمین

مع الیمین المردودة و بدونها و بالیمین المردودة علی الزوجة سواء کانت الیمین المردودة بمنزلة الإقرار أو بمنزلة البینة لقبول البینة فی ذلک علی الاظهر و بالبینة إن أمکن اطلاع الرجال علیه و لا یثبت شهادة النساء و أنکر بعضهم ثبوتها بالبینة لعدم إمکانه فلا تسمع البینة و فیه نظر ظاهر لإمکان الاطلاع و إن کان قل ما یحصل اطلاع الرجال علیه و إمکان اطلاع نسائه التی قد فسخن قبل ذلک علیه و نقل عن الصدوق لمعرفة العنین أنه یوضع ذکره فی الماء البارد فإن تقلص فلیس کذلک و إن استرخی فهو عنین و نقل أن فیه روایة مرسلة و فی روایة أخری أنه یطعم السمک الطری ثلاثة أیام ثمّ یبول علی الرماد فإذا ثقب بوله الرماد فلیس بعنین و إن لم یثقب فهو عنین و الروایتان ضعیفتان فالرجوع إلیهما مشکل.

ثامن عشرها: لا یجوز الفسخ بالعنن المتأخر عن الدخول

للأصل و الاحتیاط و الأخبار الخاصة الدالة علی عدم جواز الفسخ بعد الوقوع علیها و ذهب جمع من المتقدمین و المتأخرین إلی جواز الفسخ مطلقاً أخذاً بإطلاق الأخبار الصحیحة المجوزة للفسخ علی وجه الإطلاق و کأنهم بنوا علی عدم قابلیتها للتخصیص بالاخبار الخاصة لضعفها و هو ممنوع لاعتبار الأخبار و انجبارها بفتوی الأصحاب.

تاسع عشرها: للولی الفسخ من قبل الرجل و المرأة

إذا رأی فی الفسخ مصلحة و له الإمضاء و لکنه لا یمضی علی المولی علیه بعد زوال الولایة و للولی تولی المرافعة إلی الحاکم فیؤجله سنة ثمّ یفسخ بعدها و الاقرب أن الفسخ عن الصغیرة لو کان زوجها مجنوناً أو مجذوماً و له الفسخ عن الصغیر لو کانت زوجته قرناء أو عفلاء أو مجنونة أو غیر ذلک.

ص: 190

العشرون: لو ادعی الزوج بعد الإقرار بالعنن أو ثبوته وطء زوجته

قبلًا أو دبراً أو وطء غیرها کذلک فأنکرت الزوجة کان بمقتضی القواعد أن القول قولها بیمینها فی وطء نفسها و القول قوله بیمینه فی وطء غیرها لأنه لا یعلم إلا من قبله و إن کان الأصل عدمه و قد یمکن تحلیفها علی نفی وطء غیرها إذا کان محصوراً و کان بمنزلة الفعل العائد إلیها و کذا لو ادعی وطأها فی غیر مقام و دعوی العنن فإنه بمقتضی القواعد یکون القول قولها بیمینها إذا أنکرته و لکن الأصحاب هنا حکموا بتقدیم قول الزوج فی جمیع ذلک قالوا لأنه أمر لا یعلم إلا من قبله فالقول قوله فیه و لأنه بعد ثبوت العنة لو ادعی الوطء کان بمنزلة إنکارها لأن ثبوت العنة هنا بمعنی ثبوت العجز لا العنة الموجبة للفسخ لأنها لا تکون إلا تعبد بعد السنة و لإطلاق الصحیح عن أبی جعفر (علیه السلام) إذا تزوج الرجل المرأة الثیب التی قد تزوجت زوجاً غیره فزعمت أنه لم یقر بها منذ دخل بها فإن القول فی ذلک قول الرجل فیحلف بالله لقد جامعها لأنها المدعیة و إن تزوجها و هی بکر فزعمت أنه لم یصل إلیها فإن مثل هذا تعرفه النساء فلتنظر إلیها من یوثق بهن فإذا ذکرت أنها عذراء فعلی الإمام (علیه السلام) أن یؤجله سنة فإن وصل إلیها و إلا فرق بینهما و أعطیت نصف الصداق و لا عدة علیها و إطلاقه شامل لجمیع ما ذکرناه و صرح جمع من فحول القدماء أن دعوی الزوج الوطء إن کان علی البکر رجع فیه إلی شهادة النساء فی ذهاب البکارة و عدمها و إن کان علی الثیب حتی قلبها خلوقاً و هو شی ء فیه ذی لون کالزعفران و لم یعلم به الرجل و أمر الرجل بوطئها فإن خرج و علی ذکره الخلوق صدق و إلا صدقت و ذکر الخلاف أن علی هذا إجماع الفرقة و أخبارهم و الموجود فی الأخبار روایة الخلوق و روایة أخری عن علی (علیه السلام) فیها الاستذفار بالزعفران ثمّ یغسل ذکره فإن خرج الماء أصفر صدقه و إلا أمره بطلاقها و الروایتان ضعیفتان و الإجماع موهون بمعارضته بما علیه الاکثر و حینئذ فالاعتماد علی مثل ذلک مشکل و لو شهدن النساء بثبوت البکارة فادعی عودها لم تسمع دعواه و کان القول قول المرأة و لو ادعی وطأها دبراً سمع قوله بیمینه فی دفع دعوی العنن

ص: 191

و إن لم یسمع فی ترتب أحکام أخر

القول فی التدلیس و هو مثبت للخیار فی الجملة

اشارة

إجماعاً و أکمل معاینة هو إظهار صفات الکمال و إخفاء صفات النقص و من صفات الکمال السلامة من العیوب و من صفات النقص الاتصاف بالعیب و قد تکون صفة النقص لیست عیباً کالصفات الردیئة و قد یکون العیب من صفات الکمال بمعنی المرغوبة للطالب کالخصی و قد یقال التدلیس لیس علی مجرد إظهار صفة الکمال فیتبین عدم وجودها أو علی مجرد إخفاء صفة النقص فیتبین وجودها و التدلیس یکون بالقول و یکون بالفعل و یکون بالوقت کبیع الردی ء فی الظلمة و لا بد فیه من القصد و قد یقع من غیر قصد فیشارکه فی الحکم دون الاسم أو فیهما فی بعض الوجوه و لا تدلیس بمجرد الإقدام علی أصالة الصحة أو علی أصالة عدم النقص و عدم إخبار الزوجة أو بمن حکمها له و کذا لا تدلیس بإشاعة صفة الکمال من دون إخبار الزوج أو إظهاره لدیه أو لدی من بحکمه و المدلس قد یکون أحد الزوجین و قد یکون ولیهما و قد یکون وکیلهما أو السفیر بینهما کما فی الأخبار و قد یشترط عدم صفة النقص أو تشترط صفة الکمال فیوجب فواتهما الخیار من جهة فوات الشرط و من جهة التدلیس

و هنا مباحث

أحدها: لو تزوجت الحرة عبداً کلًا أو بعضاً دلس نفسه أو دلسه مولاه أو أجنبی فإن وقع العقد بإذن المولی أو بإجازته کان العقد صحیحاً

و کان للحرة الخیار کما هو المذکور فی الأخبار فإن فسخت قبل الدخول فلا شی ء لها و إن فسخت بعده کان لها المسمی فی ذمة المولی مع الإذن أو الإجازة علی الاظهر و إن وقع العقد من غیر إذن و لا إجازة سقط المهر إلا أن یدخل بها فلها مهر أمثالها یتبع به بعد العتق و لو کان بعضه حراً أو بعضه رقاً أخذت منه المهر علی نسبة الرقیة و لو دلسه المولی أو أجنبی کان المهر علی المدلس و لا یتفاوت الحال فی التدلیس بین اشتراط الحریة علیه و بین الإقدام علیها علی ظاهر الحال من حریته و بین أخباره لها به لإطلاق الأخبار و لشمول العلاوة المذکورة فیها للشرط و غیره و لفحوی ما دل علی الخیار فی الأمة به نعم لو لم یخبرها

ص: 192

بالحریة و لا کان علیه ظاهر حال منها لم یکن لها حینئذٍ خیار و کذا لو تزوجته لمجرد أصالة الحریة.

ثانیها: لو تزوج امرأة بشرط البکارة أو اخبرته بها فتزوجها علی ذلک فتبینت أنها ثیب قبل العقد کان له الخیار

لفوات الشرط فی الأول و لفوات صفة الکمال فیهما و قیل لا خیار له للأصل و الاحتیاط و لأن الثیبوبة لیست عیباً و الأقوی ثبوته قضی لدلیل الشروط فإن فسخ قبل الدخول فلا شی ء لها و إن فسخ بعده رجع علیها بالمهر و استثنی لها منه شیئاً مما یتمول لئلا یخلو البضع المحترم عن المهر هذا إن کانت هی المدلسة و إلا رجع علی المدلس و لو کان غیرها هو المدلس و إن اختار الإمضاء أو قلنا لا خیار له فهل له أن ینقص من مهرها شی ء أولًا.

قیل: بالثانی للأصل.

و قیل: بأنه ینقص منه شی ء و فی الجملة و هو ما یصدق علیه لفظ شی ء للصحیح الدال علی أنه ینقص و لم یبین فیه القدر فالمتیقن من الضمیر المستتر فیه أنه شی ء و هو صادق علی کل ما یتمول فی الجملة و قیل السدس لأن المشهور فی الوصیة السدس و هو ضعیف لعدم ذکر لفظ الشی ء أولًا و إمکان تقدیر غیره مما یشابهه و لاختصاص تفسیره بالسدس بالوصیة للدلیل فلا یسری لغیره.

و قیل: بأنه ینقص بمقدار نسبة ما بین مهر البکر و الثیب لأن الفائت علیه ذلک و فیه أنه لیس من العیوب الموجبة للأرش المتوقفة علی ذلک التقدیر و الأصل عدم ذلک المقدر.

و قیل: ینقص بما یراه الحاکم لأن الشارع قد أبهمه فتقدیره مثار الفتنة و النزاع و الخصومة و قطع ذلک من وظائف الحاکم و الأقوی بحسب القواعد انه لا ینقص بشی ء و الأوفق بمقتضی الروایة نقصان التفاوت ما بین البکر و الثیب لأنه الأقرب فی حمل المطلق و الاولی فی بیان المجمل لو جعلنا المقدر من المجملات و هذا کله لو ثبت سبق الثیبوبة علی العقد و لو شک فی ذلک فأصالة تأخر الحادث یقضی بعدم الحکم بتقدمها الموجب للخیار و کذا یقضی بعدم ترتب نقص المهر و یظهر من المحقق (رحمه الله) أن القول

ص: 193

بالنقص دائر مدار وجدانها ثیباً بعد اشتراط البکارة فیکون النقص المبیع قبل القبض و ربما یمکن القول بالخیار أیضاً و إن لم یعلم السبق بناء علی أن الشرط وجد أنها بکراً إلی حین الوطء و لم یثبت تحقق الشرط فلم یلزم المشروط و سیما لو صرح باشتراط ذلک أو کان المفهوم من الشرط ذلک فان ثبوت الخیار و یکون علی وفق القواعد.

ثالثها: لو تزوج امرأة بوصف الإسلام أو دلست نفسها کذلک فظهرت کافرة یصح نکاحها

فالأظهر سقوط الخیار لأن الکفر لیس من عیوب النکاح و إن شرط إسلامها فتبینت خلاف ذلک کان له الخیار لمخالفة الشرط فإن الفسخ قبل الدخول فلا شی ء لها و إن کان بعده فلها المهر و لو تزوجها بشرط کونها کتابیة و کان الشرط لغرض صحیح فبینت انها مسلمة احتمل ثبوت الخیار قضاء لدلیل الشروط و احتمل عدمه لظهور ما هو أعظم من صفات الکمال فلا یرد به و لو عقد دواماً علی کافرة فظهرت مسلمة ففی صحة العقد وجهان من مطابقة العقد للواقع و من إقدامه علی الباطل فی نظره فخیل قصده.

رابعها: کل شرط یشترطه أحد الزوجین علی الآخر من الأعمال یلتزم به المشروط علیه

و کل شرط فیشترطه من الأوصاف المعتد بها کالإسلام أو الإیمان أو العدالة أو النفقة أو العفة أو أنها و لو غیر عقیمة أو أنها غیر مریضة و لا ضعیفة و لا قذرة إلی غیر ذلک فیظهر خلافها کان للمشترط الخیار عند العلم بفوات ذلک عند العقد لعموم أدلة الشروط و إن لم یعلم فواتها عند العقد لم یکن له الخیار لاحتمال طرو الوصف المنافی و الأصل تأخر الحادث و لو شرط وصفا ردیاً لتعلق غرضه به فبان خلافه من الأوصاف الخمسة ففی ثبوت الخیار وجهان من عموم أدلة الشروط و من أن المقصد من الشرط المثبت للخیار هو التخلص من النقص و لو شرط أحدهما علی الآخر نسباً شریفاً أو قبیلة شریفة أو صنعة شریفة أو صفة شریفة کملاحة و اعتدال و حسن منطق أو غیر ذلک فبان خلافه ثبت الخیار للمشترط کل ذلک لفحوی مضمر الحلبی فی رجل تزوج امرأة فیقول أنا من بنی فلان فلا یکون کذلک قال یفسخ النکاح أو قال یرد و مفهوم خبر حماد بن عیسی أنه خطب رجل إلی قوم فقالوا ما تجارتک

ص: 194

فقال أبیع الدواب فزوجوه فإذا هو یبیع السنانیر فمضوا إلی علی (علیه السلام) فأجاز نکاحه و قال ان السنانیر دواب و لو لم تؤخذ هذه الصفات شرطاً بل کانت داعیاً للإقدام من جهة ظهور الحال أو من أخبار أحد الزوجین و من إخبار أجنبی بذلک فتبین علی خلاف ذلک لم یثبت الخیار لأصالة لزوم العقد مع عدم دلیل دال علی خلاف ذلک لم یثبت الخیار لأصالة لزوم العقد مع عدم دلیل دال علی ذلک سوی إطلاق الروایتین المتقدمتین و ظاهرهما الشرطیة بل المتیقن منهما الشرطیة لعدم صلاحیتهما لإثبات الخیار بأنفسهما لضعفهما فما تأید منهما بدلیل الشروط قبلناه و ما لم یتأید لم نقبله.

خامسها: لو تزوج العبد امرأة علی أنها حرة فظهرت أمة کلًا أو بعضاً کان له الخیار

و التساوی بینهما فی الوصف لا یسقطه فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر و إن کان بعده ثبت لها المسمی أو مهر المثل علی قول علی سیده أو فی کسبه و یرجع علی المدلس بکله أو بالزائد علی مهر المثل أو بأقل ما یتمول و یکون المرجوع به لسیده و لو أعتق قبل الفسخ احتمل الرجوع به للعبد و هو الأقرب لأن ما أعطاه المولی قد تبرع به علیه و الفاسخ یرجع بما عزمه لنفسه و هو الآن حر فهو کسائر مکاسبه کما إذا زوّج الولی ابنه الصغیر المعسر فدفع المهر ففسخ الولد بعد البلوغ فإن المهر یعود إلیه و احتمل أنه للمولی لأنه عوض عما دفعه و هو لم یدخل فی ملک العبد لیملک عوضه لأن العبد لا یملک و لتزلزل وجوب المهر علیه فإذا انفسخ رجع عوضه و هما ضعیفان ثمّ إن الغرور إن شاء من الوکیل لها أو له رجع بالجمیع علیه و إن کانت هی رجع علیها کذلک و لا یستثنی لها شی ء لأنها لا تملک شیئاً عوضا بصنعها و یتبعها فیه بعد العتق و لا یرجع إلی السید لأنه استحق المهر بوطء أمته و الرجوع إنما هو بمثل ما غرمه للمولی بذمتها و لو اشترکا فی الغرور کان الرجوع علیهما بالتنصیف علی نحو ما ذکرناه و إن کان الغار هو السید رجع علیه بجملة ما أعطاه من المهر لإطلاق الأخبار أو مع استثناء اقل ما یتمول أو مهر المثل و لو أولدها کان الولد رقا لمولاها أن کان المدلس لها سیدها أو کان إذناً بها بالتزویج مطلقاً أو بهذا العبد لأن الولد لمن لم یأذن له و العبد لم یأذن له إلا بنکاح

ص: 195

الحرة و إن لم یکن أذن لها سیدها فالولد بینهما نصفان و استشکل بعضهم فی ذلک من وجهین أحدهما أن مولی العبد ربما أذن له فی نکاح هذه المرأة بخصوصها بشرط الحریة أو لشرط أو إذن له فی النکاح مطلقاً بحیث یشمل الحرة فیکون الولد بینهما نصفین.

سادسها: أن مولی الأمة إذا أذن لها فی نکاح أی عبد أو هذا العبد و هو یعلم أنه عبد فإنه لا معنی لحرمانه من ولدها

و قد یجاب بأن إذن المولی لها بالتزویج بمن یشترط علیها الحریة أو بمن تدلس نفسها علیه إقدام علی الحرمان من ولدها و إذن المولی العبد علی نکاح المشروط علیها الحریة إذن علی وجه مخصوص فإن تبین أنه کذلک کان الولد حراً و إلا عاد إلی أصله لأنه نماء ملکه.

سابعها: إذا غرت المکاتبة الزوج فی دعوی الحریة فإن اختار الإمساک فلها المهر

لا لسیدها و إن اختار الفسخ فلا شی ء لها قبل الدخول قطعاً و کذا بعد الدخول إلا أقل ما یتمول علی قول أو مهر أمثالها علی قول آخر و لیست المکاتبة کالقن لرجوعه علی المکاتبة بما دفع إلیها من المهر لمکان غرورها و عدم جواز الرجوع إلی القن بما دفعه إلی المولی إلا أن یتبع به بعد العتق و لو کان الزوج مغروراً من قبل سیدها أو أجنبی رجع إلیه بالمهر و لو أتت بولد کان حراً إن کان الزوج حراً و إلا یسترق ولده و إن کان تزویجها بدون إذن مولاها نعم یغرم قیمته یوم سقط حیّاً و یتبع القیمة فی الاستحقاق ارش الجنایة علی ولد المکاتبة لأن ارش الجنایة قیمة لبعض المجنی علیه فإن کان المستحق له المولی کان هو المستحق للقیمة و إن کان الأم فکذلک فإن کان هو الغار أو هی لم یغرما من القیمة شیئاً و إن کان الغار غیر المستحق غرم له القیمة و رجع بها علی الغار و لو ضربها أجنبی فألقته ألزم دیة جنین لأبیه و إن کان هو الضارب فللأقرب إلیه و لا ترث الأم شیئاً لأنها أمة و علی المغرور للسید عشر قیمة أمة إن قلنا أن الإرث له و إن قلنا لأمه فلها و وجه وجوبه علیه أن الولد مضمون فلا یجب علی الجانی دیته للأب فکما یضمن له کذا یضمن للسید و قیل لا ضمان للسید لوجوب قیمته له یوم سقط حیّاً و لا قیمة للمیت و علی الضمان فإن زادت الدیة علی عشر القیمة أو ساوته فلا إشکال و إن نقصت ففی وجوب العشر کاملًا أو أقل الأمرین وجهان و لا یرجع

ص: 196

المغرور بالغرامة علی الغار إلا بعد أن یغرم القیمة أو المهر للسید أو الزوجیة لأن المتیقن من دلیل الرجوع من نص أو إجماع إنما هو بما غرم و مثله الضامن لا یرجع إلی المضمون عنه إلا بعد التأدیة و للمغرور مطالبة الغار بالتخلیص من مطالبة الامرأة أو السید لتعلق الغرض الصحیح بمطالبته.

ثامنها: لو تزوج رجلان بامرأتین فأدخلت زوجة کل واحد منهما علی الآخر لزم کل من الزوجین المسمی

و لزم کل من الواطئین مهر المثل مع الجهل و لزم إرجاع کل من الزوجین إلی زوجها و لزم اعتداد کل منهما عن وطء الشبهة و یرث کل من الزوجین الآخر لو مات کل واحد منهما و تستحق الزوجة جمیع المهر بالموت و لو لم یدخل کل ذلک للنص و الفتوی نعم فی بعض النصوص تنصیف المهر و لا نقول به و یمکن تنزیل النصف علی موت الزوجة فیکون للزوج النصف و لو اشتبهت کل من الزوجتین علی زوجها فإن کان قبل الدخول منعاً منهما و لا تکفی القرعة للاحتیاط مع احتمال جوازها و إذا منعا الزم کل واحد منهما الطلاق و لا یضر الإجبار لأنه بحق و لموافقة قوله تعالی فَإِمْسٰاکٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِیحٌ بِإِحْسٰانٍ و یحتمل جواز تولی الحاکم الطلاق بنفسه أو تولی الفسخ أو تولی المرأة بنفسها الفسخ و لکن الجمیع مخالف للاحتیاط و لا یجب علیهما الإنفاق لعدم التمکین و یتمول عند طلاقها زوجتی طالق و لا تحسب هذه الطلقة من الثلاث لو بقی علی اشتباهه فلا تزوج المطلق أحدهما بعد ذلک مع بقاء جهله فطلقها مرتین لم تحرم نعم لو تزوجهما معاً فطلقهما طلقتین حرمت إحداهما قطعاً لمکان التثلیث و حرمت الأخری للاشتباه و یلزم کل منهما نصف المهر فإن اتفق المهران جنساً و وصفاً و قدراً فلا کلام و لزم الصلح القهری إن لم یقع منهما الاختیاری أو القرعة أو دفع النصف بینهما بالسویة أن تداعیاه فحلفا أو نکلا و یبقی موقوفاً فإن یدعه أحدهما صار مجهول المالک و کذا القدر الزائد إذا لم تدّعه إحداهما فإن ادعت الزیادة احداهما و لم تدعه الأخری کان لها علی الأظهر لعدم المعارض و کذا لو ادعت أحد النصفین المعینین إحداهما و لم تدعه الأخری کان لها لانحصار الحق فیهما و عدم المعارض و تحرم کل منهما علی ابی و ابن کل منهما و کذا تحرم أم

ص: 197

کل منهما و ترث کل واحدة منهما بالقرعة ابتداء إذا وقعت علی الزوجیة أو یقرع بینهما فی المیراث فإن تداعیا میراثاً خاصاً قسم بینهما إن حلفا أو نکلا و بقی الباقی مجهول المالک أو یوقف إلی أن تدعیه إحداهما فیسترجع منهما ما أخذت من الأول

تاسعها: لو تزوج بنت مهیرة فظهرت أنها بنت أمه فإن شرط ذلک کان له الخیار

لعموم دلیل الشرط و إن لم یشترط لم یکن له علی الأظهر للأصل السالم عن المعارض و لیست بنت الأمة عیباً و لا من الصفات العائدة للاستمتاع کالبکارة و الثیبوبة فتوجب خیاراً مطلقاً و هذا بخلاف تدلیس الأمة بالحریة فإنه یوجب الخیار مطلقاً لإطلاق الأخبار و لأنه أعظم أنواع التدلیس فإن فسخ المشترط قبل الدخول فلا مهر و نقل عن الشیخ (رحمه الله) أنه لو دلسها أبوها کان علیه المهر و إن لم یدخل استناداً لروایة محمد بن مسلم و هی ضعیفة الدلالة لورودها فیمن زوج بنته بنت المهیرة فأدخل علیه بنت الأمة و مع ذلک فهی مخالفة للأصول و فتاوی الأصحاب و إن کان بعده رجع بالمهر علی المدلس فإن کانت هی المدلسة رجع إلیها إلا بأقل ما یتمول أو مهر المثل و لو خرجت بنت معتقة فوجهان من أن المعتقة مهیرة و من انصرف الإطلاق إلی حرة الأصل و لو تزوج من رجل بنته من المهیرة فأدخل علیه بنته من الأمة کان لبنت الأمة مع الجهل مهر المثل و یرجع به علی المدلس و له زوجته یأخذها متی شاء و فی بعض الأخبار الصحیحة و جنح إلی مضمونها بعض الأصحاب أن الثانیة ترد إلی أبیها و تعطی المهر الأول المسمی لزوجته الحقیقیة و یؤخذ من الأب مهر الأولی و هی ضعیفة و لا عامل علیها من یعتد فحملها علی مساواة المسمی لمهر المثل فلا یقع التفاوت علی الأب و لا بین الزوجتین هو الأولی.

عاشرها: لو شرط الحریة فی العقد أو تزوج بدعوی الحریة من الزوجة أو من ولیها أو سفیرها أو سفیره أو من مخبر له ابتداء فظهرت أمه صح العقد

إن کان بإذن المولی أو إجازته و کان الحر ممن یجوز له التزویج بالأمة لو فرض الزوج حراً و کان له الخیار فی الفسخ مع الشرط لعموم أدلة الشروط و لأخبار التدلیس و کذا لو أخبرته أو اخبره الولی أو السفیر بالحریة فتزوجها و أقدم علیها لذلک الخبر فإن له الخیار للروایات

ص: 198

الدالة علی ثبوت الخیار مع التدلیس مطلقاً من دون تقید بالشرط خلافاً لمن نفی الخیار للأصل و الاحتیاط و منع کون هذا تدلیساً و فی المنع منع ظاهر الأخبار ترده و لو کان المخبر له اجنبی لا دخل له سوی الأخبار و لم یظهر منها و لا من ولیها و لا من سفیرها تدلیس بقول أو فعل لم یکن له خیار للأصل و الاستصحاب ثمّ إذا فسخ فإن کان قبل الدخول فلا مهر و لو دفعه استرجعه فإن تلف رجع به علی المدلس و إن کان بعد الدخول فعلیه المسمی لا مهر المثل علی الأقوی و القول بالعشر و نصف العشر لروایة بن صبیح غیر بعید و یدفع المهر علی کل حال للمولی و یرجع الزوج بما غرمه من مهر و نفقة و قیمة ولد و أرش جنابة علی المدلس إن کان العقد فاسداً کما إذا وقع من دون إذن المولی و إن کان صحیحاً رجع بالمهر و بغیره فی وجه قوی فإن کانت هی المدلسة تبعث به بعد العتق فإن بقی عندها مما دفع إلیها کلا أو بعضا استعاره و تبعها فی الباقی بعد العتق و إن کان المدلس مولاها فإن تلفظ بما یقتضی العتق إن شاء الله تعالی أو

إخباراً حکم بحریتها و علی الظاهر فلو علم أنه لم یرده لا یحکم به صح العقد مع إذنها أو إجازتها و کان المهر لها و إن لم یتلفظ فالأمة رق و لا شی ء لمولاها لتدلیسه و لا لها لرقیتها و قیل أنه یستثنی من مهرها أقل ما یتمول لئلا یخلو البضع عن المهر و لا یخلو عن قوة و یساعده الاحتیاط و قیل مهر أمثالها و هو ضعیف و لو کان قد دفع لها المهر کلًا أو بعضاً و أتلفته کلًا أو بعضاً قوی القول بتضمین السید للتالف مطلقاً أو عدا ما یتمول لغروره و ضعف المباشر للإتلاف لرقیته و احتمل تعلق الضمان بکسبها إن کانت کاسبة و إلا فتتبع به بعد العتق و احتمل تعلق الضمان بها و تبع بها بعد العتق لأنها المباشرة للإتلاف و لم یأذن لها المولی فی قبض المهر و لو أذن لها فقبضته بإذنه فالوجه الأول و إن دلسها أجنبی رجع الزوج بما غرمه علیه فإن دفعه إلیها فاتلفته رجع علیه بعوضه و حکم الأمة المتبعضة حکم الامة الخالصة و بعض من المتاخرین تعدّ عن ذکر جملة من هذه الاحکام و ذکر روایة بن صبیح فی رجل تزوج امراة حرة فوجدها قد دلست قال إن کان الذی زوجها إیاه من غیر موالیها فالنکاح فاسد قلت فکیف یصنع بالمهر الذی أخذت منه قال إن وجدهما مما أعطاها شیئاً فلیأخذه و إن لم یجد شیئاً فلا شی ء له

ص: 199

علیها و إن کان زوجها إیاه ولی لها ارتجع علی ولیها بما أخذت منه و لموالیها علیه عشر قیمتها إن کانت بکراً و إن کانت غیر بکر فنصف عشر قیمتها بما استحل من فرجها قال ما ملخصه لم یرد فی الأخبار ما له تعلق بهذه المسألة الادواریة الولید بن صبیح و یعسر الجمع بینها و بین ما قرروه فی هذا المقام فی جملة من المواضع.

منها: أنهم ذکروا أنه لو دفع إلیها المهر و کانت هی المدلسة استعادة کلًا أو بعضاً و لو تلف کلًا أو بعضاً تبعها به بعد العتق و الیسار و فی الروایة أنه لا شی ء له علیها.

و منها: أن النکاح من دون إذن المولی موقوف علی الإجازة و فی الروایة أنه باطل.

و منها: أنه لو کان التزویج بإذن السید کان العقد صحیحاً لکن له الخیار و یثبت له المسمی و فی الروایة أن الزوج یرجع علی السید بالمسمی و للسید علیه العشر أو نصف العشر و ظاهرها بطلان العقد من أصله.

و منها: أنه لو زوجها و ظهر منه ما یؤذن بعتقها خبراً أو إنشاء کان المهر لها و فی الروایة أنه یرجع علی الولی بما أخذ منه علی وجه الإطلاق دون هذا التفصیل و ذکر فی الأثناء أن العقد مع تدلیس المولی باطل و إن الولی و المولی فی الروایة سواء هذا کلامه و هو عجیب حیث خطا الفقهاء علی مقتضی فهمه مع أن الروایة کالمجملة تفسرها قواعد الأصحاب فی باب الفضولی و فی باب التدلیس و فی باب رجوع المغرور علی من غره و فی باب العتق و الإقرار و فی باب المهور فلا یجوز العمل علی إطلاقها و هو مقید بما هو أقوی منه فی الأخبار و کلام الأصحاب و من أین جاءه الحکم باتحاد الولی و المولی فی الروایة و الأصل و الظاهر یقضی بالتغایر.

البحث فی المهور: و فیه مسائل:

أحدها: المهر کل مال وجب فی مقابلة الوطء المحلل أو المحرم

إذا ملکه مولی الأمة أو فی مقابلة تفویته بإرضاع أو غیره مما نص علیه أو وجب فی عقد نکاح دواماً أو متعة

ص: 200

أو فی عقد تحلیل أو وجب من نکاح ملک یمین کجعلت عتقک صداقک و یرجع فی معرفة الوجوب إلی دلیله و لا یدخل فیه أرش البکارة و یدخل فیه العقر و یسمی صداقاً بالکسر و الضم و الصدقة بفتح أوله و ضم ثانیه و النحلة و الأجر و الفریضة کما ورد فی الکتاب المجید و العلیقة و العلائق و العقر بالضم و الحباء بالکسر و لیس المهر رکناً فی عقد النکاح لعدم کونه معارضة علی المال صرفاً لأن الغرض الأصلی منه الاستمتاع و یدل علی ذلک الأخبار.

ثانیها: یصح المهر بکل ما یتمول و کان مملوکا للعاقد أو لغیره

مع رضاه بالعقد علیه ابتداء أو اجازته بعد ذلک عینا کان أو منفعة أو اسقاط حق کجعل المهر إسقاط خیاره أو دیناً أو نماء سواء کانت منفعة حیوان أو عقار أو إنسان أو نماؤها و یصح علی العمل المتمول الذی بحیث یقابل بعوض سواء کان العمل للزوجة أو لمن رضیت له العمل و سواء کانت بالذمة أو معینة علی الأقوی و الأشهر للأصل و عمومات دلیل المهر و خصوص الأخبار الدالة علی أن المهر ما تراضیا علیه قل أو کثر و هی أخبار متکثرة و الأخبار الدالة علی الاجتزاء بالمهر بتعلیم سورة و نسب لبعض أصحابنا المنع من جعل العمل مهراً أو أنه خاص بموسی (علیه السلام) عند تزویجه فی بنت شعیب و یظهر من بعضهم أن الممنوع منه عند القائلین بذلک هو عمل الزوج بنفسه إذا کان معیناً لا مطلقاً فی الذمة لأن العمل المعین إذا مات الأجیر لا یؤخذ من ترکته ما یؤجر به غیره بخلاف ما کان فی الذمة و قد یفهم من عبائر کثیر منهم أن عمل الزوج مطلقاً لا یکون مهراً و إن عمل غیره یکون مهراً و لو کان معیناً و کلاهما بعید بل الأوجه ما قدمنا نقله و علی کل حال فلا دلیل علی المنع سوی بعض الروایات ضعیفة و مضمونها المنع من جعل مهر ابنته أو أخته عملًا یعود إلیه و إن ذلک من خصائص موسی (علیه السلام) حیث جاز فی شرع شعیب استئجاره لنفسه و جعل عمله له مهراً لابنته و نحن نقول بذلک إلا إذا رضیت بجعل العمل لأبیها مهراً لها لأنه یعود علیها فتملکه علی أن مصرفه أبیها و لا استبعد جواز ذلک و یصح حینئذٍ جعله مهراً و الظاهر أن الذی کان فی شرع شعیب

ص: 201

أن العمل الراجع لأبیها یکون مهراً لها قهراً لتعلیلهم (علیهم السلام) فی الروایات أنه ثمن رقبتها و هی أحق بمهرها نعم فی بعض الروایات ما یدل علی أن المنع من جهة عدم الوثوق بالبقاء حتی یؤدی عمله الذی جعله مهراً و إن موسی (علیه السلام) حیث کان واثقاً بالبقاء جاز له ذلک و لکنها محمولة علی الکراهة لاشتمال بعضها علی جواز جعل المهر تعلم سورة و لأن العمل بها یقضی بانسداد باب الإجارة فی عقود المعاوضات من اصله و لا قائل به فیما هو أولی من المهر بإرادة البقاء ککثیر من حقوق الأموات و الاحیاء.

ثالثها: لو عقد الذمیان و نحوهما علی خمر أو خنزیر أو نحوهما صح النکاح

و کان ذلک مهراً لها و تملک الامرأة ثمنه لو باعته و یصح لنا الاکل من ثمنه للزوم إقرارهم علی مذهبهم و لو ترافعوا إلینا کان لنا أن نرجعهم إلی حکامهم فیأمروهم بدفع الخمر و الخنزیر إلی مستحقه عندهم و لو أرادوا حکمنا لزمنا أن نحکم بینهم بما أنزل الله فنأمرهم بدفع قیمتها عند مستحلیها أو مهر المثل و لو أسلم الزوجان أو أحدهما بعد تقبیض الخمر و شبهه للزوجة برأت ذمة الزوج من المهر و إن أسلما أو أسلم أحدهما قبل دفع ذلک المهر المحرم کلًا أو بعضاً بطل الدفع لحرمة دفع المسلم ذلک و حرمة قبض المسلم لذلک و هل یلزم عند بطلان الدفع قیمته عند مستحلیه لأنه بمنزلة غیر مملوکة امتنع تقبیضها و تعذر تسلیمها علی من هی علیه أو یلزم مهر المثل لفساد المهر بالإسلام و خروجه عن الملک فینقل إلی مهر المثل و لأن لزوم القیمة فرع ملک العین المتعذر تسلیمها و لا ملک عند إسلامها لأن تعذر التسلیم إنما نشأ من عدم الملک قولان أشهرهما الأول و یدل علیه خبر عبید بن زرارة فی نصرانی تزوج نصرانیة علی ثلاثین دنا من خمر و ثلاثین خنزیراً ثمّ أسلما بعد ذلک و لم یکن دخل بها قال ینظر کم قیمة الخمر و کم قیمة الخنزیر فیرسل بهما إلیها ثمّ یدخل علیها و هما علی نکاحهما الأول نعم فی روایة الکافی انهما إذا اسلما قبل أن یدفع الیهما الخمر و الخنازیر حرم علیه أن یدفع إلیها شیئاً من ذلک و لکن یعطیها صداقا و هی قابلة لتنزیلها علی مهر المثل و محتملة للحمل علی القیمة کما هو المشهور و هو الأولی و علی

ص: 202

القیمة فهل هی یوم العقد أو القبض أو یوم الإسلام أو المطالبة وجوه أقواها یوم الإسلام لتعذره فیه و لو أمهر المسلم الخمر أو الخنزیر أو نحوهما مما لا یصح تملکه ففی صحة العقد و بطلانه قولان.

أحدهما: البطلان مع جهل الزوجة بالفساد و مع عدمه علی الأظهر و ذهب إلیه جمع من القدماء محتجین بأن الرضا شرط فی صحة العقد و قد وقع علی باطل فما وقع علیه الرضا غیر صحیح و ما یصح لم یقع علیه الرضا و لأن المهر ما تراضیا علیه لا یکون مهراً و لو صحّ العقد لکان المهر غیر ما تراضیا علیه و هو خلاف الروایة و لأن النّکاح عقد معاوضة أو کعقد المعاوضة فیفسد بفساد العوض کالبیع و یدلّ علی کونه معاوضة إطلاق لفظ الأجر علی المهر فی قوله تعالی: (وَ آتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) و جعله مدخولًا للباکر کزوجتک بکذا و قولهم (علیهم السلام) فی بعض الأخبار أنه مستام و إنه یشتری بأغلی الثمن و إن المهر ثمن رقبتها کما فی بعض آخر.

و ثانیهما: الصحة ذهب إلیه جمع من المتأخرین و الظاهر أنه المشهور سواء کان مع جهل الامرأة بالفساد أو مع علمها و الصحة مع الجهل أقرب استناداً إلی أن مقتضی الصحة و هو العقد موجود و المانع و هو بطلان المهر لا یصلح للمانعیة لأن العقد یصح من غیر ذکر المهر بل مع ذکر المهر بل مع ذکر عدمه فلا یزید ذکر المهر الفاسد علی اشتراط عدم المهر و لأن المهر لو ظهر مستحقاً صح العقد و إن لم یجز المالک من غیر خلاف بخلاف غیره من غیره من المعاوضات و کذا لو أمهر الزوج ما یظن صلاحیته للمهر فبان أنه غیر صالح فإنهم متفقون علی الصحة و لتسمیة نحلة فی الکتاب العزیز و النحلة هو العطیة و أجیب عن هذا الدلیل بالفرق بین عدم ذکر المهر و ذکر المهر الفاسد لأنه فی الأول وقع التراضی بدونه و فی الثانی قد ارتبط العقد به فصار کالجزء منه فتوقف ملک البضع علی ملکه و الرضا بالعقد علی الرضا به و هذا الجواب ضعیف لعدم تسلیم ارتباط العقد به کارتباط الشرط بحیث أنه لو خرج فاسداً فسد المشروط بفساده و لو لم یسلم المشترطة تسلط علی الخیار و الفارق العرف فإن أهل العرف لا

ص: 203

یعدون المهر من الشرائط و لو سلّم فلا نسلم أن الشرط الفاسد مما یفسد عقد النکاح بفساده و لأن المقصود من النکاح هو الاستمتاع فرکناه الزوجین و تسلیط الزوجة الزوج علی بضعها و تسمیة المهر أجراً أو دخول الباء علیه لا یلزم منه کونه عوضاً حقیقیاً عن البضع لأن البضع لا یملک علی حد الأشیاء المملوکة کی یکون ما یقابله عوضاً حقیقیاً فالقول الأخیر أقوی و علی تقدیر الصحة ففی وجوب مهر المثل مطلقاً قبل الدخول أو بعده لأنه عوض البضع حیث لا مهر و المهر الفاسد بمنزلة عدمه و فیه أن الانتقال لمهر المثل عند فساد مسمی المهر مع عدم الدخول مفتقر إلی دلیل و لم یثبت أو بعد الدخول فقط لأنه عوض البضع حیث لا مهر بعد استیفائه و لا دلیل علی قیامه مقام الفاسد مطلقاً أو وجوب قیمته عند مستحلیه أو إرجاعه إلی ما قیمة له کالحر یقدر عبداً و کذلک لان العین لما تعذرت کان أقرب الاشیاء إلیها القیمة و لأن المعقود علیه هو العین لکن باعتبار مالیته فلما انتفت العین بقیت المالیة و هو ضعیف لأن الانتقال إلی القیمة فرع ملک العین فإذا لم تنتقل العین احتاج نقل القیمة إلی ناقل جدید و لیس فلیس علی أنه لا یجری فیما لا قیمة له و لو تقدیراً کالتراب و الحشرات أو وجوب القیمة فیما له قیمة فی الجملة کالخمر فإن للخمرة قیمة للظاهر أن الذمی لها للذمی و ضمان المسلم لها للذمی المستتر و وجوب مهر المثل فیما لا قیمة له کالخمر و الخنزیر و الحشرات و التراب و کذا غیر المقدور أقوال و فی الاخیر قوة إن کان العقد مع الجهل بالفساد و إن کان مع العلم فلا مهر إلا مع الدخول لتنزیلها منزلة الإقدام علی عدم المهر.

رابعها: کل ما یتمول بحیث یقابل بعوض عرفاً یصح جعله مهراً

قل أو کثر عیناً أو منفعة أو إسقاط حق کما إذا جعلت مهرها اسقاط خیار زوجها و ما لا یتمول لقلته أو لنجاسته من عین أو منفعة لا یصح جعله مهراً لانصراف أدلة المهر إلی ما یتمول و لأن المعاوضة علی ما لا یتمول بسفه فلا یکون مهراً و لا حد له فی القلة کما لا حد له فی الکثرة للإجماع بقسمیه و الأخبار المتکاثرة المعتضدة بالقواعد المحکمة و الاصول العقلیة و الشرعیة و الکتاب المجید قال الله تعالی: (وَ آتَیْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً فَلٰا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَیْئاً) و القنطار أربعین أوقیة من ذهب أو فضة أو الف دینار أو الف و مائتا أوقیة أو سبعین

ص: 204

ألف دینار أو ثمانون الف درهم أو مائة رطل من ذهب أو فضة أو ملؤ مسک ثور ذهباً أو فضة و فی الخبر لو أن رجلًا تزوج امرأة و جعل مهرها عشرین الف و جعل لابیها عشرة آلاف کان المهر جائزاً و الذی جعل لابیها جائز و روی أن الحسن (علیه السلام) تزوج امرأة فاصدقها مائة جاریة مع کل جاریة الف درهم إلی غیر ذلک مما لا یحصی فما نقل عن المرتضی من لزوم کون المهر خمسمائة درهم و هو مهر السنة و إن العاقد لا یتجاوزه و إن تجاوزه رد إلیه حاکیاً علی ذلک الإجماع مستنداً إلی روایة المفضل بن عمر الدالة علی ذلک ضعیف لا یلتفت إلیه لعدم تسلیم الإجماع و وهنه بمخالفة الکتاب و السنة و فتاوی الأصحاب حتی کاد المرتضی أن یکون مسبوقاً بالإجماع ملحوقاً به و لضعف روایة المفضل سنداً و اشتمال آخرها علی ما لا یقوله اصحابنا و معارضتها عموم الکتاب و السنة فیلزم طرحها أو حملها علی الندب علی العقد بقدره فإن زاد استحب للامرأة الإبراء من الزائد و ما أدری ما أراده المرتضی (رحمه الله) بلزوم مهر السنة فهل هو مجرد الإیجاب الشرعی و کذا بلزوم الرد فلو عصی العاقد لزم فی حقه أو هو فساد المهر الزائد لمکان النهی أو فساد الزیادة دون قدر مهر السنة و هل هو خاص بالمسمی أو عام له و لمهر المثل فی المفوضة و العقد الفاسد و الظاهر إرادة العموم و ربما اخترنا ما قاله فی الاخیر للأخبار الآتیة فی المفوضة إن شاء الله تعالی و قد ورد فی جملة من الأخبار ما یظهر منه استحباباً مهر السنة و ذم المغالاة فی المهر.

خامسها: لا یشترط فی المهر معلومیة القدر

من الکیل و الوزن و العد و الذرع و المساحة بل یکفی المشاهدة و التعین بالوصف الرافع للإبهام أما الأول فللأصل و لعدم کون النکاح من المعاوضات الصرفة فیشترط رفع الغرر من کل وجه و لخلو الأخبار فی مقام البیان عن اشتراط المعلومیة بذلک النحو و لما ورد من الاجتزاء بکف من طعام دقیق أو سویق أو تمر و من الاجتزاء بالقبضة من الحنطة و من الاجتزاء بما یخص من القران من دون ذکر قرابة خاصة و أما الثانی فلوجود شائبة المعاوضة فی المهر فما لم یکن معلوماً بالمشاهدة أو الوصف کان غرراً منهیاً عنه و لانصراف أدلة المهر للمعلوم فی الجملة فما لم یکن معلوماً کما إذا کان مبهماً أو مجهول القدر و لم یکن مشاهداً أو

ص: 205

مجهول الجنس أو الصنف کما إذا مهرها أحد الشیئین أو ما لا أو ما فی کمه أو ما فی صندوقه أو ما یقوله فلان أو ما نجده تحت الأرض أو ما نحوزه و نصطاده أو ما تحمله الدابة أو عبداً من العبید أو ثوباً أو غیر ذلک کان باطلًا و لزم مهر المثل بعد الدخول فظاهر و أما قبله فإشکال لعدم قیام دلیل علی اشغال ذمة الزوج بمهر المثل و الانتقال إلیه ابتداء و لو وقع المهر مشاهداً و لم یعلم قدره فتلف قبل قبضه أو بعد قبضه و لکنه طلقها قبل الدخول فاراد استرجاع النصف احتمل الأخذ بالمتیقن و الصلح الاختیاری و هو الأسلم و احتمل الرجوع إلی مهر المثل فی الأول لأنه یکون من قبیل ما لو تلف المبیع قبل قبضه و هو ضعیف لأن ضمان المهر ضمان ید لا ضمان معاوضة فیثبت للزوجة القیمة عند تلفه لا مهر المثل و احتمل الرجوع إلی مهر المثل مطلقاً و هو أضعفها

سادسها: ذکر المهر لیس شرطاً فی العقد

کما هو المفهوم من الکتاب و الأخبار و کلام الأصحاب فلو لم یذکر صح العقد نعم لو شرط عدمه کلًا قبل الدخول و بعده بطل الشرط و هل یبطل العقد تبعاً لبطلانه وجهان و یجوز تزویج امرأتین لرجل واحد بعقد واحد و مهر واحد بإیجابین أو إیجاب واحد و لزوم تعدد القبول لأصالة عدم تداخل الأسباب و اقتضاء کل إیجاب قبولًا مستقلًا لا قابل به و کذا تزویج امرأتین لرجلین بمهر واحد و لا یفسد العقد لعموم الأدلة الدالة علی الصحة و لفتوی الأصحاب بل ربما یدعی الإجماع علیه و لا یفسد المهر أیضاً لمعلومیة الجملة و یکفی معلومیة الجملة عند العقد عن معلومیة ما یخص کل واحدة منهما عنده لتحقق العلم بعد التوزیع و هو کاف فی البیع المبنی علی اشتراط المعلومیة من کل وجه فجوازه فی المهر الذی لیس من المعاوضات الصرفة أولی و العمدة هنا فی الاستدلال هو أن یقال أن ذلک یصدق علیه أنه معلوم بحسب العرف و لا یدخل فیه الغرر عرفاً و لهذا أجاز فی البیع علی الأقوی و الأشهر و أما نفس الأول إلی العلم فغیر کاف قطعاً و إلا لجاز البیع بثمن مجهول یؤول إلی العلم بعد ذلک و لا نقول به و علی ما ذکرنا فیصح أن یجتمع مع التزویج بقبول واحد و مال واحد ثمن مبیع و أجرة عمل أو عقار من غیر تفاوت بین کون الجمیع عائداً للزوجة فتملک الجمیع أو عائداً للزوجة و غیرها فیفتقر إلی التقسیط

ص: 206

و علی ما اخترناه من صحة المهر فی جمیع ما تقدم لا بد من التقسیط و هو أن یقسط المسمی علی نسبة مهر المثل للزوجتین بأن یلاحظ قدر مهر المثل کل واحدة منهما فینسب أحدهما للآخر فیعرف قدر النسبة من التسویة أو التنصیف أو غیرهما فیدفع لهما کلا علی نسبة ذلک من المسمی و کذا الحال لو اجتمع مع المهر ثمن مبیع أو أجرة عمل و هل یقوم أحدهما منفرداً و یقومان مجتمعین فتنسب قیمة الانفراد إلی قیمتهما مجتمعین أو یقوم کل واحد منهما منفرداً فتنسب قیمة المنفرد إلی قیمتهما منفردین وجهان و تظهر الثمرة فیما لو کان للهیئة الاجتماعیة مدخلیة و قیل بتقسیط المهر علی الزوجتین علی نسب الرءوس و هو ضعیف بل خلاف مقصود المتعاقدین مع الإطلاق لأن المهر له شبه المعاوضة و من شأن المعاوضة مقابلة الثمن بما یناسبه من الثمن کما یقتضیه شاهد الحال و المقال و علی القول بالبطلان فالأظهر ثبوت مهر المثل لکل واحدة منهن و احتمل هنا لزوم تقسیط المسمی و إن وقع المهر باطلًا و الفرق بینه و بین المجهول المطلق تعذر تقویم ذاک و أحکام تقویم هذا و لکنه ضعیف.

سابعها: لو عقد علی مجهول کدار أو عبد أو سیف بطل المسمی

لمکان الجهالة و لا یبطل العقد کما ذکرنا و لا یمکن الرجوع إلی القیمة هنا کما ذکرنا فما لو کان المهر خمراً لتعذر تقویم المجهول نعم نقل عن الشیخ (رحمه الله) و اتباعه أنه لو عقد علی دار أو بیت أو خادم کان الواجب لها الوسط من هذه الاشیاء أما لانصراف العرف إلیها و أما للاخبار الواردة فی فی هذه الثلاثة بالخصوص أنها یؤخذ منها الوسط کمرسل بن ابی عمیر و روایة علی بن حمزة و قد یضعف أن الوسط لو انصرف إلیه العرف لانصراف فی أکثر الاشیاء و لا خصوصیة لهذه الثلاثة و لا یقولون به و إن کان الحکم به بمجرد التعبد لوروده فی هذه الثلاثة دون غیرها رددناه یضعف الروایات عن اثبات الحکم المخالف لفتوی المشهور و للقاعدة المحکمة فی المهور نعم قد یقال أن الروایات کاشفة عن حکم العرف فی خصوص هذه الثلاثة أو أن العرف فی زمن الصدور کان کذلک و قد یقال أن المهر یفتقر فیه إلی هذا النوع من الجهالة لعدم کونه معاوضة محضة و لعدم دلیل واضح علی اشتراط المعلومیة من کل وجه و الوسط أمر یمکن استعلامه فی کل

ص: 207

شی ء و لو تکثرت أفراد الوسط کان للعاقد الخیار فی الدفع فصحة هذه الثلاثة علی القاعدة و علی تقدیر بطلان المهر المسمی فیثبت مهر المثل مع الدخول قطعاً لأنه القاعدة و الأصل مع استیفاء البضع و عدم المسمی و أما مع عدمه فالانتقال إلیه محل بحث سیجی ء تمامه إن شاء الله تعالی و لو ضم المجهول إلی علم المعلوم فوقع العقد علیهما احتمل بطلان الجمیع و الرجوع إلی مهر المثل مع الدخول أو مطلقاً و احتمل الرجوع إلیه مع احتساب المعلوم منه فإن ساواه فلا کلام و إن زاد علیه أخذت الزیادة للإقدام علیها و إن نقص عنه لزم الاتمام و احتمل لزوم المعلوم مطلقاً و ضم أقل ما یتمول إلیه عوض المجهول إن لم تعلم قیمته أصلًا و إلّا فالمتیقن من قیمته التی لا یزید علیها قطعاً و احتمل أن یضم إلی المعلوم مثله فیکون المعلوم علی النصف ما لم یعلم نقصان قیمته لأصالة عدم التفاضل و علی ما ذکرناه من اشتراط المعلومیة فلو أصدقها تعلیم سورة لزم تعینها و کذا لو أصدقها أی عمل کان لزم تعینه بما یرفع الجهالة لأن المهر من المعاوضات و إبهام السورة و العمل غرر و حینئذٍ فلو شرطت علیه التعلیم بنفسه لزم الشرط إلا مع اسقاطه و إلا جاز تولی غیره له سواء کان محرماً لها أم لا لعدم توقف التعلیم علی النضر إلی ما یحرم علی الأجنبی و أما سماع الصوت فالظاهر جوازه بمقدار الحاجة و لو أبهم السورة بطل المهر و لزم مهر المثل مع الدخول أو مطلقاً أو علی وجهین و ذهب بعض المتأخرین إلی صحة ذلک مع الإبهام لما ورد عن النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أنه زوج الامرأة علی ما یحسن زوجها من القرآن و هو أشد إبهاماً من السورة و لعدم دلیل علی اشتراط المعلومیة بل عموم الأخبار الواردة فی الصداق شاملة للمجهول و المعلوم و هو أو شبهها ضعیف لمعارضته لقواعد النهی عن الغرر فی المعارضة و لفتوی الأصحاب و للاحتیاط و لانصراف أدلة المهر للمعلوم عرفاً و لعدم تسلیم عدم معرفة ما یحسنه الزوج من القرآن حین العقد و هل یجب مع تعین السورة تعین الحرف لتفاوت القراءات یحتمل ذلک و یحتمل جواز الإطلاق مع التخیر و یحتمل انصراف المطلق إلی قراءة السواد لأنه هو المعتاد و الظاهر انصراف التعلیم للتلاوة لا للحفظ و لو علمها آیة ثمّ نسیتها لم یلزم الإعادة بخلاف الکلمة و الظاهر أن مرجع

ص: 208

الجمیع إلی العرف فی قدر التعلیم فلو کانت بلیدة لا تتعلم سقط تعلیمها و ثبت لها أجرة التعلیم أو مهر المثل و کذا لو شرطت علیه التعلیم بنفسه و لم یمکنه أما لو أمکنه أن یتعلم فیعلم قوی وجوب التعلیم من باب المقدمة مع احتمال عدمه فیکون کالتکسب فی الدین لو تعلمت عند غیره کان لها الأجرة و الأحوط أن یعلمها السورة تامة بحیث تتمکن من تلاوتها أجمع.

ثامنها: لو عقد علی ما یظنان صلاحیته للمهر فبان غیره فلا شک فی صحة العقد

کما مر و أما المهر.

فقیل: بلزوم مثل ما ظناه کما إذا ظنا أن الخمر خلًا لزمه الخل أو الحر عبداً لزمه العبد أو الخنزیر بقرة لزمه البقرة و هکذا و استدلوا علیه بأن العقد علی الخل المعین اقتضی ثلاثة أشیاء إرادة عینه بالمطابقة و إرادة الخلیة الکلیة بالالتزام و کون المهر واجبا بالعقد بحیث یلزمه تأدیته فإذا فات الأول لزم إبقاء الأخیرین بحسب الإمکان لعموم لا یسقط و إذا أمرتکم و لا یمکن تحققهما إلا بالمثل لبعد مهر المثل و قیمة الخمر عن إرادة الخل المعین و فیه ضعف لمنع دلالة الخل بالالتزام علی إرادة کلیة بل إنما یدل علی نفس الکلیة و نفس الکلیة غیره مرادة لتعلق العقد بالجزی المعین و نمنع من إجراء عموم لا یسقط فی المعین إذا تعذر شخصه إلی کلیه من نوع أو جنس أو غیرهما من الأنواع العقلیة بل المتبادر من الروایة هو اختصاصها فی المرکب ذی الإجزاء إذا انتفی أحد أجزائه و بهذا ظهر لک ضعف ما یقال من أنه عند انتفاء الجزئی المعین یحمل علی ما هو الأقرب إلیه و هو المثل دون القیمة لبعدها لأن الأقربیة مرجح لحمل اللفظ عند انتفاء حقیقته و عند العلم بعدم إرادتها و أما مع العلم بإرادتها و أما مع العلم بإرادتها و انتفاء وجودها فالحمل علیه ممنوع و کذا ضعف ما یقال ان الرضا وقع علی الجزئی فالرضا به یستلزم الرضا بالکلی فاذا فات الجزئی بقی الکلی الذی هو أحد الامرین الذی وقع علیهما التراضی لمنع استلزام الرضا بالجزئی للرضا بالکلی عند تعذره فلعل فی المشخصات المخصوصة و فی المعین من الکلی خصوصیة ملحوظة للإرادة فلا یلزم من الرضا بها الرضا به و علی هذا فالأمثل له یحتمل الرجوع إلی ما یقال أنه مثل له کالعبد

ص: 209

و الرجوع إلی قیمته لأن القیمی أقرب الأشیاء نفس القیمة و هذا أیضاً مما یضعف القول به و قیل بلزوم مهر المثل قبل الدخول و بعده للقصد إلی مهر و امتناع ما عیناه بخصوصه و الکلی غیر مراد لهما فیرجع إلی مهر المثل و فیه أن الرجوع إلی مهر المثل مفتقر إلی دلیل و لا فلا و إن مهر المثل قد یزید قیمة علی ما عیناه فیؤخذ حینئذٍ ما قصدا عدمه و قد ینقص فینقص ما أرادا وجوده و قد قال (علیه السلام): (المهر ما تراضیا علیه).

و قیل: بلزوم قیمة غیر الصالح للمهر کالخمر عند مستحلیه لأن المقصود فی المهر المالیة فمع تعذر الغیر یصار إلی القیمة و فیه أن الخمر لم تقصد عینه کی ینتقل إلی قیمته و إن ما لا قیمة له کالعبد فیبین حراً لا یشمله قولًا و لا دلیل و الظاهر أن الرجوع هنا عند هذا القائل إلی مهر المثل أو قیمة العبد لو کان حراً و المسألة لا تخلو من إشکال و لو أصدق الزوج لامرأته عبدین فظهر أحدهما حراً لم ینحصر الصداق فی الآخر بل یجب لها بقدر حصة الحر من مجموع المسمی إذا قوما من مهر المثل أو یجب لها قیمته و لو کان عبداً وجهان و فی الأخیر قوة.

تاسعها: یشترط ذکر المهر فی نفس العقد أو متأخراً عنه

متصلًا به أو متقدماً علیه بحیث یبنی العقد علیه و لا عبرة بغیره ذلک و یشترط أن ینسب المهر إلی الزوجة فلو نسبه لغیرها کما تقول زوجتک نفسی بالف لابی بطل المهر إلا إذا نسبته إلیها و إنه یوهب بعد ذلک لابیها فلا بأس و لو نسبت إلیها مهراً و شرطت هی أو شرط ابوها علیها لابیها أو أخیها أو غیرهما شیئاً آخر صح مهرها و بطل ما شرطته لغیرها أو شرطه زوجها لخبر الوشاء عن الرضا (علیه السلام) قال لو أن رجلًا تزوج امرأة و جعل مهرها عشرین ألفاً و جعل لأبیها عشرة آلاف کان المهر جائزاً و الذی جعله لابیها فاسداً و إطلاق الخبر قاض بعدم الفرق بین وقوع الشرط لابیها تبرعاً محضاً أو لأجل وساطة أو فی مقابلة عمل محلل و لا بین کون الشرط مما یؤثر تقلیلًا فی المهر أو لا یؤثر و لا بین کون القادم علی الشرط هو الزوجة أو الزوج ابتداءً منه أو ولی الزوجة حین عقد علی الزوج و کذا لا یصح اشتراط شی ء من المهر لغیر فلو شرطت شیئاً من مهرها لغیرها کان باطلًا و لا یلتزم به الزوج و یمکن شمول الخبر المتقدم له من غیر تفاوت بین کون

ص: 210

المشترط نفس الزوجة أو ولیها أو أخذه الزوج علی نفسه لهما أو اشترطه الزوج و المراد من الممنوع هنا هو أن یکون نفس المدفوع لغیرها من المهر ابتداءً فلو شرطت دفع شی ء بعد استقراره مهراً لم یکن به بأس و یظهر من ابن الجنید نقلًا و کذا من جملة المتأخرین جواز اشتراط شی ء من مهرها لغیرها لعموم دلیل الشروط و لان المهر عائد إلیها فلها أن تضعه حیث شاءت فإن دخل لزمه دفع الکلی و إلا رجع بنصف الکل و هو حسن و قد یناقش فی صحة المهر علی ما ذکرنا أولًا لان الشرط أدی إلی تقلیل المهر لزعم الزوجة صحته کان الإقدام علی ذلک القدر من جهة الشرط لم یسلم المهر و کذا قد یمنع من صحة الشرط لو وقع فی مقابلة عمل محلل من الأب أو الأجنبی لأنه یعود جعالة و لا فرق بین وقوعها فی عقد النکاح و بین وقوعها فی عقد آخر و الظاهر أن هذا و أمثاله غیر ممنوع بل الممنوع هو دفع المال للأب أو لغیره فی عقد النکاح لمجرد تزویج الامرأة و التسلط علی بعضها أما إرضاء للأب أو للتقرب إلیه أو إرضاء للزوجة أو طلباً للاعتبار أو نحو ذلک و هذا هو المتیقن من دلیل المنع فی الروایة فیبقی الباقی علی حکم الأصل.

عاشرها: لو تزوجها علی کتاب الله و سنة نبیه مکتفیاً بهذا اللفظ عن ذکر المهر فالمعروف بین الأصحاب انصرافه إلی مهر السنة

و هو خمسمائة درهم لظهور تعلق بالمهر و ظهور أن مهر السنة کان کذلک و ظهور الأمر باتباع الرسول فی الکتاب فیکون مهر السنة مذکوراً فی الکتاب و لفتوی المشهور و الإجماع المنقول و لروایة أسامة بن جعفر الدالة أنه له ذلک إذا مات عنها أو لم یدخل بها و الظاهر أن هذا الحکم مبنی علی الظاهر من اللفظ فلو علم أن الزوجین لا یعرفان مهراً بنسبة أو لا یعرف أحدهما ذلک أو یعرفان ذلک و لکن لا یریدانه بل یریدان مهراً مضمراً أو تفویضاً أو علقا علی بأتزوجک مریدین أن الزواج علی ذلک لم یلزم الزوج مهر السنة فی جمیع ذلک مع احتمال کون ذلک علی جهة التعبد و لکنه بعید نعم قد یقال مع جهلهما بالقدر ینصرف إلی مهر السنة و یفتقر فیه الجهالة لإطلاق الروایة و الإجماع المنقول و لو جعل لامرأته مهرین سراً و علانیة بعقد واحد أو عقدین کان السابق منهما هو المهر سواء سبق فی

ص: 211

عقد مستقل أو فی عقد واحد إلا إذا تواطئا أن السابق صوری لا یراد و نصباً علی ذلک قرینة وقت العقد أو قبله من غیر فاصل یعتد به و لو تواطئا علی مهر خاص و ذکرا ما هو أرجح منه مریدین به ذلک الخاص مجازاً أو لحنا فی الاستعمال بنصیب قرینة حال العقد أو قبله من غیر فاصل یعتد به کان الاعتبار بما قصداه لا بما أظهراه سواء قلنا أن اللغات توقیفیة أو اصطلاحیة و من بنی المسألة علی ذلک فحکم ببطلان المهر علی الأول و صحته علی الثانی لم نرتض قوله و لا نتبع رأیه نعم لو تواطئا علی أن الصداق الف ثم ذکرا فی العقد الفین صورة و لکن لم یریدا بهما الألف فالظاهر أنه یکون من قبیل العقد المجرد عن المهر لعدم ذکر الألف و وقوع الألفین لغواً فی خبر زرارة رجل أسر صداقاً و أعلن أکثر منه قال هو الذی أسر و کان علیه النکاح و هو محمول علی المعنی الأول أو الثانی دون الأخیر علی الأظهر.

حادی عشرها: المهر المضمون علی الزوج قبل قبضه کلًا أو بعضاً فإن کان کلیاً فلا یتشخص إلا بقبضة

و لا کلام فیه و إن کان معیناً ضمنه الزوج بمثله أو قیمته کضمان الید من المقبوض بالسوم و المستعاد کما علیه فتوی المشهور لعموم دلیل الضمان کعموم علی الید ما أخذت و صدق وردوا الأمانات إلی أهلها علیه و لا یضمن ضمان معاوضة کما قد یحتمل من کلام جمع من الفقهاء لأصالة عدمه لأنه مؤدی إلی انفساخ المهر کتلف المبیع قبل قبضه فإنه یکون من مال بائعه و فی المشهور فإن البیع ینفسخ و یجب مثل المبیع أو قیمته و هو عجیب و کان أصلها و لا فنقصت و کله خلاف الأصل و لجواز إعراء النکاح عنه فلا یکون علی حد المعاوضة و لعدم انفساخ النکاح تبلغه أو برده و لعدم سقوطه بمنعها نفسها إلی موتها و لصدق اسم النحلة علیه و ما شابهها و لعدم ضمان مقابلة باستیفاء غیر الزوج له و لعدم ضمان مقابلة بالتفویت غالباً و لجواز التفویض فیه فیتقدر بعد ذلک و لاغتفار حد الجهالة فیه و لعدم فساد العقد بفساده و لتقدیره بقدر خاص علی وجه الندب أو الإیجاب علی قول و لتنصیفه فی الطلاق قبل الدخول و لو لا ذلک لکان أماً ثابتاً کله أو فائتاً کله إلی غیر ذلک مما لا یحصی من الاحکام المخالفة لقواعد المعاوضة و وجه ما احتمله جمع من أن ضمانه ضمان

ص: 212

معاوضة هو إطلاق الأجر علیه فی الکتاب و دخول البا علیه و ثبوت الخیار فیه و إطلاق الثمن علیه فی الأخبار و جواز رده إذا کان معیباً و جواز امتناعها عن الزوج حتی تستوفیه و کلها لا تصلح للاستدلال و إن صلحت لقیام الاحتمال و یتفرع علی الأول ضمانه عند تلفه بمثله أو قیمته و علی الثانی لزوم مهر المثل لانفساخ المسمی بتلفه و ذکر الشهیدان مهر المثل هنا لم یذکروه وجهاً و هو دلیل علی اتفاقهم علی الوجه الأول نعم ذکر العلامة (رحمه الله) مهر المثل وجهاً فیما لو کان العقد علی خل فبان خمراً و هی غیر ما نحن فیه لأن ما نحن فیه هو ما إذا صح المسمی فی ضمن العقد فتلف لا فیما تبین فساده هذا إن تلف بآفة سماویة و إن أتلفته المرأة فهو بمنزلة القبض و إن أتلفه اجنبی تخیرت بین الرجوع إلیه و بین الرجوع علی الزوج و إذا ضمن الزوج قیمة المتلوف و کان قیمیاً اعتبرت قیمته وقت التلف لأنه زمن الانتقال من وجوب تأدیة العین إلی تأدیة القیمة و یحتمل قیمته یوم العقد و یحتمل أعلی القیم ما بین العقد و یحتمل اختصاص هذا الاحتمال فیما لو طلبته الامرأة فمنعه لأنه یکون غاصباً فیؤخذ بأشق الاحوال و یحتمل قیمته یوم المطالبة و یحتمل یوم الأداء و کلها مدخولة عدا الأول و إن کان مثلیاً فمثله فإن تعذر المثل انتقل إلی القیمة یوم التعذر و یحتمل یوم المطالبة و یحتمل یوم الاداء و یحتمل یوم التلف و کلها مدخوله سوی الأول.

ثانی عشرها: إذا خرج المهر معیباً قبل العقد أو قبل القبض و کان کلیاً کان لها ردّه

و أبدا له لعدم تشخصه للقرویة لا أن ترضی به معیباً فإن رضیت به مجاناً فلا کلام و إن طلبت الأرش کان لها ذلک إذا امتنع إبداله و إن لم یمتنع إبداله کان الخیار للزوج بین الأبدال و بین دفع الأرش و إن کان معیّناً و کان العیب قبل العقد و لم تکن عالمة به کان لها الخیار بین الإمساک مع الأرش و بین رده و مع رده فهل تثبت قیمته أو مهر المثل فإن قلنا أن ضمانه ضمان ید ثبت الأول و إن قلنا ضمان معاوضة ثبت الثانی و إن کان العیب بعد العقد قبل القبض کان لها الأرش قطعاً لضمان جملته علیه فیضمن له جزاءه و فی الرد وجهان ظاهر جمع من أصحابنا أنها لها ردّه و أخذ قیمته أو مهر المثل و ظاهر آخرین أنه لیس لها سوی قبوله مع الأرش لأن ضمانه ضمان ید و قد حصل

ص: 213

العیب بعد دخوله فی ملکها فهو کنقصان العین المغصوبة و هو الأظهر لأن المهر لو تلف بعد العقد کان للزوجة المثل أو القیمة کما ذکرنا فنقصانه ینجبر بالأرش نعم لو کان ضمانه ضمان معاوضة بحیث ینفسخ المهر عند تلفه قبل القبض کان للزوجة الخیار فی الرد لأنه یکون بمنزلة تبعیض الصفقة کما لو وقع العیب قبل العقد.

ثالث عشرها: و لو وجدت الزوجة المهر ملک الغیر فإن أجاز صح

و یدخل فی ملک الزوجة ابتداءً أو بعد دخوله فی ملک الزوج آناً ما وجهان و لا یبعد و فی رجوع المجیز علی الزوج وجهان و لا یبعد الرجوع لأن إجازته له لا ترفع الضمان و إن لم یجز ثبت لها مهر المثل و یحتمل قیمته إن کان قیمیاً و مثله إن کان مثلیاً و یحتمل ثبوت الأول مع علمها بأنّه مال الغیر و الثانی مع جهلها به و هو قریب.

رابع عشرها: لا یجوز للزوجة الامتناع من تسلیم بضعها للزوج

اشارة

لأنه قد ملک السلطان علیه و تعلق حقه به فلا یجوز مدافعته عن حقه لأنه ظلم و عدوان نطق بالنهی عنه الکتاب و السنة و الإجماع مضافاً إلی ما دل علی وجوب حقوق الزوجیة و کذا لا یجوز للزوج الامتناع عن تسلیم المهر لأن المهر قد ملکته بنفس العقد فیجب أداءه و إلا کان غاصباً آکلًا للمال بالباطل و هو منهی عنه کتاباً و سنة و إجماعاً و لو عصی أحد الزوجین فابتداء بمنع حق الآخر جاز للآخر الامتناع علیه بأداء حقّه فی الجملة علی ما یجی ء إن شاء الله تعالی و لا عصیان منه و لا ضمان علیه و ذلک لأن النکاح له شبه فی المعاوضة و من شأن المعاوضة جواز امتناع أحد المتعاوضین بعد امتناع الآخر و کأنه حکم شرعی قضی به إطلاق المعاوضة أو تعبدی أفتی به الأصحاب حتی کاد أن یکون إجماعاً و یدل علیه فحوی قوله تعالی: (فَمَنِ اعْتَدیٰ عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ) و قوله تعالی: (وَ جَزٰاءُ سَیِّئَةٍ سَیِّئَةٌ مِثْلُهٰا)، و ربما أشعر به ما دل علی جواز المقاصة فإنکاره کما أنکره بعض المتأخرین بعید عن الصواب و ظاهر الخطاب و یجبر الحاکم الممتنع من الزوجین ابتداء لدفع الحق فیدفعه و یتولی تقبیض الآخر أما لو کان امتناع أحدهما لعذر کعجز أو إعسار ففی جواز امتناع الآخر علیه وجهان من إطلاق کلام الفقهاء بالجواز و ظهور إطلاق المعاوضة بالبناء علیه و من جاء من وجوب دفع الحق إلی أهله و عدم کون العذر

ص: 214

عدواناً کی یقابل بمثله غایته أنه یکون کالدین و یلزم فیه النظرة إلی میسرة و لا یبعد البناء علی الأخیر هذا کله إذا صدر منهما أو من أحدهما امتناع أما لو لم یصدر ذلک و إنما وقع بینهما تشاح فی تقدیم التسلیم و عدمه فطلب کل منهما تقدم صاحبه فی التسلیم فالذی یظهر من إطلاق عقود المعاوضة و من فتوی جواز امتناع کل واحد منهما عن البدار بالدفع قبل دفع صاحبه مقابلة حتی لو تشاحا فامتنع کل واحد منهما لامتناع صاحبه لم یکونا آثمین و لا ضمان علیهما و الظاهر أن انکار جواز ذلک تمسکا بوجوب دفع الحق إلی أهله و إنّ لم ظلم لا یظلم فیجب علیهما التسالم دفعه و لو علی ید ثالث أو بالرجوع إلی الحاکم و إن کان موافقاً للاحتیاط و لکنه بعید عن الصواب نعم قد یقال للحاکم أن یجبرهما علی الدفع دفعه واحدة لأنه منصوب لقطع النزاع و الخصومة سواء جاز لکل منهما الامتناع لامتناع صاحبه و أوجب علیهما التسالم دفعه مع احتمال جواز الإیقاف إلی أن یتبادر أحدهما بالدفع فیجبر الآخر و احتمال جبر الزوج علی تقدیم حق الصداق لإمکان تدارک الفائت منه دون البضع لعدم إمکان تدارک فائته و لأن فائت الزوج لا یعجز عن استیفائه غالباً و فائت الزوجة تضعف عن استیفائه غالباً لضعفها و لجریان السیرة بتقدیم المهر علی استیفاء البضع غالباً فینصرف إطلاق العقد للغالب و لخبر زرعه عن سماعة عن رجل تزوج جاریة أو تمتع بها ثمّ جعلته فی حل من صداقها یجوز أن یدخل بها قبل أن یعطیها شیئاً قال نعم إذا جعلته فی حل فقد قبضه منه فیفهم منه أن تقدیم المهر کان أمراً معلوماً ذلک الیوم و للأخبار الدالة علی أن ما یعطیها الزوج فتمکنه من الدخول قد استحل فرجها به کخبر أبی بصیر إذا تزوج الرجل المرأة فلا یحل له فرجها حتی یسوق إلیها شیئاً درهماً فما فوقه أو هدیة من سویق أو غیره و هو ظاهر فی أن ذلک لجلب رضاها من جهة عدم دفع المهر و حمله علی إرادة التزویج بعید و کصحیح الفضیل فالذی أخذت من الزوج قبل أن یدخل بها حل للزوج به فرجها قلیلًا کان أو کثیراً إذا هی قبضته منه و قبلت و دخلت علیه و لا شی ء لها بعد ذلک و کمفهوم الآخر إذا اهدیت إلیه و دخلت بیته ثمّ طلبت بعد ذلک فلا شی ء لها و کصحیح برید عن رجل تزوج امرأة علی أن یعلمها

ص: 215

سورة من کتاباً الله فقال ما أحب أن یدخل حتی یعلمها السورة أو یعطیها شیئاً قلت أ یجوز أن یعطیها تمراً أو زبیباً قال لا بأس بذلک إذا رضیت به کائناً ما کان و کروایة أبی بصیر قال تزوج أبو جعفر فزارها فاراد أن یجامعها فألقی علیها کساه ثمّ أتاها قلت أ رأیت إذا وافی مهرها أله أن یرتجع الکساء قال لا إنما استحل به فرجها و هذا الأخیر هو الأقوی و الأحوط و إن أمکن تطرق المناقشة إلیه بحمل الأخبار علی الاستحباب دون الفرض و الإیجاب لما دل من الأخبار المتکثرة علی جواز دخول الزوج بامرأته من دون أن یدفع لها المهر أو استأخر و هی عدة أخبار معتضدة بظاهر فتوی المشهور فیجمع بینهما بالاستحباب لإمکان دفع هذه المناقشة بأن جواز الدخول بدون المهر مع رضاها لا ینکره أحد فلتحمل هذه الأخبار علی وقوع الرضا منها و تبقی تلک الأخبار علی ظاهرها من إرادة المنع مع عدم الرضا إلا ببذل المهر أو ما یقوم مقامه مما ترضی به ما ورد فی تلک الأخبار من لفظ لا یحل و لفظ أنه یستحل لا یحل و لفظ أنه یستحل فرجها أما أن یبقی علی ظاهره من الحرمة فیکون إقدامه علی الواطئ حراماً و لا بأس بالقول به أو یحمل علی المبالغة فی التحریض علی الدفع و أن لم یکن حراماً لعدم المنافاة بین جواز امتناع المرأة و بین جواز وطئه لها و ما یقال أن الأخبار الامرأة بدفع شی ء إنما هی علی وجه التعبد فتقیدها بأن الدفع کان لا رضائها لأن لها حقّ الامتناع تقید لا دلیل علیه فالجواب عنه أن الجمع بین الأخبار مع ضمیمة قاعدة المعاوضة من جواز امتناع کل من المتعاوضین من التقدم بالدفع إلا مع تقدیم صاحبه الزمنا بالقول بذلک و جعلنا الترجیح فی جانب تقدیم المهر کما ذکرناه من المرجحات و علی کل حال فهو خیر من الجمع بالحمل علی الکراهة إذ لا دلیل علیه و من العجیب أن بعض أهل الأخبار قد خالف قواعده فی هذا المضمار فحمل الأخبار الآمرة بدفع شی ء للمرأة قبل الدخول علی الندب و أخذ بالقواعد الاصلیة من لزوم دفع کل حق إلی صاحبه و عدم جواز امتناع أحدهما لامتناع الآخر و هو کما تری

و هنا فوائد

أحدها: لا یتفاوت و الحال بین الامتناع عن کل المهر أو بعضه

فی بعض فی جواز امتناع الزوجة إذا امتنع عن دفعه لما ذکرناه من المرجحات السابقة مع احتمال أن

ص: 216

الزوجة لو أخذت بعضاً منه لم یکن لها الامتناع بعد ذلک لفحوی بعض الأخبار المتقدمة.

ثانیها: لو کان الزوج معسراً لا یتمکن من المهر فهل لها الامتناع أم لا وجهان

من أنها معاوضة و من شأن المعاوضة عدم وجوب دفع أحد العوضین قبل دفع صاحبه العوض الآخر و لا یتفاوت فیه الإعسار و لا الإیسار غایته أن الإعسار رافع لإثم منع دفع المهر لا موجب لبذل الزوجة نفسها و لتحقق الضرر و الإضرار بالمرأة لتأدیة بذل نفسها له إلی تثبیطه عن الوفاء و من أصالة وجوب دفع الحق إلی أهله و وجوب طاعة الزوجة للزوج و لزوم اتباعه و الانقیاد له خرج من ذلک ما لو کان مؤسراً فامتنع و بقی الباقی تحت تحت القواعد الأولیة و لأن الموسر یلزم انتظاره فی الدین فمن البعید أن یسوغ له إن شاء الله تعالی التأخیر و یسوّغ للمرأة المنع من دفع حقه بغیر تقصیر منه و لأن الأخبار الآمرة بدفع شی ء للزوجة ظاهرة فی الموسر القادر و احتمال أن البضع بیدها بمنزلة الرهن فلها منعه و إلی تسلیم حقها مفتقر إلی دلیل و لیس فلیس و احتمال قضاء عقد المعاوضة سیما عقد النکاح الذی هو لیس من المعاوضات الصرفة بذلک حتی مع الإعسار ممنوع و هذا الاخیر أقرب للقواعد کما أن الأول أقرب لفتوی الفقهاء و یمکن الفرق بین الإعسار المقارن للعقد فلها الامتناع دون المتجدد فلیس لها العدم تقصیر الزوج حینئذٍ بوجه کما یمکن الفرق بین علم الزوجة بالإعسار حین العقد فلیس لها الامتناع و بین عدمه فلها ذلک لو لا أن الفقهاء لم یذکروهما فرقا.

ثالثها: لو امتنعت عن تسلیم نفسها لمکان امتناعه عن تسلیم المهر مع إیساره فالظاهر لزوم النفقة علیه

لتمکینها نفسها له عند تسلیمها حقها و امتناعها لامتناعه حق ثبت لها و قد جاء من قبله فلا ینافی التمکین الذاتی و الأصل لزوم النفقة علی الزوج خرج من ذلک الممتنعة من التمکین لا لاستیفاء حقها و بقی الباقی و أما مع الإعسار فوجهان من انتفاء التمکین الذی هو شرط فی وجوب دفع النفقة و من أنه بحق و قد جاء الحق من قبله فهی ممکنه بالذات و إن کانت ممتنعة بالعارض و الأول أوجه لعدم تقصیره فی دفع الحق إلیها فیکون الامتناع إنما جاء من قبلها من دون مدخلیة له فیه.

ص: 217

رابعها: المتیقن من جواز امتناع المرأة من تسلیم نفسها عند امتناع الزوج من تسلیم المهر هو ما إذا کان المهر حالًا

أما لو کان مؤجلًا کله أو بعضه فلا لوجوب بذل المرأة نفسها هنا من غیر معارض لعدم استحقاقها شیئاً فی ذمته یسوغ لها الامتناع فعلا و امتناعها للمتأخر کی یقدمه أو امتناعها إلی حلول الأجل کی یؤدیه غیر جائز فتوی و روایة نعم لو تاخرت عن التسلیم لمانع شرعی أو عرفی أو عصیانا إلی أن حل الاجل فهل لها الامتناع حینئذٍ لو طلبها الزوج لحلول حقها المقابل لبضعها أو لیس لها استصحاباً لما تقدم قبل الأجل و لم یتغیر الموضوع کی یرتفع الاستصحاب لانا نستصحب عدم جواز امتناعها من غیر تقدیم ببقاء الأجل أو حلوله و لان الأصل وجوب تمکین الزوجة خرج منه الامتناع للمهر الحال أصالة و بقی الباقی وجهان و لعل الأخیر أقوی.

خامسها: إذا دخل الزوج علیها برضاها من دون بذل المهر کلًا أو بعضاً فلیس لها الامتناع بعد ذلک

لاسقاط حقها و لأن المتیقن من جواز الامتناع هو ما کان قبل الدخول فیبقی الباقی علی موجب الأصل و لأن الأمر فی المعاوضة دائر مدار تسلیم العوض و البضع هنا قد سلمته بالدخول و لو مرة واحدة تجدد استیفائه یوماً فیوماً لا ینافی تسلیمه دفعه إذ لا یعقل تسلیمه إلا علی ذلک النحو من التسلیم فهو کتسلیم المنفعة فی ضمن المعین و قیل لها الامتناع لأن البضع مما یتجدد استیفاؤه یوماً فیوماً فما لم یستوفِ یکون بمنزلة العوض الذی لم یسلمه صاحبه فیجوز لها الامتناع من تسلیمه إلی أن تتسلم المهر فی مقابلة و نسب القول به لجمع من أصحابنا و هو ضعیف و لو وطأها کرهاً أو غفلة أو نوماً ففی سقوط حق الامتناع به أیضاً وجهان من حصول الغرض به و ترتب أکثر الأحکام الوطء المصاحب للإذن علیه کالعدة و استقرار المهر و لأصالة وجوب بذل البضع خرج منه حالة عدم الوطء مطلقاً و بقی الباقی و من أن الوطء مع عدم الإذن الفحوائیة بمنزلة العدم لو قلنا أنه محرم مع عدم الإذن و لذلک لا یوجب النفقة علی الزوج فهو قبض فاسد لا یترتب علیه أثر القبض الصحیح

ص: 218

و لاستصحاب جواز الامتناع خرج الوطء مع الإذن فیبقی الباقی و لا یبعد البناء علی الأخیر.

سادسها: لو شرط علیها فی ابتداء العقد عدم الامتناع منها لو امتنع عن تسلیم المهر ففی صحة الشرط و لزومه وجهان

و لا یبعد صحته.

سابعها: لو بذلت البضع و لکن لم یستوفه الزوج باختیاره لزمه بذل المهر قطعاً

لأن غایة ما یلزمها هو البذل و أما الاستیفاء فأمره راجع إلیه و لو کان ممنوعاً عن الوطء لمرض أو خوف أو نحوهما فوجهان و لو کان المانع منها کألم أو مرض و نحوهما فکذلک إلا أن الأوجه أن له الامتناع من تسلیم المهر.

ثامنها: لو دفعه لها فمنعت نفسها لم یکن له استرجاعه

لوصول الحق إلی أهله فلا یعود.

تاسعها: لو کانت صغیرة و طلب الولی المهر ففی وجوب إجابته وجهان

و لا یبعد عدم الوجوب بناء علی إجراء حکم المعاوضة علی عقد النکاح کما هو المفروض فی أکثر الفروع لعدم إمکان قبض البضع مع احتمال لزوم دفعه لإقدامه علی العقد علیها مع علمه بعدم إمکان وطئها و احتمال أن الولی لو بذلها لاستیفاء بعض المنافع غیر الوطء لزمه دفع المهر.

عاشرها: لو بذلت له القبل دون الدبر أو بالعکس کما لو کانت حائضاً فالظاهر سقوط جواز الامتناع عن تسلیم المهر

و احتمال تنصیف المهر بالنسبة للامتناع بعید.

حادی عشرها: لو کانا صغیرین أو کان الزوج صغیرا فالظاهر عدم وجوب بذل المهر لو طلبته الزوجة

حتی لو مکنت الکبیرة نفسها من الصغیرة بإدخال ذکره و لو بآلة لعدم التمکین التام.

ثانی عشرها: لو دفع ولی الصغیر المهر فبلغ فهل له ارتجاعه إذا امتنعت وجهان

و کذا لو دفع ولی المجنون فعقل قبل الدخول.

ثالث عشرها: لو وطء الزوج المجنونة أو الصغیرة فالظاهر عدم اعتبار هذا الوطء فلها أن تمتنع نفسها بعد ذلک.

ص: 219

رابع عشرها: لو شرط علیها ارتجاع المهر بعد دفعه

لو امتنعت قبل الدخول أو شرطت علیه منع نفسها بعد الدخول لو امتنع عن بذل المهر فلا یبعد فساد الشرط.

خامس عشرها: لا فرق فی هذه الاحکام بین عقد الدائم و المتعة

و فی مقاصتها إذا امتنعت من بذل نفسها لامتناعه عن بذل المهر بقدر أیام امتناعها وجهان.

سادس عشرها: لو وطأها و هی غیر عالمة بأن لها حق الامتناع فعلمت بعد ذلک فالظاهر سقوط حق امتناعها

و جهلها لیس من الإعذار المسقطة لحکم الوطء.

سابع عشرها: لو أمهرها مهراً فاسداً کان لها الامتناع حتی یعطیها مثله أو قیمته أو مهر المثل و لو قلنا لا یجب علیه شی ء إلا بالدخول سقط حق الامتناع من قبلها و لو لم یسم لها مهراً فحکم علی حکم المفوضة کما سیجی ء إن شاء الله تعالی.

القول فی التفویض:

اشارة

و هو لغة رد الأمر إلی الغیر أو إهماله و شرعاً أمر المهر من الزوجین أو ممن یقوم مقامها أو البضع إلی أحدهما أو إلی ثالث أو إهمال ذکر المهر فی العقد و تسمی المرأة مفوضة بکسر الواو لإهمال أمرها أو لتفویض مهرها إلی الزوج أو الولی و مفوضة بالفتح لتفویض أمر المهر إلیها أو لتفویض الولی أمر مهرها لزوجها فالتفویض قسمان تفویض للبضع و تفویض للمهور و الأول هو إخلاء العقد عن ذکر المهر رأساً عمداً أو سهواً أو نسیاناً و الثانی ذکره فی الجملة و إیکال أمر تقدیره إلی أحد الزوجین أو غیرهما

و الکلام فیه فی أمور:

أحدها: لا خلاف بین أصحابنا فی جواز إخلاء عقد النکاح عن ذکر المهر

أصلًا و ینعقد نکاحاً و لها مع الدخول مهر المثل علی ما سیجی ء إن شاء الله تعالی و مع عدمه فإن فرض لها قبل الطلاق شیئاً فطلقها فلها نصف ما فرض و إن لم یکن فرض فطلقها قبله فلها المتعة و لو مات عنها أو فسخ فلا شی ء علیه من قبله و یدل علیه قوله تعالی: (لٰا جُنٰاحَ عَلَیْکُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ مٰا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِیضَةً)، فالمراد من نفی الجناح إلی احدها الغایتین هو نفی المهر بقرینة إیجاب المتعة بعد ذلک فی قوله تعالی: (وَ مَتِّعُوهُنَّ)

ص: 220

و قوله بعدها: (وَ قَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِیضَةً فَنِصْفُ مٰا فَرَضْتُمْ)، و فی خبر عبد الرحمن فی رجل تزوج امرأة و لم یفرض لها صداقاً ثمّ دخل بها قال صداق نسائها و فی آخر و لم یفرض لها صداقاً فمات عنها أو طلقها قبل أن یدخل بها ما لها علیه قال لیس لها صداق و هی ترثه و یرثها و فی آخر و لم یفرض لها صداقا قال لا شی ء لها من الصداق فإن کان دخل بها فلها مهر نسائها و مثل عدم ذکر المهر اشتراط عدمه فی الحال أو علی وجه الإطلاق فینصرف إلیه أما لو اشترط عدم المهر فی الحال و المال أحتمل صحة العقد و بطلان الشرط فتعود کالمفوضة أو یثبت لها مهر المثل ابتداءً و المعروف بطلان الشرط و العقد لمنافاته لمقتضی العقد و هو الاظهر و فی الصحیح لا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) و أما غیره فلا یصلح له نکاح إلا بمهر.

ثانیها: لا یجب المهر بنفس العقد فی المفوضة

و إنما یجب مهر المثل مع الدخول قبلًا و دبراً لإطلاق الأخبار و الإجماع و تجب المتعة مع الطلاق نفسه إذا کان قبل الدخول للکتاب و السنة و الإجماع و لا یجب شی ء قبل الدخول مع الفسخ للأصل و ظاهر الأصحاب و کذا مع الموت للأصل و ظاهر الأصحاب و الأخبار إلا أن یفرض لها قبل الدخول فریضة فیلزم علیه ما فرضه مع الموت أو الفسخ و مع الطلاق یلزم علیه النصف و یعود له النصف کل ذلک لظاهر الأخبار و فتوی الأصحاب و فی الصحیح فی المتوفی عنها زوجها إذا لم یدخل بها فإن لم یکن فرض لها مهراً فلا مهر لها و الآخر عن المرأة تموت قبل أن یدخل بها أو یموت الزوج قبل أن یدخل بها قال أیهما مات فللمرأة نصف ما فرض فإن لم یکن فرض لها فلا مهر لها و مفهوم الأول ثبوت جمیع المهر بالموت و منطوق الثانی ثبوت النصف به و سیجی ء الکلام فیه إن شاء الله تعالی و ظاهرها مع أنه مع الفرض یلتزم الزوج بما فرض من غیر فرق بین ما کان الفرض فی العقد أو بعده کما فهم الأصحاب و فهمهم هو المانع من انصراف الغرض إلی ما کان فی العقد فقط لظهور ظهوره منه.

ثالثها: فرض المهر عائداً إلی الزوج أو الزوجة فلو تراضیا علی معین قدراً و جنساً لزم

و لا یجوز لأحدها الرجوع بعد الفرض للأصل و ظاهر الفتوی سواء کان ما

ص: 221

تراضیا علیه بقدر مهر المثل أو أزید أو انقص و إن اختلفا فإن فرض الزوج أقل من مهر السنة و المثل و لم ترض به المرأة لم یلزم علیها فإن تنازعا رجعا إلی الحاکم علی أقوی الوجهین لأنه المنصوب لقطع النزاع و هو یتولی الفرض و یلزمه فرض مهر المثل أما مطلقاً أو ما لم یتجاوز مهر السنة فیرد إلیها کما سیجی ء ان شاء و إن فرضه الزوج مساویاً لمهر السنة أو أزید أحتمل لزومه علیها لانه فوض إلیها التقدیر لما کان لها الزیادة علیه و کذا الحاکم بناء علی ذلک کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و احتمل عدمه و احتمل الرجوع إلی مهر المثل فإن ساواه لزم و إلا فلها رده و للمفوضیة المطالبة بالفرض لأنه حقها فلها المطالبة بتعجیله کی تعرف ما تستحق من المهر بالموت أو الفسخ فإن امتنع الزوج جبره الحاکم أو فرض عنه فإن تراضیا علی فرض الحاکم لزم علیهما و لها الامتناع من تسلیم نفسها إلی أن یحصل الفرض و الدفع من الزوج و لو فرض الزوج مهر المثل لزم لإیکال الفرض إلیه فی الکتاب خرج ما دون مهر المثل فبقی الباقی و لو أبرأت المفوضة الزوج من المهر تفویضاً و متعة و مهر مثل مع الدخول لم یلزم إبراؤها و لو اسقطت حقها من الفرض جاز له الدخول بدونه و لو أبرأته ما یفرضه قبل فرضه لم یجز و یجوز لها تجدید المطالبة بالفرض بعد إسقاط حقها منه لتجدده فلا یسقط کله علی الأظهر و لو فرض لها مهراً فاسداً طولب بالصحیح فإن رضیت الزوجة بفرضه کان حکم کحکم المهر الفاسد فی ابتداء العقد علی الاظهر و یحتمل بقاء استحقاق الفرض و لا یؤثر رضاها فی رفع الاستحقاق و هو قوی و یجوز للاجنبی فرض المهر و دفعه إلیها لأنه بمنزلة ما لو دفع الاجنبی المسمی عن الزوج فإن للأجنبی أن یفی الغریم تبرعاً فإن طلقها الزوج قبل الدخول فهل یعود نصفه للزوج کما یعود نصف المسمی المتبرع به إلیه لدخوله فی ملکه أو یعود إلی الاجنبی لأنه دفعه لیقضی ما وجب لها و بالطلاق سقط وجوب النصف فیرجع ما سقط وجوبه إلیه وجهان أوجههما الأول لأنه قضی ما وجب علیه ابتداء و رجوع النصف تجدد بعد سقوط الحق لمکان الطلاق فیستحقه الزوج و یحتمل أن الزوج لو طلقها قبل الدخول بطل فرض الاجنبی و لیس لها إلا المتعة لأنه لیس أصیلًا و لا ولیاً و لا وکیلًا و لکنه ضعیف.

ص: 222

رابعها: یصح التفویض من الولی علی الاظهر و یصح الفرض منه کذلک

و لو بدون مهر المثل و لکن مع الغبطة فیهما و هل للمولی علیه الاعتراض فی المهر و تقدیره بعد بلوغه وجهان و لا یبعد أنه له لو نقص عن مهر المثل و یحتمل بطلان التفویض من الولی و ثبوت مهر المثل بنفس العقد حتی لو طلقها قبل الدخول کان لها نصف مهر المثل دون المتعة و لکنه ضعیف و مع عدم الغبطة فلا یصح العقد من اصله و لو زوج المولی أمته مفوضة فإن باعها قبل الدخول و أجاز المشتری کان التقدیر إلی المولی الثانی و الزوج و یملکه المولی الثانی إذ لا مهر قبل الفرض أو الدخول و کذا لو أعتقها قبل الدخول فرضیت باستمرار النکاح فإن تقدیر المهر إلیه و إلیها و یکون المهر لها و یحتمل ضعیفاً أن المهر للمولی الأول بناء علی أن ملک المفوضة للمهر بنفس العقد.

خامسها: إذا طلق الزوج المفوضة قبل الدخول و قبل الفرض کان لها المتعة

کما ذکرنا و لا تثبت المتعة بغیر الطلاق من فسخ أو موت أو لعان أو ردة أو خلع أو رضاع للأصل و ظاهر الآیة الاختصاص بالطلاق الواقع فی مفوضة البضع و کذا ظاهر الأخبار و کلام الأصحاب و أوجب بعض فقهائنا المتعة لکل فسخ من قبل الزوج فقط أو من قبله و قبلها دون ما کان من قبلها فقط و هو ضعیف نعم تندب المتعة فی الطلاق قبل الدخول مطلقاً و إن لم تکن المطلقة مفوضة و العبرة فی قدر المتعة بحال الرجل کما هو نص الکتاب فعلی الموسع قدرة و علی المقتر قدره فالغنی یمتع بالثوب المرتفع و الدابة و عشرة دنانیر و مثل ذلک لإطلاق النص و ما ذکر فی الخبر من الدار و الخادم فهو مثال و المتوسط یمتع بخمسة دنانیر أو الثوب المتوسط و یتمتع الفقیر بدینار أو خاتم و شبههما و ما فی الخبر من الخمار و الحنطة و الزبیب و الثوب و الدراهم فعلی التمثیل و قیل الاعتبار بحال الزوجین معاً.

و قیل: بحال الزوجیة لقوله (علیه السلام) فی خبر الحلبی فلیمتعها علی نحو ما یتمتع مثلها من النساء و الأظهر الأول و لا ینافیه ملاحظة حالها لاختلاف الافراد و تفاوت أفراد الوسط و أفراد القلیل فیعطی من تلک الافراد ما یناسب حالها بحسب الإمکان و ثبوت الوسط بین الغنی و الفقیر لا ینافی ما ذکر فی الآیة من الموسّع و المقترّ لأنّ أعلی

ص: 223

أفراد المقتر و أدنی أفراد الموسع یکون وسط و المدار هنا علیه و فی التقسیم للثلاثة روایة مرسلة و أفتی بها مشهور الأصحاب و ذهب بعض أصحابنا إلی لزوم عشرة دنانیر علی الغنی و الخمسة علی الوسط و الواحد علی المعسر أو قدرها من غیرها و لا أری علیه دلیلًا و الأخذ به أحوط و بالجملة فالمقطوع به من الکتاب و السنة هو وجوب المتعة للمطلقة قبل الدخول و قبل الفرض و إنها من الواجبات المالیة المتعلقة بالذمة و إن قدرها مختلف بحسب الیسار و الإعسار و الظاهر أنها تخرج من أصل ماله بعد موته کغیرها من التکالیف المالیة و لو امتنع قاصه الامرأة و لو طلق فقیراً فأیسر فالمدار علی حال الطلاق مع احتمال أن المدار علی حال الدفع فلا تجب بعد الدخول للأصل و ما ورد فی ذلک و إنها تکون بعد الفراغ من العدة متروک فلا یحمل علی الوجوب بل یحمل علی الاستحباب و أما نفس المدفوع فالکتاب و المعتبر من السنة مطلقاً فیرجع بیانه إلی العرف أو مجمل فیرجع بیانه إلی الشرع و علی کل حال فلا تزید علی ما فی الأخبار بحسب القیمة و إن اختلفت القیمة فهو اختلاف جزئی و الخیار فیه للزوج و لکن جملة من الأخبار مختلفة فی بیانها بحسب النوع و المفهوم منها بقرینة اختلافها و فهم الفقهاء لها و عدم الاعتناء بتجدیدها أن ذکر النوع الخاص من باب المثال و لیس المقصود نوعاً خاصاً بل المقصود ما یسمی متعة من الغنی بنسبة الغنی و من الفقیر بنسبة الفقر علی أن یدفع ما هو مذکور فی الروایات أو ما شابهه بحسب القیمة و الخیار إلیه فی الدفع و الأحوط مراعاة الزوجة أیضاً فی المدفوع بأن یکون مما یناسب حالها فی الشرف و الضعة و له التخیر فی دفعها قبل الطلاق و بعده فما ورد فی بعض الأخبار من الأمر به قبله محمول علی الندب لعدم معارضته لما دل علی أن المتعة حق للمطلقة فلا یجب إلا بعد الطلاق بل المدفوع قبل الطلاق لا یکون متعة و إن ضمنتها الزوجة الضمان المقبوض بالسوم بل دفعها قبل الطلاق فیه تعریض لمال للتلف و یظهر من إطلاق بعض الأخبار وجوب المتعة لکل مطلقة حتی لو کان بعد الدخول و قد قبضت المهر و یؤیده إطلاق قوله تعالی: (وَ مَتِّعُوهُنَّ)، بناءً علی رجوعها للمطلقات المطلقات لا المقیدات و لکن المذهب هو الندب.

ص: 224

سادسها: للمفوضة مهر المثل إذا دخل بها الزوج قبل الفرض

و علیه فتوی الأصحاب و فی الأخبار مهور نسائها و المراد بمثلها هو ما کان مثل المرأة فی الجمال و الشرف و صراحة النسب السن و البکارة و العقل و الیسار و العفة و الأدب و التدبیر و سیاسة الزوج و التدبیر و حسن الطالع و یمن الإقدام و کثر الولادة و حسن التبعل و زیادة التدین و قوة الفهم و اعتدال السلیقة و لطف الطریقة و الاستقامة فی الأمور و الأمانة و الشفقة علی الزوج و الصیانة لعرضه و کتمان سره إلی غیر ذلک و اضدادها فی مقابلها بالنسبة إلی الضعة و ذکر الأصحاب مما ذکرناه جملة و المراد بنسائها أقاربها من العصبات وهن من تقربن إلیها من طرف الأب کالأخوات و العمات و الجدات کما صرح به جمع من أصحابنا حیث أن العبرة فی الشرف بالآباء دون الأمهات و لأن الولد ینسب إلی أبیه و قبیلته و عشیرته و هو من تقرّب إلیه بالأب و أما الأم و من تقرب إلیها فهم ینتسبون إلی آبائهم و عشریتهم فلا ربط لهم بمن تولد من الأم و لا ربط له بهم و یظهر من جهله و نسب للمشهور أن المراد بالنساء ما یعم المتقرب بالأم لأنه جمع مضاف و أضافته لأدنی ملابسة فیصدق علی جمیع من لابسها من أقاربها من طرف الأم أو الأب و لصدق اسم نسائها علی المنسوب إلیها من الطرفین عرفاً و هو قوی إلا أن الأول أقوی الدوران الأمر فی المهر مدار العز و الشرف لأن الامرأة تدعی و تطالب و تفتخر بما علیه أهلها و المتقرب بالأم لها لیس من أهلها و لنا أن نمنع عموم لفظ نسائها و نرمیه بالإجمال فنأخذ بالمتیقن منه هو بالمتیقن منه و هو المتقرب لها بالأب و یظهر من بعض الأصحاب أن المتقرب بالأم مرتبة بعد فقدان مرتبة المتقرب بالأب و لا دلیل علیه إلا أن یقال أن الشارع قد لاحظ الأقارب فی المهر فی الجملة فمع انتفاء أقارب الأب لوحظت أقارب الأم أو یقال أن العام إذا لم یؤخذ بعمومه و اقتصرنا به علی فرد من أفراده المقتضی جاز لنا عند انتفاء ذلک الفرد الرجوع إلی الفرد الآخر لأنه أقرب الأشیاء إلیه و ما لا یدرک کله لا یترک کله و کلاهما کما تری إلا أنه موافق للاحتیاط فی بعض المقامات و علی کل حال فالجمع بین الرجوع إلی مهر المثل کما فی کلام الأصحاب و الرجوع إلی مهر نسائها کما فی الاخبار یقتضی أن مهرها هو مهر أمثالها

ص: 225

من نسائها لا مهر أمثالها بحسب صفاتها و أن کن من صنف آخر أو نسب آخر أشرف أو أدنی و اعتبر بعض الأصحاب کون أمثالها من نسائها التی فی بلدها لتفاوت البلاد فی المهور و هل المراد ببلدها الساکنة فیه أو الحالة فیه وقت العقد وجهان و لا یبعده الأخیر و لو لم یکن للامرأة أقارب اکتفی بمهر أمثالها من أی بلد فلو اختلفت أمثالها من نسائها أو مطلقاً فی قدر المهر أخذاً الأکثر فإن تساویا کانا مهرین و تخییر بینهما و شرط جمع من أصحابنا فی مهر المثل أن لا یتجاوز السنة و هو خمسمائة درهم و نسب للأکثر لأن النساء لا یقاربن بنات النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) فی جمیع الخلال حسباً و نسباً و مهرهن مهر السنة و نجبر المفضل فمن زاد علی ذلک رد إلی السنة و لا شی ء علیه أکثر من الخمسمائة درهم و خبر أبی بصیر عن رجل تزوج امرأة فوهم أن یسمی صداقها قال السنة و السنة خمسمائة درهم و هما ضعیفان سنداً و دلالة لظهور الأول فی کمیة المهر و ظهور الثانی فی نسیان الصداق و هما غیر ما نحن فیه و أما مهر بنات النبی فلم یکن مناسباً لهن و إنما کان صدوره منه (صلّی الله علیه و آله و سلّم) کصدور حجر المجاعة و ترک الدنیا و حمل أهله علی ترکها لا یدل علی لزوم حمل أمته علیها و مع ذلک فلا یبعد الأخذ بإطلاق الروایتین لشمول إحداهما و إشعار الأخری بمفروض المسألة مع انجبار ضعفهما بفتوی المشهور نعم یقتص فی ذلک الحکم علی المفوضة لحکم الأکثر فیهما بذلک فلا یسری إلی مهر المثل الثابت من جهة فساد المهر أو وطء الشبهة أو الإکراه أو نحو ذلک مع احتمال السرایة لکشف مهر بنات النبی (صلّی الله علیه و آله و سلّم) عن أن انتهاء قیمة البضع ذلک و لکنه ضعیف و یراعی مهر المثل حال الوطء و لا العقد مع احتمال ذلک لأنه سبب ثبوته و قد یختلف مهر المثل بالنسبة إلی المراعاة کما إذا کان أمثالها ینقض المهر إذا أخذن الشرف أو الأقارب کان حکم مهر المفوضة ذلک.

سابعها: یجب مهر المثل فی غیر المفوضة بالوطء

و یراعی فیه جنس الوطء و إن تعدد لأن مهر المثل یدور مدار وقوع نفس الوطء اتحد أو تعدد کما یقضی به العرف و الشرع إلا مع الإکراه فالأظهر تعدد المهر بتعدد الإکراه مع احتمال عدمه و کذا لو

ص: 226

تعددت الشبهة فتعدد الوطء بتعددها فالاظهر التعدد أیضاً لأنه بمنزلة نکاحین و وطأین و لو کان عادة مهوراً أمثالها اشتماله علی التأجیل سقط بمقدار ما یخص الأجل من نفس المهر و کان لها الباقی لأن مهر المثل قهراً نعم قد یقع بالفرض عند تراضیهما علیه و یعتبر مهر المثل فی المفوضة حال العقد فیلاحظ أمثالها فی ذلک الوقت بخلاف غیر المفوضة من الموطوءة شبهة أو إکراهاً أو بمهرٍ فاسدٍ فإنه یلاحظ وقت الوطء و لو تکرر الوطء فی الشبهة الواحدة لزم مهر واحد إلا أنه یلاحظ الأعلی ما بین الوطء الأول و الأخیر و قد یقال أن اعتبار مهر المثل فی المفوضة أیضاً بحال الواطئ لعدم تملکها المهر بنفس العقد فلا یلاحظ حال العقد غایة الأمر ان المفوضة ملکت فی العقدان تملک و استحقت أن تستحق و لذا جاز لها الامتناع من تمکین نفسها قبل الفرض و ذلک لا یقضی الزوج ذلک الوقت إلا أنه خلاف ظاهر من عثرنا علیه من الأصحاب و کأنه بناء منهم علی أن المهر فی المفوضة له ربط فی العقد حیث أنه السبب فی تملیکها أن تملک و له ربط فی الوطء فیلاحظ التقویم حال العقد و لا یستقر إلا بالوطء فالوطء یستقر به ملک مهر المثل و یثبت فی العقد متزلزلًا فإن مات أو فسخ أو طلق انتفی و إن دخل استقر أو أن الدخول کاشف عن ثبوته ابتداء و عدمه کاشف عن عدمه و ربما یسری ذلک إلی کل مهر فاسد فیق بلزوم قدر المثل فیه خیر العقد و کذا فی جواز منع الامرأة نفسها عن الدخول بها قبل قبض مهراً أمثالها لأن المسمی و إن بطل و لکنها ملکت أن تملک فلها الامتناع و هو قوی و لو دخل فی المفوضة و لم یُسمّ لها شیئاً مطلقاً إلا أنه قدم لها قبل الدخول مالا فقبضه.

قیل: کان ذلک مهرها قهراً إلا أن تبین له قبل الدخول أنها لا ترضی مهرا و نقل علیه الإجماع و الصحیح فیمن تزوج امرأة فأولدها ثمّ مات عنها فجاءت تطلب شیئاً من الصداق و یدعی میراثاً قال أما المیراث فلها أن تطلبه و أما الصداق فالذی اتخذت من الزوج قبل أن یدخل بها هو الذی حل للزوج فرجها قلیلًا کان أو کثیراً فإذا هی قبضته منه و قبلته و دخلت علیه فلا شی ء لها بعد ذلک و قد یقدح فی الإجماع بمخالفته

ص: 227

القواعد و عدم تسلیم الأصحاب له و فی الروایة و بإرادة أنها قبلته مهراً و قد ینزل ذلک علی ما هو فی العرف من أن المقدم هو المهر فإذا قبلته کان هو مهرها علی ظاهر الحال.

ثامنها: من التفویض ما یسمی تفویض المهر

و هو أن یذکر المهر فی الجملة و یوکل تعینه إلی أحد الزوجین معیناً أو إلی أحدهما مبهماً أو إلیهما جمیعاً و مجتمعاً أو إلی أجنبی منفرد أو مجتمع مع أحدهما أو مع کل منهما و الظاهر أنه تحکیم لا توکیل و تفویض لا استنابة فلا یجوز عزل الحاکم بعد جعله حاکماً و یلزم متابعته إلا إذا شرطا عزله فللمشترط عزله حینئذٍ لمکان الشرط و یدل علی جواز جعل الحکم لمن ذکرناه لأصل و عموم المؤمنین عند شروطهم و قوله تعالی: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) و لقوله (علیه السلام): (المهر ما تراضیا علیه)، و جواز تقدیر المهر فی المفوضة البضع من جمیع ما ذکرنا فهذا أولی بناء علی جواز الفرض من الأجنبی فیها کما تقدم و یدل علی خصوص الزوجین الأخبار و فتوی الأصحاب و الظاهر أنه إجماعی إلا أن الحکم أن کان للزوج مطلقاً کان له التقدیر مطلقاً قلیلًا أو کثیراً و لا یتقدر علیه بقدر لو کان دون مهر المثل و إن کان للزوجة مطلقاً لم یمض حکمها بما فوق مهر السنة و یدل علی الحکمین الإجماع المنقول نصاً علی الأخیر و ظاهراً علی الأول و الخبر الصحیح قال فإن طلقها و قد تزوجها علی حکمها لم تتجاوز بحکمها علیه أکثر من دون خمسمائة درهم فهو مهر نساء النبی ص و الآخر عن زرارة سأله عن رجل تزوج امرأة علی حکمها قال لا تتجاوز بحکمها مهر نساء آل محمد (صلّی الله علیه و آله و سلّم) اثنی عشر أوقیة و نش و هو وزن خمسمائة درهم من الفضة قلت أ رأیت أن تزوجها علی حکمه و رضیت قال ما حکم من شی ء فهو جائز لها قلیلًا کان أو کثیراً قال قلت کیف لم تجز حکمها علیه و أجزت حکمه علیها فقال لأنه حکمها فلم یکن لها أن تجوز ما سن رسول الله و تزوج علیه نساءه فرددتها إلی السنة و لأنها هی حکمته و جعلت الأمر فی المهر إلیه و رضیت بحکمه فی ذلک فعلیها أن تقبل حکمه قلیلًا کان أو کثیراً قیل و لا غبار علی ما أبدی من الفرق کما توهم فإن المهر فی الکثرة حداً مسنوناً دون القلة و هو حسن و للنساء طمع قصَّره الشارع و أطلق

ص: 228

حکم الرجل و هو من باب تفضیل الرجال علی النساء و المراد بالنهی فی الخبرین عدم مضی الحکم من الزوجة لا التحریم و لو شرطت الزوجة علی الزوج أن لا یقصر حکمه عن مهر المثل أو شرطت علیه أن لها أن تتجاوز مهر السنة کان لها ذلک لعموم أدلة الشروط و الظاهر أن إطلاق الشرط للأجنبی أیضاً مقصور علی أن لا یتجاوز مهر السنة إلا إذا نصا علی الإطلاق و یحتمل أیضاً أن علیه ألا یقصر عن مهر المثل لأنه بمعنی الوکالة و لکنه ضعیف و یحتمل أن الأجنبی إن حکمته الامرأة لزم علیه الأول و إن حکمه الرجل لزم علیه الثانی و إن حکمناه لم یلزم علیه شی ء و قد ورد فی الصحیح عن الرجل یفوض إلیه صداق امرأته فینقص عن صداق نسائها قال یلحق بمهر نسائها و هو محمول علی الندب لعدم مقاومته للأخبار الدالة علی أن الأمر إلیه مطلقاً المعتضدة بفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماع المنقول و إذا أوکلت الزوجة التقدیر فی المهر إلیها و إلی الزوج معا فاختلفا أوقف الأمر إلی أن یصطلحا باختیارهما و احتمل الرجوع إلی مهر المثل لعدم إمکان التقدیر حینئذٍ و احتمل الرجوع إلی الحاکم فیقدر بنظره و لکن لا یزید عن مهر السنة و لا ینقص عن مهر المثل کما أن الأمر لو کان لأحدهما و أجنبی معهما معاً فاختلفا و لو کان الأمر للأجنبی فقط لزمه أن لا یزید عن مهر السنة و لا ینقص عن مهر المثل إلا أن یصرحا له بالتعمیم و یحتمل أن له الفرض مطلقاً لأنه تحکیم لا توکیل و لو طلق الزوج الزوجة قبل الفرض و الدخول الزم من له الحکم به و ثبت لها النصف و لو طلقها بعد الدخول فکذلک و ثبت لها الکل و یشعر به صحیح محمد بن مسلم المتقدم و لو امتنع من شرط الحکم علیه عن الحکم فان اخذ الحکم شرطا علی

أحد الزوجین ألزم به فإن أصر جبره الحاکم فإن لم یمکن تولی الحاکم الفرض و لیس له أن یزید علی مهر السنة و لا ینقص عن مهر المثل مع احتمال أنه لو کان الحکم للزوج جاز للحاکم أن ینقض عن مهر المثل لأنه قائم مقامه و لو کان الحکم للزوجة فامتنعت عن فرض ما لا یزید عن مهر السنة بل فرضت فوق مهر السنة الزمت بفرض آخر أو تولی الحاکم الفرض عنها او ردت إلی مهر السنة وجوه و لا یبعد الأخیر و إن لم یؤخذ الحکم شرطاً جاز للحاکم الحکم و جاز له الامتناع فإذا امتنع فلا یبعد ثبوت مهر

ص: 229

المثل و لو مات الحاکم قبل الحکم و قبل الدخول فلها مهر المثل لاستحقاقها المهر بالعقد و لم یتعین فلها قیمة البضع و لا قائل بأن لها أقل ما یتمول و ذهب جمع من أصحابنا إلی وجوب المتعة و نسب للأکثر و یدل علیه صحیح محمد بن مسلم فی رجل تزوج امرأة علی حکمها أو علی حکمه فمات أو ماتت قبل أن یدخل بها قال لها المتعة و المیراث و لا مهر لها و لعدم إخلاء العقد عن المهر فی الجملة و لا مسمی لعدم التسمیة و لا مهر المثل لعدم الدخول فلا بد من المتعة إذ لا رابع بخلاف مفوضة البضع فإنها قدمت علی أن لا مهر لها فلا یثبت لها شی ء و قدح بعضهم فی دلالة الصحیح لاحتمال أن الموت کان من المحکوم علیه لا من الحاکم و لاختصاص الجواب فیه بموت الزوج إذ لو ماتت لم یکن لها میراث و لا یتم المقایسة بإیجاب المتعة لها و المیراث له واجب عن الأول بأنه لا جهة لثبوت المتعة علیه مع بقاء الحاکم لانعقاد النکاح علی حکمه و المؤمنون عند شروطهم فإذا کان باقیا کان له الحکم و لا أثر لموت المحکوم علیه کیف و قد نص فی الخبر بعد ما ذکر أن له الحکم مع الطلاق القاطع لعلاقة الزوجیة بخلاف الموت فلا بد من الحمل علی موت الحاکم جمعاً بین طرفیه و بینه و بین الأصول و عن الثانی بعدم الفارق بین الموتین و فی السرائر أنه لیس للمرأة شی ء کالمفوضة أما المهر فلما مرَّ و أما المتعة فللأصل و اختصاصها بالطلاق و هو حسن علی مذهب من لا یری العمل بأخبار الآحاد و لکن لما کانت الروایة صحیحة و الأصحاب قد عملوا بها فلا مناص عن الأخذ بها و کان کلام بن إدریس مبنی علی أن عدم الحکم یکون کاشفاً عن عدم المهر من أصله لأن المهر حینئذٍ ما یحکم به فلان فمع عدم حکمه انکشف عدم المهر.

القول فی وجوب جمیع المهر بالدخول و تنصیفه مع عدمه و العفو و فیه مباحث.

أحدها: المعروف بین أصحابنا بل المجمع علیه بینهم أن المهر یستقر بالدخول

علی الزوجة فإذا لم یدفعه کله إلیها أو بعضه کان غیر المدفوع دیناً علیه ما لم تبرئه عنه و یدل الکتاب و السنة و الاستحباب و الأخبار الواردة فیمن تزوج المرأة و لا یعطیها شیئاً

ص: 230

أنه یکون المهر دیناً علیه کثیراً جداً و یؤیدها الأخبار الکثیرة أیضاً الدالة علی من تزوج و لم ینو دفع المهر إلی زوجته فهو زان و إن من تزوج و لا یجعل فی نفسه أن یدفع المهر فهو زنا و إن الصداق هو الذی یستحل به فرجها و إنه بدونه یکون زانی و إن الامرأة بائعة نفسها و إن الرجل مشتری و لا یکون البیع بغیر ثمن و لا الشراء بدون دفعه و نقل عن بعض أصحابنا أن الزوج إذا دخل بامرأته هدم صداقها و فی الأخبار أیضاً ما یدل علیه و إن اختلفت.

فمنها: ما یدل علی أنه بعد الدخول و الرضا بالزوج لیس لها شی ء سوی ما قبضه منه قلیلًا کان أو کثیراً.

و منها: ما یدل علی أن الزوج إذا دخل بالمرأة هدم دخوله العاجل و هی کثیرة.

و منها: ما یدل علی أنه إذا دخل بها فلا مهر لها.

و منها: أنه لو کان مهرها خمسمائة درهم و دخل بها قبل أن تستوفی صداقها هدم الصداق فلا شی ء لها إنما لها ما أخذت من قبل أن یدخل بها فإذا طلبت بعد ذلک فی حیاته منه أو بعد موته فلا شی ء لها.

و منها: ما یدل کالصحیح علی أن المرأة و الرجل إذا هلکا فادعی ورثة الامرأة علی الرجل الصداق قال لیس لهم شی ء و کذا لو کانت الامرأة حیة فادعت علی ورثة الرجل الصداق قال لیس لها شی ء و قد أقامت معه مفردة حتی هلک زوجها و کذا أن ماتت و هو حی فجاء ورثتها یطالبون و قد أقامت معه حتی ماتت لا تطالبه قال نعم لا شی ء لها و کذا لو طلقها و قد أقامت معه لا تطالبه بصداقها فجاءت تطالبه فلا شی ء لها قلت فما حد ذلک الذی إذا طلبته کان لها قال إذا اهتدیت إلیه و دخلت بیته ثمّ طلبت بعد ذلک فلا شی ء لها أنه کثیر لها أن استحلف بالله تعالی مالها قبله من صداقها قلیل و لا کثیر.

و منها: ما یدل علی أن الزوج إذا دخل بامرأته فادعی الزوج دفعه إلیها فأنکرت کان القول قوله و علیه الیمین و علیها البینة و هذا القول مع ما دلت علیه من الأخبار مخالفة لأصول المذهب و لظاهر اتفاق الأصحاب و للأخبار المعتضدة بفتوی

ص: 231

المشهور بل المجمع علیه فلا بد من الإعراض عنه و عنها نعم قد یحمل بعضها علی أن العرف ذلک الیوم أن الامرأة إذا دخلت علی الزوج و أقامت معه و رضیت به هو دلیل علی إسقاط حقها و إبرائها ذمته فیکون بمنزلة الفعل هنا مقام القول و أما الحکم بالسقوط التعبدی فهو ساقط لا یلتفت إلیه.

و قد یحمل بعضها علی المفوضة إذ قدم لها الزوج شیئاً فرضیت به فدخل علیها کغیرها من الأخبار الدالة علی ذلک و حکمها حکمها.

و قد یحمل بعضها علی أنه لیس لها شی ء بمجرد دعواها فیطلب منها البینة و علی الزوج الیمین لأن الظاهر أنه إذا دخل بها و أقام معها و لم تطالبه أنه قد دفعه إلیها أو أبرأته منه و هو مضمون الخبرین الاخیرین و هو حسن لو لا أعراض الأصحاب عن الحکم بذلک و إجراء حکم دعوی الزوجة المهر علی الزوج مجری سائر الدعاوی من أن البینة علی المدعی و هو الزوج و الیمین علی من أنکر و هی الزوجة و دعوی أن الظاهر الدفع أو الإبراء ممنوع و حمل بعض المتأخرین الأخبار علی سقوط العاجل دون الآجل کما یظهر من بعضها حیث اشتملت علی القسمین و هدمت العاجل جمعاً بین هذه و بین الأخبار الدالة علی عدم الهدم و السقوط و هو کما تری مخالف لما قدمناه من الأدلة و ینافیه بعض الأخبار أیضاً الدالة علی اتحاد المهر و إنه کله عاجل و یهدمه الدخول و الأولی اطراح هذه الأخبار أو حملها علی التقیة.

ثانیها: الأشهر و الأظهر و الأقوی أن الموجب لاستقرار المهر هو الوطء الموجب للغسل

قبلًا أو دبراً و کاد أن یکون ذلک إجماعاً و مفهوم الکتاب شاهد علیه لأن المسیس فیه لا یراد حقیقته فهو إما مجمل أو مطلق بحکم المجمل للإجماع علی عدم إرادة ظاهرة و إن الداخل أکثر من الخارج فیقتصر فیه علی الیقین و الأخبار ناطقة ففی الخبر المعتبر إذا التقی الختانان وجب المهر و العدة و فی آخر مثله بزیادة و الغسل، و فی ثالث إذا ولجه و فیه وجوب المهر، و فی رابع لا یوجب الصداق إلا الوقاع، و فی خامس لا یوجب المهر إلا الوقاع فی الفرج، و فی سادس متی یجب المهر قال إذا دخل بها، و فی سابع عن رجل تزوج امرأة فأدخلت علیه فأغلق الباب و أرخی الستر و قبل و لمس من

ص: 232

غیر أن یکون وصل إلیها بعد ثمّ طلقها علی تلک الحال قال لیس علیه إلا نصف المهر إلی غیر ذلک و نقل عن الشیخ أن المهر یجب بالخلوة ظاهراً إلا إذا ثبت شرعاً عدم الوطء و أما باطناً فلا یجب إلا بالدخول و لها النصف مع عدمه فی الباطن و نقل عن الصدوق (رحمه الله) أن الخلوة توجب المهر کملًا کالدخول و نقل عن ابن الجنید (رحمه الله) أن المهر یجب بالجماع و بإنزال الماء بدونه و بالنظر إلی العورة و لمسها و تقبیل الامرأة متلذذاً و الکل ضعیف لا یقاوم ما قدمناه نعم فی الأخبار ما یدل علی قول الشیخ (رحمه الله) کقوله (علیه السلام) فی خبر زرارة: (إذا تزوج الرجل المرأة ثمّ خلا بها و أغلق علیها باباً و أرخی ستراً ثمّ طلقها فقد وجب الصداق)، و خلائه بها دخول و فی روایة الحلبی مثله، و فی ثالث: مثلهما، فی رابع: قریب إلیهما و الشیخ قد جمع بین هذه الأخبار و بین الأولیة کما جمع ابن أبی عمیر بحمل إیجاب المهر مع الخلوة علی الحکم الظاهری دون الواقعی فیکون مذهب ابن أبی عمیر کالروایة الجامعة بین الأخبار و لا یخفی ان الجمع فرع التکافؤ و لا دلیل علی خصوص هذا الجمع لظهور الأخبار فی أن الخلوة بنفسها موجبة للمهر کملًا لا من جهة أنها مظنة للوطء نعم قد یقال أنهما لو تداعیا فی ثبوت الوطء و عدمه مع حصول الخلوة فالقول قول الزوجة لأن الظاهر مع الخلوة أن لا یترک الزوج الزوجة و لکنه مع ذلک محل بحث أما لو تصادق الزوجان علی الوطء مع الخلوة أو علی عدمها معها لزم اتباع قولهما بالحکم الظاهری و سقطت بینهما و بین ورثتهما الدعوی و ورد فی بعض الأخبار المعتبرة و الإسناد أنه لو حصلت الخلوة بین الزوجین ثمّ طلقها الزوج فقالت الزوجة لم یسمنی فقال هو لم أمسها لم یصدقا بقولها لأنها تریدان أن تدفع العدة عن نفسها و هو یرید أن یدفع المهر عن نفسه و فی بعض الروایات أنهما لو کانا مأمونین صدقا و ظاهرها أنهما لم یصدقا لمکان الاتهام و هذه الأخبار أیضاً مطرحة لمخالفتها لأصول المذهب و قواعد الاقاریر أو محمولة علی الندب فی موضع الاتهام.

ثالثها: یملک المهر بنفس العقد کما هو المشهور

لأن فی المهر شائبة المعاوضة و من شأنها ملک الطرفین دفعة بالعقد کما أن المبیع المثمن یملکان دفعه و إذا توقف البیع علی

ص: 233

شرط کالقبض فی الصرف کان شرطاً لملک العوضین معاً و لا یجوز أن یکون شرطاً لأحد العوضین دون الآخر و البضع یملک بالعقد فیملک المهر به فالحکم بملک البضع بالعقد و ملک المهر بالدخول مخالف لقواعد المعاوضة و للاتفاق علی سببیة العقد لملک و أصالة عدم اشتراط شی ء و آخر و للأخبار الدالة علی أن نماء المهر ما بین العقد و الدخول لامرأة و لظاهر قوله تعالی: (وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ)، الشامل لما قبل الدخول و بعده و ظاهر الإضافة الملک أو الاختصاص الظاهر فیه و لأن النصف یملک بالعقد فالنصف الآخر کذلک إذ لا مرجح لأن کلًا منهما عوض البضع فعلی ما ذکرنا تملک الامرأة المهر جمیعه بالعقد ملکاً لا یتوقف علی شی ء و الطلاق فاسخ للنصف من حینه إذا وقع قبل الدخول فاحتمال أن ملکها للنصف قبل الدخول کان ملکاً مستقراً و النصف الآخر یبقی مراعی فإن دخل تبین ملکه من الابتداء و إلا تبین عدمه کذلک أو أن النصف الآخر یملک نفس الدخول و قبله لا ملک فالنماء الحادث منه یکون للزوج حینئذٍ فإن دخل النصف فی ملکها و إلا فلا بعید أن لا معول علیهما و یلزم منهما عدم جواز تصرف الامرأة لمکان الشرکة و عدم جواز قبضه و إن بذلت له بعضها و هو خلاف السیرة و الطریقة و منع الشیخ (رحمه الله) جواز التصرف بالمهر قبل القبض إنما کان لمکان النهی عن بیع ما لم یقبض و لعدم دلیل علیه فهی مسألة أخری و مع ذلک فما ذهب إلیه ضعیف لعموم ما دل علی تسلط المالک علی ملکه و النهی فی الخبر محمول علی الکراهة لمعارضته بما هو أقوی منه علی أنه مختص بالبیع نعم لیس للمرأة قبض المهر قبل تمکین نفسها من غیر إذن الزوج و القبض لا یستلزم التصرف و لم یملک أبو علی الزوجة إلا نصف المهر إلی أن یدخل بها فتملک النصف الآخر لظاهر جملة من الأخبار أن المهر لا یجب إلا بالدخول و فی بعضها إلا بالوقاع خرج النصف المجمع علیه فیبقی الباقی و فیه أن المراد بالوجوب الوجوب المستقر و إطلاقه علیه إطلاقاً شائعاً و القرینة ایضاً موجودة مما قدمنا و فی خبر عبید بن زرارة فیمن تزوج و أمهر امرأته غنما و رقیقاً فولدت عندها فطلقها قبل أن یدخل بها قال إن کان ساق إلیها ما ساق و قد حملت عنده فله نصفها و نصف ولدها و إن کانت حملت عندها فلا شی ء له من

ص: 234

الأولاد و نقل أنه استدل بخبر أبی بصیر عن رجل تزوج امرأة علی بستان له معروف و له غلة کثیرة ثمّ مکث سنین لم یدخل بها ثمّ طلقها قال ینظر إلی ما صار إلیه من غلة البستان من یوم تزوج فیعطیها نصفه و یعطیها نصف البستان إلا أن یعفو فیقبل منه و یصطلحا علی شی ء ترضی به منه فإنه أقرب للتقوی و فیه أن الخبر لا یقاوم الأخبار المتقدمة و الأخبار الدالة علی استحقاق الامرأة جمیع المهر بالموت مضافاً إلی الأدلة السابقة فلیطرح أو یحمل علی أن الغلة کانت من زرع زرعه الرجل أو علی أن المهر هو البستان دون نماء و علی التقدیرین فالأمر بدفع النصف یکون علی جهة الندب کما یرشد إلیه قوله فإنه أقرب للتقوی و یمکن أن یکون عوضاً عن أجرة الأرض علی أن فی صحة الخبر نظر.

رابعها: من المقطوع به من الکتاب و السنة و فتاوی الأصحاب تنصیف المهر إذا طلق الزوج قبل الدخول

بمعنی أنه یرجع إلی ملکه نصفاً و یبقی للزوجة نصف الآخر علی الإشاعة فإن کان المهر دیناً فی ذمة الزوج برأ من نصفه و لزمه دفع النصف الآخر و کذا لو کان کلیاً أما لو کان عیناً فإن دفعه إلیها استرد نصفه إن کان باقیاً و إن کان تالفاً کلًا أو بعضاً استرد نصف التالف مثلًا إن کان مثلیاً و قیمة أن کان قیمیاً فإن اتحدت أمثاله أو تساوت قیمه فی جمیع أوقاته فلا کلام و إن اختلفت فهل المدار علی مثله یوم الطلاق أو یوم العقد أو یوم القبض أو یوم المطالبة أو یوم الأداء احتمالان أقواها یوم القبض و هل المدار فی القیمة علی قیمته یوم الطلاق أو قیمته یوم القبض أو الأقل مما بین القبض و الطلاق أو الأقل مما بین العقد و القبض و لا عبرة بیوم العقد أو بالاعلی مما بین العقد و القبض و ذلک لانه قبل القبض مضمون علی الزوج و اقوی الوجوه هو الاخیر لان القیمة ما بین العقد و القبض إن زادت فهی زیادة قد حدثت فی ملکها فلا یضمنها ما هو فی ملکها و ان نقصت فالنقیصة مضمون علی الزوج فلا یضمنها ما هو ضامن لها و یدل علی ضمان القیمة یوم القبض الروایة الآتیة إن شاء الله تعالی الواردة فیما زاد بعد القبض و القول بها لا بأس به إلا أنه وارد فی معرض رد الزیادة الواقعة بعد القبض إلی القیمة یوم القبض فلا تدل علی رد الأقل الکائن قبل

ص: 235

القبض إلی قیمة یوم القبض لو کانت قیمته زائدة علی ما قبله و لو زادت القیمة بعد القبض أو نقصت فلا عبرة بهما لأن المدار علی قیمة یوم القبض و الأظهر فی القیمة أن یرجع بقیمة نصفه لا بنصف قیمته لأن حقه النصف فإذا فات قدر کذلک و لا یقدر منضماً إلی الجملة إذ لا یلزمها تقویم ملکها معه و ربما کانت قیمة المجموع أکثر من قیمة النصف منفرداً و فی حکم التلف انتقال العین بناقل لازم کالعتق و البیع و نحوهما و لو عاد إلیها بعد الانتقال ففی رجوع حقه إلی العین أو بقاءه متعلقاً فی القیمة أو المثل وجهان و لا یبعد الأخیر و لو انتقلت بناقل جائز احتمل رجوع نصف العین إلیه قهراً و احتمل تخیرها بین فکه و إرجاع نصف العین و بین إبقائه و دفعها المثل أو القیمة و هو الأقوی و لو تعلق بالعین حق لازم کالرهن تخیر الزوج بین الصبر إلی فکه و أخذ العین و بین التعجیل و أخذ البدل و إن لم یدفع الزوج المهر کان أمانة فی یده فإذا طلقها قبل الدخول فإن تلف بآفة سماویة کان من ضمانه و دفع إلیها مثل نصف التالف أو قیمته یوم التلف و إن تلف بفعل أجنبی رجع إلی الأجنبی بمثله أو قیمته و دفع إلیها النصف و لها مطالبة الأجنبی ابتداءً أیضاً و إن کان بفعله ضمنه کما تقدم و دفع إلیها نصف ما ضمنه و إن نقص المهر کان النقص مضموناً علیه و کذا لو عیب کان علیه أرشه و إن کانت الزیادة لها لحدوثها فی ملکها إن کانت بفعل الله عز و جل و إن کانت بفعله فإن کانت قیمة فلها و إن کانت عیناً فإن کانت منفصلة فهی له و إن کانت متصلة فهو شریکها فإن کان الفعل بإذنها فهو علی حد الشرکاء و إلا جری علیه کم الغاصب.

و لو وجد الزوج العین بعد أن سلمها إلی الزوجة ناقصة فإن کان نقصان قیمة سوقیة کان حقه فی العین و لا ضمان علیها لأنها عین ما فرض و إن کان نقصان غیر فهو أما کالمتعدد فیذهب بعضه و یبقی بعض آخر فحکمه تنصیف الباقی و ضمان التالف بمثله أو قیمته یوم قبضها له و أما واحد فینقص عیناً فیکون بمنزلة المعیب أو بنقص صفة کنسیان صنعة أو فوات جمال أو کمال تنقص بفواتهما القیمة ففی حکم الرجوع به أقوال.

ص: 236

أحدها: التخیر بین الرجوع بنصف القیمة سلیماً و بین أخذ نصف العین من غیر أرش أما الأول فلتنزیل تعین العین منزلة التلف لأنها غیر ما فرض علی وجه التحقیق فیرجع بالأقل من قیمة نصفه مما بین العقد و القبض و أما الثانی فلصدق أنها عین ما فرض عرفاً و حیث کان حدوث النقص فی ملکها لم یکن مضموناً علیها بخلاف ما إذا حدث القبض بید الزوج و فیه أن العین إن کانت غیر ما فرض فلا معنی للقیمة و إن کان غیرها فلا مضی لدفعها علی أن العین مضمونة علی الزوجة بعد القبض و ضمان الکل یقضی بضمان الأجزاء و الصفات و هو معنی الأرش فلا وجه لنفیه.

ثانیها: الرجوع بنصف العین مع الأرش جمعاً بین کونها ما فرض و بین ضمان ما نقص منها فتقوم صحیحة و معیبة حین القبض فیؤخذ زیادة التفاوت.

ثالثها: أن النقص إن کان بفعل الله عز و جل أو بفعلها تخیر بین أخذ نصف العین ناقصاً أو أخذ قیمته یوم قبضه و إن کان بفعل أجنبی کان له نصف القیمة یوم القبض و علّله بعضهم بأن التلف لو کان من أجنبی فالأرش داخل فی المهر و النقصان محسوب منه فکان کالتالف فیرجع إلی القیمة و لو کان منها أو من الله سبحانه و تعالی لم یحسب النقصان فکان تامّاً من وجه و تالفاً من آخر.

رابعها: الرجوع بنصف القیمة تنزیلًا للتغیر منزلة التلف و یراعی فی القیمة الأقل ما بین العقد و القبض و فیه منع ذلک التنزیل و خیر الوجوه ثالثها و علی کل حال فالملحوظ فی التقویم هو یوم القبض فإن نقصت القیمة بعده و قد تلفت العین کلًا أو بعضاً لوحظت قیمة یوم القبض قبل التعلق حق الاستعادة به و لخبر علی بن جعفر فی الرجل یتزوج الامرأة علی وصیف فبکر عندها و یرید أن یطلقها قبل أن یدخل بها قال علیها نصف قیمته یوم دفعه إلیها لا ینظر فی زیادة و لا نقصان و الظاهر إن الرجوع بقیمة یوم القبض عند حدوث زیادة أو نقصان بعده و قد تلفت العین کلًا أو بعضاً لا کلام فیه عند الأصحاب و لا عبرة عندهم بحصول زیادة القیمة السوقیة و لا بنقصانها و لا بهما معاً إذا وقع ذلک بعد یوم القبض و لا عبرة بیوم الطلاق أو یوم التلف و لو لا ذلک لأمکن المناقشة نعم أو نقصت القیمة السوقیة أو زادت و کانت العین بحالها کان حق

ص: 237

بحالها کان حق الزوج فی العین و لیس علی الزوجة ضمان نقصان و لا منع الغیر من جهة الزیادة السوقیة من غیر کلام فی ذلک و لو زادت العین بعد القبض زیادة منفصلة کانت الزیادة للزوجة و لیس للزوج الرجوع بنصفها و ذلک کالولد و الثمرة و کذا لو کانت تقبل الانفصال کالصوف و الشعر و قد یتأمل فی ذلک و إن کانت متصلة لا تقبل الانفصال کالسمن و الطول تخیرت بین دفع نصف العین من دون استرداد شی ء لأنها لا تتقوم منفردة و لیست من الأعیان الموجبة للشرکة عند لحوقها بعین أخری و بین دفع قیمة نصفها حین القبض من دون ملاحظة زیادة القیمة بزیادة تلک الصفة لخبر علی بن جعفر و یلزمه القبول علی التقدیرین لأن الأول حقه و زیادة و ضرر امتزاج الحقین لو سلم تحققه منتف ببذلها له و احتمال اشتمال القبول علی المنة و هی ضرر فلا یجبر علیها ممنوع لعدم تسلیم حصولها أولًا بعد الإقدام علیها و لمعارضتها بضرر الشرکة فالقیمة أعود و لأن العین نصف ما فرض فلا یجوز له الامتناع عن فرضه و لأن الصفة الزائدة قائمة بالعین تابعة لها فلا یعظم بها المنة الموجبة لجواز عدم القبول إذ لا نسلم اشتمال کل منه علی ضرر یجوز عدم قبول مال الغریم إذا دفع إلیه، و أما الثانی فلأنه عوضه اللازم قبوله علیه بعد وجوب تجنبه عن حقها الکائن فی العین المفروضة و لدوران حقه بین الأمرین و لا اختیار له فیلزمه اختیارها له و لیس للزوج تأخیر المطالبة إلی أن یفوت العین إذا احتمل فوتها فیأخذ القیمة أو إلی أن یفوت کما لها فیأخذ نفس العین للزوم الضرر بشغل الذمة علی الزوجة و لیس له المشارکة فی العین مجردة عن وصف الزیادة لعدم استقلال الزیادة بالتقویم لأن الکبر و الثمن الحادثین لا یستقلان بالقیمة و لا یصلحان لتعلق الشرکة و احتمل الشیخ (رحمه الله) أن للزوج الرجوع بنفس العین مع الزیادة لصدق أن المجموع نصف ما فرض فتجبر علیه الزوجة و هو وجه لأنه لا یعهد نماء لا یتبع أصله عند رجوعه إلی صاحبه غیر هذا و فیه أن الفارق النص و إن العین العائدة هنا للزوج لا بد من کونها نصف ما فرض و الذی فرضه أولًا لیس هو نفس العین المجردة عن العوارض المشخصة لها بل هی مع مشخصاتها فالزیادة حینئذٍ لیس له علیها سبیل و لو زادت العین و نقصت کسمن و هبل و کبر و هزال و کبر و تعلیم صنعة

ص: 238

و نسیان أخری تخیرت فی دفع العین نصفها مع ما لحقها من الزیادة بأرش أو بدونه و دفع نصف القیمة یوم القبض و لا اعتبار للزیادة و النقصان بعده و لا تجبر علی دفع نصف العین لمکان الزیادة و فی جبره علی القبول وجهان کما مر فی التعیب فإن أوجبناه أخذ العین مع الأرش أو بدونه کما مر و إن خیرناه تخیر فله أن لا یقبل العین للنقص و له قیمة یوم النقص و لا اعتبار بالنقصان بعده.

و لو دفع الزوج المهر معیباً للزوجة و دفع معه الأرش کان له الرجوع بنصف المعیب و نصف الأرش قیل و یجری علی ما مرّ من تنزیل المعیب منزلة التالف التخیر بین العین و القیمة و لا یعین العین أخذ المرأة لها فإنه لا یجعلها المهر المفروض و لذا قالوا إذا تعیب المهر فی یده تخیرت المرأة بین أخذ العین أو القیمة لتلف العین بالتعیب فإذا رضیت بالعین فلیس لأنه المفروض بل لأنه عوضه کالقیمة فللزوج إذا طلقها أن لا یرضی إلا بالقیمة و فیه تأمل و لا یشترط فی الزیادة المتصلة زیادة القیمة بها کالکبر فی السن و لا فی النقص نقصان القیمة کالخصی فإن فی الأول نقصان فی القیمة و فی الآخر زیادة فیها و حمل الأمة زیادة من جهة و نقصان من أخری کنقصان صفة کمال و زیادة أخری و حمل الدابة زیادة و قد یکون کحمل الأمة و زرع الأرض و الغرس نصان فی قوتها.

خامسها: لو تعلق بالمهر من طرف الزوجة حق لازم کالرهن و الإجارة تعین علی الزوجة البدل

فإذا دفعته إلیه لم یکن له الرجوع بالعین إذا عادت إلیها لأنه بمنزلة المعاوضة علیه مع احتمال أن له ذلک لأن دفعها لمکان الحیلولة فإذا زالت رجع حقه إلی العین و لو عادت العین إلیها قبل دفع البدل کان حقه فی العین و نقصان المنفعة فی العین المستأجرة لا ینزلها منزلة التالف و لا منزلة المعیب فلا یجب علیه قبول العین مع قیمة المنفعة نعم لو صبر إلی انقضاء الإجارة أو انفکاک الرهن و لم یرضَ بالقیمة احتمل وجوب إجابته علیها و احتمل جواز جبره علی أخذ القیمة لتضررها ببقاء العین لضمانها لها إلا إذا أمکنه إبراؤها عن الضمان و جوزنا ذلک فالوجه الأول لتعلق حقه بالعین و کذا لو قال أنا أقبضه و أرده إلی المستأجر و لو تصرفت بالعین تصرفاً جائزاً فإن

ص: 239

کان ناقلًا کالبیع بخیار و الهبة بعد القبض تخیرت بین الفسخ و دفع العین و بین عدمه و دفع القیمة و لیس للزوج إجبارها علی الأول و لو دفعت البدل فعاد إلیها ففی رجوع حقه إلی العین الوجهان و إن لم یکن ناقلًا کالوصیة و التدبیر فالأظهر اختصاص حقه بالعین مع احتمال العدم فی الأخیر.

و لو کان الصداق صیداً فأحرم ثمّ طلق احتمل رجوع النصف إلیه لأنه ملک قهری کالإرث فإن لم یکن معه ملکه و إن کان معه احتمل دخوله فی ملکه حال الطلاق و احتمل عدمه إلی أن یحل و احتمل رجوع القیمة إلیه لمکان الحیلولة لأن المحرم لا یملک صیداً و لو قهراً أو لأن ما کان سببه اختیاری و قد یمنع من کون اختیار السبب اختیاراً للمسبب و قد یؤید لزوم دفع العین أن تکلیف الزوجة بالقیمة مع عدم حدوث شی ء منها ضرر علیها و إن المعیب لو رد فی الإحرام و کان صیداً ملکه البائع و إن الإحرام لا یمنع من عود الکل بالردة فالنصف بطریق أولی و قد یمنع الأخیر و کیف کان فالأقرب رجوع نصف العین إلیه و علیه فلو کان الصید عنده لزمه إرساله و یضمن قیمة النصف الآخر للزوجة تغلیباً لحق الله تعالی مع احتمال عدم جواز الإرسال تغلیباً لحق الآدمی و علیه نصف الجزاء أن تلف فی یده أو یدها و احتمال رجوع الحق إلیهما معاً فإن اتفقا علی الإرسال أرسله و غرم لها النصف و إلا بقی مشترکاً و علیه نصف الجزاء أن تلف و احتمال أنه إن کان موسراً فالأول و إن کان معسراً من دفع قیمة نصف الزوجة فالثانی و لو کان المهر أمة مدبرة بطل التدبیر لمکان الانتقال عن ملک المولی أو الانتقال إلیه لو کان التدبیر منها و لو قلنا بعدم انتقال النصف فالتدبیر کالوصیة یجوز الرجوع به و جعله مهراً رجوع به إلا إذا نذر تدبیرها و اشتراط بقاء التدبیر فی وجه و الأوجه عدم صحتها مهراً مع النذر و بطلان الشرط و قیل ببقاء التدبیر فتحرر بموت الزوج و قبل موته لو طلقها قبل الدخول کان یوماً للزوجة و یوماً له فی الاستخدام بناء علی أن الملک المتجدد لا یبطل التدبیر و لخبر المعلی بن خنیس فی رجل تزوج امرأة علی جاریة له مدبرة و قد عرفتها الامرأة و تقدمت علی ذلک و طلقها قبل أن یدخل بها فقال أری للمرأة نصف خدمة المدبرة تکون للمرأة یوم فی الخدمة و یکون لسیدها الذی

ص: 240

دبرها یوم فی الخدمة قیل له فإن ماتت المدبرة قبل المرأة و السید لمن یکون المیراث قال یکون نصف ما ترکته للمرأة و النصف الآخر لسیدها الذی دبرها و هو مع ضعفه غیر دال علی بقاء التدبیر بعد جعلها مهراً غایته أنه کشف لحکم الشرکة و هو غیر ما زعمه القائل و قوله فی الروایة فإن ماتت المدبرة إطلاقاً للمشتق علی من انقضی منه المبدأ.

سادسها: لو کان مهر الزوجة حیواناً حاملًا و ادخل الحمل فی المهر أو شرطه أو کان مما یدخل تبعاً فطلقها قبل الدخول رجع إلیه نصف الحمل مع نصف الأم

و کذا البیض مثل الحمل علی الأظهر لأن الحمل زیادة منفصلة و فی الأخبار ما یدل علیه کما تقدم و لکنها بالخیار بین أن تمسک الولد للزیادة بعد الإصداق إلی الوضع فما بعده فیقوم علیها الولد حین الوضع لأنه أول إمکان القیمة و بین أن تدفع النصف مع ما فیه من الزیادة و احتمل هنا قویاً عدم الرجوع بنصف الولد لأنه زیادة متصلة ما دام حملًا و إنما ظهرت بالانفصال لا سیما إذا کان نطفة لعدم قابلیتها للملک و الإصداق فالمنفصل حینئذٍ لیس من الصداق و أیضاً لو کان منفصلًا حین الحمل فهو مما زاد إلی الوضع فلها إمساکه للزیادة فلا یمکن تقویمه بعد الوضع للزیادة و لا قبله للجهل به فلیس له إلا الرجوع بنصف الأمة مع الأرش هذا أن جوزنا التفرقة بین الولد و الأم و إلا کان له قیمة نصف الجاریة و لو کان مهرها نخلًا حائلًا فأثمر فی یدها فطلقها قبل الجذاذ کان جمیع الثمرة لها فإن دفعت له نصف الأصل و الثمرة فالأظهر لزوم قبولها علیه و نقل عن الشیخ أنه قال هو المذهب و استشکله العلامة (رحمه الله) من حیث الشک فی کونه من الزیادات المتصلة و هو فی محله و لو دفعت له الأصل فقط بدون الارش أو مع الارش لو تعیب الأصل بالقطع فلا إشکال فی لزوم القبول فی الأول و یجری فی الثانی ما یجری فی العین لو تعیبت بید الزوجة و للزوج طلب الأصل مشغولًا بالثمرة فیأخذه و لکن یلزمه إبقاء الثمرة لأنها موضوعه بحق و لیست کالزیادات المتصلة التی لا یجوز الرجوع بأصلها نعم لو طلب قطع الثمرة قبل الإدراک لیرجع فی الأصل أو طلب تأخیر الرجوع إلی حین القطع لم یجب علی الامرأة إجابته لحصول الضرر بالقطع فی الأول و بالتأخیر

ص: 241

فی الثانی کما لو طلبت منه تأخیر الرجوع إلی أوان القطع فإنه لا یجبر علیه لحصول الضرر علیه بالتأخیر.

و لو أصدقها أرضاً فحرثتها أو زرعتها لم یجبر علی القبول لانفصال الزیادة فی الثانی و حصول النقصان بالحرث إلا مع الأرش فی الأول و لو أصدقها دابة أو أمة فحملت عنده و ولدت فإن امتنع عن تسلیمهما بحق لم یضمن و إن لم یمتنع فتلف الولد احتمل ضمانه علی الزوج کأصله فیکون کضمان نماء المغصوب و احتمل عدمه لأنه أمانة و لا یبعد الاخیر و لو نقصت الأم عنده ضمن أرش النقصان سواء طالب بها أم لا.

سابعها: لو أصدقها حلیاً فکسرته أو انکسر عندها فأعادته صنعة أخری فهو زیادة و نقصان فلهما الخیار

و إن عادت الصنعة الأولی نفسها احتمل رجوع النصف إلی الزوج و إن لم ترض الزوجة لأنه علی الصفة التی کان علیها عند الإصداق و احتمل اعتبار رضاها لحصول الزیادة عندها باختیارها نعم لو لم یکن باختیارها اتجه عدم اعتبار رضاها کما إذا أصدقها سمینة فهزلت ثمّ عادت إلی الأول و مع اعتبار رضاها فإذا أبت فلها نصف قیمته مصوغاً بتلک الصفة من غیر ذلک الجنس حذراً من لزوم الربا بالانعدام الجزء الصوری منه و المرکب ینعدم بانعدام أحد جزئیه مع احتمال أن له مثل وزنه ذهباً أو فضة مع قیمة الصنعة إنما إما بمعنی أجرة مثلها أو بمعنی قدر ما بین قیمة المکسور و المصوغ بناء علی أن الجزء الصوری یقابل بمال فلا یلزم الربا بعد دفع المثل بالمثل و لو أصدقها قطعه من ذهب أو فضة فصاغتها فلیس له إلزامها بنفس العین بل لها الخیار بین دفع نصف العین و بین دفع مثل نصف القطعة حین القبض و لو أصدقها ثوباً فخاطته أو غزلًا فنسخه أو صوفا فغزلته لم یجبر علی قبول العین لمکان النقصان و لا تجبر علی دفعه لمکان الزیادة مع احتمال جبره فی المثالین الأخیرین.

ثامنها: لو أصدق الکافر الکافرة خمراً فطلق قبل الدخول بعد القبض و الإسلام و لکنه صار خلًا فی یدها بعد الإسلام أو قبله رجع بنصفه

لأنه عین ماله و إن تغیرت صفته و لأن الخل مثل الخمر فعند عدم إمکانه یثبت مثله و احتمل العلامة (رحمه الله)

ص: 242

سقوط دفع العین لمکان الزیادة و کذا دفع القیمة لأنه لا قیمة له یوم القبض و احتمل بعضهم أن له نصف قیمة الخمر عند مستحلیه و هو حسن و لو تلف الخل علی الوجه الأول قبل الطلاق احتمل أن یرجع الزوج بمثله و احتمل عدمه و احتمل عدمه لأنه إنما یعتبر بدله من یوم الإصداق إلی القبض و لا قیمة له ذلک الیوم و لا لبد له و لو صیرته خلًا بعلاجها فعدم الرجوع علیها بالعین اظهر لان الزیادة حینئذٍ بفعلها و لو صار الخمر خلًا فی ید الزوج فطلقها فلها النصف منه لان یده یدها و قد زال المانع من قبضه مع احتمال أن لا یکون لها إلا نصف مهر المثل أو نصف قیمته أو قیمة نصفه عند مستحلیه و ذلک لامتناع کون العین مهراً عند الإسلام فینتقل إلی القیمة أو المثل.

تاسعها: لو أصدقها تعلیم سورة فطلقها قبل الدخول رجع علیها بنصف أجرة التعلیم

یوم علمها و إن لم یکن علمها رجعت بنصف الأجرة یوم الإصداق لا بنصف التعلیم.

قیل لحرمة سماع صوتها و لاختلاف الألفاظ فی التعلم سهولة و صعوبة فلا یتعین النصف ورد بمنع تحریم سماع الصوت مطلقاً أو مع الحاجة أو مع الضرورة و هی موجودة أو إذا لم یکن مع الخلوة المحرمة أو إذا لم یؤد إلی الفتنة و بان المدار علی تعلیم الحروف و توابعها عرفاً و هو معلوم و الأظهر منع تحریم سماع الصوت إلا مع عدم الحاجة أو خوف الفتنة أو استلزام الخلوة المحرمة فحینئذٍ إن أمکن التعلیم من دون ارتکاب محضور لزم و إلا فالرجوع بنصف الأجرة و لو أصدقها تعلیم صنعة فطلقها قبل الدخول فإن علمها رجع إلیها بنصف الأجرة لان التعلیم لا یعود فهو بمنزلة التالف و إلا فإن أمکن تمیز نصف الصنعة بالتعلم و عدم ارتکاب الحرام فی تعلیمها کان لها النصف و إلا فلها نصف الأجرة کما هو الغالب من عدم إمکان معرفة نصف الصنعة.

عاشرها: لو أبرأته من الصداق أو وهبته له أو خالعها علیه أو کان عوض الطلاق أو صالحها عنه بمال أو نحو ذلک فطلقها قبل الدخول رجع علیها

فی جمیع ذلک بنصف القیمة جمعاً بین ما دل علی تنفیذ الإبراء و العقد الصادر منها و بین ما دل علی التنصیف بالطلاق و للإجماع المنقول فی الهبة و للخبرین فی رجل تزوج بألف درهم

ص: 243

فأرجعتها إلیه ثمّ طلقها قبل أن یدخل بها قال لا شی ء لها و ترد علیه خمسمائة درهم و الآخر إذا جعلته فی حل لا یقال من صداقها دخلا بها قبل أن یدخل بها ردت علیه نصف الصداق و الإشکال فی الخلع و الطلاق بعوض من أن ملک المهر للزوج لا یتم إلا بتمامها و به یحصل استحقاق الزوج للنصف فیقع السببان دفعة واحدة فیمتنع استحقاق الزوج للنصف بسبب استحق به الکل مدفوع باختلاف السببین لان سبب ملک الکل هو نفس بذل الزوجة و سبب ملک النصف هو الخلع و بتمام الصیغة یقعان دفعة لا یقال أن البذل بنفسه لا یملک العوض بدون الخلع فعاد أن الخلع سبب فیهما فله حینئذٍ نصف العین لانا نقول الملکان قد وقعا دفعة واحدة و لکن حال أحد الملکین و هو ملک عین الکل بین الزوج و بین ملک عین النصف مرة أخری فانتقل إلی المثل جمعاً بین الحقین و یمکن أن یکون ذلک من باب ما لو خلعها علی مال مشترک بینهما مع الجهل فإنه یثبت له المثل او القیمة أیضاً و لکن الأول أوجه و ذلک لتقدم حقه فی استحقاق الکل بالبذل المتقدم علی تمام الخلع الذی استحق به النصف و قد یتخرج هذا الحکم من فحاوی بعض الأخبار و احتمل بعض الأصحاب عدم رجوعه علیها بشی ء فما لو أبرأته لأنه إسقاط لا تملیک لیکون إتلافاً فلا یکون له بالطلاق إلا نصف ما فی الذمة لأنه المفروض بلا تلف و لا یمتنع توارد سببین شرعیین علی مورد واحد فله النصف بالإبراء و بالطلاق جمیعاً و النصف الآخر بالإبراء وحده و الأصل براءة الذمة من نصف المثل أو القیمة أو لأنه لما کان إسقاطا کان بمنزلة أن لا مهر لها فلا یعود إلیه بالطلاق شی ء قالوا و لأن الإبراء إسقاط لا تملیک لو شهد الشاهدان بدین فقبضه المدعی ثمّ وهبه المدعی علیه فرجع الشاهدان عن الشهادة بعد ذلک غرماً للمدعی علیه ما غرمه بشهادتهما و إن عاد إلیه بالهبة و لو أبرأ منه المدعی لم یغرما لو رجعا، لأنه إسقاط و إبطال للتغریم و فی جمیع ما ذکر نضر، و فی اتحاد حکم الأخیر مع موضع البحث، بحث.

ص: 244

حادی عشرها: لو وهبته المهر فارتدت قبل الدخول رجع علیها بالجمیع

مثلًا أو قیمة لإتلافها له بعد ملکها له و احتمل أن له النصف بناء علی عدم ملکها نصف المهر قبل الدخول أو عدم استقراره قبله فتقع هبتها له باطلة و لکنه ضعیف.

و لو وهبت الزوجة الزوج نصف المهر معیناً رجع علیها بنصف الموجود و مثل نصف الموهوب أو قیمته و لو وهبته نصف المهر مشاعا رجع أیضا بربع العین و ربع القیمة أو المثل لان الموهوب کالمتلوف علی جهة الإشاعة و قیل أنه یرجع علی النصف الباقی خاصة لانصراف الموهوب إلی نصیبها و لأن الموجود نصف ما فرض فیستحقه و هو حسن و یحتمل التخیر بین أخذ تمام بدل النصف الباقی و بین اخذ نصفه عیناً مع بدل النصف الآخر و فی المبسوط نقلًا احتمال الرجوع بنصف الباقی خاصة لأنه لما تعلقت الهبة بالنصف المشاع فقد تعلقت بنصفی النصیبین فقد ملک من نصیبها النصف و هو الربع و استعجل نصف نصیب نفسه فبقی له نصف نصیبه الآخر و هو الرابع و لو أصدقها عبدین فمات أحدهما کان له نصف الموجود و نصف قیمة التالف و لو تساویا فی القیمة و احتمال الرجوع علی الموجود ضعیف و لو أعطاها عوض المهر شیئاً قلیلًا أو کثیراً کان له نصف المسمی و لا عبرة بالعوض و لو طلقها بعد الدخول ثمّ تزوجها فطلقها قبله جری علی الثانی حکم الطلاق قبل الدخول و لو تلف المهر فی یدها بعد طلاقها قبل الدخول فإن تلف منها أو مع امتناعها عن الدفع ضمنته له و إلا احتمل ضمانها له لأنه کالمبیع بعد فسخ المشتری له و احتمل عدمه لأنه یکون بمنزلة الأمانة و الرجوع بالهبة بعد القبض المتهب لها و لا یبعد الأول و لشبهة المهر بالمعاوضة و لتسمیة أجراً و ثمنا فیکون مضموناً إلی حین رجوعه.

و لو رجع إلی الزوج جمیع المهر بفسخ أو ردّه کان المهر مضموناً علیها لأنه یکون من قبیل تراد العوضین فهو مضمون علی من فی یده لأصالة الضمان و عموم أدلته.

ثانی عشرها: لو زوج الأب أو الجد له صغیراً علی کبیر أو صغیر فإن شرط أن المهر منه أو أن المهر من مال الصغیر أو ذمته اتبع شرطه

علی الأظهر لعموم أدلة

ص: 245

الشروط و إن أطلق فإن کان الولد مؤسراً حین العقد فمن ماله و إن أصر بعد ذلک و إن کان معسراً ففی ذمة أبیه و إن أیسر بعد ذلک و الإجماعات المنقولة علی تعلق المهر بذمة الأب إذا لم یکن عیناً و کان الولد معسراً کثیراً و الأخبار أیضاً متظافرة و ظاهر الأصحاب إلحاق الجد و کأنه لعدم الفرق بینهما فی الولایة و فی الخبر الصحیح ما یدل علی ضمان الأب للمهر و خروجه بعد موته من صلب ترکته و فی خبر آخر فیمن یزوج ابنه و هو صغیر قلت علی من الصداق قال علی الأب إن کان ضمنه لهم و إن لم یکن ضمنه فهو علی الغلام إلا أن یکون للغلام مال فهو ضامن له و إن لم یکن له ضمن و فی آخر إن کان لابنه مال فعلیه المهر و إن لم یکن للابن مال فالأب ضامن للمهر ضمن أو لم یضمن و منع بعضهم من جواز اشتراط الأب عدم ضمانه و جعل المهر فی ذمة الولد مع فقرة لا طلاق الأخبار لان قوله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) أو لم یضمن شامل لعدم الضمان و لاشتراط عدمه و لعدم المصلحة فی تعلق المهر فی ذمته و فیه أن الأخبار لا تنصرف إلی حالة اشتراط عدم الضمان أو التصریح بصیرورة المهر فی ذمة الولد و إن الاب لا یشترط فی فعله المصلحة بل یکفی عدم المفسدة و المفروض حصولها عند العقد لان الکلام علی ذلک التقدیر و لو کان الصبی مالکاً لبعض المهر لزمه بنسبة ما یملکه و کان علی الاب الباقی و کذا لو ضمن الأب بعض المهر دون البعض حاله الیسار أو جعل علی الابن بعضاً دون بعض حالة فقرة و الظاهر أن المال فی النص و الفتوی شامل من مستثنیات الدین و لما لم یکن منها نعم لو صار المهر دیناً فی ذمة الولد و استقر بعد العقد لم یکن للامرأة أن تطالبه به و تأخذ منه أحد المستثنیات نعم إذا جوزنا للأب أن یشترط أن یوفی فی المهر بعد ثبوته من ذلک المال المعین أو أنه عقد علیه ابتداء کان للمرأة أخذه و کل موضع لا یضمن الأب المهر فیه جاز له أن یتبرع بدفعه کالأجنبی فلو تبرع کذلک فقبضته الزوجة لم یکن له الرجوع فیه لانتقاله عنه فلا یعود إلیه و کل موضع یضمنه عنه بالحکم الشرعی لا یجوز له الرجوع علی الولد فیه حتی لو ایسر الولد بعد لثبوته فی ذمته فانتقالها عنه مفتقر إلی دلیل و لیس فلیس و کل موضع یضمنه عنه باشتراط الضمان لیسار الولد فأداه فهل له الرجوع علی مال الولد مطلقاً أو لیس

ص: 246

له مطلقاً أو الفرق بین ما کان ضمانه بنیة الرجوع فالأول و ما لم یکن فی نیته فالثانی و الحق أنه إن ضمن مع عدم المفسدة أو مع المصلحة إن شرطناها و لم ینوِ التبرع فی ضمانه جاز له الرجوع علی مال الولد و بالأولی لو نوی الرجوع لان عدم نیته التبرع أعم من نیته الرجوع و عدمها و إذا طلق الولد قبل الدخول و کان الأب قد تبرع فی الدفع إلی الزوجة لیسار الولد أو کان کبیراً فهل یعود نصف المهر إلی الأب أو إلی الولد وجهان أقواهما عودة للولد لدخول المهر فی ملک الزوجة علی کل حال و لأن نماءه لها و الطلاق مثبت للملک الجدید للزوج لا کاشف عن عدم ملک الزوجة فیملک الولد النصف بالطلاق سواء کان المدفوع من ماله أو کان من متبرع ابا أو غیره و لأن دفع الأب المهر للزوجة کهبة الولد التی لا یجوز الرجوع فیها و لعموم الأدلة علی رجوع نصف المهر للزوج من استفصال بین کون المدفوع من ماله أو من مال غیره و قد یستند فی الرجوع إلی الأب إلّا أن المهر عوض البضع و هو ملک الولد فیکون عوضه علیه و دفع الأب له إنما کان وفاء لدینه فإذا برأت ذمته عاد للدافع عنه و تنزیله منزلة الهبة ممنوع و فیه أن عودة للأب بعد خروجه عن ملکه بالدفع محتاج إلی دلیل و لیس فلیس و قد یقال أنه لما خرج من ملک الأب لم یدخل فی ملک الابن لعدم إمکان أن یملک الإنسان مالا قهراً علیه فی غیر المیراث و شبهه فإذا انفسخ ملک الزوجة عنه عاد إلی مالکه و أما الآیة و الروایة الدالتین علی رجوع النصف إلی الزوج فتحملان علی الغالب من کون المدفوع من مال الزوج و قد یدفع ذلک بالتزام ملک الزوج له أنا ما قبل ملک الولد له کما یقال فی اعتق عبدک عنی و هو متجه فی الصغیر لو دفع عنه الولی تنزیلًا لدفعه منزلة الهبة و القبض و لا یتجه فی الکبیر و لا فی الصغیر من غیر الولی و من هنا یتجه الفرق بین دفع الأب المهر عن الصغیر و بین دفعه عن الکبیر أو دفع الاجنبی فیقال بعود النصف فی الأول للولد لأنه بمنزلة الهبة و فی الثانی للوالد و للأجنبی کما مال إلیه العلامة (رحمه الله) فی التحریر هذا کله فی غیر ما کان فی ذمة الأب أما لو کان فی ذمته لفقر الولد أو لضمانه عنه ففیه الوجهان من أن الطلاق فاسخ لملک الزوجة النصف فیعود لمالکه و من أنه مثبت لملک الزوج ابتداء بعد أن ملکته فیعود الیه و هو

ص: 247

الأوجه و لو لم یدفع الأب المهر فی صورة التزامه به لفقر أو ضمان فوقع طلاق الزوجة قبل الدخول لزم الأب أن یدفع النصف إلیها و برأت ذمته من النصف الآخر لعدم قبض الزوجة له و عدمه ملکها له معیناً و عدم انتقاله إلی الولد فلم یکن للولد مطالبة الأب لأنه بضمانه تمام المهر للامرأة لا یثبت للابن علیه شی ء و إنما ینتقل إلیه المهر بدفعه عنه إلیها کما أن المدیون لا یطالب الضامن عنه شی ء إذا أبرأه المضمون له نعم إذا کان المهر عیناً للاب ملکته الامرأة بالإصداق فیملک الولد نصفه بالطلاق و ساوی بعض المتأخرین بین بقاء المهر فی ذمة الأب و بین ما إذا دفعه للزوجة فی رجوع نصفه للولد تمسکاً بعموم أدلة رجوع نصف المفروض إلیه و هو ضعیف و حکم الفسخ بعیب أورده حکم الطلاق فی رجوع المهر إلی الولد إلی الأب إلا أن الفرقة بینهما بالتنصیف و عدمه و احتمال أن الفسخ إبطال العقد من أصله لا من حینه ضعیف.

ثالث عشرها: لا یتنصف المهر إلا بالطلاق قبل الدخول

و ما دل علیه الدلیل من الفواسخ و لا یتنصف بموت الزوج قبل الدخول کما هو المشهور نقلًا و تحصیلًا و علیه الإجماع المنقول و تدل علیه جملة من الأخبار المعتبرة بنفسها و بفتوی الأصحاب و باطلاق الکتاب الصریح فی ملک الزوجة المهر و بالاستصحاب و بالسیرة الجاریة علی عدم التنصیف فلولا أنه غیر معهود فی زمن الأئمة (علیهم السلام) لما خفی الحال فیه و لاشتهر خلافه و لتوفرت الدواعی علی بیانه و قیل أنه ینتصف بموته استناداً إلی کثیر من الأخبار و هی و إن کانت صحیحة و مخالفة لفتوی العامة علی ما نقل عنهم إلا أخبار استحقاق الکل أقوی و أظهر لاشتمالها علی مرجحات تقدمها علی تلک الأخبار و الجمع بینها بالحمل علی استحباب أخذ النصف من الزوجة غیر بعید و الاقوی و الأظهر أیضاً استقرار الجمیع بموت الزوجة فیرث منه بقدر نصیبه بعد وفاء الدین للأصول المحکمة و عمومات الکتاب و السنة و فتوی المشهور و قیل بالتنصیف هنا استناداً إلی جملة من الأخبار دالة علیه و لکنها لاعراض المشهور هنا و ورود السیرة بخلافها مما یوهن حجیتها فحملها علی الندب أیضاً أحری و لا یتصنف المهر بالفسخ فی غیر ما دل علیه الدلیل

ص: 248

للأصل و عموم الکتاب و السنة و حمله علی الطلاق قیاس نعم قد یتنصف للدلیل و قد یثبت الکل فی بعض مواضع التدلیس للدلیل.

رابع عشرها: یجوز للزوجة العفو عن مهرها

کلًا و بعضاً قبل الدخول و بعده مع الطلاق و عدمه للإجماع و للاخبار و لقوله تعالی إِلّٰا أَنْ یَعْفُونَ و هو و إن ورد فی المطلقة قبل الدخول فإنها إذا عفت عن النصف عاد الجمیع للزوج إلا أنه لا قائل بالفرق و إطلاق الکتاب و السنة قاضیان بالاجتزاء بلفظ العفو فی ملک جمیع المهر للزوج سواء کان دیناً فی ذمة العافی أو المعفو عنه أو عیناً فهو یقوم مقام الإبراء و الهبة و غیرهما بل ربما یقضیان بحصول النقل فی الاعیان بلفظ العفو من دون افتقار إلی قبض و إقباض قالوا و قد ورد استعمال العفو بلفظ العطاء فیصلح لفظه حینئذٍ للهبة و الإبراء و هو متجه و قد یؤید أن الهبة لیست من العقود اللازمة فیشترط فیها لفظاً خاصاً نعم اشتراط القبول و القبض لا یمکن المحیص عنه لعدم إمکان إدخال مال فی ملک الغیر قهراً علیه و لما دل علی اشتراط القبض فی الهبة فالإطلاق فی الکتاب و السنة لا ینافی تقیده بدلیل آخر و حینئذ فلو عفی الزوج عن المهر الذی فی ذمته للزوجة أو الزوجة کذلک افتقر إلی تمیزه و تقبیضه و قبوله من المعفو له لعدم إمکان کونه إبراء لأن الإبراء هو إسقاط ما فی ذمة المعفو عنه لا العافی و لا هبة لاختصاصهما بالأعیان و اشتراط القبول و القبض فیها و یمکن فی هذه الصورة الاجتزاء بلفظ العفو فینتقل إلی ما فی ذمته إلی المعفو عنه من غیر قبول و قبض لإطلاق الآیة و الروایة و لکنه بعید کما تقدم و اشترط بعض أصحابنا فی الأعیان الإتیان بصیغة الهبة للشک فی النقل و الانتقال و لأن العفو اسقاط فهو کالإبراء لا یتعلق بالاعیان و حملوا الآیة علی إرادة حصول الملک بعبارة تقیده و یصح الانتقال بها شرعاً فالمراد من العفو المعنی الاعم و إنما جی ء بلفظه بینها علی إرادة فضیلة العفو و حسن صدوره فلفظ العفو کلفظ التملیک فیما لو قال ملکت هذا أو ملکه فإنه یرید به الانتقال بما یفید التملیک لا خصوص لفظه و هو جید و موافق للاحتیاط إلا أن الأقوی ما ذکرناه من عدم اشتراط لفظ خاص.

ص: 249

خامس عشرها: اتفق أصحابنا و غیرهم أن لمن بیده عقدة النکاح العفو

عن المهر فی الجملة و اختلفوا فأصحابنا و جمع من العامة ذهبوا إلی أنه الأب أو الجد أو من کان بحکمهما کما سیجی ء إن شاء الله تعالی و ذهب جمع من العامة إلی أنه الزوج و دلیلنا علی المختار الإجماع و الأخبار الکتاب لتصدیر الآیة بخطاب الأزواج فلو أرید بقوله: (أَوْ یَعْفُوَا الَّذِی بِیَدِهِ عُقْدَةُ النِّکٰاحِ)، و بأن العفو من ولی الأزواج لأتی به بصیغة الخطاب فقال أو تعفوا أنتم و لأن المعطوف علیه غائب فالمناسب کون المعطوف کذلک و لأن العفو حقیقة فی الإسقاط فیناسب وقوعه من الزوجة أو من هو بحکمها لا التزام ما سقط فی الطلاق لیناسب وقوعه من الزوج و للزوم إقامة الظاهر مقام المضمر و لو أرید به الازواج و لأن المفهوم من الذی بیده العقدة أن یکون التصرف إلیه و لیس إلا الولی نعم للزوج فکه و لأن العفو مستند إلی البالغات الرشیدات فناسب ذکر من لم تکن کذلک و کان أمرها بید الولی و لأن قوله إلا أن یعفون استثناء من الاثبات فیکون نفیاً و لو أرید بالمعطوف الازواج لکان اثباتاً فیلزم إما خلاف قاعدة الاستثناء أو خلاف قاعدة مشارکة المعطوف للمعطوف علیه نفیاً و إثباتاً و طعن بعض الأصحاب فیما ذکر بأن العدول من الخطاب إلی الغیبة من فنون البلاغة و بان العفو قد یطلق علیه العطیة کقوله تعالی [خُذِ الْعَفْوَ] [وَ یَسْئَلُونَکَ مٰا ذٰا یُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ] من ولی الزوجة إذا کان عیناً أیضاً لیس من الإسقاط فالکلام الکلام و بأن إقامة الظاهر مقام المضمر لنکتته لا بأس به و هی هنا التنبیه علی الوصف الذی هو مناط الحکم و سببه و بأن الزوج بیده حل النکاح و من بیده حل النکاح العقدة کان بیده نفس العقدة و بأن التنبیه علی جمیع أفراد العافی لیس مما یوجب صرف اللفظ عن ظاهره سیما الفرد الذی لا تأمل له فی الحکم و بأن التقدیر ممکن بأن یقال و لکم نصف ما فرضتم فیکون الاستثناء نفیاً فیتساوی المعطوف و المعطوف علیه فی الحکم فالمعنی لکم النصف إلا أن یعفون او یعفو الذی بیده عقدة فلا یکون لکم النصف بل بمقدار ما عفی معه و الحق أن جمیع هذه المذکورات لا تنافی ترجیح إرادة الأولیاء من الذی بیده عقدة النکاح کما لا یخفی علی النصف و استدل القائلون بأن المراد بالذی بیده عقدة النکاح هو الزوج أن من بیده العقدة هو من بیده

ص: 250

حلها و عقدها و لیس إلا الزوج و بأنه لو أرید غیره لخلا المقام عن ذکر الزوج و هو من المقاصد الأصلیة و بأن قوله تعالی: (وَ أَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْویٰ)، بصیغة الخطاب و کونه أقرب للتقوی ظاهر فی کونه ذلک للأزواج لأن الأولیاء لیسوا مخاطبین و لا یملکون المال کی یکون عفوهم أقرب للتقوی فالمناسب کونه خطاباً للأزواج بعضاً مع بعض و فیه أنا لو أخلینا الآیة لکان هذا الکلام موجهاً و ذاک المعنی من الآیة محتملًا و لکن حال بین ذلک المعنی و بین الآیة أخبار أهل العصمة (علیهم السلام).

سادس عشرها: و عرفت أن من بیده عقدة النکاح له العفو

و المتیقن دخوله فی ذلک الأب و الجد له و علیه اتفاق الأصحاب و تدل علیه الأخبار و یراد به أب الزوجة أو جدها فلا یسری الحکم لأبی الزوج وجده اقتصاراً فیما خالف الأصل و علی موضع النص و الفتوی فلا یجوز لأب الزوج العفو عما هو للزوج لزوجته صغیرة کانت أو کبیرة لحصول المفسدة علی الولد و لم یقم دلیل علی جوازه نعم لو التزم الأب بالمال فی ذمته فلا یبعد أن له العفو لولایته علیه و لأن الولد و ماله لأبیه و یراد به العفو عن البعض و ترک البعض فلا یجوز لهما العفو عن الکل أو مع إبقاء شی ء لا یتمول و یدل علی ذلک صحیحة رفاعة المعتضدة بفتوی الأصحاب و ظاهر الإجماع المنقول و بهما تقید إطلاقات الکتاب و السنة فی جواز العفو مطلقاً مع احتمال تقدیم الأخذ بمطلقات الأدلة و حمل الصحیحة علی الندب و لکن الأول أقوی نعم لو کان فی العفو عن الکل مصلحة فلا یبعد جوازه حتی للولی الشرعی فیحمل ما دل علی المنع من العفو عن الکل علی ما إذا لم یکن هنالک مصلحة فیه و من هنا ظهر أنه لا یشترط فی العفو عن البعض وجود المصلحة سواء کان العافی الأب و الجد أو الولی الشرعی أو غیرهما لإطلاق الأدلة بل ظهورها لابیه فی أن للولی حکم العفو تعبداً کما هو للزوجة و لیس المراد بیان جواز تصرف الأولیاء فی مال المولی علیه مع المصلحة لأن ذلک حکم آخر و له دلیل آخر فلا یدخل فی سوق فی هذه الأدلة و قید ابن ادریس جواز عفو الولی الإجباری بالمصلحة فضلًا عن الولی الشرعی و فیه ما قدمنا و علی کل حال فمتی صح العفو عن الولی فوقع منه لم یکن للمولی علیه المنع بعد ذلک للأصل و ظاهر الأدلة

ص: 251

و فتوی الأصحاب ثمّ أن ما ذکرناه من جواز العفو من الأب و الجد هو المقطوع به من الفتوی و النصوص و هل یقتصر علیه کما نقل علیه الإجماع أو یسری لمن تولیه الامرأة عقدها کما دلت علیه بعض الأخبار و أفتی به جمع من الأصحاب و هل یقتصر علیهما أو یسری لکل ولی شرعی بوصایة أو ولایة کما تشعر به الأخبار و هل یقتصر علیها أو یتخطی إلی الولی العرفی کما نطقت به روایات الأخ و تحقیق ذلک أن الأخبار مختلفة فمنها أن من بیده عقدة النکاح هو الأب و الأخ و الرجل یوصی إلیه و الرجل یجوز أمره فی مال المرأة فیبیع لها و یشتری و بمعناه عدة روایات إلا أن فی بعضها و الاخ یوصی إلیه و فی بعضها و الذی یجوز أمره فی المال المرأة من قراباتها و فی بعضها یأخذ بعضاً و یدع بعضاً لیس له أن یدع کله.

و منها: أنه الأب و الذی توکله الامرأة أو تولیه أمرها من أخ أو قرابة أو غیرهما.

و منها: أنه هو ولی أمرها من غیر تفصیل.

و منها: أنه الولی الذی یأخذ بعضها بعضاً و یترک بعضاً و لیس له أن یدع کله.

و منها: أنه المولی الذی یزوج یأخذ بعضاً و یترک بعضاً.

و منها: أنه أبوها و اخوها إذا کان یقیم بها و هو القائم علیها فهو بمنزلة الأب یجوز له.

و منها: أنه الذی یعفو عن الصداق أو یحطَّ بعضه أو کله.

و منها: أنه کما قدمنا الأب و الاخ الذی یوصی إلیه و الذی یجوز أمره فی مالها إلا أن فیه أ رأیت أن قالت لا أجیز ما تصنع قال لیس لها ذلک تجیز بیعه فی مالها و لا تجیز هذا و المحصل من مجموعها أن الأب ممن بیده عقدة النکاح قطعاً و أما الجد فیلحق به لعدم القائل بالفرق و إن لم ینص علیه و لکن لم یقید الأب باب الصغیر فظاهرها أعم من ذلک و لا بد من التقید لعدم ثبوت ولایة الأب علی البالغة الرشیدة و هذا الإطلاق لا یعارض الأصول و القواعد الحاکمة بعدم الولایة علی نفس أو مال سوی ما أخرجه الدلیل و کذا الأخ إذا کان وصیاً و کذا الوصی إذا کانت المزوجة مولی علیها

ص: 252

بالوصایة و کذا الوکیل إذا کان وکیلًا عنها وکیلًا مطلقاً فیما یصلح أمورها و کان فی العفو مصلحة لها و کذا من قضی شاهد الحال بتفویضها أمرها إلیه کالأولیاء العرفیین کالاب و الاخ أو القرابة تکون الامرأة تحت یده بحیث یتکلف بنفقتها و یتصدی لأمورها و ینظر فی أحوالها و کذا الوکیل لها فی أمر النکاح علی وجه الإطلاق أو علی وجه المصلحة أو الوکیل علی العفو نفسه و الذی نعتمد علیه من أحکامها هو الأول و الأخیران و ما قضی به شاهد الحال و الوصی مع ملاحظة الغبطة لعدم الخروج عن القواعد فی الأخذ بها و لا یحل مال امرء مسلم إلا بطیب نفسه و علی کل فالولی العرفی و الوکیل علی عقدة النکاح إذا لم یکن وکیلًا علی العفو لا ینطبق الحکم بجواز عفوهما قهراً علی الزوجة علی القواعد و إن ظهر من الروایات ذلک فما الروایات یحمل علی الإذن الفحوائیة فی العفو أو الصریحة أو استحباب الإجازة منها.

القول فی الشرائط الماخوذة فی عقد النکاح و فیه مباحث:

أحدها: الشرط الواقع فی عقد النکاح دواماً لازم علی المشروط علیه

إذا کان مشروطاً و مقدوراً و لا ینافی مقتضی ذات العقد لعموم أدلة الشروط و لفتوی الأصحاب و یجب المشروط علیه علی فعله و لکن لا یثبت الخیار للمشترط عند عدم قیام المشروط علیه به لأصالة عدمه و لعدم الدلیل علیه بل الدلیل قائم علی العدم لأن النکاح لیس من عقود المعاوضة الصرفة و الخیار تابع لها لأن النکاح و لأن له شبه بالعبادة و لأن أمر الفروج شدید فلا یناسبه الخیار و لإشعار شرع الطلاق بمنع غیره من أنواع الفراق سوی ما أخرجه الدلیل حتی لو شرط الخیار فیه کان شرطاً فاسداً کما هو المقطوع به عند الأصحاب فعموم دلیل الشروط موهون بذلک فلا یصلح الاستناد إلیه و إن اختلفوا فی صحة العقد بعد فساد الشرط و فساده فالمشهور علی الفساد لاقتران الشرط بالعقد و انصباب العقد علیه و وقوع الرضا به و القصد إلیه مع الشرط فما لم یسلم الشرط انتفی الرضا و القصد و قیل بصحة العقد و منع الارتباط المؤدی إلی الفساد

ص: 253

لعدم التلازم بینهما و لعدم دلیل دال علی الفساد و الأصل الصحة و حکم کحکم غیره من الشروط الفاسدة و هو متجه غیر أن الأول أوجه تعم قد یفرق بین شرط الخیار و بین غیره من الشرائط الفاسدة أن شرط الخیار مما یعود علی العقد بالنقض کما لو شرط لا نکاح بینهما بعد العقد بخلاف غیره من الشرائط و العمدة فی الفرق بینهما النصوص و فتوی الأصحاب.

ثانیها: لو اشترط أحد الزوجین شرطاً منافیاً للکتاب و السنة او مخالفاً لمقتضی العقد

کاشتراط أن لا یطأ او لا یتزوج او لا یتسری او لا تجب طاعته او لا یحرم معصیته او شرط تسلیم المهر إلی أجل و إلا کان العقد باطلًا فسد الشرط قطعاً و المشهور عدم فساد العقد و المهر و لا ینقص من المهر شی ء أیضاً فی مقابلة الشرط و إن اشتهر فی عقود المعاوضة أن للشرط قسط من الثمن بل ظاهر بعضهم نقل الاتفاق علی ذلک و یظهر من بعض الأصحاب الحکم بفساد العقد أیضاً فیما لم یدل علیه دلیل و هو الأوجه إن لم ینعقد الإجماع علی الصحة مطلقاً او یقم دلیل علیه و الذی یظهر من الأخبار الآتیة إن شاء الله تعالی فی بعض الشروط الفاسدة إن العقد معها صحیح فیمکن أن یستنبط من ذلک قاعدة مساویة فی جمیع الشرائط تنقیحاً للمناط او إلغاء للفارق او لعدم القول بالفصل ممن یعتد به و ذکر بعض الأصحاب قولًا أوجهها بفساد المهر مع الشرط الفاسد من دون العقد فیرجع فیه إلی مهر المثل و ذلک لأن الشرط بمنزلة العوض المضاف إلی الصداق فإذا فات فاتَ بعض العوض و هو مجهول فیتجهل الصداق به فیفسد فیرجع إلی مهر المثل و لو کان من الزوج کان المبذول منه عوض البضع و کشرط فإذا فات الشرط فات بإزائه و عاد المهر مجهولًا و هو ضعیف و منضم إلی البضع لمنع کونه بعض العوض بل هو أمر خارجی أرید الالزام و الالتزام و منع الرجوع إلی مهر المثل عند فساد المهر.

ثالثها: ورد فی روایة محمد بن قیس فی رجل تزوج امرأة و شرط لها أن هو تزوج علیها امرأة أو هجرها أو اتخذ علیها سریه فهی طالق فقضی فی ذلک أن شرط الله تعالی قبل شرطکم

فإن شاء وفی لها بما شرط و إن شاء أمسکها و اتخذ علیها و نکح علیها و فی

ص: 254

آخر فی رجل قال لامرأته إن نکحت علیک أو تسریت فهی طالق فقال لیس ذلک بشی ء أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله و سلّم) قال إن من اشترط شرطاً سوی کتاب الله فلا یجوز ذلک له و لا علیه و سیاقه دال علی صحة العقد و فی ثالث أن ضریساً کان تحته بنت حمران بن اعین فجعل لها أن لا یتزوج علیها و لا یتسری أبداً فی حیاتها و لا بعد موتها علی أن جعلت له هی أن لا تتزوج بعده و جعلا علیهما من الهدی و الحج و البدن و کل مالهما فی المساکین إن لم یف کل واحد لصاحبه ثمّ إنه أتی أبا عبد الله (علیه السلام) فذکر ذلک له فقال لأن لابنة حمران لحقّاً و لن یحملها ذلک علی أن لا نقول لک الحق اذهب فتزوج و تسرَّ فإن ذلک لیس بشی ء و لیس علیک شی ء و لا علیها و لیس ذلک الذی صنعتما بشی ء و ظاهرها أن ذلک الجعل کان عند التزویج و العقد و فی رابع قریب إلیه و فی هذه الأخبار دلالة علی صحة العقد و بطلان الشرط إن لم یکن صریحاً فمفهوماً و تلویحاً و فی خامس فی الرجل یتزوج الامرأة إلی أجل مسمی فإن جاء بصداقها إلی أجل مسمی فهی امرأته و إن لم یأت بصداقها إلی الأجل فلیس له علیها سبیل و ذلک شرطهم بینهم حین أنکحوا فقضی للرجل أن بیده یضع امرأته و أحبط شرطهم و فی سادس قضی علی (علیه السلام) فی رجل تزوج امرأة و أصدقها و اشترطت أن بیدها الجماع و الطلاق قال: (خالفت السنة و ولت الحق من لیس أهله)، و ظاهره مضی العقد و فساد شرطهما و لو لا ذلک لکان بیان فساد العقد أهم کما لا یخفی و الظاهر أن لا خصوصیة لما هو مذکور فی هذه الأخبار و إنما ذلک جار مجری القاعدة فی جمیع الشروط الفاسدة فی خبر مرسل فیمن جعل أمر امرأته بیدها قال ولی الأمر من لیس أهله و خالف السنة و لم یجز النکاح و هو لا یعارض تلک الأخبار المعتضدة بفتوی المشهور کما أن ما ورد فی بعض الأخبار مما ظاهره لزوم شرط أن لا یطلقها و لا یتزوج علیها معللًا بأن المؤمنین عند شروطهم لا یعارض ما قدمنا من ما دل علی فساد الشرط فلیطرح أو یحمل علی الندب أو علی النذر لو کان راجحاً.

ص: 255

رابعها: لو شرطت علی الزوج الا یفتضها قیل کان شرطاً لازماً

إلا إذا أذنت له بعد ذلک فی الدوام و المتعة فیجوز لها الافتضاض لعموم المؤمنین عند شروطهم و لما رواه سماعة مهران عن أبی عبد الله (علیه السلام) رجل جاء إلی امرأة فسألها أن تزوجه نفسها فقالت أزوجک نفسی علی أن تلتمس منی ما شئت من نظر و التماس و تنال منی ما ینال الرجل من أهله إلا أنک لا تدخل فرجک فی فرجی و تلذذ بما شئت فإنی أخاف الفضیحة قال لیس له منها إلا ما اشترطت و الآخر رجل تزوج بجاریة عاتق علی أن لا یفتضها ثمّ أذنت له بعد ذلک قال إذا أذنت له فلا بأس و ظاهر هذا القول و کذا الروایتان شاملتان للدائم و المنقطع و الأولی شاملة لاشتراط عدم الجماع مط و قیل ببطلان الشرط و العقد فی الدائم لمنافاة هذا الشرط لمقتضی العقد فیفسد العقد بفساده و یصح فی المتعة و یصح وطؤها مع الإذن لان القصد فی المتعة التلذذ و کسر الشهوة دون النسل کما فی الدائم فلا ینافیه اشتراط عدم الوطء و لان التمتع بهن مستأجرات و لان الظاهر ورود الروایتین فی المتعة لاستبعاد أن یقع ذلک الشرط من المعقودة علی الدوام و یشیر إلی ذلک قولها خوف الفضیحة و هذا القول جید لو لا الحکم ببطلان النکاح فی الدائم لما تقدم من أن الأقوی عدم البطلان عقد الدائم ببطلان الشرط و به تجتمع الأدلة و ما أورده الشهید (رحمه الله) من إطلاق النص و شموله للدائم و المنقطع و من عدم الفرق بین الدائم و المنقطع فی القصد و الغایة فلا وجه للتفرقة ضعیف یظهر وجهه مما تقدم و هذا أحد الأقوال فی المسألة.

و قیل یبطل الشرط فی الدائم و المنقطع و یصح العقد و فیه أن هذا الشرط مع قیام الدلیل علیه لا وجه لبطلانه سوی أنه شرط مخالف للکتاب و السنة و کونه کذلک فی المنقطع ممنوع و لو سلم فالروایتان مخصصتان لذلک و هل الحکم فی باقی مقدمات الوطء کذلک و کذلک الوطء فی الدبر وجهان من مساواة المقدمات له فی المقتضی و من کون الحکم علی خلاف الأصل و الأخیر أوجه و علیه فیبطل الشرط فی الدائم و المنقطع و یصح العقد فیهما مع احتمال لزومه فی المتعة و احتمال أن المقدمات إذا انضمت إلی

ص: 256

الوطء فسد الشرط و العقد فی عقد المتعة و لو أذن المشترط فی ما اشترط عدمه جاز لأنه حق له أسقطه و یدل علیه فی الوطء الروایة فغیره جائز بالأولویة.

و قیل بعدم الجواز لان الفروج لا تحل بالإذن بل بالعقد و العقد قد اشتمل علی المنع فلا وجه لتحلیله بالإذن بعد ذلک و فیه ضعف یظهر وجهه مما ذکرنا.

خامسها: لو اشترطت الزوجة علی الزوج سکنی بلد خاص أو مقام خاص أو أن لا یخرجها من بلدها أو أهلها أو محلتها فالأظهر لزوم الشرط علیه ما لم تسقطه من نفسها لعموم دلیل الشروط السائغة و هو شرط سائغ مقصود للعقلاء غیر مناف للکتاب و السنة و لقوله (علیه السلام) من شرط لامرأته شرط شرطاً فلیف لها به فإن المؤمنین عند شروطهم و للخبر رجل تزوج امرأة و شرط لها المقام بها فی أهلها أو بلد معلوم فقال جمیل قد روی أصحابنا أن ذلک لها و الآخر فی الرجل یتزوج امرأة و یشترط لها أن لا یخرجها من بلدها قال یفی لها بذلک أو قال یلزمه ذلک.

و قیل: ببطلان الشرط و صحة العقد لکونه مما یخالف المشروع لان حق الاستمتاع بالزوجة أمر ثابت فی جمیع الأزمنة و الأمکنة فاشتراط عدم إخراجها مناف له و هو ضعیف لمنع المنافاة أصالة و لزومه تبعاً غیر ممنوع لعدم دخوله فیما خالف الکتاب و السنة و کثیراً من الشرائط السائغة یلزمها المنع من الاستمتاع فی بعض الأوقات کما إذا اشترطت علیه عملًا یؤدی إلی خروجه و غیبته عنها و لا یمنعه أحد علی أن طرح الروایات أو حملها علی الندب من غیر مقتض بعید عن التحقیق و یلحق بالشرائط المتقدمة أن لا یسافر بها و ان یسکنها مع من تهوی من قومها أو عشیرتها إذا لم یلحقه ضرر فی ذلک و یصح للزوج مع رضاها العمل بخلاف الشرط لإسقاط حقها و یجوز لها إسقاط حقها من الشرط أصلًا أو الصلح علی عدمه بمال علی الأظهر لتنزیل الأول منزلة الإبراء و لعموم دلیل الصلح مع احتمال أن حقها بالشرط مما یتجدد فلا یصح إسقاطه و هو وجه إلا أن الأول أوجه و لو أمهر الزوج الزوجة مهراً فشرط لها مائة دینار أن خرجت معه و خمسین إن لم تخرج معه فإن أخرجها إلی بلد الإسلام لزمه الشرط و إن أخرجها إلی بلاد الشرک لزمه المائة و المستند فی ذلک روایة علی ابن رباب

ص: 257

عن أبی الحسن (علیه السلام) و موردها أن مهرها مائة دینار علی أن تخرج معه فإن لم تخرج معه فخمسون قال إن أراد أن یخرج بها إلی بلاد الشرک فلا شرط له علیها فی ذلک و لها مائة دینار التی أصدقها إیاها و إن أراد أن یخرج بها إلا بلاد المسلمین و دار الإسلام فله ما اشترط علیها و هذه الروایة تخالف القواعد من جهة التردید فی المهر المؤدی إلی الجهالة و الإبهام و من جهة لزوم المائة دینار علیه إذا أراد أن یخرجها إلی بلاد الشرک فلم تخرج لعدم لزوم متابعته فی ذلک لحصول الفضاضة علیها فی دینها مع ان المائة دینار إنما بذلها للخروج معه و من جهة الحکم فی آخر الروایة بعدم جواز إخراجها إلی بلاده بلاد الإٍسلام إلا بعد أن یدفع لها مهرها و إن کان بعد دخوله بها بل و إن لم تطالبه به و کلاهما خلاف القواعد فالأخذ بمضمونها مع هذه المخالفات مشکل فلا بد من طرحها أو تنزیلها علی ما یوافق القواعد و مع طرحها فلا بد من الحکم بصحة و بطلان الشرط و المهر لمکان التردید و إن کان علی التقدیرین فیرجع إلی مهر المثل إما مطلقاً أو ما إذا لم یزد علی ما فرضناه من التقدیرین و لم ینقص لإقدام الزوجة علی النقیصة و الزوج علی الزیادة و الأول أوجه و یتبعه أیضاً بطلان الشرط علی ان الروایة لیس فیها اشتراط عدم الخروج کما هو المذکور فی الروایات الباقیة بل المذکور فیها مهران علی تقدیرین و هو مما تنادی بفساده الفتاوی و النصوص النافیة للغرر و ما ورد فی الإجارة إن خطه فارسیاً فلک کذا و إن خطه رومیا فکذا لا نقول به فللنص و لک أن تقول هنا أن الروایة معتبرة و قد عمل علیها جملة من الأصحاب فیخصص بها الأدلة المانعة من الجهالة فی المهر علی أن المهر لیس من المعاوضات الصرفة فیفتقر فیه ما لا یفتقر فی غیره أو نقول أن مهرها کان مائة و اشترط علیها أنها إن لم تخرج یأخذ منه خمسین عقوبة لمعصیتها و إن دفع المهر إلیها بل خروجها محمول علی وقوع ذلک قبل الدخول علی انه لیس نصاً فی لزوم إعطائها المهر قبل الإخراج مطلقا و قد یحمل علی توطین النفس و العزم علی الأداء أو التحریض علی وفاء دینه أو غیره ذلک.

ص: 258

سادسها: لو شرط علی الزوجة عدم الإنفاق علیها فعلًا أو أن لا نفقة لها فسد الشرط

مع صحته فی الأول و لو شرطت علیه المنافی لحق زوجته الأخری کذلک و لو شرط مهراً یلزم من وجوده عدمه بطل الشرط و لو شرط فی النکاح امرا یلزم من وجوده عدمه بطل النکاح و لو شرط الخیار فی المهر صح الشرط و العقد و المهر فإن وقع الفسخ ثبت مهر المثل

القول فی التنازع و الاختلاف

إذا اختلفا فی استحقاق المهر قبل الدخول کان القول قول الزوج من غیر کلام و إن کان بعده فالأقوی کونه کذلک و هو المشهور لإمکان البراءة الأصلیة منه حین العقد إلی حین الوطء کما إذا کان صغیراً معسراً و العاقد له أبوه عبداً مملوکاً أو کان المهر شیئاً فی ذمتها أو عیناً فی یدها أو کانت قد دلست نفسها و للأخبار ففی الخبر إذا دخل الرجل بامرأته ثمّ ادعت المهر و قال قد أعطیتک فعلیها البینة و علیه الیمین و قد یفرق بین دعواها بعد الدخول و الآخر إذا اهدیت و دخلت بیته و طلبت بعد ذلک فلا شی ء لها أنه کثیر لها أن یحلف بالله مالها قبله من صداقها قلیلًا و لا کثیراً و قد یقال أن مورد الروایتین الاختلاف فی التسلیم لا فی أصل الاستحقاق و قد یجاب بأنه إذا سمع قوله بالتسلیم سمع قوله بنفی الاستحقاق و شغل الذمة و قد یشکل ذلک أن الاصل مع الدخول بشغل ذمة الزوج فعلیه البینة ببراءته بعد ذلک و قد یفرق بینما جرت العادة زماناً أو مکاناً فیه بالدفع قبل الدخول فالقول قوله لمکان الظاهر و بین ما لم تجرِ فالقول قولها و قد یفرق بین دعوی الامرأة المهر الحال مع مضی زمان کثیر و بین دعوی المؤجل أو لم یمض زمان کثیر لمکان الظاهر أیضاً و یقوی القول أنه إن أنکر التسمیة فی العقد و بعده صدق بیمینه قبل الدخول و بعده للأصل من غیر معارض و یثبت علیه مع الإطلاق قبل الدخول المتعة و بعده مهر المثل إلا أن یثبت علیها التدلیس منها أو کونه صغیراً معسراً عقد ابیه أو عبداً و لو قصرت دعواها أن المتعة أو مهر المثل فلها الأقل مما تدعیه و منهما و لا تحلفه علی الزائد لاعترافها بعدم استحقاقها و مثله إنکار شغل ذمته عند الدعوی علی الأظهر هذا کله أن اعترف بالوطء فإن لم یعترف بالوطء کان القول قوله بیمینه فی عدم الوطء و لو حصلت بینهما خلوة علی الأظهر و قیل أن لم یعترف بالوطء سمع

ص: 259

إنکاره للمهر و إن اعترف لم یسمع إنکاره للمهر بعد اعترافه به لإیجاب الوطء أما المسمی أو مهر المثل إلا ان یثبت سقوطه بأحد المسقطات و لو اختلف الزوجان فی قدر المهر المسمی و غیره زیادة و نقصان کان القول قول مدعی النقصان للأصل و روایة أبی عبیدة و کذا لو اختلفا فی الجودة و الرداءة و لو اختلفا فی العیب و عدمه کان القول قول مدعی الصحة و لو اختلفا فی التأجیل و التعجیل احتمل تقدیم قول من ادعی التأجیل لأصالة عدم القید و عدم الأجل و عدم زیادته و لو اختلفا فی زیادته و نقصه و احتمل العکس لان التأجیل نقصان بالنسبة إلی الحلول و لأصالة براءة ذمته حالًا و لا بأس بالأخیر و لو اختلفا فی التسمیة و عدمها کان القول قول منکرها و لو ادعی الزوج التسمیة بالأقل لأنکرت الزوجة التسمیة لإثبات مهر المثل و کان مهر المثل أکثر احتمل تقدیم قوله لأصالة البراءة من الزائد و تقدیم قولها لأصالة عدم التسمیة و ینبغی التأمل فی الفرق فی أصول التداعی بین دعوی أصل المهر أو دعوی التسمیة و بین اقترانهما بمعین و عدمه و بین کون المدعی هو الزوجة أو الزوج و بین کون النافی نافیاً لأصل المهر أو لتسمیة أو لتعینه أو لشغل الذمة به أو لزیادته و بین کون المنکر هو الزوج أو الزوجة فی موضع تخاف من الرجوع علیها بنصفه لو أقرت و کان القول قوله فی التسلیم و تختلف صور الدعاوی و الإنکار بحسب المقامات فعلی الفقیه التمیز و لو اختلفا فی عینین کان کل منهما مدع و منکر و تحالفا مع عدم التمکن من البینة لأحدهما فإن تمکنا معاً کان من تعارض البینتین فلو تحالفا انفسخ المسمی و ثبت مهر المثل و یمکن تقدیم قول الزوج لأصالة براءة ذمته من غیر ما أقر به و هو ضعیف و یمکن تقدیم قوله لو کان فیما تدعیه الامرأة زیادة لأصالة البراءة و لو اختلفا فی الجنس أو النوع أو الصنف فالأقوی بحسب القواعد التحالف و إن اختلف النوعان قیمة و یحتمل مع اختلاف قیمة النوعین أن یکون القول قول الزوج لانه ینکر النوع الزائد فی القیمة لو کان هو المنکر له و یحتمل تقدیم قوله کذلک فیما لو کان الاختلاف فیما لا یتعلق غرض باعیانهما کالدراهم و الدنانیر فادعی الزوج الأقل کمائة درهم و ادعت هی مائة دینار و أطلق جمع من الأصحاب الحکم بتقدیم قول الزوج فیما لو کان الاختلاف فی الجنس و نقل

ص: 260

علیه الإجماع و لعله محمول علی أحد الاحتمالین الأخیرین و استغرب العلامة ره تقدیم قول من یدعی مهر المثل أو اختلفا فی الزیادة و النقصان لموافقة الأصل و الظاهر فإن ادعی النقصان عنه و ادعت الزیادة علیه تحالفا لمخالفتهما الأصل و الظاهر و ردّ إلیه بطلان التسمیة حینئذ و لو ادعیا الزیادة علیه و اختلفا فیها احتمل تقدیم قوله لانه أکثر من مهر المثل و الأصل البراءة مما تدعیه من الزیادة و احتمل الرجوع إلی مهر المثل لاشتراک الدعوی فی مخالفة الاصل و الظاهر سقوط دعواها بیمینه و دعواه بإقرارها فیبطل المسمی فیثبت مهر المثل و لو ادعیا النقصان عنه و اختلفا فیه احتمل تقدیم قولها لانه اقرب إلی الأصل و أولی بالقبول من مهر المثل و احتمل تقدیم قوله لانهما اتفقا علی عدم استحقاق مهر المثل و الأصل البراءة من الزائد و احتمل ثبوت مهر المثل مع التحالف لانفساخ المسمی و لو اختلفا فی التسمیة و عدمها للاختلاف فی التعین سواء اشتمل الاختلاف علی الاختلاف فی الزیادة و النقصان أم لا قدم قوله لموافقة الظاهر و لأصالة البراءة من العین الأخری و احتمل تقدیم قولها لا صلی عدم التسمیة و التعین سیما لو کان قبل الطلاق و الدخول لاعترافها بعدم استحقاقها الآن شیئاً و إن کان المهر مهر المثل متعیناً فی النقد الغالب اتجه التحالف و إن خالفته العین المدعی تسمیتها و احتمل الحکم بالتحالف مط لإنکار الزوج للظاهر و الإجماع المنقول و قد یوفق بین الإجماعین أن العادة إن قضت بتقدیم المهر و قد دخل بها و مضی زمان لم تطالبه به فالقول قوله و إلا فالقول قولها و علی هذا تنزل الأخبار الدالة علی ان القول قوله فی القبض عند اختلافهما إذا کان الاختلاف واقع بعد ان یدخل بها و لو خلا بها فادعت المواقعة بها قبلًا أو دبراً فأنکر کان القول قوله للأصل.

و قیل قولها و أفتی به بن أبی عمیر و دلت علیه بعض الاخبار و لو ادعت المواقعة قبلًا فأقام البینة بالبکارة قیل بطلت دعواها لانه خلاف الظاهر لان الظاهر عدم عودها و عدم اجتماع الوطء معها إلا أن تقیم بینة علی الوطء أو علی عودها و فیه أنّا لا نسلم عدم اجتماع البکارة مع الوطء و الظهور و حجیة منوعان و لو اتفقا علی الصداق تعلیم سورة معینة ثمّ ادعت انه علمها غیرها فالقول قولها و تغرم له الأجرة

ص: 261

و لو ادعت عقدین بمهرین متفقین أو مختلفین فأقامت بینة أو أقر فادعی التکرار فأنکرت قدم قولها لأصالة الحقیقة و التأثیر فی العقود و أصالة تعدد المعنی و الأثر مع تعدد العقد المؤثر و للظاهر أیضا لان الظاهر إرادة التأسیس و لا یعارضهما أصالة عدم التعدد و أصالة عدم النکاحین المتغایرین المستقلین غایته وقوع عقدین لفظیین و الأصل عدم تعدّد معناهما و ذلک لترجیح الأصل الأولی و الظاهر علی هذا الأخیر و تملک المرأة علیه حینئذٍ مهرین کاملین لان النقصان إنما یحکم به مع الطلاق قبل الدخول و السقوط مع الفسخ أو نحوه و الأصل عدمهما و قیل یلزم المهر الثانی إذا کان داخلًا بها و نصف الأول لأن شرط استقرارها الأول بالدخول و الأصل عدمه فلو جهل أی المهر فی الأول أو الأخیر اصطلحا و قیل لا یلزم إلا الأخیر لأن شرط استقرارها الأول عدم سقوطه بفسخ أورده أو تدلیس أو سلام و الأصل البراءة منه و الأصل عدم حصول الشرط فلو لم یعلم بالمهر الأخیر من الأول اصطلحا و هما ضعیفان و لو أشهدت أربعاً بوقوع عقدین کل اثنین علی عقد و لم یعلم الاتحاد أو التغایر فهل یحکم لکل شاهدین بواحد أو الجمع بواحد الظاهر الثانی لأصالة عدم التعدد و لو اختلفا فقال الزوج أصدقتک أباک فقالت بل أمی تخالفا و انعتق الأب بإقراره و الام بإقرارهما و ثبت مهر المثل و من نکل منهما عن الیمین قضی علیه بالنکول أو أحلف الآخر علی إثبات ما یدعیه و لو قدمناه قول الزوج ثبت الحق بیمینه و میراث الأب علی کل حال موقوف لا یدعیه أحدهما و علی تقدیم قول الزوج یعتق علیها و لا شی ء لها و یحتمل لها منه ما یساوی قیمة الجاریة فینعتق علیها ذلک و یبقی الباقی موقوفاً و میراثه لها فإنها و إن لم تدّعه إلا أن الحکم بعتقه علیها یستلزم الحکم بملکها له و هو یستلزم کون المیراث لها و إن أنکرته.

و قیل بالوقف لاشتراک العلة فی الجمیع مساوی القیمة و الزائد علیها و هی الإنکار و قد یجاب أن العلة لیست مجرد الانکار بل مع عدم الحکم شرعاً بملکها له و المساوی محکوم بملکها له و لو سلم فانما یؤثر ما لم یعارضه أقوی منه و الفرق بینه و بین العتق حیث حکمنا به مع إبطالنا لکونه صداقاً بیمینها

ص: 262

تغلیباً للحریة و إن إنکاره لملکه له حکم بالعتق فی الجمیع و الملک و المیراث فیما یساوی و علی القول بالوقف قیل یوقف ما زاد منه علی قیمة الجاریة لاتفاقهما علی استحقاقها ذلک و هو ممنوع هکذا ذکر بعض الأصحاب و هو مفتقر إلی التأمل و إذا اختلف ولی الزوج و ولی الزوجة قام ولی الزوجة مقامها کولی الزوج و إذا اختلف الأصیل مع الولی جری علی کل منهما حکمه فی التداعی و لا یتوجه یمین علی الولی نعم ینتظر الولی علیه إلی أن یکمل فیحلف نعم یتوجه یمین علی الأصیل إذا أراد الولی تحلیفه و لو ادّعی الولی أو الأصیل تسلیم المال إلی الولی الآخر أو الوکیل کان تحلیفهما و ورثة الزوجین کالزوجین بالنسبة إلی تحریر المدعی منهما و المنکر إلا أن الوارث لا یحلف علی البت بل یحلف علی نفی العلم إذا دعی علیه العلم و لو دفع إلیها مالًا فقال من المهر و ادعت أنه هبة فالقول قوله من غیر یمین لأن البینة و الأمر بیده و لو أثبتت علیه أنه ذکره لفظ الهبة فادعی أنه أراد بلفظها الوفاء کان القول قوله بیمینه مع احتمال عدمه أخذاً بظاهر حال اللفظ و لو ادعی الزوج دفع المهر إلی الولی أو الوکیل فأقام بینة أجزأه عن الأصل و لو کان ولیاً عاماً کالحاکم الشرعی و لو قال الزوج هذا ابنی من هذه الزوجة فالأقرب ثبوت مهر المثل علیه و لا یجدیه إنکاره النکاح أو أصل المهر أو التسمیة لثبوت النسب شرعاً الملازم للوطء الصحیح اللازم لمهر المثل مع احتمال أصالة البراءة لاحتمال الحمل بلا وطء او زناها أو تدلیسها أو رقیته أو صغره أو إعساره هذا آخر ما کتبه قدّس سِرُّه من کتاب النکاح. و یتلوه کتاب الطلاق إن شاء الله تعالی.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.